Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

Al Raya sahafa

 

 

2020-04-08

 

جريدة الراية: كورونا... إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون

 

 

يجتاح العالم اليوم وباء كورونا، الذي بات حديث الساعة، فقد بلغت الإصابات فوق المليون، والوفيات عشرات الآلاف، ولا سيما في أمريكا وأوروبا والصين، أما في بلاد المسلمين فما زالت الأرقام تُعدُ بالمئات أو فوق الألف بقليل، وهذا أمر لافتٌ للنظر، يستدعي الوقوف عليه... ولا سيما نحن المسلمين، ولا نجد في هذه الجائحة إلا كتاب الله ملجأً وهاديا.

 

ففي خطاب القرآن للكافرين والظالمين الذين كفروا بأنعم الله عز وجل يقول تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾.

 

عندما توعد الله الكفار وصف عقابه بالقول أذاقها، بل ويكون الجوع والخوف كالثوب الذي يغطي الجسد، فيحيطه من كل جانب ولا ينفك عنه، بل توعد الله عز وجل المشركين، بنقص أراضيهم، على قولين في معنى النقص، الأول: ظهور المسلمين على الكافرين، والثاني نقص البركة والثمر والموت، يقول تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾، وقال تعالى: ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾.

 

بل قد توعد الله الذين يمكرون بأصناف من العذاب، يقول عز وجل: ﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾، والتخوف هو التنقص، وليس الخوف كما قد يظن بعضهم. وفوق ذلك فإن عذاب الله على القرى أو البلاد التي فسق مترفوها، يكون عذاباً مدمراً، يقول تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً﴾. أليس ما يحصل اليوم في الغرب والشرق، جوعٌ وخوف، ونقص في البركة والثمر وموت، ودمارٌ، وتنقص؟!

 

أما لطف الله بعباده المؤمنين، فإنه يصيبهم خوفٌ وجوعٌ، لكن يكون شيئاً من الخوف والجوع، وليس محيطاً بهم إحاطة الثوب بالجسد كما في توعد الكفار، يقول تعالى للمؤمنين: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾.

 

فسبحان الله العظيم، ها نحن نرى كيف أن جائحة كورونا قد انفجرت انفجاراً عظيماً في الصين وأوروبا وأمريكا، حتى تكدست الجثث. بينما وفي الوقت نفسه كانت محدودة بين المسلمين مع أن الجائحة ضربت هنا وهناك.

 

ولعل هذه من رحمة الله بالأمة الإسلامية؛ لتكون رسالةً للمسلمين أن يعودوا إلى الله، ويلتزموا بأوامره وينتهوا عما حرمه، ويفوضوا أمرهم له سبحانه وتعالى في كل حياتهم، ويعملوا جاهدين أن يكون شرع الله تعالى وأنظمته هي التي تطبق على المسلمين كي ننال رضاه سبحانه. وبخاصةٍ ونحن نقف على أعتاب ١٠٠ سنةٍ من غياب حكم الله من الأرض، فلعله يكون على رأس المئة من يجدد لها دينها.

 

ولعل الله تعالى الذي نظن به سبحانه خيراً، يُجري بهذه الجائحة سنةً يشد بها نظر العالم إلى ضرورة التغيير، فلقد صارت حال الغرب اليوم قبل المسلمين، يقولون: إن العالم بعد كورونا سيكون عالماً جديداً.

 

فهل نستبعد أن نكون نحن المسلمين، التغييرَ القادم الذي يمهد الله تعالى له الأرض، بركوع كفارها وظالميها، واعتبار مسلميها؟!

 

ستكون هذه الجائحة للمسلمين بإذن الله تعالى كيوم بعاث، الذي أهداه الله لنبيه e قبل وصوله للمدينة. ومن شاء أن يعرف ما بعاث، فليقرأ سيرة نبينا قراءة سياسية واعية وليس قراءة تاريخية تقليدية.

 

وختاماً هذا قول ربنا سبحانه وتعالى نرى انطباقه على واقع اليوم، يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

 

وإلى ماذا يدعونا الله بعدها: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً

 

اللهم لطفك بعبادك، ورحمتك بالعالمين، التي جعلتها في رسالة نبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

 

بقلم: المهندس مجدي علي

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.