الخميس، 09 شوال 1445هـ| 2024/04/18م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

(سلسلة أجوبة العالم عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك)

 

جواب سؤال: واقع التطعيم وحكم الشرع فيه

 

إلى Sadiq Ali

 

 


السؤال:

 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 


أختكم في العقيدة - مدينة يوزييفا - أتوجه إلى العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير حفظه الله ورعاه بما يلي:

 


أنا شيشانية أعيش في بلجيكا منذ ١٤ عامًا حيث تكثر الجالية الشيشانية. في الآونة الأخيرة كثر الحديث والتساؤلات عن تطعيم الأطفال في الإسلام أي التطعيم ضد الحصبة، وشلل الأطفال، التهاب الكبد الوبائي، النّكاف، السلّ وغير ذلك من أنواع التطعيم، ويُرى توجّهٌ عارم ضد التطعيم واللقاحات، ويعلل أصحاب هذا التوجه ذلك بالمضاعفات التي تحدث جراء التطعيم والتي هي في تزايد مضطرد وأن هذا ضرر لا يجوز تعريض أطفالنا الأصحاء له، وكذلك إن العلاج ليس فرضاً فما بالكم بالوقاية فهي دون ذلك بلا شك، ويواصلون القول: التطعيم يعني نقل الميكروب إلى جسم الطفل وهو محرم، وكما أن الطعومات تؤخذ من الحيوانات كالقرد مثلاً. انتهى كلامهم.

 


والسؤال: ما واقع التطعيم، وما هو الحكم الشرعي فيه؟ وهل سيوجد في دولة الخلافة التطعيم بأنواعه؟ مع العلم أن نصف الجالية المسلمة عندنا لا يطعمون أبناءهم، وأعدادهم في تزايد، وأصبح الحكم الشرعي الواضح والقوي لا مفر منه، طالبين منكم الإسهاب والتوضيح ما استطعتم لذلك سبيلا، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.

 


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

الجواب:

 


(وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 


التطعيم هو دواء، والتداوي هو مندوب وليس فرضاً، ودليل ذلك:

 


1- روى البخاري من طريق أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً».

 


وروى مسلم عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ»، وروى أحمد في مسنده عن عبد الله بن مسعود «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً، إِلَّا قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ».

 


وهذه الأحاديث فيها إرشاد بأن لكل داء دواءً يشفيه، ليكون ذلك حاثاً على السعي لحصول التداوي الذي يؤدي إلى شفاء الداء بإذن الله سبحانه، وهذا إرشاد وليس إيجاباً.

 


2- روى أحمد عن أنس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ حَيْثُ خَلَقَ الدَّاءَ، خَلَقَ الدَّوَاءَ، فَتَدَاوَوْا»، وروى أبو داود عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ، فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ» أي "إلا الموت".

 


ففي الحديث الأول أمر بالتداوي، وفي هذا الحديث إجابةٌ للأعراب بالتداوي، ومخاطبة للعباد بأن يتداووا، فإن الله ما وضع داءً إلاّ وضع له شفاءً. وقد جاءَت المخاطبة في الحديثين بصيغة الأمر، والأمر يفيد مطلق الطلب، ولا يفيد الوجوب إلاّ إذا كان أمراً جازماً، والجزم يحتاج إلى قرينة تدل عليه، ولا تُوجد في الحديثين أية قرينة تدل على الوجوب، إضافة إلى أنه وردت أحاديث تدل على جواز ترك التداوي، ما ينفي عن هذين الحديثين إفادة الوجوب. فقد روى مسلم عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ»، قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»، والرقية والكي من التداوي. وروى البخاري عن ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ: ... هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ» فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، «فَدَعَا لَهَا...». فهذان الحديثان يدلان على جواز ترك التداوي.

 


وكل ذلك يدل على أن الأمر الوارد "فتداووا"، "تداووا" ليس للوجوب، وإذن فالأمر هنا إما للإباحة وإما للندب، ولشدة حث الرسول صلى الله عليه وسلم على التداوي، يكون الأمر بالتداوي الوارد في الأحاديث للندب.

 


وعليه فإن التطعيم حكمه الندب، لأن التطعيم دواء، والتداوي مندوب، إلا أنه إذا ثبت أن نوعاً معيناً من التطعيم ضار كأن تكون مواده فاسدة أو ضارة لسبب ما... فإن التطعيم في هذه الحالة بهذه المواد يكون حراماً وفق قاعدة الضرر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه أحمد في مسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ». غير أن هذه حالات نادرة...

 


وأما في دولة الخلافة فسيكون هناك تطعيم ضد الأمراض التي تقتضي ذلك كالأمراض المعدية ونحوها، ويكون الدواء نقياً من كل شائبة وصافيا، والله سبحانه هو الشافي ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾. والمعروف شرعاً أن الرعاية الصحية هي من الواجبات على الخليفة من باب رعاية الشئون عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر. وهذا نص عام على مسؤولية الدولة عن الصحة والتطبيب لدخولهما في الرعاية الواجبة على الدولة.

 


وهناك أدلة خاصة على الصحة والتطبيب: أخرج مسلم من طريق جابر قال: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ». وأخرج الحاكم في المستدرك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: «مَرِضْتُ فِي زَمَانِ عُمَرَ بِنَ الْخَطَّابِ مَرَضاً شَدِيداً فَدَعَا لِي عُمَرُ طَبِيباً فَحَمَانِي حَتَّى كُنْتُ أَمُصُّ النَّوَاةَ مِنْ شِدَّةِ الْحِمْيَةِ».

 


فالرسول صلى الله عليه وسلم بوصفه حاكماً بعث طبيباً إلى أبيّ، وعمر رضي الله عنه الخليفة الراشد الثاني دعا بطبيب إلى أسلم ليداويه، وهما دليلان على أن الصحة والتطبيب من الحاجات الأساسية للرعية التي يجب على الدولة توفيرها مجاناً لمن يحتاجها من الرعية.

 

 

 

 

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

 

 

 

 

 

رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك

 

 رابط الجواب من موقع الأمير


رابط الجواب من صفحة الأمير على الغوغل بلس

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع