الخميس، 18 رمضان 1445هـ| 2024/03/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"

 

جواب سؤال

 

الفرق بين نقل تلاوة آيات القرآن إلينا وبين نقل رسم آيات الله إلينا

 

إلى بكر الشامي

 

 

السؤال:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هلّا شرحت لي هذا الحديث فقد أشكل علي، وعندما راجعت أقوال العلماء لم يزل الإشكال:

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ: ﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾.

لا زلت لم أفهم كيف قبلها منه الصحابة رغم أنه واحد لم يبلغ التواتر، ولو سلمنا أن شهادته بشهادتين، فالأمر سيان إذ لم يبلغ حد التواتر؟!!

وبارك الله فيكم شيخنا

 

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

يبدو أن الأمر التبس عليك بين نقل تلاوة آيات القرآن إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين نقل رسم آيات الله كما كتبت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم. أما نقل تلاوة الآيات فهي بالنقل المتواتر من جموع الصحابة رضي الله عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى أن وصلنا متواتراً وإلى يوم القيامة محفوظاً بحفظ الله وتوفيقه القائل ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.

 

وأما نقل رسم الآيات فإن الصحابة لم يقبلوا أن يكتبوا الآيات من حفظهم بل أرادوا أن يجمعوا كتابتها التي كتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يكفيهم أن يجمعوا الصحف المكتوبة عند الصحابة ولكنهم رضي الله عنهم ألزموا أنفسهم بأن يشهد شاهدان على كل صحيفة بأنها كتبت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم زيادة في الحرص، وهذا توفيق من الله سبحانه لحفظ كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ هذه هي المسألة، وإليك البيان:

 

أولاً: موضوع جمع القرآن:

 

لقد وضحنا موضوع جمع القرآن الكريم في كتاب الشخصية الإسلامية الجزء الأول باب "جمع القرآن"، وكذلك فعلنا في كتاب تيسير الوصول إلى الأصول تحت عنوان "نزول القرآن وكتابته" و"جمع القرآن"، ويمكن للسائل الرجوع إلى الكتابين المشار إليهما للوقوف على تفصيل المسألة وعلى الأدلة التفصيلية عليها... وسأنقل لك بعض ما جاء في كتبنا ليساعدك في فهم المسألة على وجهها بإذن الله:

 

1- أنقل لك من كتابي "تيسير الوصول إلى الأصول" باب جمع القرآن:

 

(...بسبب حروب المرتدين خشي أبو بكر رضي الله عنه أن يستشهد عدد كبير من حفاظ القرآن الكريم وهم الذين يحفظون آياته مرتبة في سورها، فأمر بجمع الآيات المكتوبة لكل سورة في موضع واحد مرتبة كما أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم، فجمعت القطع المكتوب عليها آيات كل سورة مرتبة بتتابع بعد أن تمّ التأكد من أن هذه الكتابة كتبت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانوا يطلبون شهادة اثنين من الصحابة على كل رقعة مكتوبة يشهدان بأنها كتبت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يكتفون بأن توافق الكتابة ما هو محفوظ علما بأن كل آية كانت محفوظة من قبل جمع متواتر من الصحابة، ولذلك لما وجدوا أن آخر سورة التوبة "مكتوبة عند خزيمة وحده" ولم يشهد على كتابتها بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم إلا خزيمة رضي الله عنه توقفوا عن جمعها حتى قامت لديهم البينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد اعتمد شهادة خزيمة بأنها تعدل مسلِمَيْن عَدلَيْن، فحينها جمعوا تلك الرقعة المكتوبة التي شهد خزيمة عليها علما بأنهم كانوا يحفظون تلك الآية بشكل قاطع، وإنما كان ذلك زيادة في التثبّت منهم رضي الله عنهم، لأنهم كانوا يريدون جمع الصحف المكتوبة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم لا أن يكتبوها من حفظهم.

 

ولذلك فإن جمع أبي بكر الصديق كان جمعاً للرقاع المكتوب عليها الآيات وترتيبها في سورها كما أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم، أي وضع الرقاع المكتوب عليها آيات كل سورة وراء بعضها في موضع واحد وذلك لجميع سور القرآن.) انتهى

 

2- وأنقل لك من الشخصية الجزء الأول بعد جمع أبي بكر للرقاع المكتوب عليها الآيات في سورها كما كتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

(...وعلى ذلك لم يكن أمر أبي بكر في جمع القرآن أمراً بكتابته في مصحف واحد بل أمراً بجمع الصحف التي كتبت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم مع بعضها في مكان واحد والتأكد من أنها هي بذاتها بتأييدها بشهادة شاهدين... وظلت هذه الصحف محفوظة عند أبي بكر حياته، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر أم المؤمنين حسب وصية عمر...

 

هذا بالنسبة لجمع أبي بكر، أما بالنسبة لجمع عثمان فإنه في السنة الثالثة أو الثانية من خلافة عثمان، أي في سنة خمس وعشرين للهجرة قدم حذيفة بن اليمان على عثمان في المدينة وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في قراءة القرآن... فركب إلى عثمان. وقد حدَّث ابن شهاب أن أنس بن مالك حدّثه: "أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأُمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف... حتى إذا نسـخوا الصـحـف في المصـاحـف ردهـا عثمان إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صـحـيفة أو مصـحـف أن يحرق" وقد كان عدد النسـخ التي نسـخت سـبع نسـخ، فقد كتبت سـبعة مصـاحـف إلى مكة وإلى الشـام وإلى اليمن وإلى البحرين وإلى البصرة وإلى الكوفة وحبس بالمدينة واحد.

 

وعلى هذا لم يكن عمل عثمان جمعاً للقرآن وإنما نسخ ونقل لعين ما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو. فإنه لم يصنع شيئاً سوى نسخ سبع نسخ عن النسخة المحفوظة عند حفصة أم المؤمنين، وجمع الناس على هذا الخط وحده ومنع أي خط أو إملاء غيرها. واستقر الأمر على هذه النسخة خطاً وإملاءً، وهي عين الخط والإملاء الذي كتبت به الصحف التي كتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل الوحي بها، وهي عينها النسخة التي كان جمعها أبو بكر. ثم أخذ المسلمون ينسخون عن هذه النسخ ليس غير، ولم يبق إلا مصحف عثمان برسمه. ولما وجدت المطابع صار يطبع المصحف عن هذه النسخة بنفس الخط والإملاء...)

 

3- وكما ترى فالمسألة لم تكن نقل تلاوة القرآن فهذه كانت منقولة بجموع من الصحابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم نقلاً متواتراً مقطوعاً به، وإنما هي نقل للمكتوب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم... ولذلك كان هذا الرسم الذي عليه المصحف هو رسم توقيفي يجب أن يلتزم وحده، ويحرم أن يكتب المصحف على رسم غير هذا الرسم، فلا يجوز العدول عنه مطلقاً... على أن التزام الرسم العثماني للقرآن، إنما هو خاص بكتابة المصحف كله، أما كتابة القرآن استشهاداً، أو كتابته على اللوح للتعليم أو غير ذلك مما يكتب في غير المصاحف، فهو جائز أن يكتب بطريقة إملائية أخرى كأن تكتب ﴿الرِّبَوا﴾ الواردة في المصحف، تكتبها للتعليم على اللوح (الربا) لأن الإقرار من الرسول والإجماع من الصحابة حصل في المصحف وحده دون غيره، ولا يقاس عليه لأنه أمر توقيفي لغير علة، فلا يدخله القياس.

 

ثانياً: موضوع الحديث الذي تسأل عنه وقد أخرجه البخاري كما يلي:

 

(4604- حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ.

 

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ ﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾، فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ.)

 

وواضح من الحديث أنه يتحدث عن حادثة نسخ المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه حيث كلف زيد بن ثابت مع الثلاثة الآخرين بنسخ المصاحف من الرقاع التي جمعت في عهد أبي بكر وكانت في بيت حفصة رضي الله عنها، أي الحديث هو عن النسخ من المكتوب بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وليس عن نقل التلاوة بل عن نسخ ما كان مكتوباً في الرقاع التي كتبت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ليكتب القرآن في المصاحف بالرسم نفسه الذي كتب بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه لا تحتاج بالضرورة تواتراً بل يكفي الخبر الصحيح، لكنهم رضي الله عنهم ألزموا أنفسهم بشاهدين على الكتابة من باب زيادة الحرص والاهتمام... وأما تلاوة آيات القرآن فكانت منقولة كما قلنا عن جموع من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وهكذا فإن جواب سؤالك قد أصبح واضحاً بإذن الله الذي حفظ كتابه ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.

 

ثالثاً: بقيت مسألتان تحتاجان إلى توضيح:

 

الأولى، ما هي الآيات التي لم توجد مكتوبة إلا مع خزيمة...

 

والثانية، هل كانت موجودة عند خزيمة أو عند أبي خزيمة...

 

وللجواب على ذلك نقول وبالله التوفيق:

 

1- بالنسبة للمسألة الأولى المتعلقة بالآيات، فقد أخرج البخاري روايتين تحت رقم 4311، وتحت رقم 4604 كما يلي:

 

الأولى: (4311 حدثنا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْيَ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ وَإِنِّي لَأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عُمَرُ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِي وَرَأَيْتُ الَّذِي رَأَى عُمَرُ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلَا نَتَّهِمُكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَتَبَّعْ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنْ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلَانِ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم﴾ إِلَى آخِرِهِمَا وَكَانَتْ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ...)، وكما هو نص الحديث فهو في عهد أبي بكر رضي الله عنه وواضح فيه أن الرقعة المكتوبة التي وجدوها عند خزيمة هي للآيتين الأخيرتين من سورة التوبة ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم.

 

والثانية: (4604- حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ.

 

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ ﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾، فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ.)، وكما هو نص الحديث فهو في عهد عثمان رضي الله عنه وواضح فيه أن الرقعة المكتوبة التي وجدوها عند خزيمة هي لآية الأحزاب: ﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾.

 

وبإنعام النظر في الحديثين (4311)، (4604) وقد أخرجهما البخاري، أي هما صحيحا السند، يتبين ما يلي:

 

أ- في البداية نوضح بأن الحديثين ليسا عن تواتر الآيات ففي كلتا الروايتين الموضوع عن الكتابة وليس عن تواتر الحفظ فكل آية كانت محفوظة من جمع من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما أراد الصحابة نقل عين ما كتب بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم لم يريدوا أن يكتب الناس من حفظهم فتختلف حروفهم بل أرادوا كتابة الآية بالرسم نفسه الذي كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، زيادة في الحرص وتوفيقاً من الله العزيز الحكيم القائل ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ولهذا استنبط الحكم الشرعي بعدم جواز طباعة المصحف إلا وفق مصحف عثمان رضي الله عنه.

 

ب- إن جمع الرقاع المكتوبة كان في عهد أبي بكر كما ورد في الأدلة الصحيحة، كما أن إقامة الشاهدين على كل رقعة مكتوبة صحيح كذلك... وأما في عهد عثمان رضي الله عنه فالذي كان هو نسخ مصاحف من الرقاع المجموعة في عهد أبي بكر التي كانت وقت النسخ عند حفصة رضي الله عنها فطلبها عثمان وكلف زيدا والثلاثة الذين معه بنسخ عدد من المصاحف من تلك الرقاع...

 

ولا مجال هنا، أي في عهد عثمان، لفقدان رقعة مكتوبة بل هذا يكون عند جمع الرقاع الذي حدث في عهد أبي بكر، أي هي الرقعة التي كان مكتوباً عليها آخر آيتين في التوبة ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾) ولا يتأتى أن تكون الرقعة هي وقت النسخ في عهد عثمان لأن جمع الرقاع كان في عهد أبي بكر وليس في عهد عثمان حيث كان النسخ... ولذلك فإن آخر حديث البخاري رقم 4604 يُردُّ دراية وهو (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ ﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾، فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ.)

 

2- بالنسبة للمسألة الثانية وهي هل الصحابي الذي وجد زيد آيتي التوبة مكتوبتين عنده ولم يجدهما مكتوبتين عند غيره، هل هو خزيمة أو أبو خزيمة؟ والجواب على ذلك كما يلي:

 

- أخرج البخاري الروايتين: (4311) و (4603)...

 

أما الرواية رقم 4311 السابق ذكرها، فقد ورد فيها: [فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾]

 

- وفي الحديث رقم 4603 وهذا نصه: [4603 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ عُمَرُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِذَلِكَ وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ قَالَ زَيْدٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَتَبَّعْ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنْ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ فَكَانَتْ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.]

 

وواضح منه قوله: [فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ]

 

وبإنعام النظر والتدبر لما جاء في الحديثين يتبين أن الصحابي اسمه خزيمة بن ثابت الأنصاري وليس أبا خزيمة، والدليل على ذلك هو أن أبا بكر رضي الله عنه اشترط أن يشهد شاهدان على الرقعة المذكورة بأنها كتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تحقق لزيد الشاهدان على كل آية مكتوبة اعتمدها زيد إلا آيتي آخر التوبة، فلم يجدهما مكتوبتين في رقعة إلا عند خزيمة في رواية، وعند أبي خزيمة في رواية أخرى، والنتيجة كانت اعتماد الرقعة، وإذن فلا بد من أن الذي وُجدت معه الرقعة تكون شهادته بشهادة اثنيْن وإلا لما اعتُمدت الرقعة كما اشترط أبو بكر رضي الله عنه.

 

والذي صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن شهادته تعدل شهادتين هو خزيمة بن ثابت الأنصاري، وكأن ذلك الحديث هو لهذه الحالة أي حالة جمع الرقاع المكتوبة، فسبحان الله العزيز الحكيم الحافظ لكتابه تلاوة ورسماً. وحديث خزيمة هو كما يلي:

 

أخرج أحمد في مسنده وأبو داود في سننه واللفظ لأحمد: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ عَمَّهُ حَدَّثَهُ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ابْتَاعَ فَرَساً مِنْ أَعْرَابِيٍّ فَاسْتَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَقْضِيَهُ ثَمَنَ فَرَسِهِ فَأَسْرَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَشْيَ وَأَبْطَأَ الْأَعْرَابِيُّ فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الْأَعْرَابِيَّ فَيُسَاوِمُونَ بِالْفَرَسِ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ابْتَاعَهُ حَتَّى زَادَ بَعْضُهُمْ الْأَعْرَابِيَّ فِي السَّوْمِ عَلَى ثَمَنِ الْفَرَسِ الَّذِي ابْتَاعَهُ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَادَى الْأَعْرَابِيُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعَا هَذَا الْفَرَسَ فَابْتَعْهُ وَإِلَّا بِعْتُهُ فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الْأَعْرَابِيِّ فَقَالَ أَوَلَيْسَ قَدْ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ لَا وَاللَّهِ مَا بِعْتُكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَلَى قَدْ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ فَطَفِقَ النَّاسُ يَلُوذُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَعْرَابِيِّ وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ فَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ هَلُمَّ شَهِيداً يَشْهَدُ أَنِّي بَايَعْتُكَ فَمَنْ جَاءَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ وَيْلَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ لِيَقُولَ إِلَّا حَقّاً حَتَّى جَاءَ خُزَيْمَةُ فَاسْتَمَعَ لِمُرَاجَعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمُرَاجَعَةِ الْأَعْرَابِيِّ فَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ هَلُمَّ شَهِيداً يَشْهَدُ أَنِّي بَايَعْتُكَ قَالَ خُزَيْمَةُ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى خُزَيْمَةَ فَقَالَ بِمَ تَشْهَدُ فَقَالَ بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ) وأخرجه كذلك الحاكم في المستدرك على الصحيحين وقال: (... هذا حديث صحيح الإسناد ورجاله باتفاق الشيخين ثقات ولم يخرجاه)

 

كل هذا يُثبت أن الصحابي الذي وُجدت معه تلك الرقعة المكتوبة لآيتي التوبة ولم توجد مع غيره هو خزيمة وليس أبا خزيمة لأن الآية اعتُمدت باعتبار شهادة حاملها بشهادة اثنيْن وهذه تنطبق على خزيمة ولا تنطبق على أبي خزيمة... ويبدو أن الاسم التبس على الرواة بين خزيمة وأبي خزيمة وهذا يحدث أحياناً... على كل هو خزيمة بن ثابت الأنصاري كما بيناه أعلاه.

 

وهكذا يكون الجواب قد استوفى سؤالك... والجواب كذلك على المسألتين أعلاه... والله أعلم وأحكم

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

12 ربيع الأول 1441هـ

الموافق 2019/11/09م

 

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) ويب

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع