السبت، 11 شوال 1445هـ| 2024/04/20م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 (سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")‏


جواب سؤال:‏
التعزير؛ تفاصيله وأحكامه


إلى ناصر رضا محمد عثمان

 

 

 

السؤال:‏

 


السلام عليكم، بورك فيك شيخي وأميري وبورك لنا بك، ورد في الإجابة عبارة ‏‎"‎لأنه شرع التعزير وبين ‏تفاصيل أحكامه وأنواعه‎"‎‏ فما هي تفاصيل أحكامه وأنواعه؟

 


الجواب:‏

 


سؤالك هو عن نص جاء في جواب سؤال مؤرخ في 2015/01/02م وهو:‏

 


‏"أما العقوبات التعزيرية وهي عقوبات على المعاصي التي لم يحدد الشرع لها عقوبة ثابتة بل ترك تحديد ‏عقوبتها للإمام أو القاضي... فهي من أحكام الطريقة، وكون الشرع لم يحدد العقوبة لا يعني مطلقاً أنه لم يضع ‏طريقة لتنفيذ الأحكام الشرعية التي عاقب على عدم الالتزام بها تعزيراً، لأنه شرّع التعزير وبين تفاصيل أحكامه ‏وأنواعه... وترك للإمام فقط أن يختار من بين أنواع العقوبات التي بينها الشرع، وبالمقدار الذي يراه مناسباً ‏لواقع المعصية ولواقع العاصي، أي أن الشرع بين كيفية تطبيق هذه الأحكام بطلبه إيقاع عقوبة على غير الملتزم ‏بها، لكنْ مقدار هذه العقوبة ونوعها... فهذا هو الذي تركه الشرع للإمام أو نائبه." انتهى.‏

 


إننا لم نفصل القول في جواب السؤال المذكور تجنباً للإطالة... وكذلك في جواب سؤالك هذا لا يتأتى ‏التفصيل لأن مبحث التعزير كبير وواسع، والموضوع مذكور بتمامه في كتابنا نظام العقوبات... ولكني سأذكر ‏شيئاً منه:‏

 


‏1- التعزير يختلف عن الحدود والجنايات، فالحدود والجنايات عقوبات مقدرة معينة من الشارع، وهي ‏لازمة ولا يجوز استبدالها ولا الزيادة والنقصان فيها، أما التعزير فهو عقوبة غير مقدرة بعينها، ولا لازمة ‏بعينها. وأيضاً فإن الحدود والجنايات لا تقبل العفو، ولا الإسقاط من قبل الحاكم إلاّ العفو من صاحب الحق في ‏الجنايات وهذا بخلاف التعزير، فإنّه يقبل العفو والإسقاط.‏

 


‏2- قد حدد الشرع أنواع العقوبات التعزيرية التي يجوز للقاضي أن يعاقب بها، وذلك بنصوص شرعية ‏واضحة، ولا تجوز العقوبة بغيرها، فإن العقوبة فعل فلا بد من دليل على جوازه. ولا يقال لا بد من دليل على ‏منعه من العقوبة بعقوبات معينة، لا يقال ذلك لأنّ الأصل هو عدم العقوبة، فإيقاع العقوبة بعقوبة معينة هو الذي ‏يحتاج إلى دليل. أما أن الأصل عدم العقوبة فذلك أن الدليل العام قام على كرامة الإنسان، وعدم إيقاع الأذى به، ‏فإيقاع عقوبة معينة عليه تحتاج إلى دليل يجيز إيقاعها، وما لم يقم الدليل على جواز عقوبة بعينها فلا يجوز ‏إيقاعها.‏

 


ولا يقال إن التعزير قد جعل للحاكم مطلقاً دون قيد، فله أن يعزر بالعقوبة التي يراها، لا يقال ذلك، لأنّ الذي ‏جُعل للحاكم هو تقدير مقدار العقوبة، ولم يُجعل له غير ذلك، وقد تدخل الشارع في العقوبات فعين أنواعها، أي ‏عين أنواع العقوبات التي يعاقب بها، فصار القاضي مقيداً بهذه العقوبات، أي أن تعيين الشارع أنواع العقوبات ‏قد قيد القاضي بها، فلا يحل له أن يعاقب بغيرها، وله أن يختار منها ما يراه زاجراً. وعليه فإنّه يجب على الحاكم ‏حين يوقع عقوبة التعزير أن يتقيد بالأحكام الشرعية، فلا يعاقب إلاّ بالعقوبات التي جاء الشارع بها.‏

 


‏3- لقد نهى الشرع عن عقوبات معينة وأجاز عقوبات معينة يجب التقيد بها في عقوبات التعزير، فقد نهى ‏عن الحرق بالنار، فالعقوبة بالحرق بالنار لا تجوز، فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة: «وَإِنَّ النَّارَ لاَ يُعَذِّبُ ‏بِهَا إِلَّا اللَّهُ»، وروى البخاري عن عكرمة أن النبي ﷺ‏ قال: «لاَ تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ» يعني الحرق بالنار. وروى ‏أبو داود في سننه عن ابن مسعود عن النبي ‏ﷺ‏ أنه قال: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ». فهذا كله ‏صريح في تحريم العقوبة بالحرق بالنار، ويلحق بها ما هو من جنسها، مما فيه خاصية الإحراق كالكهرباء.‏

 


‏4- وأجاز الشرع عقوبات في التعزير لا يجوز الحكم بغيرها، وبين ذلك بياناً واضحا أذكر منها:‏

 

 

أ- عقوبة القتل: يجوز للخليفة أن يبلغ في التعزير حد القتل في الجرائم الكبيرة التي هي غير داخلة في ‏جرائم الحدود، وذلك مثل جريمة الدعوة إلى انفصال إقليم عن جسم الدولة الإسلامية، كما جاء في الحديث ‏الشريف: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ»، رواه ‏مسلم عن عرفجة. ولذلك يجوز للخليفة أن يأمر بقتله تعزيراً... أي أنه يجوز للخليفة أن يبلغ في التعزير حد ‏القتل.‏

 


ب- الجلد: وهو الضرب بالسوط وما يشبهه... غير أن التعزير بالضرب والجلد لا يجوز أن يزيد عن عشر ‏ضربات، أو عشر جلدات، وقد جاء ذلك صريحاً في نصوص الحديث، فقد روى البخاري عن عبد الرحمن بن ‏جابر عمن سمع النبي ‏ﷺ‏ قال: «لاَ عُقُوبَةَ فَوْقَ عَشْرِ ضَرَبَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ».‏

 


فإذا كان الحكم بالجلد فلا يجوز أن يتجاوز عشر جلدات...‏

 


ج- تقبل الغرامة في التعزير على بعض الذنوب، فقد وردت نصوص في ذلك منها ما أخرجه أبو داود في ‏سننه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ‏ﷺ‏: «ضَالَّةُ الْإِبِلِ الْمَكْتُومَةُ غَرَامَتُهَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا»، أي من يكتم أن ‏الإبل الضالة موجودة عنده ويخفيها عن صاحبها فتعاد لصاحبها ويغرم كاتمها مثلها. وكذلك تعزير مانع الزكاة ‏بأخذ شطر من ماله. فهذا كله يدل على أن الرسول ‏ﷺ‏ أمر بعقوبة الغرامة في التعزير.‏

 


د- يجوز الحبس في التعزير، والحبس الشرعي هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه، سواء أكان ‏ذلك في بلد، أم في بيت، أم في مسجد، أم في سجن معد للعقوبة أم غير ذلك، والدليل على أن الحبس عقوبة من ‏عقوبات الشرع ما رواه الترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَ ‏رَجُلًا فِي تُهْمَةٍ ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ»‏

 


وكان الحبس على عهد النبي ﷺ‏ في بيت، أو في مسجد، وكذلك الحال كانت على أيام أبي بكر، فلم يكن ‏هناك حبس معد للخصوم، فلما كانت أيام عمر اشترى داراً لصفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم، وجعلها حبساً، ‏وقد حبس عمر الحطيئة على الهجو، وحبس صبيغاً على سؤاله عن الذاريات والمرسلات والنازعات وشبههن... ‏ويجب أن تكون مدة الحبس محددة فالحكم بالسجن المؤبد لا يجوز شرعاً، بل لا بد من تحديد المدة التي يحكم بها ‏بالسجن على شخص معين.‏

 


والحبس هو اعتقال، وليس تشغيلاً، فالتشغيل شيء آخر غير الحبس، ولذلك فإنّه إذا حكم الشخص بالحبس ‏لا يجوز أن يشغل، لأنّ كلمة الحبس لا تشمل التشغيل، ولكن هل يجوز الحكم بالحبس والتشغيل، أو يقتصر ‏على الحكم بالحبس؟ والجواب على ذلك أنه لم يرد نص شرعي بجعل العقوبة تشغيلاً، لا أشغالاً شاقة ولا غير ‏شاقة، ولذلك لا يعاقب بها، وإنما يقتصر على الحبس بمعنى الاعتقال.‏

 


هـ- الوعظ: وذلك أن يعظ القاضي المذنب بتخويفه من عذاب الله، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿واللاتي ‏تخافون نشوزهن فعظوهن﴾.‏

 


هذه بعض أنواع عقوبات التعزير التي ورد من الشرع دليل على جواز أن يعاقِب بها الحاكم، ولا يجوز ‏للحاكم أن يعاقِب بنوع عقوبة إلا إذا ورد نص من الشرع بجواز هذا النوع.‏

 


آمل أن يكون في هذا الكفاية.‏

 

 

 

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة


رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك

 

رابط الجواب من موقع الأمير


رابط الجواب من صفحة الأمير على الغوغل بلس

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع