الخميس، 18 رمضان 1445هـ| 2024/03/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة الثالثة والثلاثون (الأخيرة)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة الثالثة والثلاثون (الأخيرة)

 

 

 

الخاتمة:

 

كنا وإياكم أحبتنا الكرام على مدى اثنتين وثلاثين حلقة تناولنا فيها أسس وأهداف وبعض نواحي الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية منبثقة أحكامها ومبنية أفكارها على أساس العقيدة الإسلامية، وفي نفس الوقت عرضنا أمثلة من رعاية الأنظمة الرأسمالية والتي لطالما تغنت بإداراتها ونظامها الصحي والطبي وباكتشافاتها واختراعاتها وقدرتها على إدارة الأزمات والنكبات، عرضنا حقائق عن فسادوسوء أدائها وإدارتهافي القيام على صحة رعاياها وما يكتنفها من ضعف وتدهور، فليست النواحي الإنسانية ولا الصحية ضمن اهتمامات الرأسماليين،بل إن دول العالم أدارت أزمة كورونا من زاوية الرأسمالية العلمانية البحتة، واستغلوا الوباء لتمرير سياساتهم، وتضخيم ثرواتهم، فبحسبتقرير نشره معهد الدراسات السياسية الأمريكي، فإنه في فترة إجراءات العزل العام في الولايات المتحدة قفزت ثروات أغنى الأثرياء فيها بما يعادل نصف تريليون دولار، وبالمقابل تقدم 42.6 مليون عامل بطلبات للحصول على إعانات البطالة.

 

تبرز أهمية الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية وأثرها حين نتذكر من يفتقرون إلى أبسط مرافق المياهوالصرف الصحي، نتذكر من يموتون من الجوعى والمرضى، ومنيعيشون تحت ما يسمى بخط الفقرفيقضون الأيام والأشهر دون أن يجدوا ما يسكت جوعهم، هذا عدا عن من لا مأوى لهم وإن توفر المأوى فهو مؤقت وغير آمن ويفتقد إلى الخدمات الأساسية. نتذكر أن خمس سكان العالم يفتقرون لأبسط الخدمات الصحية الاعتيادية. نتذكر كل هذا ونتذكر أن الرأسمالية سلبت من أكثر البشر على الأرض أدنى مقومات الحياة، وأبدلتهم بها البؤس والشقاء بمفاهيمها.

 

لقد نظرت الدول الرأسمالية إلى المال لتكثيره، ولم تنظر إلى العيال لتأمين احتياجاتهم الأساسية من المأكل والملبس والمسكنوالتي لا يستطيعون الاستغناء عن أي واحدة منها، كما لم تنظر إلى حاجات المجتمع الأساسية منالأمن والصحة والتعليم، في حين نرى أن الإسلام ضمن تأمين حاجات الإنسان الأساسية وإشباعها إشباعا كاملا وجعل إشباعها حقا لكل إنسان يأخذه بوصفه حقا من حقوقه التي يجب أن يصل إليها. روى الإمام أحمد في مسنده عن عثمان بن عفان (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "كُلُّ شَيْءٍ سِوَى ظِلِّ بَيْتٍ وَجِلْفِ الْخُبْزِ وَثَوْبٍ يُوَارِي عَوْرَتَهُ وَالْمَاءِ، فَمَا فَضَلَ عَنْ هَذَا فَلَيْسَ لابْنِ آدَمَ فِيهِ حَقٌّ».

 

وكذلك أوجب الإسلام على الدولة توفيرالصحة والتطبيب وما يلزم للاستشفاء والتداوي من عيادات ومستشفيات عملاً بقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر. وقد استفضنا في هذه السلسلة في الحديث والشرح عن نظرة كل من الرأسمالية والإسلام نحو الرعاية الصحية، وكيفية التعامل مع الرعايا بحسبها.

 

ولا تنحصر رعاية المجتمع في المجال الصحي فقط، بل لا بد من أن يوفَر له التعليم اللازم في جميع أمور الحياة الدينية والدنيوية فلا حياة ولا تقدم وقيادة للعالم بدون العلم، ولأهمية التعليم، رأينا كيف أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل فداء الأسير من الكفّار تعليم عشرة من أبناء المسلمين، وبدَلَ فدائِه من الغنائم، التي هي مِلك لجميع المسلمين... وكيف أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا على إعطاء رزق المعلمين قدراً معيناً من بيت المال أجراً لهم.

 

أما ثالث حاجات المجتمع الأساسية الواجب على الدولة توفيرها للرعية فهي الأمن والأمان، وحتى تكون الدار دار إسلام يشترط أن تكون الدولة الإسلامية أمانها بيدها أي أمانها بأمان المسلمين، وهل تحافظالدولة على وجودها وقوتها إذا لم تستطع حفظ أمنها بنفسها!؟ ولهذا فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أخبر المسلمين بدار هجرتهم ذكر الأمن أول ما ذكر، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه في مكة فيما رواه ابن اسحق في سيرته: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لَكُمْ إِخْوَاناً وَدَاراً تَأْمَنُونَ بِهَا». كما أن الأنصار عندما استقبلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصاحبه أبا بكر، قالوا لهما أول ما قالوا: انْطَلِقَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ».


وعليه فإنه يجب على الدولة أنتحسن الرعاية والقيام على مصالح الناس بما يصلحهاوتكون بمنزلة الولي من اليتيم،فتوفر الأمن والطب والتعليم للرعية جميعهم،لأن من تتوفر له،يكون كأنه حاز الدنيا بأكملها قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا».

 

وشتان بين الثرى والثريا، فالرأسمالية مرض أصاب جسد الإنسانية فأسقمها وأنهك قواها، ولقد رأينا كيف أن دول العالم في ظل جائحة كورونا عاشت بين خوفين (الجوع والمرض) فالكافر يعيش لدنياه ولا مكان في ذهنه لما بعد الحياة الدنيا، ويعيش في تعالٍ على جميع الأمم والحضارات، لا يرى حضارة تليق بالبشر إلا حضارته السقيمة الفاسدة، التي هي من حرمت الناس حتى من أقل القليل من الحاجات الأساسية، فأورثتهم الخوف والجوع والمرض.

 

فيا من خُدِعتم بالرأسمالية البغيضة وسرتم في ركابها جبرا أو عن رضا واختيار، اعلموا أن النُظُم الرأسمالية لن تضمن لكم حياة كريمة ولن تقف معكم في الشدائد والمحن، وتاريخها أكبر دليل، وما رأيتموه وعايشتموه في خضم هذا الوباء هو عين اليقين. وإن دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القائمة قريبا إن شاء الله هي المنقذ وهي العدل والنور والفلاح في الدنيا والآخرة، فإلى العمل لإقامتها ندعوكم، فهل من مجيب؟.

 

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال 24].

 

 

جمع وإعداد: راضية عبد الله

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع