Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 


ما هو الأساس الذي يجب أن تقوم عليه الدولة في بنغلادش:
العلمانية وما يُسمى بروح التحرير أم الإسلام؟

 


حُكمت بنغلادش منذ تأسيسها بالعلمانية، من قبل حزب رابطة عوامي باسم ما يُسمى بـ"روح حرب التحرير" مع بعض الشعارات الأخرى، ومن قبل حزب جاتيا والحزب القومي البنغالي، إلا أن المسلمين في هذا البلد كجزء من الأمة الإسلامية لم يظلوا معزولين عن الصحوة الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وخاصة منذ بداية هذا القرن مع نمو الدعم الشعبي للإسلام كأيديولوجية سياسية وازدياد النشاط السياسي الإسلامي بوتيرة سريعة، وصار الحكم بالإسلام "الخلافة على منهاج النبوة" مطلبًا شعبيًا؛ هذا الحال أقلق القوى الصليبية الاستعمارية وعلى رأسهم أمريكا وحلفاؤها وعملاؤهم الفاسدون في العالم الإسلامي، فشرعوا بالعمل معًا على منع الإسلام من الوصول إلى الحكم بالتخطيط والتآمر عليه وبذلوا في ذلك كل جهد جهيد، ولكن المد الإسلامي ومسيرة الإسلام والعمل للحكم بالإسلام لم يتوقف، فلم يَرُق لهم ذلك، وعندما وقع هجوم (جولشان) وجد النظام فيه فرصة كبيرة لإعطاء حربهم ضد الإسلام زخمًا جديدًا، من خلال:


أولًا: تعاظم أعمالهم في تشويه سمعة الإسلام والعمل السياسي الإسلامي لإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، من خلال ربط الإسلام والحكم الإسلامي بالقتل الطائش والعنف، وربط المخلصين العاملين لرفعة هذا الدين بتنظيم الدولة الذي اكتسب سمعة عالمية سيئة في الهمجية والوحشية، وقد أشارت الشيخة حسينة إلى المخلصين بـ"الشباب الذين غُسلت أدمغتهم بالدين"، وأذعنت لادعاء سيدتها أمريكا بوجود فرع لتنظيم الدولة في البلاد. الحقيقة هي أن هجوم (جولشان) لم يكن للإسلام فيه ناقة أو بعير، علاوة على حرمته من الناحية الشرعية، كما أنه من المعلوم عند السياسيين بالضرورة في الموقف الدولي أن أعمال التنظيم لا تخدم إلا الأمريكيين ومخططاتهم، ففي العراق سهّلوا الهجوم على الموصل لتفكيك وتقسيم البلاد على أسس عرقية وطائفية، وفي سوريا يُستخدمون لدعم عميل أمريكا وجزارها (بشار الأسد) ومواجهة الثورة المباركة في الشام، فعندما اتحد الشعب السوري ضد بشار للإطاحة به وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، ظهر التنظيم وبدأ بعملياته ضد الجماعات الثائرة، وبعد ذلك أعلن عن نفسه دولة خلافة فاقدة للشرعية، وأصبح أداة لتشويه صورة الخلافة على منهاج النبوة الحقيقية التي يسعى لها المخلصون.


ثانيًا: بدأت الطاغية حسينة ونظامها بترويع المسلمين في البلاد على نحو غير مسبوق، فاستهدفت طلاب الجامعات الخاصة وأصحاب العقارات والمستأجرين العزاب والنساء والعلماء... وأصبحت شرائح المجتمع كلها هدفًا لها وضحية ازدياد طغيانها، وزاد النظام من التدابير الأمنية والقانونية القمعية لإيجاد حالة من الذعر بين الناس وزرع الخوف في نفوسهم من أجل قمع الأصوات الداعية للحكم بالإسلام وإقصاء الناس بعيدًا عن العمل السياسي الإسلامي والدعوة إلى الإسلام؛ وكافأ سادة النظام حسينة بالجوائز لإظهار الامتنان لتبعيتها لهم ولأعمالها الشريرة ضد الإسلام والمسلمين.


أخيرًا وليس آخرا: تم الترويج بقوة لفكرة العلمانية من أجل زيادة ترسيخها في المجتمع، وكأن أجهزة الدولة كلها من خلال زيادة الطغيان والسيف المسلط على رقاب الناس تقول: "عليكم أن تقبلوا بالعلمانية وإلا...!"، فاصطف رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والمفتش العام للشرطة والمثقفون المضبوعون ورؤساء تحرير الصحف والإعلاميون... جميعًا للدعوة إلى العلمانية، مدّعين أنها السبيل الوحيد لتحقيق السلام والوئام والتقدم في الدولة، وأنه يجب على بنغلادش أن تظل ثابتة على هذا الأساس، وقد وصل بهم الحال إلى تهديد من يطبق الإسلام في حياته الشخصية على أن هذا السلوك لا يناسب الشخص العلماني، وجعلوا المسلم الذي يلقي بتحية الإسلام مع النطق العربي الصحيح يُعامل كمشتبه به، وحثّوا الآباء على التأكد من اتخاذ أبنائهم عشيقات، وطالبوا الناس بإبقاء أعينهم مفتوحة على الأشخاص الذين أصبحوا يصلّون بعد أن لم يكونوا، أو لم يكن يُعرف عنهم الالتزام بالإسلام وفجأة أصبحوا ملتزمين. ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾.


إن العلمانية عقيدة الغرب الكافر، وأبرز ما فيها الرأسمالية، وتدعو هذه الفكرة للفصل بين الدين (بما في ذلك الإسلام) عن شؤون الدولة والحياة، أي فصل الدين عن الحكم والاقتصاد والقضاء والتعليم والشؤون الخارجية...الخ. ووفقًا لفكرة العلمانية، فإن الاعتقاد بوجود الخالق مسألة شخصية ويجب ألا يسمح لها بالتدخل في تنظيم شئون البلاد، وهذه فكرة خاطئة تمامًا، فالخالق إما أن يكون موجودًا وإما غير موجود، فإن كان غير موجود فلا يصح أن يكون الإيمان به من عدمه اعتقادًا شخصيًا، أما إن كان الخالق موجودًا، وهذه حقيقة ثابتة قطعًا بالتأكيد، فإنه يجب أن تُنظم جميع شئون الحياة حسب ما يريد جل وعلا، سواء في المسائل الشخصية أم في المسائل العامة ومنها الحكومية، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾، والإسلام يرفض فكرة أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق ولكن التشريع لجهة أخرى، ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ﴾، وليس كما يقول العلمانيون: "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، فقيصر وعرشه وإمبراطوريته يجب أن يخضعوا لأوامر الله، والإسلام لا يقبل أن تكون المساجد هي للصلاة فقط والدولة كلها للشيخة حسينة، كما أنه لا يقبل أن يكون هو المشرع في الصلاة والصوم والشيخة حسينة تشرع قواعد نظام الحكم والاقتصاد والقضاء، فهذا شكل من أشكال الشرك الذي قال فيه سبحانه وتعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾.


أما ما يزعم به العلمانيون من أنه إن قامت الدولة على دين واحد فإن ذلك سوف يكون ظلمًا لأتباع الديانات الأخرى، فإن هذا الادعاء لا أساس له في الإسلام، فأتباع جميع الأديان قد عاشوا قرونًا جنبًا إلى جنب في ظل الحكم بالإسلام، ولم يُحرم الرعايا كلهم من مختلف المعتقدات من ممارسة عقائدهم الدينية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... وَمَنْ يَكُنْ عَلَى يَهُودِيَّتِهِ أَوْ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ فَإِنَّهُ لا يُفْتَنُ عَنْهَا وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ...» رواه البيهقي، وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً أَوِ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ فَأَنَا خَصْمُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود.


أما فيما يتعلق فيما اقتُبس من سورة الكافرون في دعم فكرة العلمانية من آية: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾، فهي في الواقع عكس ما يزعمون من أنها ترشد لمفهوم: "لكل دينه والدولة للجميع" وبالتالي لا ينبغي أن تقوم الدولة على دين معين، بل إن معنى الآية هو أن الإسلام متميز ومنفصل عن دين الكفار، والتكرار في الآية بمثابة الرفض الحاسم للكفار من رؤساء مكة لما عرضوه على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كحل وسط بين الإسلام ودينهم، فقد رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضهم وأصرّ على مواصلة دعوته حتى يظهر الله الإسلام على الدين كله، كما قال صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهِ يَا عَمِّ، لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ فِي يَمِينِي، وَالْقَمَرَ فِي شِمَالِي، عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الأَمْرَ مَا تَرَكْتُهُ، حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ، أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ...». لذلك يرفض الإسلام العلمانية واعتمادها أساسًا للدولة، فهي الكفر الصريح، ويُحرم على المسلمين الإيمان بها أو الدعوة إليها والمطالبة بالتحاكم إليها، كما يحرّم الإسلام الحكم بغيره، ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ﴾، وقد أوجب الإسلام أن يكون نظام الخلافة هو نظام الحكم للمسلمين كما جاء في الحديث: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ»، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» رواه البخاري. لهذا ندعوكم أيها المسلمون أن ترفضوا العلمانية الكافرة كأساس لدولتكم، ولا تقبلوا أن تُحكموا بها، وندعوكم للإطاحة بالنظام الحالي وإقامة الدولة التي تقوم على أساس الإسلام، دولة الخلافة على منهاج النبوة، التي تسوسكم بأحكام الله سبحانه وتعالى في كل أموركم، ففي ذلك عز الدنيا ونعيم الآخرة. ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.

 


www.ht-bangladesh.info

 

 

التاريخ الهجري :18 من صـفر الخير 1438هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2016م

حزب التحرير
ولاية بنغلادش

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.