Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

أملا في تجاوز شبح "السكتة القلبية"

 

الحكومة المغربية ترفع أسعار المحروقات وتستعد لمنع الاحتجاجات الشعبية

 


وحول ذلك القرار صرح رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بأنّ قرار الزيادة في أسعار المحروقات كان ضروريا "بالنظر إلى التحملات القصوى التي لم يعد يتحملها صندوق المقاصة (الدعم)". كما أعلنت الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة أنّ التكلفة العالية لصندوق الدعم وتأثيرها المحتمل على توازنات الاقتصاد الكلي هي التي دفعت إلى هذه الخطوة.


ونظرا لما قد تؤدي إليه هذه الزيادة من هزات مجتمعية وحركات احتجاجية صرح وزير الداخلية محمد العنصر لجريدة الصباح أنّ وزارته ستلعب دورها، في إطار الحكومة من أجل تفعيل مقتضيات القانون المتعلق بحماية النظام العام، وأضاف العنصر أنّ الحكومة ستسعى إلى احتواء كل ما من شأنه الإخلال بالأمن والنظام العام من خلال لجنة ستتداول في البدائل التي يمكن خلقها لتفادي كل ما من شأنه أن يفضي إلى توتر أو احتقان اجتماعي بإمكانه تهديد النظام العام.


إنّ المغرب يمر بأزمة اقتصادية خانقة، فالأزمة المالية العالمية خاصة في منطقة اليورو أثرت سلبا على الاقتصاد المغربي، وعجز الميزانية في ارتفاع، والأفق مظلم إلى درجة أنّ المغرب مهدد بالعودة إلى وضع شبيه بعام 1984 "السكتة القلبية"، وما تبعه من "تقويم هيكلي" حسب تصريحات والي بنك المغرب في مارس الماضي.


وبدل أن تقوم الحكومة بمعالجة الأزمة من جذورها فتنبذ الاقتصاد الرأسمالي الذي بان فساده، وتتوقف عن الارتهان لسياسات صندوق النقد الدولي وتوصيات البنك الدولي، نجدها تستمد الحل مرة أخرى من أصل الفساد، الاقتصاد الرأسمالي، وذلك بتخفيض نفقات الدولة والحد منها، وزيادة واردات الضريبة سواء المباشرة منها أو غير المباشرة.


فالزيادة الصاروخية غير المعهودة في المحروقات ستسمح للدولة بتوفير 4.5 مليار درهم بحسب وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة فؤاد الدويري، وذلك لأنّ نسبة عالية من ثمن المحروقات هي عبارة عن ضرائب تستحوذ عليها الدولة.


وسيرا على ذات النهج فإنّ الدولة تسير نحو إلغاء صندوق المقاصة (الدعم)، فرئيس الحكومة صرح بذلك، ومجلس المنافسة اقترح في دراسة له قدمها الاثنين 04/06/2012 سيناريوهين لمعالجة أزمة ميزانية الدولة، الأول يقضي بتحرير المواد، والثاني يقضي بتحرير المواد الأساسية (القمح الطري والسكر والمواد البترولية) أي إلغاء دعم المواد الأساسية مع منح تعويضات مالية للفقراء.


لكن السؤال أين ستذهب هذه المبالغ التي ستوفرها الدولة بإلغاء الدعم والزيادة في المحروقات وفي الضرائب؟ هل حقا ستعود هذه الأموال للفقراء؟


إنّ تصريحات الحكومة بأنّ إصلاح صندوق المقاصة سيمكن من تحويل 50 مليار إلى استثمارات عمومية وخلق 120 ألف وظيفة شاغرة هي تصريحات للاستهلاك فقط، وهي من مثل ما قال بنكيران بخصوص الزيادة في المحروقات التي ادعى فيها بأنّ الغاية منها أن لا ينعكس ذلك على أثمان المواد الاستهلاكية الأساسية.


إنّ الأموال التي ستجنيها الدولة من هذه الخطوات والتي هي من كدِّ ورزق عامة أهل المغرب ستستخدم في معالجة العجز في الميزانية وأداء الفوائد الربوية المترتبة على الديون الخارجية. وبهذا الشأن يقول الجواهري والي بنك المغرب: (والعجز إن استمر سيؤثر سلبا على قدرة الدولة على تعبئة الأموال وتسديد ديونها الخارجية بالعملة الصعبة).


فما تسعى الحكومة إليه بإجراءاتها هو معالجة العجز والمديونية وليس توفير العيش الكريم لأهل المغرب، بل على العكس، فالحكومة تتطلع لمنع الناس من التعبير عن امتعاضهم ومحاسبة الحكومة على فعلها، لأنها تعلم يقينا أنّهم سيتضررون ضررا بليغا من إجراءاتها وسيزيد معاشهم ضيقا.


ولو كانت الحكومة صادقة فيما تدعيه بأنها تحمل للناس رغد العيش فلمَ تُعد الحكومة العدة لقمعهم؟!!


إنّ حكومةً يصرح رئيسها: "اخترتم ركوب السيارات وتريدون أن أؤدي لكم البنزين.. اركبوا الحافلات إذًا"، لا يُنتظر منها إلا أن تعد العدة لقمع الناس!!


أيها المسلمون:


لا تغتروا بحكومة الإسلاميين، فَصَلاتهم وصومهم هي بالنهاية لأنفسهم إن أخلصوا فيها، ولكن سوء رعايتهم هو عليكم. وهم لا يرعونكم بأحكام الله كما أمر.


إنّ الحل للأزمة الخانقة التي يمر بها المغرب هو في تطبيق أحكام الإسلام كاملة غير مجزأة في ظل دولة تحكم بكتاب الله وسنة رسوله، سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافة راشدة على منهاج النبوة.


دولة تجعل أحكام الإسلام في الاقتصاد هي المطبقة وليس النظام الرأسمالي الفاسد المنهار على رؤوس أهله. دولة تعمل على إشباع الحاجات الأساسية لكل فرد وضمان إشباع الحاجات الكمالية للأفراد وتوفير الأمن والتعليم والتطبيب للرعية. وتوفر كل ذلك دون فرض لضرائب دائمية على الرعية لأنها حرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة صاحب مكس). والدولة لن تقيم صندوقا للمقاصة لمعالجة ارتفاع الأسعار، فدولة الخلافة لا تسعر وإنما تعمل على توفير السلع في السوق بأرخص الأثمان لتحد من غلاء الأسعار، وهي تعالج القدرة الشرائية للمستهلك بتوفير العمل له وبإعطائه حقه الشرعي من أموال الملكية العامة (الذهب والفضة والفوسفات، والغاز والنفط وغيرها...) وعدم تركها نهبا للمتنفذين والشركات الأجنبية، ومَن عجز فعلا أو حكما عن الكسب وعن سد حاجاته الأساسية فله في أموال الزكاة نصيب مفروض.


قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).

 

 

التاريخ الهجري :22 من رجب 1433هـ
التاريخ الميلادي : الثلاثاء, 12 حزيران/يونيو 2012م

حزب التحرير
المغرب

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.