Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حكامُ باكستانَ يخضعونَ لصندوقِ النقدِ الدوليّ

لصالحِ الخططِ الاستعماريةِ والشركاتِ والدائنينَ على حسابِ النَّاس

 

 

قدّمَ وزيرُ الدولةِ لشؤونِ الإيراداتِ، حماد أزهر، في الحادي عشر من حزيران/يونيو 2019، الميزانيةَ الوطنيةَ والتي كانت بمثابةِ الضربِ بالمطرقةِ على رؤوسِ النَّاس. وفي الوقتِ الذي تباطأَ فيه الاقتصادُ بسببِ الآثارِ الخانقةِ للضرائبِ الثقيلةِ، فإنَّ مجلسَ الإيراداتِ الفيدراليِّ (FBR) لديهِ هدفٌ ضريبيّ قدرهُ 5500 مليار روبية لعام 2019-2020، وهو ما يمثلُ زيادةً هائلةً بنسبةِ 33٪ في جمعِ الضرائب، في سعيهِ المتهورِ للموافقة على الأداةِ الاستعماريةِ، صندوقِ النقدِ الدوليّ، للإفراجِ عن الدفعةِ الأولى من القرضِ القادمِ البالغِ 6 مليارات دولار (حوالي 900 مليار روبية)، وقد رفعَ الحكامُ الضرائبَ إلى مستوياتٍ عاليةٍ جداً للحيلولةِ دونَ الانهيارِ الاقتصاديّ، وعلى الرغمِ من فرضِ الضرائبِ الرأسماليةِ القمعيةِ، مثل ضريبةِ المبيعاتِ العامةِ وضريبةِ الدخل، فإنَّ الحكومة لا تأخذ في الاعتبارِ الفقرَ والعنتَ التي يواجهها النَّاس.

 

إنَّ الحكامَ الذينَ لا يرحمون لا يرونَ بأساً في فرضِ الضريبةِ حتى على الفقراءِ والمساكينِ من الذينَ تُدفع لهم الزكاة! وعلاوةً على ذلك، فهم يفرضونَ الضرائبَ الباهظة على النَّاس كما لو أنّها واجبٌ على النَّاس ومصدرُ فخرٍ لهم، وبها يَكسرُ الحكامُ ظهورَ النَّاس وهم يعانونَ من الفقرِ أصلا، رغم أنَّ الإسلامَ أجازَ فقط جنيَ الإيراداتِ من الأغنياءِ، من خلالِ الزكاةِ على عروضِ التجارة، والخراجِ على الأراضي الزراعيةِ. ويفرض حكامُ باكستان الضريبةَ القمعيةَ على النَّاسِ، ويسلبونَ النَّاسَ أموالهم ومدخراتهم دونَ خجلٍ من الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو ما يوقعهم في المعصيةِ والتعرضِ للعذابِ يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.

 

بينما يدّعي حكامُ باكستانَ تبنيهم لنموذجِ دولةِ المدينةِ المنورة، فإنَّهم يضغطونَ على النَّاس بفرضِ الضرائبِ عليهم، على الرغمِ من أنَّ ديننا الحنيف يضمنُ جنيَ عائداتٍ وفيرةٍ لخزينةِ الدولةِ من مؤسساتِ الدولةِ كبيرةِ الحجم ومن الطاقةِ والمعادن. وستضمن الخلافةُ القائمة قريباً بإذنِ الله، جنيَ إيراداتٍ وفيرةٍ للدولةِ من خلالِ هيمنتها على الصناعاتِ الثقيلةِ، ومن خلالِ نظامِ الشركاتِ التي وردت في سنةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من مثلِ شركاتِ المضاربةِ والعنانِ، التي تحدُ بشكلٍ طبيعيٍ من حجمِ رأسِ المالِ المتاحِ للقطاعِ الخاص. إنَّ الخلافةَ هي التي ستضمنُ إنفاقَ العائداتِ المتولدةِ من قطاعِ الطاقةِ والمعادنِ على جميع النَّاس، بدلاً من الاستفادةِ منها من عددٍ قليلٍ من المستثمرينَ من خلالِ خصخصتها، فقد أوجبَ الشرعُ أنْ تكونَ من الملكيةِ العامة، وذلكَ على سنةِ رسولِ اللِه صلى الله عليه وسلم التي أثبتت أنّها ملكية عامة، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ» أحمد.

 

وعلاوةً على ذلك، فإنَّه في الوقتِ الذي زادت فيهِ الدولةُ الهندوسيةُ من عدائها في ظلّ حكمِ مودي، يتمُ الاحتفاظُ بميزانيةِ الدفاعِ ثابتة عند حدِ 1150 مليار روبية، على الرغمِ من التضخمِ الكبيرِ نتيجةَ سعرِ صرفِ الروبية، وهو ما يعني خفضاً في ميزانيةِ الدفاع، وبالتالي، فإنَّ النظامَ يضغطُ على النَّاس وعلى قواتهم المسلحة، في الوقتِ الذي تكون فيه الخطةُ الأمريكيةُ لباكستانَ هيَ لإفساحِ المجالِ للهيمنةِ الإقليميةِ الهندية من خلالِ "التطبيعِ" معها، على الرغمِ من أنَّ الله سبحانهُ وتعالى أوجبَ على المسلمين الحرص الشديد على قدرتهم العسكرية، لردعِ الأعداءِ من أيِّ إيذاءٍ أو سوءِ نيةٍ، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾.

 

وبينما يضغطُ الحكامُ الآثمونَ على المسلمينَ في باكستان بفرضِ الضرائبِ ويحرمونَ قواتهمُ المسلحة من الدعمِ اللازمِ، فإنَّهم يلتزمونَ بإنفاق 2891.4 مليار روبية على الدفعاتِ الربويةِ، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾.

 

وخدمةٌ أخرى يقدمها حكامُ باكستانَ للمستعمرينَ، من خلالِ دفاعِ النظامِ المستميتِ عن سياسةِ صندوقِ النقدِ الدوليّ المتمثلةِ في تسهيلِ الملكيةِ الأجنبيةِ لمواردِ باكستان ومؤسساتِ القطاعِ العام، مما يعزز من قبضةِ الشركاتِ الاستعماريةِ على الاقتصادِ المحليّ، ويجعل الدولة أكثرَ اعتماداً على القروضِ والضرائب. ولتخفيفِ عملياتِ الشراءِ من قبلِ الشركاتِ الاستعماريةِ، طلبَ النظامُ من صندوقِ النقدِ الدوليّ تخفيض سعرِ صرفِ الروبية، فزادت القوة الشرائية للعملةِ الأجنبيةِ في الاقتصادِ المحليّ، على الرغمِ من أنَّ ضعفَ الروبيةِ أطلقَ العنان للتضخمِ الكبيرِ محلياً. ولتحقيقِ أقصى قدرٍ من الأرباحِ للشركاتِ الاستعمارية، فرضَ صندوق النقدِ الدوليّ على النظامِ تقديم تنازلاتٍ ضريبيةٍ لها. وهذهِ هي حقيقة زيادة الاستثمارِ الأجنبيّ المباشر (FDسبحانه وتعالى)، وهو تزايد في السيطرةِ الاستعماريةِ على إنتاجنا ومواردنا.

 

أيَّها المسلمونَ في باكستان، البلد الطيب!

 في خضمِ خضوعهِ لصندوقِ النقدِ الدوليّ، يضغطُ النظامُ علينا بفرضِ الضرائبِ ويهمل العناية بقواتنا المسلحةِ وقتَ عدوانِ العدوِ علينا، بحيثُ يأخذُ الدائنونَ الاستعماريونَ مدفوعاتهم من الربا، ويمكن للشركاتِ الاستعماريةِ استغلال البنيةِ التحتيةِ والمواردِ في باكستان، ويحيك المستعمرُ المكائدَ لباكستان، بتقديمِ خطةٍ للهيمنةِ الإقليميةِ للدولةِ الهندوسية. وعلى الرغمِ من أنَّ باكستانَ تنعمُ بموارد وفيرةٍ ومتنوعةٍ، بالإضافةِ إلى وفرةٍ في اليدِ العاملة، ومع ذلكَ فإننا نغرقُ بالفقرِ بسببِ سياساتِ حكامنا الذينَ رفضوا الحكمَ بما أنزلَ الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾. فهل بقيَ شيءٌ مخفي أو ظاهر لمعرفةِ أنَّه لا يوجدُ أملٌ في النظامِ الاقتصاديِّ الاستعماريّ الحالي؟! ألم يحن الوقتُ لإنهاءِ الحلقةِ المفرغةِ لتدميرِ الاقتصادِ الباكستانيّ، من خلالِ استعادةِ الحكمِ بما أنزلَ الله سبحانه وتعالى، الخلافة على منهاجِ النبوة؟!

 

 

التاريخ الهجري :9 من شوال 1440هـ
التاريخ الميلادي : الأربعاء, 12 حزيران/يونيو 2019م

حزب التحرير
ولاية باكستان

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.