الخميس، 18 رمضان 1445هـ| 2024/03/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
ترامب يبْتز الدول الأوروبية باستخدام حلف الناتو

بسم الله الرحمن الرحيم

ترامب يبْتز الدول الأوروبية باستخدام حلف الناتو

الخبر:

انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب انتهاء قمة دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) الدول الأعضاء في الحلف، وذكّرها بأنّ أمريكا تساهم بمفردها بنحو ثمانين بالمئة من ميزانية الناتو، وقال: "كنت أبلغت الكثير من المشاركين في القمة العام السابق أنّه يجب زيادة ميزانية الإنفاق"، وتابع: "الولايات المتحدة تدفع 90 في المئة من ميزانية الحلف"، معتبراً أنّ: "هذا ليس عادلاً للولايات المتحدة"، ودعا أعضاء الحلف لزيادة النفقات على الدفاع بنسبة تصل إلى 4% من ميزانية بلدانهم، وفي الموضوع التجاري اشتكى ترامب من الدول الأوروبية فقال: "نُعامل معاملة سيئة في المجال التجاري".

وكان ترامب قد شنّ في اليوم الأول من القمّة هجوماً كاسحاً على أعضاء الحلف الذين (لا يدفعون ما عليهم) من النفقات العسكرية للحلف، وخصّ ألمانيا بالقسط الأكبر من هجومه، ووصفها بأنّها تدفع مليارات الدولارات لروسيا لتأمين إمداداتها بالطاقة، في حين إنّ أمريكا تُدافع عنها في مواجهة روسيا، واعتبر ذلك ليس عادلاً، مُتهماً إياها: "بإثراء روسيا، وأنّها رهينة لها"، واتهمها كذلك بعدم الوفاء بالتزاماتها، وردّت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رداً خجولاً بقولها: "إنّ لألمانيا سياساتها الخاصة" مؤكدة "أن بلادها تتخذ قراراتها بشكل مستقل".

وكان الرئيس الأمريكي قد ندّد عدة مرات بألمانيا بسبب مشروع أنبوب الغاز نورستريم الذي سيربط مباشرة روسيا بألمانيا، وطالبها بالتخلي عنه.

وفي نهاية القمة قال ترامب مُتبجّحاً: "إنّ الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) قد وافقت على زيادة نفقاتها الدفاعية، وأنّها التزمت بإنفاق أكثر من 2 في المئة من إجمالي الناتج القومي سنويا على ميزانية الدفاع"، وعبّر عن سعادته بالتزام دول الحلف بزيادة نفقاتها الدفاعية بما يعادل 33 مليار دولار، وقال: "إنّ الحلف الآن أقوى بكثير مما كان عليه قبل يومين حينما بدأت القمة".

 

التعليق:

لم تستطع الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) مُقاومة ابتزاز ترامب لها بدفع المزيد من الأموال لنفقات الحلف، وفقط في يومين من عمر القمة استطاع ترامب أنْ يُملي إرادته على الأوروبيين، ويُجبرهم على القبول بطلباته، وبالفعل خضعت هذه الدول لمطالب ترامب المُتبجّحة، ووافقت على رفع نسبة مساهمتها في النفقات العسكرية للحلف بما يزيد عن 2% من ميزانياتها وما قد يصل إلى 4% منها.

وكانت أوروبا من قبل ترفض مبدأ زيادة النفقات الدفاعية للحلف، وتعتبر أنّ أمريكا هي التي يجب عليها أنْ تتكفل بمعظم النفقات كما كان عليه الوضع منذ ما يزيد على النصف قرن، لا سيما وأنّ أمريكا هي التي تقود الحلف، وتتحمّل مسؤولياته بدرجةٍ كبيرة، وتسيره كما تشاء، وبما يخدم مصالحها.

إنّ هذا الخضوع الأوروبي الجديد لإملاءات وشروط ترامب لا شك أنّه يزيد الأوروبيين ضعفاً، ويبقيهم تحت المظلة الأمريكية لأمدٍ بعيد، وتحت الحماية الأمريكية المباشرة، وهذا الأمر من شأنه أنْ يسلبهم السيادة المطلقة لدولهم، ويحرمهم من الاستقلال الحقيقي، ويجعلهم خاضعين بشكل دائم للابتزازات الأمريكية، ومرتبطين دوماً بالمصالح الأمريكية العليا، كما ويُفشل مُحاولاتهم المُتكرّرة والطموحة لبناء قوة أوروبية مستقلة وليست تابعة لقوة الحلف تحت القيادة الأمريكية.

فخضوعهم هذا إذاً يجعلهم بعيدين كل البعد عن منافسة أمريكا في الموقف الدولي، ومن باب أولى يجعلهم عاجزين كُلياً عن زحزحتها عن موقعها كدولة أولى ومُهيمنة على العالم.

إنّ هذا الضعف الأوروبي أمام أمريكا سببه المباشر هو ارتباط الدول الأوروبية منذ البداية بأمريكا ارتباطاً رأسمالياً نفعياً مصلحياً، فمنذ أنْ ارتبطت هذه الدول بمشروع مارشال الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية لم تستطع أنْ تتخلص من تبعات هذه الهيمنة الأمريكية المستمرة عليها بعد مرور سبعين عاما.

فإذا كان هذا هو حال الدول الغنية والقوية مع أمريكا فكيف الحال مع الدول الضعيفة والفقيرة؟!

إنّ مفتاح التخلص من الهيمنة الأمريكية يكمن فقط في تبني الدولة التي تريد تحدي أمريكا ومواجهتها لمبدأ الإسلام العظيم الذي لا يهتم بالمصالح المادية، ولا يأبه بالمنافع الجزئية، وإنّما يجعلها تابعةً لمصلحة المبدأ، فالمبدأ عندها هو المحرك الأول لكل أعمالها، والفكرة العقائدية هي الأساس والقاعدة التي تستند إليها الدولة في المُواجهة، وليست المصالح والمنافع المادية كما تفعل الدول الأوروبية، فإذا وجدت دولة بهذه المواصفات فتستطيع أنْ تُطيح بالدولة الأمريكية من عليائها بسهولة ويسر خاصة بعد أن بان ضعفها، وظهر عوارها، وتداعى اقتصادها، ولجأت لترميمه عبر البلطجة والابتزاز.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أحمد الخطواني

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع