Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

ليست ثورة جياع بل ثورة تحرُّر وقلع للاستعمار

 

الخبر:

 

أكد الناطق الرسمي لاعتصام الكامور طارق الحداد لمراسل موزاييك بالجهة يوم السبت 27 حزيران/يونيو 2020 إثر اجتماع شبابي نظمته تنسيقية الكامور أنه:

 

تقرر نصب الخيام الاحتجاجية بكافة الأحياء ابتداءً من يوم الاثنين مع عدم غلق الطريق وفسح المجال للتلاميذ لإجراء الامتحانات، هذا إضافة إلى رفع "ديقاج" في وجه والي الجهة والاستعداد للتحول للاعتصام بحقل نوارة.

 

من جهة أخرى، أكد الحداد بأن الشباب لن يتحول إلى العاصمة ولن يرضى إلا بمجلس وزاري أو جلسة مع رئيس الدولة إلا في تطاوين مع مطالبة السلطات المركزية بفتح تحقيقات حول ما شهدته الجهة خلال الأيام الأخيرة ومعاقبة كل من تسبب في ذلك.

 

التعليق:

 

بعد أكثر من ثلاثة أشهر، من عودة الاحتجاجات الشعبية السياسية السلمية في تطاوين، اختارت حكومة الفخفاخ المقاربة الأمنية في مواجهة الاحتجاجات والمطالب المشروعة، وذلك بعد أن عمدت في مرحلة أولى إلى استفزاز المحتجين والعمل على تأجيج وتأليب الأوضاع.

 

 نعم هذا هو الأسلوب المعتمد لحكومة تدعي العدل والقوة والشفافيّة، وتدعي زورا وبهتانا أنها تعبر عن إرادة الشعب وهي في خدمته ومنه تستمد مشروعيتها، حكومة العجز والشلل لا حل لها ولا مخرج لها عدا استعمال القوة والعمل على تشويه الحراك وشيطنته وإلصاق تهمة الإرهاب والتهريب به.

 

 وهكذا هي أوامر المسؤول الكبير لمجابهة التحركات والمطالب الشعبية، نحكمكم وإلا نفقّركم، نحكمكم وإلا نجوّعكم، نحكمكم وإلا نقتلكم إن لزم الأمر، كل الأساليب مباحة متاحة وإن لزم الأمر إشعال نار الفتنة بين العروش، وهذا عشناه من قبل، أو إشعال نار الحرب الأهلية، المهم هو المحافظة على الشركات الناهبة ومن خلالها مصالح المستعمر المستنفذ في البلاد.

 

إن المطالب التي ثار عليها الأهل في تطاوين هي نفسها التي ثار عليها الأهل من قبل في بن قردان وفي سيدي بوزيد وفي الكاف وفي القصرين وفي دوار هيشر، وهي في حد ذاتها امتداد لمطالب ثورة كانون الثاني/يناير 2011 حين خرج الشعب ذات يوم ونادى بإسقاط النظام.

 

فالمتأمل لتطورات الوضع منذ 2011 إلى اليوم يسجل دون مجهود بحثي كبير، أن كل التحركات الشعبية كانت ضد تردّي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في البلاد، والتي جوبهت كلها بحبائل رأسمالية مستوردة من صندوق النقد الدولي وباقي المؤسسات المالية العالمية الاحتكارية كتعميق المديونية وفرض التقشف ورفع الدعم والاستثمار الخارجي وتخفيض كتلة الأجور وغلق باب الانتداب في الوظيفة العمومية.

 

كل هذه المؤشرات تفيد إلى كون النظام الرأسمالي اليوم يتخبط في أزمة حادة وأنّه لا حلول لتناقضاته اليوم سوى تعميق تداين الدولة تجاه الدوائر الرأسمالية المالية، وما يعنيه ذلك من فرض لسياسات تفقير الشعوب التي تولد ضرورةً هبّات وانتفاضات وثورات.

 

 كل هذا وذاك يجعلنا أمام حتمية البحث عن التغيير الجذري لنظام بالٍ مهترئ، نظام بانت عورته وانكشفت مخططاته، نظام أخفى إفلاسه قبل أن يعلنها ويبرزها الواقع للعيان، نظام رأسمالي علماني فاحش سبّب العناء والشقاء للبشرية...

 

ختاما نقول:

 

إن الاحتجاجات الشعبية أثبتت أن الحكومات المتعاقبة منفصلة انفصالا تاما عن الشعب وهي في عناد مقيت لمطالبه وتعنت بئيس ضد حاجاته. ذلك أن إفلاس الحكومة الفكري بنظامها الرأسمالي البشع القائم على احتكار المال بين عصبة من الأغنياء دون غيرها وفقدانها للحلول الجذرية لا تزيد الشعب إلا غيظاً وسخطاً واحتقاناً.

 

كما نذكر أن الاحتجاجات المطالبة بالحق في الشغل والتنمية والعيش الكريم، متقدة منذ أكثر من عشر سنوات وأنّ اعتصام الكامور واعتصام الفوار واعتصام دوز؛ شكل تصعيدا مهما نحو رفض هذا النظام وسياساته، وهو أمر يؤكد أن وعيا بعداء هذا النظام لمطالب الاحتجاجات الشعبية يتعاظم ويتراكم كل يوم لكنه لا يجب أن ينسينا أنّ منزلقات استنزاف هذه التحركات واحتوائها واردة إنْ لم نمض بها نحو مبدئية المطالب وأن ترتقي ثورة الجياع إلى ثورة تحرر وثورة قلع الاستعمار بنظامه ووكلائه.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ممدوح بوعزيز

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس

 

آخر تعديل علىالأربعاء, 01 تموز/يوليو 2020

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.