Logo
طباعة
سربرينيتشا، 25 عاما من الألم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سربرينيتشا، 25 عاما من الألم
(مترجم)

 


الخبر:


في 11 تموز/يوليو 1995، استولت الوحدات الصربية البوسنية على مدينة سربرينيتشا في البوسنة والهرسك. "سيتم نقل جميع الذين يرغبون في الذهاب، كباراً وصغاراً، شباباً وعجائز. لا تخافوا... لن يؤذيكم أحد". جنرال الجيش الصربي راتكو ميلاديتش. (بي بي سي، 2020/07/11م)

 


التعليق:


لن أنسى أبداً آزرا وهي تتذكر حدوث المجزرة في سربرينيتشا. فقد تم تقييد يديها، وكان وجهها محفوراً بالألم، والدموع تتدفق كالسيل على وجهها.


إنّ ما شاهدته من الرعب هو شبه سريالي - بعد ذلك بأشهر ما زالت تعيش كل لحظة في كابوس حي، غير قادرة على نسيان صور والدها وأعمامها المأخوذة تحت تهديد السلاح، وأيديهم مقيدة بوجوه ملطخة بالدماء.


في صباح يوم 12 تموز/يوليو 1995م، وتحت قيادة راتكو ميلاديتش، جمعت الوحدات الصربية آلاف المسلمين البوسنيين، في قاعدة بوتوكار الهولندية، حيث تمّ فصل النساء والأطفال عن الرجال والأولاد. شنت القوات الصربية هجمات مدمرة على المسلمين. حيث شقوا حناجر الأطفال واغتصبوا عدداً لا يحصى من النساء والفتيات، وتمّ تجميع الرجال في المصانع والمخازن القديمة، وقتل بعضهم على الفور، ونقل البعض في الشاحنات ليواجهوا حتفهم في مواقع أخرى، تمكن حوالي 15000 رجل من مغادرة الجيب ليلاً وبدأوا القصة المشؤومة "مسيرة الموت"، على بعد أميال من بلدة توزلا التي اعترضتها القوات الصربية بعنف. وتعرض المئات الذين فروا للاختباء في الغابة إلى التدمير، وحُرقت ممتلكاتهم، وضُربوا حتى الموت، وتم القبض على الآلاف من الهاربين في التلال وإطلاق النار عليهم بدم بارد خلال الساعات السبع والسبعين التالية.


كانت هذه المذبحة التي ارتكبت لجيلين من الرجال المسلمين جزءاً من الإبادة الجماعية الواسعة ضد المسلمين على يد القوات الصربية التي سعت للسيطرة على المنطقة اليوغوسلافية المتنوعة في البوسنة والهرسك، والتي تتكون من المسلمين البوسنيين والصرب الأرثوذكس والكروات الكاثوليك. عندما دخل راتكو ميلاديتش المدينة، صرح في بث مباشر أنه ينوي الانتقام من "تمرد خبيث" - وهي انتفاضة صربية تعود إلى عام 1804م في المنطقة نفسها التي تمّ قمعها من الحكام العثمانيين في ذلك الوقت.


على الرغم من هذا التهديد والمنطقة الآمنة التي تبلغ مساحتها 30 ميلاً حول مدينة سربرينيتشا، لم تفشل قوات الأمم المتحدة في الحفاظ على السلام فحسب، بل سهلت المذابح من خلال حرمان 20.000 رجل من الملاذ الآمن، وتركتهم لفرق الموت الصربية. وبالمثل، أوقفت قوات "حفظ السلام" الضربات الجوية على المواقع العسكرية الصربية عندما تم أخذ عدد قليل من الرهائن الهولنديين، ووافقت القوات المسلحة الهولندية نفسها أيضاً على المطالب الصربية بتسليم 5000 لاجئ من قواعدها، مع علمهم التام أنهم سيقتلون.


بعد أن قامت بالفعل بنزع سلاح المقاتلين المسلمين في البلدة، مما ترك المسلمين بلا حماية، وتسهيل المجاعة الجماعية الناجمة عن حصار الصرب لمدة ثلاث سنوات؛ يمكن القول إن الأمم المتحدة كانت متواطئة تماماً.


بعد مرور خمسة وعشرين عاماً، لا يزال الكثيرون مثل آزرا لا يعرفون ما حدث لأقاربهم، ويعيشون من دون إجابات لهذه الأحداث غير المفهومة، ويرعون ويتقبلون الصدمة على أنها مجرد أخطاء "ستطارد تاريخ الأمم المتحدة إلى الأبد" كما قال الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان. مجرد كلام، بالنظر إلى عمليات الإبادة الجماعية المستمرة في سوريا واليمن، والتطهير العرقي للروهينجا، والقضاء التدريجي على الفلسطينيين والكشميريين من بلادهم، ووضع المسلمين في الهند وجمهورية أفريقيا الوسطى...


يقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾

 


كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مليحة حسن

 

آخر تعديل علىالأربعاء, 15 تموز/يوليو 2020

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.