السبت، 11 شوال 1445هـ| 2024/04/20م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح204) سياسة الاقتصاد هي النظرة إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح204) سياسة الاقتصاد هي النظرة إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الرَّابِعَةِ بَعْدَ المِائَتَينِ, وَعُنوَانُهَا:"سِيَاسَةُ الاقتِصَادِ هِيَ النَّظْرَةُ إِلَى مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيهِ الـمُجْتَمَعُ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّانِيَةِ وَالعِشْرِينَ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 123: سِيَاسَةُ الاقتِصَادِ هِيَ النَّظْرَةُ إِلَى مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيهِ الـمُجْتَمَعُ عِنْدَ النَّظْرَةِ إِلَى إِشْبَاعِ الحَاجَاتِ, فَيُجْعَلَ مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيهِ الـمُجْتَمَعُ أَسَاسًا لِإِشْبَاعِ الحَاجَاتِ.

 

المادة 124: الـمُشْكِلَةُ الاقتِصَادِيَّةُ هِيَ تَوزِيعُ الأَمْوَالِ وَالـمَنَافِعِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ الرَّعِيَّةِ، وَتَـمكِينِهِمْ مِنَ الانتِفَاعِ بِهَا بِتَمْكِينِهِمْ مِنْ حِيَازَتـِهَا, وَمِنَ السَّعْيِ لَـهَا.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا,وَهَاتَانِ هُمَا الـمَادَّتَانِ: الثَّالِثَةُ وَالعِشرُونَ, وَالرَّابِعَةُ وَالعِشْرُونَ بَعْدَ الـمِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ الـمَادَّتَينِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

أولا: المادة 123: هَذِهِ الـمَادَّةُ مُسْتَنْبَطَةٌ مِنْ عِدَّةِ أَدِلَّةٍ، وَالحُكْمُ الشَّرعِيُّ كَمَا يُسْتَنبَطُ مِنْ دَلِيلٍ وَاحِدٍ يُستَنْبَطُ كَذَلِكَ مِنْ عِدَّةِ أَدِلَّةٍ. فَهِيَ مُستَنبَطَةٌ مِنْ تَحدِيدِ مِلْكِيَّةِ الأَشْيَاءِ بِكَيفِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَمِنْ تَحْدِيدِ أَسْبَابِ الـمِلْكِ بِأَسْبَابٍ مُعَيَّنَةٍ، وَمِنْ تَحْدِيدِ تَنْمِيَةِ الـمِلْكِ بِكَيفِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَمِنْ تَحْرِيمِ بَعْضِ الأَشْيَاءِ وَبَعْضِ الأَعْمَالِ. فَأَدِلَّةُ هَذِه الأُمُورِ الأَرْبَعَةِ تُستَنبَطُ مِنهَا سِيَاسَةُ الاقتِصَادِ. وَسِيَاسَةُ الاقتِصَادِ الَّتِي استُنْبِطَتْ مِنْ هَذِهِ الأَدِلَّةِ هِيَ أَنَّ النَّظْرَةَ إِلَى الثَّروَةِ مِنْ حَيثُ كَونُهَا تُشْبِعُ حَاجَةً يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَقْرُونَةً بِالحـُكْمِ الشَّرعِيِّ فِي هَذِهِ الثَّروَةِ وَمَبْنِيَّةً عَلَيهِ. فَيُعتَبَرُ القَمْحُ مِنَ الثَّروَةِ, وَالعَسَلُ مِنَ الثَّروَةِ؛ لِأَنَّ اللهَ أَبَاحَ كُلًّا مِنْهُمَا، وَلَا يُعْتَبَرُ الحَشِيشُ مِنَ الثَّروَةِ, وَلَا الخَمْرُ مِنَ الثَّروَةِ؛ لِأَنَّ اللهَ حَرَّمَ كُلًّا مِنْهُمَا، وَيُعْتَبَرُ الـمَالُ الَّذِي يُشْتَرَى, وَالـمَالُ الَّذِي يُؤْخَذُ أُجْرَةً مِنَ الثَّروَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَبَاحَ كَسْبَهُ فِي كُلٍّ مِنْ هَاتَينِ الحَالَتَينِ، وَلَا يُعْتَبَرُ الـمَالُ الـمَسْرُوقُ, وَلَا الـمَالُ الَّذِي يُكْسَبُ بِعَقْدٍ بَاطِلٍ مِنَ الثَّروَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ حَرَّمَ كُلًّا مِنْهُمَا.

 

فَالحـُكْمُ الشَّرعِيُّ يَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيهِ عِنْدَ النَّظْرَةِ إِلَى إِشَبْاعِ الحَاجَاتِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الأَسَاسَ لِلنَّظْرَةِ إِلَى كَونِ الثَّروَةِ تُشْبِعُ حَاجَةً، أَيْ الأَسَاسُ الَّذِي يَجرِي عَلَيهِ إِنتَاجُ الثَّروَةِ وَاستِهْلَاكُهَا. وَهَذَا هُوَ مَعْنَى مَا جَاءَ فِي الـمَادَّةِ مِنْ أَنَّ سِيَاسَةَ الاقتِصَادِ هِيَ النَّظْرَةُ إِلَى مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيهِ الـمُجْتَمَعُ عِندَ النَّظْرَةِ إِلَى إِشْبَاعِ الحَاجَاتِ. إِذْ مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيهِ الـمُجْتَمَعُ، أَيْ مَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَيهِ العَلَاقَاتُ بَينَ النَّاسِ هُوَ تَقَيُّدُ هَذِهِ العَلَاقَاتِ بِالأَحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ وَسَيرُهَا بِحَسَبِهَا. فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ النَّظْرَةُ إِلَى مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيهِ الـمُجْتَمَعُ أَيْ إِلَى تَقَيَّدِهِ بِالأَحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ مَوجُودَةً عِندَ النَّظْرَةِ إِلَى إِشْبَاعِ الحَاجَاتِ، سَوَاءٌ بِإِنْتَاجِ الثَّروَةِ أَمْ بِاستِهْلَاكِهَا، بِحَيثُ تَكُونُ مَقْرُونَةً بِهَا وَمَبْنِيَّةً عَلَيهَا.

 

فَالأَصْلُ فِي الثَّروَةِ فِي نِظَامِ الإِسْلَامِ حَتَّى تُعتَبَرَ مَادَّةً اقتِصَادِيَّةً يَصِحُّ إِنتَاجُهَا، وَيَصِحُّ استِهْلَاكُهَا، هُوَ مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيهِ الـمُجْتَمَعُ، أَيْ هُوَ تَقَيُّدُ العَلَاقَاتِ بَينَ النَّاسِ بِالحُكْمِ الشَّرعِيِّ. وَعَلَى أَسَاسِهِ يُنْظَرُ إِلَيهَا مِنْ حَيثُ كَونـُهَا تُشبِعُ حَاجَةً لِلإِنسَانِ، أَوْ لِلفَردِ، أَوْ لِلْمَجُمُوعِ. وَعَلَى هَذَا الأَسَاسِ يَجْرِي الإِنتَاجُ وَالاستِهْلَاكُ.

 

وَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ هَذَا الأَسَاسُ, وَهُوَ التَّقَيُّدُ بِالحـُكْمِ الشَّرعِيِّ جَاءَ عَامًّا فِي وُجُـوبِ تَحْكِيمِ الحـُكْمِ الشَّرعِيِّ فِي كُلِّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الـمُسْلِمِ، إِلَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَـمْ يَكْتَفِ بِالنِّسْـبَةِ لِسِـَياسَةِ الاقتِصَادِ بِالأَدِلَّةِ العَامَّةِ مِنْ مِثْلِ قَولِهِ تَعَالَى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنهُ فَانْتَهُوا) بَلْ جَاءَ بِأَدِلَّةٍ تَفْصِيلِيَّةٍ خَاصَّةٍ بِالثَّروَةِ مِنْ حَيثُ تَوفِيرُهَا، وَمِنْ حَيثُ قَضَاءُ الحَاجَاتِ بِـهَا. وَهِيَ أَدِلَّةُ تَحْدِيدِ كَيفِيَّةِ التَّمَلُّكِ، وَتَحدِيدِ أَسْبَابِ الـمِلْكِ، وَتَحدِيدِ تَنمِيَةِ الـمِلْكِ، وَتَحرِيمِ بَعْضِ الأَشْيَاءِ، وَبَعْضِ الأَعْمَالِ. فَتَكُونُ سِيَاسَةُ الاقتِصَادِ فِي الإِسلَامِ لَيْسَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى النَّظْرَةِ إِلَى الثَّروَةِ فَقَطْ مِنْ حَيثُ كَونُهَا تُشبِعُ حَاجَةً، بَلْ هِيَ إِلَى جَانِبِ ذَلِكَ كَونُ هَذِهِ الثَّرْوَةِ مُبَاحَةً، وَكُونُ الحَاجَةِ الَّتِي تُشبِعُهَا مُبَاحَةً. أَيْ هِيَ بِنَاءُ هَذِهِ النَّظْرَةِ إِلَى الثَّروَةِ عَلَى تَقَيُّدِ العَلَاقَاتِ بَينَ النَّاسِ بِالأَحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ.

 

ثانيا: المادة 124: بَيَّنَتْ هَذِهِ الـمَادَّةُ أَنَّ الـمُشْكِلَةَ الاقتِصَادِيَّةَ ذَاتَ شِقَّينِ: أَحَدِهِمَا فَقْرُ الأَفْرَادِ، أَيْ ضَمَانُ أَنْ تَصِلَ ثَرْوَةُ البِلَادِ إِلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الرَّعِيَّةِ بِحَيثُ لَا يُحْرَمُ مِنهَا أَيُّ فَرْدٍ، وَالثَّانِي تَمكِينُ كُلِّ فَرْدٍ فِي الرَّعِيَّةِ مِنْ حِيَازَةِ الثَّروَةِ وَالانتِفَاعِ بِهَا.

 

أَمَّا الشِّقُّ الأَوَّلُ: فَدَلِيلُهُ الآيَاتُ وَالأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ بِشَأْنِ الفَقِيرِ، وَبِشَأْنِ الـمِسْكِينِ، وَبِشَأْنِ ابْنِ السَّبِيلِ, وَهَذِهِ الأَدِلَّةُ جَاءَتْ مِنَ الكَثْرَةِ وَالتَّنوِيعِ بِحَيثُ تُلْفِتُ النَّظَرَ إِلَى أَهَـمِّيَّةِهَذِهِ الـمُشْـكِلَةِ. أَمَّا الآيَاتُ فَقَالَ تَعَالَى: (وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ). (الحج 28) وَقَالَ: (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيرٍ يُوَفَّ إِلَيكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظلَمُونَ (272) لِلفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ). (البقرة 273) وَقَالَ: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرَاءِ وَالـمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيهَا وَالـمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ). (التوبة 60) وَقَـالَ: (مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُربَى وَاليَتَامَى وَالـمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ). (الحشر 7) إِلَى أَنْ يَقُــولَ: (لِلفُقَرَاءِ الـمُهَاجرِينَ). (الحشر 8) وَقَالَ: (إِنْ تُبدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخفُوهَا وَتُؤتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ).(البقرة 271) وَقَالَ: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).(البقرة 184) وَقَالَ: (فَمَنْ لَـمْ يَستَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا).(المجادلة 4) وَقَالَ: (وَيُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا).(الإنسان) وقال: (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَومٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (7) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (8) أَوْ مِسكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ). (البلد 9) وَقَـالَ: (قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيرٍ فَلِلوَالِدَينِ وَالأَقرَبينَ وَاليَتَامَى وَالـمَسَاكِينَ وَابنِ السَّبِيلِ). (البقرة 215) وَقَـالَ: (وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالـمَلَائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الـمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُربَى وَاليَتَامَى وَالـمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ).(البقرة 177) وَقَالَ: (أَو كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ). (المائدة 95) وَقَالَ: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ). (المائدة 89) وَقَالَ: (وَفِي أَمْوَالِـهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالـمَحْرُومِ).(الذاريات) وَقَالَ: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِـهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالـمَحْرُومِ).(المعارج)

 

وَأَمَّا الأَحَادِيثُ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ r : «وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى».(أَخرَجَهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَصَحَّحَهُ أَحمَد شَاكِر). وَقَالَ r فِيمَا يَروِيهِ عَنْ رَبَّهِ: «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ وَهُوَ يَعْلَمُ».(أخرَجَهُ البزَّارُ عَنْ أَنَسٍ بِإِسْنَادٍ حَسَّنَهُ الهيثَمِيُّ وَالـمُنْذِرِيًّ.

 

فَهَذِهِ الآيَاتُ وَالأَحَادِيثُ، وَجَمِيعُ الآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ بِالإِنفَاقِ، وَأَحْكَامِ الصَّدَقَاتِ، وَأَحْكَامِ الزَّكَاةِ، وَتَكْرَارِ الحَثِّ عَلَى إِعَالَةِ الفُقَرَاءِ وَالـمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ أَيْ مَنْ تَحَقَّقَ فِيهِمْ صِفَةُ الفَقْرِ، كُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ الـمُشْكِلَةَ الاقتِصَادِيَّةَ هِيَ فَقْرُ الأَفْرَادِ، أَيْ هِيَ سُوءُ تَوزِيعِ الثَّروَةِ عَلَى الأَفْرَادِ بِحَيثُ يَنتُجُ عَنْ هَذَا التَّوزِيعِ فَقْرُ الأَفْرَادِ، فَتَكُونُ الـمُشْكِلَةُ هِيَ تَوزِيعُ الثَّروَةِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الرَّعِيَّةِ، فَيَجبُ أَنْ يُعَالَـجَ هَذَا التَّوزِيعُ، بِحَيثُ تَصِلُ هَذِهِ الثَّروَةُ لِكُلِّ فَرْدٍ. فَالأَدِلَّةُ جَاءَتْ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّوزِيعَ يَجِبُ أَنْ يُصِيبَ كُلَّ فَرْدٍ، وَلِأَجْلِ أَنْ يُصِيبَ كُلَّ فَرْدٍ يَجِبُ أَنْ يُعَالِـجَ مَنْحُرِمَ مِنهُ، أَيْ أَنْ يُعَالِـجَ الفُقَرَاءَ وَالـمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ، أَيْ مَنْ تَحَقَّقَ فِيهِمْ صِفَةُ الفَقْرِ. وَهَذِهِ هِيَ أَدِلَّةُ الشِّقِّ الأَوَّلِ مِنَ الـمَادَّةِ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالسبت, 22 حزيران/يونيو 2019

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع