السبت، 11 شوال 1445هـ| 2024/04/20م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه (ح4) عمر رضي الله عنه يعلن إسلامه

بسم الله الرحمن الرحيم

 


مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
(ح4) عمر رضي الله عنه يعلن إسلامه

 


الحَمْدُ للهِ مُنْزِلِ الكِتَابْ، وَمُجْرِي السَّحَابْ، وَهَازِمِ الأَحْزَابِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا محمد، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أُولِي الأَلْبَابْ، وَعَلَى وَزِيرَيهِ: أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقْ، مَنْ لِدَعْوَةِ الحَقِّ استَجَابْ، وَالفَارُوقِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابْ، الحَاكِمِ بِالعَدْلِ، وَالنَّاطِقِ بِالصَّوَابْ، ارزُقنَا الَّلهُمَّ خَلِيفَةً مِثْلَهُ، يَخَافُكَ وَيَتَّقِيكَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَتَرْضَى عَنْهُ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابْ، وَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمرَتِهِمْ، بِرَحْمَتِكَ يَا كَرِيمُ يَا وَهَابْ... آمِينَ.


أيها المؤمنون:


مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:


السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"مَنَاقِبُ ثَانِي الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه". وَمَعَ الحَلْقَةِ الرَّابِعَةِ، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "عُمَرُ رضي الله عنه يُعْلِنُ إِسْلَامَهُ". نَقُولُ وَبِاللهِ التَّوفِيقُ:


كُلُّ مَنْ أَسْلَمَ تَقْرِيبًا كَانَ يُخْفِى أَمْرَ إِسْلَامِهِ إِلَّا عُمَرَ وَنَفَرًا قَلِيلًا، وَحَتَّى مَنْ أَعْلَنَ إِسْلَامَهُ لَمْ يُعْلِنْهُ فِي صُورَةِ الـمُوَاجَهَةِ مَعَ سَادَةِ قُرَيشٍ .. إِلَّا عُمَرَ .. فَمَا إِنْ أَسْلَمَ إِلَّا وَكَانَتْ تَجْتَاحُهُ رَغْبَةٌ فِي تَعْوِيضِ مَا قَامَ بِهِ فِي جَاهِلِيَّتِهِ، فَانتَظَر حَتَّى يُصْبِحَ الصَّبَاحُ، ثُمَّ خَرَجَ أَولًا إِلَى بَيتِ أَبِي جَهْلٍ، فَلَمَّا فَتَحَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ البَابَ، فَمَا إِنْ أَطَلَّ حَتَّى رَأَى عَلَى وَجُهِ صَاحِبِهِ مَا يُنْبِئُ بِنَذِيرِ شُؤْمٍ حَتَّى اكْفَهَرَّ وَجْهُهُ مِنَ العُبُوسِ، إِلَّا أَنَّهُ غَالَبَ مَشَاعِرَهُ، وقَالَ لَهُ: مَرْحبًا بِابنِ أُخْتِي - حَيثُ إِنَّ وَالِدَةَ عُمَرَ مِنْ بَنِي مَخزُومٍ - مَا الَّذِي أَتَى بِكَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ؟ فَمَا كَانَ مِنْ عُمَرَ إِلَّا أَنِ ابتَدَرَهُ بِالرَّفْضِ.


لَقَدْ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه حَاسِمًا صَرِيحًا، فَرَدَّ قَائِلًا: أَيَا عَدُوَّ اللهِ .. مَا جئْتُ لِأَدخُلَ، وَلَكِنْ لِأُخْبِرَكَ بِمَا تَكْرَهُهُ، وَتُبغِضُهُ، فَقَدْ آمَنْتُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَصَدَّقْتُ محمدا صلى الله عليه وسلم بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ. وَمَا رَأَيْتُ إِلَّاكَ أَولَى بِمَعْرِفَةِ هَذَا النَّبأ قَبلَ غَيرِكَ مِنْ بَنِي قَومِكَ المشْرِكِينَ، فَأَبْلِغْهُمْ بِمَا عَلِمْتَ، وَحَاذِرِ الكِتْمَانَ. فَصُدِمَ أَبُو جَهْلٍ مِمَّا قَالَهُ عُمَرُ، فَضَرَبَ البَابَ فِي وَجْهِهِ، وَقَالَ: قَبَّحَكَ اللهُ، وَقَبَّحَ مَا جئْتَ بِهِ، فَتَركَهُ عُمَرُ وَانْصَرَفَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ مَعَ كُلِّ سَادَةِ قُرَيشٍ حَتَّى انتَهَى مِنْهُمْ. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنَ السَّعَادَةِ التِي شَعَرَ بِهَا لِتَسَبُّبِهِ فِي غَيظِ كِبَارِ المشرِكِينَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَشْعُرْ بِأَنَّهُ اكْتَفَى بَعْدُ .. كَانَ يُرِيدُ مَزِيدًا مِنَ الموَاجَهَةِ رضي الله عنه .. كَانَ عِزًا لِلإِسلَامِ وَالمسْلِمِينَ بِحَقٍّ .. ذَهَبَ عُمَرُ إِلَى جَمِيلِ بنِ مُعَمَّر، وَكَانَ أَنْقَلَ أَهْلِ مِكَّةَ لِلْحَدِيثِ، فَمَا يَكَادُ الرَّجُلُ يَسْتَمِعُ إِلَى حَدِيثٍ حَتَّى يَنْشُرَهُ بَينَ النَّاسِ، فَاقتَرَبَ مِنهُ عُمَرُ وَقَالَ: "يَا جَمِيلُ .. أَأَكْتُمَكَ خَبَرًا، وَلَا تُحَدِّثْ بِهِ أَحَدًا؟". فَقَالَ جَمِيلُ: "نَعَمْ يَا عُمَرُ". قَالَ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ محمدا رَسُولُ اللهِ"، فَمَا إِنْ سَمِعَ جَمِيلُ الخَبَرَ إِلَّا وَانْطَلَقَ دُونَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيهِ .. حَتَّى مَا انتَظَرَ أَنْ يَتَأَكَّدَ مِنْ عُمَرَ، فَهُوَ يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ عُمَرَ لَا يَكْذِبُ، فَأَسْرَعَ إِلَى الكَعْبَةِ - وَعُمَرُ خَلْفَهُ - وَوَقَفَ أَمَامَهَا مُنَادِيًا بِأَعْلَى صَوتِهِ: يَا قَومُ، صَبَأَ عُمَرُ، فَمَا إِنْ سَمِعَهُ عُمَرُ حَتَّى ضَرَبَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، وَقَالَ: كَذَبْتَ .. بَلْ قُلْ: "أَسْلَمَ عُمَرُ".


فَوَقَفَ عُمَرُ رضي الله عنه مَكَانَ جَمِيل، وَصَاحَ فِي النَّاسِ: أَيُّهَا النَّاسُ .. اعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَآمَنْتُ بِاللهِ، وَصَدَّقْتُ رَسُولَهُ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ مَا قَالَهُ هَجَمُوا عَلَيهِ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى رَكَدَتِ الشَّمْسُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ - أَيْ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى المسَاءِ تَقْرِيبًا - وَكُلَّمَا تَعِبَ عُمَرُ مِنْ قِتَالِهِمْ أَمْسَكَ بِزَعِيمٍ لَهُمْ، وَوَضَعَ إِصبَعَيهِ عَلَى عَينَيهِ قَائِلًا لَهُ: أَفقَأُ عَينَيكَ إِنْ لَم تُبْعِدْهُمْ عَنِّي! عَشَرَاتُ الرِّجَالِ تُقَاتِلُ عُمَرَ وَحْدَهُ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى المسَاءِ حَتَّى أُنهِكَ تَمامًا، فَجَلَس عَلَى الأَرضِ قَائِلًا: "افعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ .. فَوَ اللهِ لَو كُنَّا ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ لَقَدْ تَركْتُمُوهَا لَنَا أَوْ تَركْنَاهَا لَكُمْ" - يِقْصِدُ مَكَّةَ -.


وَبَينَمَا عُمَرُ فِي تِلْكَ الحَالَةِ مِنَ الإِرْهَاقِ مَرَّ بِالنَّاسِ العَاصُ بنُ وَائِل أَحَدُ سَادَاتِ قُرَيشٍ، فَوَجَدَ مَا وَجَدَ، فَلَمَّا قَالُوا لَهُ: إِنَّ ابنَ الخَطَّابِ صَبَأَ، قَالَ: فَمَهْ - أَيْ وَمَاذَا فِي ذَلِكَ؟ - امْرُؤٌ اختَارَ دِينًا لِنَفْسِهِ .. أَتَظُنُّونَ أَنَّ بَنِي عَدِيٍّ تُسْلِمُ إِلَيكُمْ صَاحِبَهُمْ؟ فَمَا إِنْ قَالَ الرَّجُلُ مَقَالَتَهُ حَتَّى انفَضُّوا عَنْ عُمَرَ.. كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه مُقَاتِلاً شُجَاعًا، لَا يُدَاهِنُ أَحَدًا، بَدَأَ يَومَهُ الأَوَّلَ فِي الإِسلَامِ بِجِهَادٍـ، وَسَيَسْتَمِرُ ذَلِكَ الجِهَادُ حَتَّى وَفَاتِهِ رضي الله عنه ..


أيها المؤمنون:


نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 


كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ: محمد أحمد النادي

 

آخر تعديل علىالجمعة, 16 نيسان/ابريل 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع