الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
نظام التعليم الباكستاني الفاسد يدمر مستقبل أبنائه

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

نظام التعليم الباكستاني الفاسد يدمر مستقبل أبنائه

 

(مترجم)

 

تعاني جودة التعليم في باكستان من التدهور والانحدار بشكل مستمر. فعدد طلاب المدارس الابتدائية الذين لا يستطيعون القراءة والكتابة يبلغ تقريبًا النصف. ورداءة جودة نظام التعليم هي أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى الفشل في مكافحة الفقر، وهي تعكس خيانة الحكام للأمانة تحت شعار ما يسمى أجندتهم القومية. فتقارير مؤسسة "ألف إعلان" الخاصة بترتيب المناطق التعليمية الباكستانية لعام 2015، والحالة السنوية لتقرير التعليم لعام 2014، ومكتب الإحصاء الباكستاني، ومقياس مستوى الحياة الاجتماعية والمعيشة في باكستان 2012 - 2013، وأكاديمية التخطيط التربوي وإدارة ونظام إدارة معلومات التعليم الوطني 2013 - 2014، إن كل تقارير هذه المؤسسات تقدم صورة قاتمة حتى في أكثر المدن تحضرًا حيث يدعي البعض أن هناك ما يسمى تعليمًا جيدًا، والذي يفترض أن يكون ممتازًا. فتبلغ نسبة الطلاب غير القادرين على قراءة وكتابة جمل بسيطة في مثل هذه المدن على النحو التالي: نحو 41 في المئة في لاهور، و45 في المئة في كراتشي، و50 في المئة في إسلام آباد، و30 في المئة من طلاب المرحلة الابتدائية في روالبندي. ووفقًا لتقرير في عام 2016 تتوفر فقط في 52٪ من المدارس في باكستان، الذي يبلغ عددها 154144 مدرسة، العناصر الأساسية الأربعة للبنية التحتية - الجدران والكهرباء والمياه والمراحيض - بينما لا تملك 11٪ من المدارس أيًا من المرافق الأساسية الأربعة.

 

إن انخفاض مستوى الاستثمار العام بشكل كبير هو السبب الرئيسي لضعف أداء قطاع التعليم في باكستان. فقد فشلت الحكومة في باكستان، منذ نشأتها، في إدراك أهمية هذه القضية. وقد ثبت أن كل ما يسمى الجهود على مدى السنوات الـ 70 الماضية أنها جهود عقيمة، وهذا الفشل يشير إلى فساد أساس النظام العلماني الرأسمالي الباكستاني. وقد عُقد مؤتمر التعليم الأول في كراتشي ومن ثم دعا إليه الحاكم الجنرال محمد علي جنة. وعلى الرغم من أنه أعلن عن عدد من السياسات وشكل العديد من اللجان، إلا أنه قد فشل، وألقُي باللوم على عدد المهاجرين والمشاكل الإدارية الأخرى التي تعاني منها البلاد حديثة النشأة في ذلك الوقت، وقد واصل النظام الذي وضعه الاستعمار البريطاني في حكم البلاد. ومنذ ذلك الوقت تم الإعلان عن عدد من السياسات، إلا أنها قد فشلت في تحقيق وعودها. فقد تم الإعلان عن سياسات في هذا الشأن في عام 1959، 1970، 1972، 1979، 1992، 1998 و2009، إلا أن هذه السياسات قد طبقت نفس الحلول ولكن من خلال إعادة صياغتها بكلمات مختلفة وحمّلت الأوضاع السياسية المختلفة مسؤولية الفشل السابق. وقد نصت المادة (25A) التي تم إقرارها في عام 2010 بما يلي: "توفر الدولة التعليم المجاني والإلزامي لجميع الأطفال من سن 5-16 سنة بطريقة يحددها القانون"، إلا أن هذا ما زال حلمًا!

 

وفي الإسلام، لا يعتبر التعليم فقط حقًا يتوجب على الدولة توفيره لجميع من يحمل تابعيتها - ذكورًا وإناثًا مسلمين وغير مسلمين - ولكن طلب العلم هو أيضًا واجب على كل مؤمن ومؤمنة، فقد روى أنس بن مالك أن النبي e قال: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ».

 

والمفارقة هي أن إنفاق باكستان على تنمية التعليم قد بلغ في ميزانيتها لعام 2015 – 2016، 969039 مليون روبية، وهو ما يعادل 2.3٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي، بينما قد أقرت ميزانية أفغانستان المنكوبة بالحروب 4٪، والهند 7٪، وتنفق رواندا 9٪ من الناتج المحلي الإجمالي على التعليم.

 

إن وجود عدة أنظمة تعليم في البلاد يشكل دليلًا مهماً على أن الحكومة لا تكترث بتقديم نفس جودة التعليم وطبيعته لجميع رعاياها. وعلاوة على ذلك، فإن المدارس العامة والخاصة والإسلامية تعمل في ثلاثة اتجاهات مختلفة وتبني ثلاث عقليات مختلفة، مما يجعل الناس يفكرون بناء على أفكار ومفاهيم وعقليات مختلفة. فقصص المدارس العامة تشكل قصص رعب نتيجة النقص الحاد في المرافق، والمناهج التي عفا عليها الزمن، وسوء الإدارة. فقد أبرزت ورقة عمل حول التعليم من إصدار مؤسسة "يو أس أيد" في عام 2011 أن حوالي 37٪ من المدارس الحكومية في باكستان لا تتوفر فيها مراحيض، وأن 85٪ منها لا تتوفر فيها الكهرباء وأن نحو 50٪ من هذه المدارس في المناطق الريفية تفتقر إلى مياه الشرب النظيفة. ووفقًا للبيانات التي نشرتها منظمة اليونسكو، فإن أكثر الفصول الدراسية ازدحامًا في دول جنوب آسيا موجودة في باكستان وتبلغ نسبة أعداد الطلبة إلى أعداد المعلمين فيها نحو 500 طالب لكل ثلاثة معلمين. فهذه الإحصائيات تبين بوضوح كيف جرى إهمال قطاع التعليم، ومن الواضح أن الحكام لا يكترثون إطلاقًا تجاه مسؤولياتهم لأن العمى قد أصابهم عندما باعوا نفوسهم لأعداء الله. يقول الرسول e: «مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» [رواه البخاري].

 

وعلاوة على ذلك، فإن السلطات تستخدم قطاع التعليم لنهب الأموال بأكثر الطرق بشاعة - مثل المدارس الوهمية، والتي تؤثر في الغالب على المناطق الواقعة في إقليمي السند وبلوشستان. فقد كشف وزير التعليم في بلوشستان، عبد الرحيم زياراتوال، عن واقع مخيف خلال جلسة جمعية بلوشستان، فقال: "تم الكشف عن 900 مدرسة وهمية وقد تسجل فيها 300000 طالب وهمي، ومن بين 60000 معلم مسجل، يوجد 15000 معلم غير معروف". لقد دُفعت رواتب هؤلاء المعلمين "غير المعروفين" من أموال دافعي الضرائب وهم عادة من أصحاب العلاقات مع السياسيين المحليين، بينما يعمل الطلاب المسجلون الوهميون في هذه المدارس كعمال في حقول هؤلاء الإقطاعيين. فحجم المال الذي يتم كسبه من خلال وسائل الاحتيال هذه ضخم جدًا.

 

وبالإضافة إلى ذلك، فإن المدارس الإسلامية، وسيلة أخرى للتعليم، أصبحت تواجه غضب الحكومة بعد 9/11. وفي خطة العمل الوطنية التي بدأت في كانون الثاني/يناير عام 2015، نص البندان 10 و18 على عزم الدولة تسجيل وتنظيم المدارس الإسلامية، والقضاء على ما يسمى (الإرهاب الطائفي). إلا أن الإجراء الوحيد التي اتخذته الحكومة بحق المدارس الإسلامية كان لتحقيق مصلحة سيدتها أمريكا عن طريق علمنة التعليم. في المقابل، فإن الحكومة لا تهتم على الإطلاق بنوعية ومستوى التعليم في المدارس الإسلامية والتي تشكل المصدر الوحيد للحصول على شيء من التعليم المجاني في باكستان بالنسبة للكثيرين.

 

وشيء آخر يؤثر على التعليم وهو نظام الامتحانات. فبدلًا من استخدام تقنيات كمية ونوعية للحكم على قدرات الطلاب، يجري الاعتماد في التعليم على تقنية عقيمة وهي الحفظ عن ظهر قلب. وتستخدم هذه التقنية في نظام الثانوية العامة، والسبب الوحيد لاختيارها هو أنها رخيصة وفي متناول الناس. وعلاوة على ذلك، فالتفكير العقلاني، الذي كان في السابق السمة المميزة للحضارة الإسلامية وكذلك العقول اللامعة لهذه الأمة، قد ذهب وجرى التخلي عنه.

 

وهذه العقول إما قد تمت التضحية بها على مذبح النظام التعليمي غير الموجود تقريبًا، أو أنه قد جرى انتزاعها من البلاد على شكل "هجرة الأدمغة". فالجامعات الأجنبية تتصيد فعليًا العقول اللامعة من باكستان بالتعاون مع المدارس الخاصة - لاستغلالها لصالح الدول الغربية وليس لصالح أهل باكستان أو بقية العالم الإسلامي.

 

أما بالنسبة لمدارس القطاع الخاص، فهي تتبع المنهاج الذي وضعته الحكومة ولكن مستوياتها الدراسية تتفاوت. فعلى سبيل المثال، تقوم مدارس النخبة الخاصة بإعداد طلابها للامتحانات الخارجية بينما تقوم غيرها من المدارس الخاصة بإعداد طلابها لامتحانات المجلس المحلي. ومدارس النخبة تتقاضى أموالًا أكثر بكثير من الخدمات التي تقدمها، ولكن إذا تمكن ولي الأمر من تحملها، فسيختارها ليوفر لأبنائه تعليمًا ذا جودة نوعًا ما. وحتى بعد إنفاق كل هذه الأموال يحتاج معظم أولياء الأمور إلى استخدام معلم خاص أو يقومون بإرسال أطفالهم إلى الأكاديميات التي ستضاعف كمية الوقت والأموال التي تنفق على التعليم. ومعدل دخل الفرد في باكستان يبلغ نحو 1513 دولارًا في السنة، بينما يبلغ معدل رسوم المدارس الخاصة ذات الترتيب العالي حوالي 2800 دولار في السنة حتى الصفوف المتوسطة، وبعد ذلك يصل إلى حوالي 5200 دولار للمدارس الثانوية. وعلاوة على ذلك، فإن تكلفة امتحانات "شهادة التعليم العامة" بمستوياتها المختلفة تعتبر منفصلة عن تكلفة التسجيل الإجمالية في هذه المدارس. وهذا التعليم يكفي فقط لمساعدتهم في الحصول على بعض المعلومات التي تتعلق بالمواد العلمية، ولكنه لا يمدهم بأي علم عن الحياة الآخرة وفرائض الإسلام لأنهم يفتقرون فعلًا للتعليم الصحيح للإسلام.

لقد صممت القوى الاستعمارية نظام التعليم للشعوب التي تحتلها لتغيير عقلياتها وعلمنتها. وهذا النظام الفاسد هو السبب الجذري لجميع مشاكل التعليم في بلادنا. إن الهدف من التعليم عند جميع الأمم هو تعلم كل التطورات الجديدة في العالم ولتحقيق النهضة ورفع مكانتها على مستوى العالم. فالإسلام يشجع دراسة العلوم وبناء المهارات والمعارف المتعلقة بالتطورات الجديدة، ولكنه يربط ذلك كله بالعقيدة الإسلامية. فهدف الإسلام من التعليم هو بناء الشخصية الإسلامية وتزويد الناس بالمعرفة المتعلقة بكافة شؤون الحياة. فجرى بناء أساليب التعليم لتحقيق هذا الهدف، ويمنع أي أسلوب يؤدي إلى أهداف أخرى. والتاريخ الإسلامي مليء بالتطور العلمي والديني والفلسفي والثقافي، وكان السبب في ذلك هو صدق حكام المسلمين في خدمة الإسلام. إنه من المؤسف أن تُصنف باكستان في المرتبة 131 من أصل 141 دولة في تقرير 2015 لمؤشر الابتكار العالمي - الذي يقيس تأثير السياسات الموجه نحو الابتكار في مجالات النمو الاقتصادي والتنمية. وقد أعلنت وزارة العلوم والتكنولوجيا في تقرير عند سؤال الجمعية الوطنية أن أسباب التصنيف المتأخر للبلاد هي:

 

  1. انخفاض نسبة الناتج المحلي الإجمالي للعلوم والتنمية.
  2. تدني معايير تعليم العلوم في مؤسساتنا التعليمية.

كما أنه لم يتم إعطاء اللغة العربية الاهتمام الذي يجب أن تحظى به ويليق بها، وهو ما أدى إلى إبعاد الشباب المسلم عن فهم القرآن، وتجاهلوا حقيقة أنها لم تكن فقط لغة الدين، بل كانت أيضًا لغة تربط المسلمين في كل مكان. فالمؤلفات العلمية في عصر الإسلام الذهبي تبدأ عادة بالآيات القرآنية التي تشجع طلبة العلم، وتدعو المسلمين للتفكير في العالم من حولهم. ولكن حكام باكستان المتعاقبين قد انتزعوا هذه المعرفة والعزة من الشباب المسلم. وتمضي هذه العقول الشابة زهرة حياتهم في رؤية آبائهم يكافحون من أجل تلبية احتياجاتهم وتوفير التعليم لهم؛ حتى إن هذا التعليم ليس تعليمًا جيدًا بما يكفي ليمكنهم من الحصول على وظيفة جيدة؛ التعليم الذي تلقوه في كثير من الأحيان على حساب طاعتهم لله سبحانه وتعالى.

 

 

ويجب علينا أن ندرك أن الحل والعلاج لكل هذا يكمن في تطبيق نظام تعليمي إسلامي في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وقد وضع حزب التحرير شرحًا تفصيليًا وشاملًا لهذا النظام التعليمي الإسلامي في مشروع دستوره لدولة الخلافة، الذي جاء في كتاب بعنوان "أسس التعليم المنهجي في دولة الخلافة" وفي غيره من الإصدارات. وهذا النظام الإسلامي هو الوحيد الذي يستطيع علاج كافة المشاكل التي يواجهها شباب اليوم لأنه يستند إلى أحكام الله سبحانه وتعالى وهو وحده القادر على تلبية احتياجات الشباب المسلم؛ الشباب الذين قد جرى تضليلهم عن قصد، وطُلب منهم اتباع الطرق المعوجة التي لن تجلب لحياتهم سوى المزيد من الضنك، وبالتأكيد لن تساعدهم في الآخرة.

 

فدولة الخلافة على منهاج النبوة وحدها التي ستضمن تطبيق هذا النظام تطبيقًا حقيقيًا. وعندها فقط سنتمكن من إدراك القوة الحقيقية للعلوم والمعارف. وستطبق وتعلم الإدراك الفكري الذي يهدف إلى قولبة الشباب المسلم في شخصيات إسلامية منتجة لنشر نور الإسلام في جميع أنحاء العالم، والتي ستسيطر على جميع مجالات المعرفة على مستوى العالم، وهذا بالتأكيد سيمهد الطريق نحو الجنة؛ غاية كل مسلم. قال رسول الله e: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ»

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إخلاق جيهان

 

 

المراجع:

 

http://ibt.edu.pk/qec/jbs/3.1/5.%20Education%20in%20Pakistan-The%20Key%20Issues,%20Problems%20and%20The%20New%20Challenges.pdf

http://www.alifailaan.pk/district_rankings

http://www.finance.gov.pk/budget/abs_2016_17.pdf

http://blogs.tribune.com.pk/story/10394/crowded-classroms-three-teachers-for-500-students/ http://www.dawn.com/news/1257273

http://tribune.com.pk/story/889024/per-capita-income-a-pakistani-now-makes-1513-a-year/

http://tribune.com.pk/story/1107409/no-record-15000-teachers-900-ghost-schools-balochistan-minister/

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع