Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • 2 تعليقات

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

إلى من يشككون بالسُنَّة أو يقولون: يكفينا كتاب الله!!

 


يقولون ذلك بحجة أن القرآن تبيانٌ لكل شيء فيتركون السنَّة؟!، فهل القرآن تبيان لكل شيء بحسب فهمهم هذا؟!


إن الذين يشككون بالسنة ويقولون يكفينا كتاب الله جعلوا القرآن لا يبيِّن شيئاً، ستقولون كيف ذلك؟!

 


سأبين لكم: فمثلاً، حينما نقول لهم هاتوا من القرآن ما يبين عدد الصلوات أو كيفية الحج والزكاة والصيام والزواج والعقوبات والمعاملات وكثيراً من الأحكام والمعتقدات التي لم يفصلها القرآن نجدهم لا يستطيعون لذلك سبيلاً؟!


فالقرآن قطعا لم يأت فيه تفصيل كل شيء من أمور الرسالة والتشريع حسب هذا الفهم السقيم الذي يفهمونه حين يكتفون بالقرآن ويتركون السنة.


أما الفهم الصحيح الذي يجعل القرآن فيه تفصيل كل شيء وتبيان كل شيء فهو بفهم دل عليه القرآن نفسه وأمر به، فهو لا يضرب بعضه بعضاً ولا يجوز فهمه بما يجعله كذلك.


اقرأ معي هنا ما ورد في كتاب الشخصية الجزء الأول للشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله - والكتاب من متبنيات حزب التحرير - حيث جاء في موضوع "السنة دليل شرعي كالقرآن" ما يلي: (السنّة دليل شرعي كالقرآن، وهي وحي من الله تعالى. والاقتصار على القرآن وترك السنة كفر صراح، وهو رأي الخارجين على الإسلام. أما أن السنّة وحيٌ من الله تعالى فهو صريح في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ وقال: ﴿إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ وقال: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ وقال: ﴿إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي﴾ وقال: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾. فهذه الآيات قطعية الثبوت قطعية الدلالة في حصر ما يأتي به الرسول e وما ينذر به وما ينطق به بأنه صادر عن الوحي ولا تحتمل أي تأويل، فالسنة وحي كالقرآن. وأما أن السنة واجبة الاتّباع كالقرآن الكريم، فهو صريح في القرآن أيضاً، قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ وقال: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ وقال ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وقال: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ وقال: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ وقال: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ وقال: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾. فهذا كله صريح واضح في وجوب اتباع الرسول e فيما يأتي به. وفي اعتبار طاعته طاعة لله تعالى.


فالقرآن والحديث من حيث وجوب اتباع ما جاء فيهما دليلان شرعيان، والحديث كالقرآن في هذا الموضوع. ولهذا لا يجوز أن يقال عندنا كتاب الله نأخذ به، لأن ذلك يفهم منه ترك السنة. بل لا بد من أن تقرن السنة بالكتاب فيؤخذ الحديث دليلا شرعيا كما يؤخذ القرآن، ولا يجوز أن يصدر من المسلم ما يشعر بأنه يكتفي بالقرآن دون الحديث. وقد نبّه الرسول e إلى ذلك. فقد ورد أن النبي e قال «يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئاً عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ أَلاَّ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ» أخرجه ابن ماجه عن المقدام بن معد يكرب الكندي. وقال في رواية عن جابر مرفوعة «من بلغه عني حديث فكذب به فقد كذب ثلاثة: الله ورسوله والذي حدثه». ومن هنا كان من الخطأ أن يقال نقيس القرآن بالحديث، وإن لم يطابقه تركناه، لأن ذلك يؤدي إلى ترك الحديث إن جاء مخصصا للقرآن أو مقيدا له، أو مفسرا لمجمله. إذ يظهر أن ما جاء به الحديث لا يطابق القرآن، أو ليس موجودا في القرآن، وذلك كالأحاديث التي جاءت تلحق الفروع بالأصل. فإن ما جاء فيها بالحديث من أحكام لم يأت بالقرآن، لا سيما وأن كثيرا من الأحكام المفصلة لم تأت بالقرآن وجاء بها الحديث وحده، ولهذا لا يقاس الحديث على القرآن، فيقبل ما جاء به ويرفض ما عداه. بل الأمر في ذلك أنه إذا جاء حديث مناقض لما جاء في القرآن قطعي المعنى، فإنه يكون الحديث مردودا دراية أي متناً، لأن معناه ناقض القرآن. وذلك مثل ما روي عن فاطمة بنت قيس أنها قالت (طلقني زوجي ثلاثا على عهد رسول الله e فأتيت النبي e فلم يجعل لي سكنا ولا نفقة)، فهذا الحديث مردود لأنه يناقض القرآن فهو يعارض قوله تعالى ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ فيرد حينئذ الحديث لأنه عارض القرآن القطعي الثبوت القطعي الدلالة. أما إذا لم يعارض الحديث القرآن بأن اشتمل على أشياء لم يأت بها القرآن أو زيادة عما في القرآن فإنه يؤخذ في الحديث ويؤخذ بالقرآن. ولا يقال نكتفي بالقرآن وبما ورد في القرآن، لأن الله أمر بهما معا والاعتقاد واجب فيهما معا.) انتهى


وإن كنت تريد الاستزادة أيها القارئ الكريم فهاك التبيان الواضح من الكتاب نفسه في موضوع "حاجة الأمة اليوم إلى مفسرين"، حيث جاء ما نصه: (أمّا واقعه - يقصد واقع القرآن - من حيث المعاني الشرعية كالصلاة والصيام، والأحكام الشرعية كتحريم الربا، وحل البيع، والأفكار التي لها واقع شرعي كالملائكة والشياطين، فإن الثابت أن القرآن جاء في كثير من آياته مجملاً، وجاء الرسول e وفصَّله، وعامّاً وجاء الرسول e وخصصه. ومطلقاً وجاء الرسول e وقيَّده. وبيَّن الله فيه أن الرسول e هو الذي يبينه، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾. فالقرآن من هذه الجهة يحتاج فهمه إلى الاطلاع على ما بيَّنه الرسول e من معاني مفردات القرآن وتراكيبه، سواء كان هذا البيان تخصيصاً، أم تقييداً، أم تفصيلاً، أم غير ذلك. ولهذا كان لا بد لفهم القرآن من الاطلاع على السنة المتعلِّقة بالقرآن، أي على السنّة مطلقاً، لأنها بيان للقرآن، حتى يعرف من هذه السنة ما في القرآن من معانٍ وأحكام وأفكار. ولهذا كان الاقتصار على فهم القرآن من حيث هو فهماً كاملاً لا يكفي فيه الاقتصار على اللغة العربية، بل لا بد أن يكون مع معرفة اللغة العربية معرفة السنّة، وإن كانت اللغة العربية وحدها هي التي يُرجع إليها لفهم مدلولات المفردات والتراكيب، من حيث ألفاظها وعباراتها. ولكن لفهم القرآن كله لا بد من جعل السنّة واللغة العربية أمرين حتميين، وحتمي أن يسيرا معاً لفهم القرآن، وأن يتوفرا لمن يريد أن يفسر القرآن. وأن يُجعلا الواسطة لفهمه وتفسيره.) انتهى


هكذا بهذا الفهم يكون القرآن تبياناً لكل شيء من أمور الرسالة وما يتعلق بها، أما بالفهم السابق - فهم من يشككون بالسنة - فإنهم بفهمهم هذا يشككون بالقرآن ويجعلونه لا يبين شيئاً، وما يحتج به هؤلاء بقولهم نعرض السنة على القرآن لا معنى له ولا دليل عليه، بل على العكس فالدليل من القرآن يحثنا على اتباع الرسول في كل أمر من أمور الرسالة والتشريع. إن وظيفة الرسول e عند هؤلاء الضالين المضلين لا تعدو مجرد حمل رسالةٍ للبشر دون إفهامهم إياها؟!! تباً له من فهم أعمى؟!


ولعل هذا ما يجعل كثيراً منهم لا يعظمون رسول الله حق تعظيمه، ولو سألناهم ما الذي قاله رسول الله (كرجل عظيم - على الأقل - وهو أعظم الخلق e)؟!!، أم أن العظماء لا ينطقون ولا يخلدون أقوالا عظيمة؟! ثم هل العظماء يكذبون أيها التافهون المفترون؟!!


إن النبي محمداً e لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وهو عليه الصلاة والسلام إنما ينذر بالوحي، والوحي كتابٌ وسنة، ولا زلت أنقل لكم من كتاب الشخصية الجزء الأول ليكون الفهم مكتملا وسديدا ومن موضوع "السنة دليل شرعي كالقرآن" بتصرف يسير حيث جاء فيه: (وقد ورد الدليل الشرعي القطعي الدلالة على أن تبليغه - عليه الصلاة والسلام - الرسالة في كلياتها وجزئياتها إنما كان عن الوحي، وما كان الرسول e يبلغ الأحكام إلا عن الوحي. قال تعالى في سورة الأنبياء: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ أي قل لهم يا محمد إنما أنذركم بالوحي الذي أُنزل علي، أي أن إنذاري لكم محصور بالوحي. وقال تعالى في سورة النجم: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ وكلمة ما ينطق من صيغ العموم فيشمل القرآن والسنة، ولا يوجد ما يخصصها بالقرآن لا من الكتاب ولا من السنة، فتبقى على عمومها، أي أن جميع ما ينطقه من التشريع وحي يوحى. ولا يصح أن تخصص بأن ما ينطقه من القرآن فقط، بل يجب أن تبقى عامة شاملة للقرآن والحديث.


وأما تخصيصها فيما يبلغه عن الله من تشريع وغيره من الأحكام والعقائد والأفكار والقصص، وعدم شمولها للأساليب والوسائل وأمور الدنيا، من أعمال الزراعة والصناعة والعلوم وما شاكلها، فإنه قد حصل هذا التخصيص بأمرين: الأول نصوص أخرى جاءت مخصصة لها في التشريع. فإن الرسول e قال في موضوع تأبير النخل «أنتم أدرى بأمور دنياكم»، وقال لهم في معركة بدر عن مكان النزول حين سألوه هل هذا وحي من الله أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال «هو الرأي والحرب والمكيدة». فهذه النصوص خصصت الوحي في غير أمور الدنيا وفي غير ما هو من قبيل الحرب والرأي والمكيدة. وأما الأمر الثاني الذي خصص الوحي بالتشريع والعقائد والأحكام وغير ذلك، فإنه واضح من موضوع البحث. ذلك أنه رسول والبحث فيما أُرسل به لا في غير ذلك، فكان موضوع الكلام هو المخصص، وصيغة العموم تبقى عامة، ولكن في الموضوع الذي جاءت به ولا تضم جميع المواضيع. نعم العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، إلا أن المراد بالسبب هو الحادثة التي نزل بسببها القرآن، فالموضوع ليس خاصاً بها بل هو عام لجميع الحوادث ولكن في موضوع الكلام لا في جميع المواضيع. وموضوع بحث الوحي هو الإنذار أي التشريع والأحكام، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ وقال في سورة ص: ﴿إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ فإنها تبين أن المراد هو ما أتى به من العقائد والأحكام وكل ما أمر بتبليغه والإنذار به. ولذلك لا تشمل استعمال الأساليب أو أفعاله الجبلّية التي تكون من جبلة الإنسان أي من طبيعة خِلقته، كالمشي والنطق والأكل الخ.... وتختص بما يتعلق بالعقائد والأحكام الشرعية لا بالأساليب والوسائل وما شابهها مما لا يدخل تحت العقائد والأحكام. وعلى ذلك فكل ما جاء به الرسول e مما أمر بتبليغه من كل ما يتعلق بأفعال العباد والأفكار هو وحي من الله. ويشمل الوحي أقوال الرسول وأفعاله وسكوته، لأننا مأمورون باتباعه. قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ وقال ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾. فكلام الرسول e وفعله وسكوته دليل شرعي. وهي كلها وحي من الله تعالى.) انتهى


إن القول بأن كتاب الله تبيانٌ لكل شي في غير موضوع الرسالة لا يستقيم مع موضوع القرآن والرسالة فالقرآن ليس كتاب علوم ونظريات ومنطق وغيره بل هو كتاب هدى ورحمة وفيه تبيان للأحكام والتعبد والعقائد، ولا يجوز تفسيره أو تأويله في ضوء النظريات الطبيعية والفيزيائية بل يقتصر على فهمه في ضوء اللغة والسنة فقط، وما ذكر فيه من حقائق علمية إنما جاء ذكرها للتأكيد على علم الله وقدرته وعظمته، فقوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ فالمراد منه لكل شيء من التكاليف والتعبّد وما يتعلق بذلك، بدليل نص الآية. فإنها متعلقة في موضوع التكاليف التي بلَّغها الرسل للناس، ونص الآية هو ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاَءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ فكون الله جاء بالرسول شهيداً على أمته معناها شهيداً عليها بما بلَّغها، وكونه نزّل القرآن ليبين كل شيء، ويكون هدى ويكون رحمة ويكون بشرى للمسلمين، يحتِّم أن الشيء ليس على الطبيعة ولا المنطق ولا الجغرافيا ولا غير ذلك، بل هو شيء يتعلق بالرسالة، فهو أي الكتاب تبيان للأحكام والتعبد والعقائد، وهدى يهدي الناس، ورحمة لهم ينقذهم من الضلال، وبشرى للمسلمين بالجنة ورضوان الله، ولا علاقة لغير الدين وتكاليفه بشيء من ذلك. فتعيَّن أن يكون معنى ﴿تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾: أي من أمور الإسلام. وقوله ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ جاءت صريحة بأنها علم الله، إذ الآية كلها تقول ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ على غرار قوله ﴿لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا﴾ بدليل الآية الثانية التي جاءت في نفس السورة - سورة الأنعام - وهي ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ﴾ فقد جاءت الآية ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَماَ تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ فهذا كله يدل على أنه ليس المراد في هذه الآية من كلمة الكتاب القرآن، بل المراد اللوح المحفوظ وهو كناية عن علم الله. وإذن لا دلالة في الآية على أن القرآن يحوي العلوم وأمثالها. فيكون القرآن خالياً من بحث العلوم، لأن مفرداته وتراكيبه لا تدل عليها، ولأن الرسول e لم يبينها، فلا علاقة لها به.


في الأخير أسأل الله أن أكون قد وفقت في الفهم والنقل لدحر كل من يرمي الإسلام والوحي بالبهتان والنقص محاولا إفراغ الإسلام من وظيفته في الحياة على مستوى الفرد والدولة والمجتمع، فالإسلام عقيدة ونظام حياة لا بد له من دولة توجده عمليا في الواقع، فإلى العمل لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ندعوكم أيها المسلمون.


وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين


ووفقنا اللهم لاتباع كتابك وسنة نبيك والعمل لإعزاز دينك.

 


كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير


عبد المؤمن الزيلعي


رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.