Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

المولد النبوي الشريف

 

حق علينا أن نحتفل برسول الله e فهو قدوتنا ومثلنا الأعلى، وهو شفيعنا وهو رسول الله e، وكفى فخرا وعزا أنه رسول الله وخاتم النبيين...

 

أيها المسلمون! ألا نتذكر رسول الله e إلا في يوم مولده؟ أليس من الدين أن لا يفارقنا ولا نفارقه أبدا باتباع سنته، وتطبيق شرع الله الذي جاءنا به، وأن الأولى والأهم والمطلوب طاعة الله وطاعة رسوله e قبل الاحتفال بمولده؟!

 

سيدنا محمد e أنشأ أمة، وأقام دولة، ونشر الإسلام وجاهد في سبيل الله وأخرج الناس من الظلمات إلى النور، وهو قائدنا ومعلمنا ورسولنا ونبينا وهادينا وأرحم بنا من والدينا وولدنا وأهلنا والناس أجمعين، e تسليما كثيرا ما طلعت الشمس وغاب القمر وهطل المطر وغرد الطير والعصفور وتحرك الشجر، واخضرت الأرض وصلى الجن والبشر...

 

الاحتفال بمولد رسول الله e يكاد يكون خديعة ومكرا وتدليسا وتلبيسا على المسلمين، فشرع الله معطل ولا طاعة لله ولرسوله، وبلاد المسلمين مقسمة ومحتلة، ولا تحكم بشرع الله، وحكام بلاد المسلمين يتولون الكفار ويظلمون ويبطشون ويستبدون بالمسلمين، ودماء المسلمين وبلادهم وأموالهم مستباحة، فأين دواعي الاحتفال؟ أين طاعة الله وطاعة رسوله e واتباع سنته ونهجه؟!

قال الله تبارك وتعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ [الأحزاب: 33].

 

لقد أمرنا الله تبارك وتعالى بالتأسي برسول الله e، وهو قدوتنا ومثلنا الأعلى في جميع مناحي الحياة، وخصوصا بالتكاليف الشرعية وإخلاص التوجه لله والعمل الصالح وطاعة الله وطاعة رسوله وتنفيذ أمرهما والانتهاء عن نهيهما.

 

 لكم أيها المسلمون في رسول الله e القدوة الحسنة والمثل الأعلى ما آمنتم بالله ورسوله e، واتبعتم رسول الله ولم تخالفوا أمره ونهيه وأقمتم ما جاء به من الحق، تلتزمون به وتنظمون شؤون حياتكم بشرع الله فيتحقق العدل والإنصاف بينكم، وتؤمنون بالله واليوم الآخر وتلتزمون بهديه وتتبعون سنته وسبيله وتذكرون الله كثيرا، في الخوف والأمن والرجاء والشدة والرخاء، فلا تضيعوا أنفسكم واحذروا ما أنتم فيه من إثم وعصيان ومخالفة الله ورسوله باستبدال أنظمة الكفر بالشريعة الإسلامية.

 

قال الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 31-32]. حب الله ورسوله e لا يكون صدقا وحقا إلا باتباع رسول الله e بالسير على هداه، وتحقيق منهجه في الحياة والالتزام بهديه بإقامة دينه وتحقيق شرعه في واقع الحياة، بإقامة الدولة الإسلامية التي تحكم وتنظم شؤون حياة الناس بالشريعة الإسلامية، فعلا وحصرا، ولا تغمس بشرع الله أي شائبة صغيرة أو كبيرة من نظام أو قانون لا ينبثق من العقيدة الإسلامية، فصدق محبة رسول الله e لا تكون إلا باتباع ما جاء به، وتطبيقه في الحياة العملية على نفسه وعلى غيره والمحافظة على الإسلام والمسلمين وبلادهم... فمن يدعي محبة رسول الله e ثم ينظم حياته حسب قول البشر فهو كاذب ومنافق ومخادع والعياذ بالله العزيز الحكيم، فهو يخالف الله ورسوله ولا يتبع ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله e من حدود وفروض، ولا ينقاد لحكم الله بتسليم مطلق، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7].

 

الأمة الإسلامية بأكملها والخليفة أو السلطان أو الإمام لا يملك أحد منهم مخالفة ما جاء به رسول الله e، فالتزموا أيها المسلمون بما جاء به رسول الله eفنفذوا أمره وانتهوا عن نهيه واتقوا الله وأطيعوه ولا تخالفوا رسول الله e وإن خالفتموه فانتظروا العقاب الشديد والعذاب الأليم...

 

وقال سبحانه أيضا: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ تحذير ووعيد من الله العزيز الحميد لمن يخالف رسول الله e ولا يسلم لأمره ويرضى ويطيع وينفذ أمره وينتهي عن نهيه، في كل ما أمر وعلى كل حال وينظم شؤون حياته بشرع الله كما جاء به رسول الله eعندها فلينتظر أشد العذاب وأمر العقاب.

 

وقال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً) [النساء: 69-70]. من يطيع الله والرسول ويعمل بأمرهما وينتهي عن نهيهما فإن الله تبارك وتعالى يجزيه خير الجزاء ويرفع قدره ومكانته يوم القيامة، ليجالس الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ولا أفضل ولا أحسن من رفقتهم وصحبتهم وذلك فضلاً من الله وتكرما عليه وجزاء حسنا له على طاعته لله ورسوله e.

 

عن سعيد بن جبير. قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله e وهو محزون، فقال له النبي e: «يا فلان، ما لي أراك محزونا؟» فقال: يا نبي الله، شيء فكرت فيه. فقال: «ما هو؟» قال: نحن نغدو عليك ونروح، ننظر إلى وجهك، ونجالسك، وغدا ترفع مع النبيين، فلا نصل إليك.. فلم يرد عليه النبي e شيئا، فأتاه جبريل بهذه الآية: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾.

 

قال رسول الله e: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» إن محبة رسول الله e وطاعته وتعظيمه من تقوى القلوب وحسن الإيمان، فقد أتانا الخير والهدى على يديه e في الدنيا والآخرة، ولا نجاة لأحد من عذاب الله والوصول لرحمته إلا باتباع رسول الله e والالتزام بهديه. وقال رسول الله e: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى». عندما يجتمع المسلمون على طاعة الله وطاعة رسوله وتحكيم شرع الله باستئناف الحياة الإسلامية وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج رسول الله e، عندها تكون احتفالات المسلمين وأفراحهم بوحدتهم ودحر أعدائهم احتفالات عزة وكرامة وطاعة لله ولرسوله e، فطاعة الله ورسوله مقدمة على الاحتفالات، ولا معنى للاحتفالات في معصية الله ورسوله، والرسول e لم يورث درهما ولا دينارا ولا ملكا ولا بستاناً، إنما ورث هذا الدين العظيم الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النور ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إبراهيم سلامة

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.