Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الدعاء والاستغفار

 

قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186]، المعنى لقد وعدتكم يا عبادي بأن أجيب دعاءكم إذا دعوتموني وعليكم أن تستجيبوا لأمري وتؤمنوا بي وبرسولي  r، فإني قريب أسمع وأرى وأستجيب لدعوة الداعي ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي﴾ وهذا شرط الاستجابة؛ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تبارك وتعالى. وهذا هو المنهج الذي أرشدنا الله إليه ورضيه لنا، وهو المنهج الوحيد الرشيد لأنه من عند الله وعداه الشقاء والهلاك والنكد والظلم والبطش والاستبداد لأنه من عند غير الله، من عند البشر ولا هداية فيه ولا رشاد.

 

وهذا المنهج هو الذي دعا إليه رسول الله  rوأقام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة على أساسه ونشر الإسلام وعم الإسلام الكرة الأرضية، واليوم يؤمن به أكثر من ربع سكان الأرض.

 

وعلى المسلمين اليوم العمل لاستئناف الحياة الإسلامية للعيش في كنف الإسلام وحفظه ورعايته لهم وليحملوا الإسلام ويستمر نشره ليبلغ مطلع الشمس ومغربها.

 

 وعلى المسلمين الاستجابة لله وتحكيم شرعه في تنظيم شؤون حياتهم وأن يحافظوا على فرائضه وطاعة أمره وتطبيق شرعه وإقامة دينه والابتعاد عن نواهيه والإيمان به تبارك وتعالى وبرسوله  r، عندها يكون الرجاء بقبول الدعاء لقضاء حوائجهم وتحصيل مرادهم، وقد وعد الله عباده بالإجابة ما دام لا يُدعى بقطيعة رحم أو سوء وشر.

 

والدعاء عبادة بل هو مخ العبادة، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]، والله تبارك وتعالى يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فادعوا الله لقضاء حوائجكم وأنتم موقنون بالإجابة، ويجب أن ندعو ونحن مستجيبون لله طائعون لأمره ونهيه، مقتدون برسوله  r...

 

عن أبي هريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ  r: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّباً، وإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً﴾ [المؤمنون: 51]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ يا رَبُّ.. يا رَبُّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌى، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟» (رواه مسلم). والدعاء عبادة وصلة بين العبد وربه ليستجلب الرحمة والرضا من الله، وعلى العبد أن يتوخى قبول دعائه بالحرص على طاعة الله وتنفيذ أمره ونهيه وأن يكون ملبسه حلالاً ومأكله حلالاً ومشربه حلالاً. وأفضل أوقات الدعاء أثناء السجود، وفي جوف الليل، ودبر الصلوات المكتوبة، قال  r: «أقربُ مَا يَكونُ العبْدُ مِن ربِّهِ وَهَو ساجدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعاءَ» (رواه مسلم)، وقال رسول الله  r: «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الْغَمَامِ وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ» (رواه الترمذي).

 

عن حذيفة عن النبي  rقال: «وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِه، لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعرُوف، وَلَتَنهَوُنَّ عَنِ المُنْكَر؛ أَو لَيُوشِكَنَّ الله أَن يَبْعَثَ عَلَيكُم عِقَاباً مِنْه، ثُمَّ تَدعُونَه فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُم» (رواه أحمد والترمذي). يفهم من هذا الحديث أن هناك عقوبة معجلة في الدنيا لمن يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مهما كان صلاح الناس وعبادتهم الفردية واستقامتهم، فالرسول  rيقول: «لَتَأْمُرُنَّ» «وَلَتَنْهَوُنَّ»، أي: إن لم تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر «لَيُوشِكَنَّ الله أَن يَبْعَثَ عَلَيكُم»، والفعل أوشك يدل على قرب وقوع الشيء، فهو أمر ليس بمؤجل في الآخرة، وإنما يكون في الدنيا، وهذا العقاب لم يحدد، فقد يكون في الأموال، والأمراض التي يعجز الأطباء عن علاجها، أو بتسليط أعدائهم عليهم، وبأخذ بعض ما في أيديهم، وبسومهم الذل والهوان، ونحن نشاهد أحوال المسلمين هذه الأيام فرقة وتشرذم وضنك في العيش وحكام ظلمة يحكمونهم بغير شريعة الله، والقتل مستحر فيهم أينما نظرت، وذلك لعدم أمرهم بالمعروف وهو الدعوة لتطبيق الإسلام ولعدم نهيهم عن المنكر وهو ما يطبق عليهم من أنظمة وقوانين من غير الإسلام في بلادهم.

 

فهذا قد رفع الوعد بالاستجابة لدعائهم وتضرعهم «ثُمَّ تَدعُونَه فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُم» وذلك لعظم ذنب السكوت عن استشراء الظلم والرضا به وعدم التغيير على من لا يحكم بشرع الله، والعمل بجد وإخلاص واجتهاد لإقامة الدولة الإسلامية التي تحكم بشرع الله تبارك وتعالى.

 

فالأمر لا يختص بالذين يعملون المنكر بشكل خاص، بل هو أمر عام وطام يخص المجتمع كله فيجب علينا أن نعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية التي تحكم بشرع الله لننقذ المجتمع، وننقذ أنفسنا من سخط الله وعقابه في الدنيا والآخرة.

 

أما الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فلا يقع عليهم إثم التقاعس عن طاعة الله وتنفيذ أمره، وينجيهم الله لتلبسهم بالأمر بالمعروف ونهيهم عن المنكر.

 

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول  rيقول: قال الله تعالى: «يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِيْ، يَا ابْنَ آَدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِيْ بِقِرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَ تُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً» (رواه الترمذي وقال حسن صحيح).

 

«سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، قَالَ: وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». (رواه البخاري)

 

أيها الإخوة الكرام: أطيعوا الله ورسوله  rوأخلصوا العمل وادعوا الله وألحوا بالدعاء والله سميع مجيب، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، اللهم أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين وأصلح لنا في ذرياتنا وأدخلنا الجنة مع الأبرار وارحمنا وارحم آباءنا وأمهاتنا يا رحمن يا رحيم وارحم المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء والأموات. ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إبراهيم سلامة

 

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.