Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحوثيون في اليمن يطوّعون الشرع حسب رغباتهم

 

لقد صدر عن رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط لائحة قانون الزكاة تحت مسمى الخُمس المكونة من عدة أبواب في 38 صفحة، وورد في الباب الثالث: الأموال التي تجب فيها الزكاة، الفصل الثامن: ما يجب في الركاز والمعادن، ونصت المادة 47 (أ) على أنه يجب الخمس 20% من الركاز والمعادن المستخرجة من باطن الأرض أو البحر أيا كانت حالتها الطبيعية، جامدة أو سائلة كالذهب والفضة والنحاس والماس والعقيق والزمرد والفيروز والنفط والغاز والشعير والماء والملح والزئبق والأحجار الكريمة والنيس والرخام، أو كل ما كانت له قيمة من المعادن الأخرى... كما نصت الفقرة (ب) من المادة نفسها أنه يجب الخمس 20% من كل ما استخرج من البحر كالسمك واللؤلؤ والعنبر... كما نصت الفقرة (ج) على أنه يجب 20% من العسل إذا غنم من الشجر أو الكهوف... والفقرة (د) سيصدر رئيس هيئة الزكاة بعد موافقة المجلس السياسي قرارا بتنظيم عملية تقرير وتحصيل واحتساب زكاة الركاز والمعادن والمنتجات المالية. أما المادة (48) الفقرة (أ) مصارف ما يجب في الركاز والمعادن، ما ذكر في المادة 47 وقسمته على 6 أسهم كالتالي:

 

السهم الأول: سهم لله ويصرف في مصالح المسلمين العامة كالطرق والمستشفيات والمدارس وأجور العاملين وطباعة الكتب، كتب العلم والمناهج وتحصين الثغور وسلاح ومؤونة و...

 

السهم الثاني: سهم الرسول لولي الأمر وله كل تصرف فيها.

 

السهم الثالث: لذوي القربى من بني هاشم الذين حرمت عليهم الصدقة فجعل الله لهم الخمس عوضا عن الزكاة والأولى أن تصرف في فقرائهم.

السهم الرابع: يصرف ليتامى المسلمين بمن فيهم يتامى بني هاشم.

 

السهم الخامس: يصرف لعموم مساكين المسلمين بمن فيهم مساكين بني هاشم.

 

السهم السادس: يصرف في مصرف ابن السبيل بني هاشم أو من غيرهم من سائر المسلمين...

 

هذا هو حال جماعة الحوثي اليوم كما هو حال الجماعات والأحزاب التي تدعي الإسلام والتي إن استلمت الحكم والنظام الجمهوري الوضعي وارتضت به اتخذت الإسلام وبعض أحكامه شعارا وذريعة لتنفيذ أطماعها ومآربها وشرعت في نهب أموال المسلمين تحت شعارات متعددة؛ منها شعار الزكاة رغم أنها واجبة على من لديهم فائض المال عن نصابه، وكيف هذا وهي تنهب الأموال وتحرم المسلمين من رواتبهم الزهيدة؟! وتحت شعار الضرائب رغم أنها محرمة؟! وتحت شعار العدوان تنهب المشتقات النفطية وترفع سعرها؟! وتحت شعار الخمس وهو حكم شرعي لكن تنفيذه بعيد عن حكم الإسلام ولصيق بحكم ابتلاع المال؟! إن واقع الحوثي اليوم يختلف عن واقع (الشرعية) التي حكمت البلاد أكثر من 30 عاماً بحكم وقانون طاغوت وضعي وهو ما استندت إليه في محاسبتها للحوثي بدلا من محاسبتها وفق أحكام الإسلام؛ كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.

 

لقد تم الخلط بين الخُمس والركاز والملكية العامة وإليكم التفصيل:

 

أولاً: الخُمس: المقصود به خمس الغنيمة التي تقسم، الدال عليه قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾. وقد كان الخمس في أيام رسول الله ﷺ يقسم إلى خمسة أقسام: قسم لله وللرسول، وقسم لقرابة الرسول، والثلاثة أقسام الباقية لليتامى والمساكين وابن السبيل.

 

 وكان الرسول الله ﷺ ينفق نصيبه من الخمس على المسلمين، ويحمل منه في سبيل الله، فيشتري الكراع والسلاح، ويجهز المقاتلين. فقد روي عنه ﷺ أنه لما رجع من حنين رفع وبرة من الأرض وقال: «مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَلَا مِثْلُ هَذِهِ، إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ».

 

 أما قسم ذوي القربى، فكان يعطى في أيام رسول الله ﷺ لبني هاشم ولبني المطلب، ولم يعط منه غيرهما من قرابة الرسول. وكان سهم ذي القربى طعمة للرسول، ولنصرة بني هاشم، وبني المطلب لرسول الله وللإسلام. لذلك اقتصر عليهم من القرابة. عن جبير بن مطعم قال: «لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ أَتَيْتُهُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلَاءِ بَنُو هَاشِمٍ لَا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ لِمَكَانِكَ الَّذِي جَعَلَكَ اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ، أَرَأَيْتَ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَمَنَعْتَنَا، فَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ، إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ». (النسائي)

 

 وبعد أن توفى الله رسوله ﷺ وجاء أبو بكر، فإن سهم رسول الله، وسهم ذي القربى من الخمس وضعا في بيت المال، وأنفقا في مصالح المسلمين، وجعل منهما في سبيل الله، واستمر الحال على ذلك. وقد سئل ابن العباس عن نصيب ذي القربى بعد أن توفى الله رسوله ﷺ فأجاب: "إنا كنا نزعم أنه لنا، فأبى ذلك علينا قومنا". وقال مجيباً نجدة الحروري عندما سأله عن سهم ذي القربى: "إنه لنا. وقد كان عمر دعانا لينكح من أيامانا ويخدم عنه عائلنا، فأبينا عليه إلا أن سلمه لنا كله، وأبى ذلك علينا".

 

أما وقد سبق أن بينا في بحث الغنائم بالدليل أن الغنائم اليوم توضع في بيت المال، وأن أمرها موكول إلى الخليفة، يتصرف فيها بالإنفاق على مصالح المسلمين وفق رأيه واجتهاده، وبما أن الخمس جزء من الغنائم فإنه يأخذ حكمها، ويوضع مواضعها، ويكون سبيلها سبيل الجزية والخراج والعشور.

 

نعم هذا هو واقع الخمس وحكمه بالشرع، ومع هذا فإن ما يدمي القلب أن تابعي الحوثي من البسطاء من الناس الذين لا يفقهون واقعا ولا شرعا لا يدركون أن حكم الخمس حكم شرعي له واقعه وحكمه في الإسلام. ثم قبل الحديث عنه أين بقية أحكام الإسلام؟ بل أين حكم الإسلام في ظل النظام الجمهوري المبني على أحكام المبدأ الرأسمالي؟ لقد أصبح واقعه شبيها بحال من يبحث عن تلاوة عطرة من القرآن في داخل خمارة أو يرجو علما ودرس ذكر من تلك الخمارة، فأين حكم الإسلام ويطبق النظام الاقتصادي الرأسمالي الذي يطبق الربا في بنوك اليمن وفي صنعاء البنك المركزي وما علم الحوثي أنه إعلان للحرب على الله قبل كيان يهود وأمريكا؟ فهل صمت آذانهم عن قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ﴾؟ فهل بات حكم الخمس حكما والربا ليس حكما؟ نعم أين حكم الربا وغيره من الأحكام، وأين الإسلام في ظل هذه الأحكام الجائرة والظالمة والمخالفة لأحكام الإسلام والتي يلتمس ويتذرع فيها الحوثي اليوم لحكم الخمس من أجل نهب الملايين من الفقراء والمساكين كما هو حكم الملالي في إيران والعراق حيث تنفق الملايين لبناء الأضرحة والقبب والناس أمسوا جوعى وسوءا وفقرا فيزداد الأسياد ثراء وغنى ويزداد الفقراء فقرا مدقعا؟!

 

إن حكم الإسلام واضح في الخمس فهو في الغنيمة في حالة الحرب مع الكفار كما جاء في الآية وليس من المسلمين، في حال السلم وفي حال الرخاء!! فما بالنا في حال الفقر وسوء الحال والمقال والمآل في ظل انعدام الأمن والأمان والمعاش والصحة وكثرة والأوبئة والأمراض في وضع اقتصادي مزر؟!

 

ثانياً: الركاز هو المال المدفون في الأرض، فضة كان، أو ذهبا، أو جواهر، أو لآلئ، أو غيرها من حلي وسلاح، سواء أكان كنوزا مدفونة لأقوام سابقين، كالمصريين، والبابليين، والأشوريين، والساسانيين، والرومان، والإغريق، وغيرهم، كالنقود والحلي والجواهر التي توجد في قبور ملوكهم وعظمائهم، أو في تلال مدنهم القديمة المتهدمة، أم نقودا ذهبية، أو فضية، موضوعة في جرار، أو غيرها، مخبأة في الأرض من أيام الجاهلية، أو الأيام الإسلامية الماضية، فكل ذلك يعتبر ركازا.

 

وعلى ذلك فإن كل مال مدفون من ذهب، أو فضة أو حلي، أو جواهر، أو غيرها، وجد في قبور، أو في تلال، أو في مدن الأمم السابقة، ووجد في أرض ميتة، أو في الخرب العادي، أي القديمة نسبة إلى عاد، من دفن الجاهلية، أو من دفن المسلمين، في عصور الإسلام الماضية، يكون ملكا لواجده يؤدي عنه الخمس لبيت المال.

 

فلذلك فإن كل معدن قليل، غير عد، من ذهب أو فضة، سواء أكان عروقا، أو تبرا وجد في أرض ميتة غير مملوكة لأحد فهو ملك لواجده يؤدي عنه الخمس لبيت المال.

 

والخمس الذي يؤخذ من واجد الركاز، ومن واجد المعدن يكون بمنزلة الفيء، ويأخذ حكمه، ويوضع في بيت المال، في ديوان الفيء والخراج ويصرف مصرف الفيء والخراج، ويكون أمره موكولا إلى الخليفة ينفقه على رعاية شؤون الأمة، وقضاء مصالحها، حسب رأيه واجتهاده، بما فيه الخير والصلاح.

 

ثالثاً: الملكية العامة: وهي المرافق العامة للجماعة، التي لا تستغني عنها في حياتها اليومية وتتفرق عند فقدها كالماء. وقد بين رسول الله ﷺ صفة هذه المرافق، وأوضحها أتم توضيح، فيما ورد عنه من أحاديث تتعلق بها. فعن أبي خراش عن بعض أصحاب النبي ﷺ قال: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ». وتكون دوائر ديوان الملكية العامة حسب أموال هذه الملكية، وما يلزم لها، وهي: النفط والغاز، المعادن العد أس الكثير بكل أنواعها، البحار والأنهار والبحيرات والعيون، الغابات والمراعي، الحمى. فكل هذه المذكورة ملكية عامة وليست كما هو اليوم ملكية الدولة، فهي حق للمسلمين دون تمييز. ثم لماذا هذا التمايز؟ كما أنه عند تطبيق الإسلام ومنه النظام الاقتصادي الإسلامي لن يوجد فقير ومسكين ومحتاج لأن التوزيع يكون وفق أحكام الإسلام لا وفق أحكام المبدأ الرأسمالي، وسواء أكان الرعايا من بني هاشم أو المطلب أو سعيد أو خالد أو تميم أو الرومي أو الحبشي أو غيرهم من الرعايا، كما أن من لا يأخذ الصدقة لهم رواتب عالية لأعمالهم كما هو حال بقية الأمة ولهم مال من مال الدولة ومن الملكية العامة كسائر أبناء الأمة.

 

إن هذه الجماعة تتشدق بالمسيرة القرآنية وأعمالها وقوانينها تدل على عدم فهمها لدين الله فهي جماعة علمانية جاهلة بأحكام الشرع الحنيف لا يهمها إلا أخذ أموال الناس بالباطل، فهي لا تفرق بين الملكية العامة وملكية الدولة والملكية الفردية، ولا تفرق بين الركاز والملكية العامة، ولا تفقه في أحكام الزكاة... فحري بأهل اليمن أن يلفظوها لفظ النواة، فقد شوهت أحكام الإسلام مثلها مثل غيرها من الجماعات التي تدعي أنها حكم بشرع الله، ومثلها مثل الحكام العملاء الخونة كأردوغان أو حكام إيران أو آل سعود أو حاكم مجرم الكنانة أو غيرهم من الروبيضات.

 

فيجب على أهل اليمن أن يرفضوا هذه القوانين الباطلة، ويجب أن يعملوا لتطبيق الإسلام كاملا دون ترك حكم واحد، ويطبق لا لمجرد مصلحة أو منفعة بل امتثالاً لأوامر الله ونواهيه ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ﴾.

 

ندعوكم للعمل مع حزب التحرير لتبني نظام الإسلام في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي وعدنا الله سبحانه وبشرنا بها سيدنا محمد ﷺ.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الرحمن العامري – ولاية اليمن

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.