الجمعة، 19 رمضان 1445هـ| 2024/03/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

كيف نكون من المحسنين؟

 

الإحسان لغةً ضدَّ الإساءة، جاء في تاج العروس للزبيدي: "والإحسان: ضدُّ الإساءة، وإنّ الإحسان فوق العدل؛ وذلك أنّ العدل بأن يُعطي ما عليه ويأخذ ما له، والإحسان أن يعطي أكثر مما عليه، ويأخذ أقل مما له، فالإحسان زائد على العدل، فتحرِّي العدل واجب، وتحري الإحسان ندب وتطوع".

 

أمّا الإحسان اصطلاحاً فعُرِّف تعريفات عدّة كلّها تدور حول إجابة رسولنا ﷺ على سؤال جبريل عليه السلام عن معنى الإحسان قَالَ: مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: ‏«أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، فالإحسان يعني أن يعبد المؤمن ربّه عزّ وجلّ على وجه يستشعر فيه مراقبته له في كلِّ حركاته وسكناته، لأنّه يدرك أنّه سبحانه مُطّلعٌ على كل شيء ويعلم كل شيء، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، فيستحضر خشية الله في كلِّ حين وعلى كلّ حال، فيرجو رحمته وعظيم ثوابه بإحسان العمل وتعظيم الله كأنّه يراه، ويبتعد عن كلّ ما نهى عنه حتى لا يعصي الله خوفاً من عقابه سبحانه، ولا يكتفي بأداء ما طلب منه على أكمل وجه، بل يسعى أيضاً لأن يتقرّب إلى الله عز وجل بأعمال زائدة على الفرائض التي فُرضت عليه، ويبذل جهده ليكون من المحسنين المتقين الذين وعدهم الله بالثواب الجزيل يوم القيامة ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾. يقول الطبري في تفسير هذه الآية: "إنّ الله تبارك وتعالى وَعَد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى، أن يجزيهم على طاعتهم إيّاه الجنة، وأن تبيض وجوههم، ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها. ومن الزيادة على إدخالهم الجنّة أن يكرمهم بالنظر إليه، وأن يعطيهم غُرفا من لآلئ، وأن يزيدَهم غفرانا ورضواناً، كل ذلك من زيادات عطاء الله إياهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته. وعمّ ربنا جل ثناؤه بقوله: (وزيادة)، الزيادات على "الحسنى"، فلم يخصص منها شيئاً دون شيء، وغير مستنكَرٍ من فضل الله أن يجمع ذلك لهم، بل ذلك كله مجموع لهم إن شاء الله".

 

إنّ المسلم مأمور بالإحسان في كلّ عمل يقوم به سواء أكان هذا العمل دينياً أم دنيوياً، يقول ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»، فالإحسان مطلوب في العبادة سواء أكان ذلك في العبادات الفردية كالصلاة والصيام والزكاة وأداء النوافل...إلخ، أو على الصعيد الأوسع لمعنى العبادة من خلال عمارة الإنسان للأرض المستخلف فيها وسعيه لتحكيم شرع الله فيها، والإحسان مطلوب أيضاً في تعامل المسلم مع غيره من النّاس سواء أكانوا من أهل بيته أو غيرهم، فهو مطالب بحسن معاشرتهم وتقديم المساعدة لهم، وفي مرتبة أعلى من الإحسان لا يبلغها الجميع تتمثل في مقابلة الإساءة بالإحسان وكظم الغيظ والمسامحة والصفح عن المخطئين والمسيئين. قال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾، والإحسان مطلوب في التعامل مع الحيوانات حتى عند ذبحها كما بيّن الحديث.

 

وحتى يتحقق الإحسان في أي عمل لا بد من أن يتوفر فيه أمران؛ الأول: استشعار مراقبة الله سبحانه، قال تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ وقد ربطت الآيات بين تقوى الله والإحسان في أكثر من موضع منها قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾، والثاني: إتقان العمل وأداؤه على وجهه، قال ﷺ: «إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ».

 

إنّها والله لقمة الخسران والندامة يوم القيامة أن يأتي الواحد فينا وهو يظن أنّه من المحسنين الطائعين فيجد نفسه في صفوف الخاسرين والعياذ بالله لأنّ ما قام به لم يكن على هدى من الله ولم يكن خالصاً له سبحانه، ولم نبرئ ذمتنا أمام الله. قال تعالى في سورة الكهف: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾.

 

فاللهم إنّا نسالك أن نكون من المحسنين الذين وعدتهم بخير الجزاء، اللهم عاملنا بالفضل والإحسان ولا تعاملنا بالعدل فأنت خير المحسنين.

 

#رمضان_والإحسان

#Ramadan_And_Ihsan

#Ramazan_ve_İhsan

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

براءة مناصرة

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع