الجمعة، 19 رمضان 1445هـ| 2024/03/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 الكلمة الرابعة

إندونيسيا

بناء تعليم متميز على مستوى العالم في ظل دولة الخلافة

(مترجمة)

 

 

 

منذ ألف عام وجدت الجامعات المتميزة في جانديشابور، وبغداد، والكوفة، وأصفهان، وقرطبة، والإسكندرية، والقاهرة، ودمشق، وفي عدة مدن كبرى أخرى في شتى أنحاء البلاد الإسلامية. وقد وجدت بعض مراكز التعليم العالي خارج الدولة الإسلامية خلال تلك الحقبة فقط في القسطنطينية، وكايفنغ في الصين، ونالاندا في الهند. وحتى في ذلك الوقت، كانت جامعة القسطنطينية تقلد الجامعات في بغداد وقرطبة. أما في أوروبا الغربية، فلم يكن هناك أي وجود للجامعات. وأقدم جامعة في إيطاليا هي جامعة بولونيا وقد تأسست عام 1088. أما جامعة باريس وجامعة أوكسفورد فقد تأسستا في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، وحتى القرن السادس عشر لم تكن تملك سوى المراجع التي تم الحصول عليها من العالم الإسلامي.

 

وقد ساهم التنوع الكبير في المواد الدراسية في مرحلة التعليم العالي في ظل دولة الخلافة في نهضة الحضارة الإسلامية وانتشارها. فقد سبق عباس بن فرناس الأخوين رايت بمئات السنين في إجراء التجارب الهندسية لصناعة الآلات الطائرة. فقد قفز في سنة 852 من مئذنة المسجد الكبير في قرطبة، وهو يرتدي عباءة مدعمة بإحكام بقوائم خشبية. وقد نجح ابن إسماعيل بن الرزاز الجزري، وقد كان عالماً ومهندساً، في تطوير أول إنسان آلي (روبوت) في العالم خلال القرن الثاني عشر، وقد عاش في بلاد ما بين النهرين، وعمل لمدة 25 عاماً في قصر السلطان ناصر الدين محمود. وبصرف النظر عن نجاحه في تطوير تقنية تصميم الإنسان الآلي، فقد قام أيضاً باختراع أدوات تبسط قيام الإنسان بالأعمال اليومية، من خلال تطوير آلات تعمل بشكل تلقائي وبتدخل بشري محدود جداً. وبالإضافة إلى هذا، فقد كان هناك العديد من الأبحاث والاختراعات في عهد دولة الخلافة والتي غيرت وجه العالم.

 

إلا أنه بسقوط دولة الخلافة، فقد تغيرت النظرة إلى التعليم في العالم اليوم. فقد تم استغلال التعليم بطريقة ليصبح الآن أداة استعمارية ووسيلة لتعزيز أهداف السياسة الخارجية الغربية وليس وسيلة لبناء عصر ذهبي وحضارة إنسانية مشرقة. وقد ساهمت الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي في ذلك.

 

وفيما يلي سنتعرض للمشاكل الحالية التي يواجهها التعليم العالي، وهيكلية التعليم العالي وكيف أن تمويله يعتبر أولوية في دولة الخلافة، وكيف ستقوم دولة الخلافة بتنظيم التعليم العالي عملياً من أجل تحقيق التطلعات التعليمية والعلمية للأمة، والكيفية التي سيجري بها إحياء وبناء جيل علمي عظيم ومبدع، وكيفية ضمان تحقيق التطوير وإجراء البحوث لرعاية وخدمة مصالح واحتياجات الأمة.

 

أ. مشاكل التعليم العالي

يجري اليوم استغلال التعليم العالي في البلاد الإسلامية وفقاً للخطط الغربية. فقد أصبح التعليم العالي في العالم الإسلامي بوابة ينفذ من خلالها الاستعمار الفكري ووسيلة لبسط الهيمنة والدعاية العلمانية. ولذلك فقد أصبح التعليم العالي أداة استعمارية لتعزيز أهداف السياسات الخارجية الغربية. وصار التعليم العالي في غياب دولة الخلافة لا يهدف أبداً لبناء الأجيال الذهبية والحضارة المشرقة. وأما الأنظمة في العالم الإسلامي فقد وُجدت لتساعد هذه البرامج الاستعمارية العلمانية.

 

ففي إندونيسيا، يُقال إنه في عام 2017، أن الحكومة ستوقف تراخيص إنشاء مؤسسات التعليم الجامعي العالي وستدفع باتجاه تنمية التعليم المهني العالي (المصدر: صحيفة كومباس الإندونيسية، 29 كانون الأول/ديسمبر 2016). فقد أصبحت الاعتبارات الرئيسية هي خدمة المصالح الصناعية وتقليد هيكلية التعليم العالي في الدول المتقدمة. وهذا دليل قوي على أن هيكلية التعليم العالي في إندونيسيا تقوم على النفعية، وهو تقليد للحضارة الغربية، ولا يتمتع بالرؤية الحقيقية لإعداد الكفاءات البشرية التي ستعمل على تطوير الدولة وقيادة الحضارة. فالتعليم العالي، بدلاً من أن يكون دائرة تعمل على إعداد الكفاءات البشرية القادرة على الوفاء باحتياجات الأمة وتحقيقها، وتنتج الاختراعات والإبداعات التي يمكن أن تستفيد الأمة منها على نطاق واسع - أصبح يُستغل لخدمة مصالح العالم الصناعي والأسواق العالمية. وهذا يدل على أن التعليم العالي النفعي قد صمم لينتج فقط عمالاً للدولة، بينما يجب أن يكون الهدف الحقيقي لهذا التعليم هو بناء أجيال ممتازة للمساهمة في بناء حضارة مشرقة وليس مجرد عمالة ماهرة.

 

وأما على صعيد تطوير البحث في مجال التعليم العالي، فتسيطر عليه الشركات الأجنبية. وهذا مذكور في الأنظمة المعمول بها في وزارة التربية والتعليم والثقافة رقم 92، سنة 2014 المتعلق بشروط للحصول على الأستاذية. فأحد هذه الشروط يلزم نشر الأبحاث في المجلات الدولية المشهورة التي تفهرس من قبل "شبكة العلوم"، أو "سكوبوس"، أو "أكاديمية مايكروسوفت للبحوث"، أو مؤشرات البحث الأخرى وفقاً للمديرية العامة للتعليم العالي. وقد أصبح العلم الرأسمالي قوة تجارية عالمية تسيطر على القوى الأكاديمية العاملة في إندونيسيا، وبطبيعة الحال، يفترض أن تساعد المصالح والمشاريع العلمية أهل إندونيسيا على تحسين واقع حياتهم وليس مجرد نشر الأبحاث في مجلات النخبة المرموقة. وفي الوقت نفسه، فإن غالبية الوسط الأكاديمي ليس قادراً على الوصول إلى تلك المجلات نظراً لصعوبة النشر فيها، وبسبب اللغة، وبسبب أنها تركز على تفاصل دقيقة أو تركز على النظريات المجردة بشكل كبير. والمنطق الذي تتعامل به الرأسمالية أمر لا مفر منه في هذه الحالة، خصوصاً عندما يتم النظر إليها من منظور حقوق التأليف والنشر التي تتطلب من المؤلف أن يقوم بنقل حقه في المادة المنشورة إلى الناشر. ويعد هذا ظلماً، فأي حقوق يملكها المؤلف عندما لا ينشر مقاله إلا إذا وَقَّع على اتفاقية نقل الحقوق! [تيرتا، 2016]

 

ويخطط وزير تقنيات البحث والتعليم العالي محمد ناصر في أوائل 2017 لاقتراح لاستقطاب العلماء المشهورين الأجانب إلى إندونيسيا. وسيأتون من الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا وبريطانيا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية. بل إن هناك حديث يدور حول استقطاب رؤساء الجامعات من الخارج. والسياسة التي تم انتهاجها من المرجح أن تسارع في تحقيق أهداف دفع التعليم العالي في إندونيسيا للدخول في فئة "طراز الجامعة العالمي" من خلال زيادة برامج الدكتوراه والنشر والبحوث والشراكة الدولية مع الجامعات ومؤسسات التعليم العالي. ويجب أن نعترف بصراحة أن هذه السياسة تعتبر دليلاً يكشف عن ضعف إندونيسيا أمام المؤسسات التعليمية في الدول الأخرى. ومن ناحية أخرى، تؤكد هذه السياسة على الهيمنة ومحاولة الاستقطاب العالمية التي تمارسها الدول العلمانية الرأسمالية الغربية على التعليم العالي في العالم الإسلامي [أنديرا، 2016].

 

والتوجه نحو "طراز الجامعة العالمي" بالتأكيد لم يأت من تلقاء نفسه. فقد بدأت منظمة اليونيسكو بالترويج له لأول مرة من خلال الإعلان العالمي بشأن التعليم العالي للقرن 21: رؤية وبرنامج عمل في باريس في عام 1998. وقد استندوا في حجتهم على الحاجة الملحة لصنع أدوار للتعليم العالي في إعداد القدرة التنافسية للدول لدخول عصر العولمة. وقد صادقت عليها المديرية العامة للتعليم العالي في إندونيسيا تحت مسمى استراتيجية التعليم العالي طويلة المدى. وقد قال الدكتور نيكماه (باحث في جامعة إيرلاغا)، إن أحد مؤشرات "طراز الجامعة العالمي" هو برنامج لمجموعة من المواد يجري تدريسها باللغة الإنجليزية. وتعتبر معايير الدراسة باللغة الإنجليزية شرطاً إلزامياً وذلك بذريعة كون الهدف هو العالمية. لذلك، فكل تخصص دراسي يحتوي على برنامج دراسي باللغة الإنجليزية. ويبدو أنه العامل الحاسم في تطوير التعليم العالي. وضمن "طراز الجامعة العالمي"، يجب على المؤسسة المعنية توفير المرافق المناسبة للطلاب الأجانب، بينما بحسب الدكتور نيكماه، فإن المرافق الموجودة ليست مناسبة حتى بالنسبة للطلاب المحليين. ويتم دفع المحاضرين للحصول على مستوى دراسي أعلى، والأساتذة المشاركين يدفعون للحصول على الأستاذية الكاملة، وفي الوقت نفسه يفرض العالم الرأسمالي الغربي معايير الإدارة المتعلقة بالعمل الأكاديمي. وبالتالي، فإن هذا يؤدي إلى إهدار الوقت والجهد من خلال السعي فقط للحصول على الترقية في الرتب والمناصب. وبالإضافة لذلك، فإن هناك الآن تغييراً في التركيز في جامعة "تراي دارما" نحو مزيد من التركيز على الابتكارات والبحوث، بدلاً من التوجه نحو خدمة مصالح الشعب. وفي الوقت نفسه، لا يتم دعم البحوث الأساسية وتمويلها بشكل كاف بالمقارنة مع البحوث التي تصب في اتجاه حقوق الملكية الفكرية.

 

وهناك قضية أخرى متعلقة بالتعليم العالي في العالم الإسلامي وهي ضعف التمويل والتنظيم من خزينة الدولة، ويتجلى ذلك في انخفاض الفرص المتاحة لمزيد التخصص في الدراسة والبحث. والنتيجة هي هجرة العقول من بلادنا بشكل كبير، بحيث إن الدول الغربية تستفيد من العقول الفذة والمهارات لأبناء هذه الأمة بدلاً من العالم الإسلامي. والإنفاق الضعيف من أموال خزينة الدولة يؤثر سلباً فيجعل تكلفة التعليم العالي مرتفعة. فعلى سبيل المثال، تبلغ الرسوم الدراسية لدراسة الطب في إحدى الجامعات الرائدة في إندونيسيا 100 مليون روبية لكل فصل دراسي.

 

وهجرة الأدمغة أو هجرة الطاقات البشرية هو رحيل الخبراء والعلماء والمثقفين لدول أخرى والتي هي عادة أكثر تطوراً من بلدهم الأصلي. ويرجع ذلك إلى عدم وجود الفرص للقيام بالأعمال الإبداعية، وهو ما دفعهم للانتقال إلى الدول التي منحتهم المزيد من الفرص لتطوير أنفسهم ومعارفهم. فقد ذكر تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (أميش الهمامي، 2007) إنه من الأسهل البحث عن الأخصائيين الطبيين من أصول إثيوبية في الولايات المتحدة بالمقارنة مع البحث عنهم في إثيوبيا نفسها.

 

وعادة ما تتميز ظاهرة هجرة العقول بهجرة الشباب، الذين يحملون إمكانيات كبيرة وقدرات أعلى من المتوسط، من بلدانهم. وبعضهم أكاديميون ومهندسون وأطباء وخبراء في مجال كمبيوتر وخبراء في مجال تقنية المعلومات والفضاء وعلم الفلك وخبراء في مجالات أخرى. وهم يقومون بإجراء عدد من الأبحاث تمولها دول أجنبية، ونتيجة ذلك أن الاختراع ونتائجه تسجل كبراءة اختراع في الخارج. والنتيجة لذلك هي أن تقوم إندونيسيا بدفع الأموال لدول أجنبية مقابل استخدام اختراعات قام بها أبناؤها. وتبلغ ميزانية الأبحاث في إندونيسيا نحو 1.73 تريليون روبية Okezone.com))، وحتى مع ذلك، فإن نمط الأبحاث يتداخل مع المواضيع الدراسية. فلا يوجد اتجاه واضح أو تخطيط من الدولة، وتركيزها ينصب فقط على نشر الأبحاث في المجلات الدولية. وعلى الرغم من عدم وجود بيانات إحصائية دقيقة، فإن التقديرات تشير إلى أن نسبة هجرة الأدمغة من إندونيسيا تبلغ 5٪. وهذا يُعد رقماً كبيراً بالنظر إلى انهيار الموارد البشرية في إندونيسيا بسبب ضعف الميزانية التي تخصصها الدولة للتعليم. ومشكلة أخرى تتسبب بها ظاهرة هجرة العقول هي افتتان هؤلاء المثقفين بالحضارة الغربية العلمانية الرأسمالية، وبعد ذلك يعودون إلى العالم الإسلامي ليصبحوا سفراء لهذه الثقافة الغربية في بلادهم، وذلك بسبب المكانة والمناصب العالية التي يتقلدونها نتيجة لمؤهلاتهم. ولذلك، فإن التعليم العالي في العالم الإسلامي اليوم لا يؤدي إلى تقدم واستفادة البلاد الإسلامية لأنه لا يجري تنظيمه أو تمويله لحل القضايا الحيوية ومصالح واحتياجات البلاد الإسلامية وشعوبها. ولا تُدرس التخصصات بطريقة تهدف إلى المساعدة في تحقيق القضايا الحيوية ومصالح واحتياجات بلادنا وشعوبها والتطوير الحقيقي للمنطقة، ولكنها دراسة فردية بعيدة كل البعد عن تحقيق هذه الأهداف.

 

ولكن على الخلاف من ذلك، فإن الأولوية في دولة الخلافة ستكون لتنظيم وتمويل التعليم العالي. ولذلك فإن الخلافة ستبني التعليم العالي عملياً من أجل تحقيق تطلعات الأمة العلمية والتعليمية، وستحيي جيلاً فذاً رائداً في العلم والإبداع. وستضمن أيضاً وجود التنمية والبحوث الحقيقية في بلاد المسلمين، وسترعى بكل الطاقات القضايا الحيوية والمصالح واحتياجات الأمة وخدمتها من خلال تمكينها فكرياً. ويمكن الاطلاع على هيكلية التعليم العالي في دولة الخلافة وأهدافه وأنواعه ومؤسساته في كتاب حزب التحرير: "أسس التعليم المنهجي في دولة الخلافة".

 

ب. هيكلية التعليم العالي في دولة الخلافة

هناك ثلاثة أهداف للتعليم العالي في دولة الخلافة: (1) تركيز وتعميق الشخصية الإسلامية في طلاب التعليم العالي، وإيجاد العلماء المسلمين المتخصصين في جميع فروع الثقافة الإسلامية؛ (2) إيجاد الطواقم القادرة على خدمة مصالح الأمة الحيوية والطواقم القادرة على وضع الخطط قريبة المدى وبعيدة المدى (الاستراتيجية)؛ (3) إعداد الطواقم اللازمة لرعاية شؤون الأمة من أطباء ومعلمين وممرضين ومهندسين وغيرهم.

 

وللتعليم العالي في دولة الخلافة نوعان رئيسيان:

أولاً - تعليم التلقي (حيث يزيد فيه التلقي على البحث): وهو التعليم المنظم من خلال مناهج ومحاضرات وجداول دراسية، في جامعات وكليات تقوم بذلك. ويحصل فيه الطالب على شهادة "الإجازة الأولى" سواء أكان تعليمه تقنياً أم وظيفياً؛ أو يحصل على "الإجازة الثانية"، والمسماة اليوم "الليسانس" أو "البكالوريوس" في موضوع معين من إحدى الكليات الجامعية.

 

ثانياً - التعليم البحثي: وهو التعليم الذي يلي تعليم التلقي، ويزيد فيه البحث على التلقي. وفيه يتعلم الطالب الإبداع في البحث العلمي، ويتخصص في فرع معين من فروع الثقافة أو العلوم، فيقوم فيه بالأبحاث الدقيقة والمتخصصة بحيث يصل إلى فكرة جديدة أو اختراع جديد غير مسبوقين. ويفضي هذا النوع من التعليم إلى حصول الطالب على شهادة "الإجازة العالمية الأولى"، أو ما يسمى شهادة "الماجستير" ثم يفضي بعد ذلك إلى شهادة "الإجازة العالمية الثانية"، في مبحث من مباحث الثقافة أو العلوم، أو ما يعرف الآن بشهادة "الدكتوراه".

 

مؤسسات التعليم العالي

لتحقيق أهداف التعليم تقوم دولة الخلافة بإنشاء مؤسسات تتولى تحقيق هذه الأهداف. وهذه المؤسسات هي:

  1. المعاهد التقنية.
  2. المعاهد الوظيفية.
  3. الجامعات.
  4. مراكز البحث والتطوير.
  5. المعاهد العسكرية.


  6. 1. المعاهد التقنية

إن مهمة هذه المعاهد إعداد طواقم فنية متخصصة بالتقنيات الحديثة، كتصليح الأجهزة الإلكترونية مثل أجهزة الاتصالات والكمبيوتر وغيرها من المهن التي يحتاج تعلمها إلى معارف وعلوم أكثر عمقاً من متطلبات الحرف البسيطة. ومن هذه المعاهد معاهد الزراعة والتي تتبع دائرة الزراعة بالتنسيق مع دائرة التعليم في الدولة. وتخصص للأمور الزراعية التي لا تحتاج إلى دراسة جامعية وتقوم هذه المعاهد بإعداد الطواقم المؤهلة للعمل في الزراعة عملياً، مثل فنون الري وتنظيم زراعة الحبوب والأشجار، ثم رعايتها بالتسميد والتقليم والتطعيم وغيره، ومثل تربية الحيوانات كالماشية والطيور، ومثل تصنيع المنتجات النباتية والحيوانية، وهكذا.

 

  1. 2. المعاهد الوظيفية

ومهمة هذه المعاهد إعداد الطواقم المؤهلة للقيام ببعض الوظائف التي يحتاج العمل فيها إلى التحاق الطالب بالجامعة. ويشترط فيمن يدخل هذه المعاهد أن يكون قد اجتاز، على الأقل، الامتحان العام للمراحل الدراسية.

ومن هذه المعاهد، معاهد إعداد الممرضين والمهن الطبية المساعدة مثل فنيي الأشعة وفنيي المختبرات وفنيي الأسنان. ومنها معاهد المهن المالية والإدارية البسيطة، والتي تلزم لإدارة الشركات الصغيرة وتولي الأعمال المحاسبية الخاصة بها، ولا يلزم دراستها الالتحاق بالجامعة، مثل مسك الدفاتر، والصناديق المالية، وحسابات الزكاة.

ومن هذه المعاهد، معاهد إعداد المعلمين المؤهلين للعمل في المراحل الدراسية المختلفة، والتي تقوم أيضاً بإعداد الدورات الخاصة للذين يرغبون في العمل في مجال التدريس من خريجي الجامعات.

 

وتنتشر المعاهد في الولايات وتتنوع حسب حاجات الولايات. فالولايات البحرية مثلاً، تضم معاهد للحرف البحرية، كصيد الأسماك وإصلاح السفن وإدارة الموانئ، بينما تضم الولايات التي تشتهر بالزراعة معاهد زراعية، وهكذا.

 

  1. 3. الجامعات

يحق للطالب الذي اجتاز "الامتحان العام للمراحل الدراسية" أن يتقدم بطلب للالتحاق بجامعات الدولة. وتستقبل الجامعات الطلبة الناجحين مرتين في السنة. ويعتمد القبول في تخصص معين على الأمور التالية:

  1. المعدل العام لعلامات الطالب في "الامتحان العام للمراحل الدراسية".
  2. نوعية الفرع الذي تخصص فيه الطالب في المرحلة المدرسية الثالثة، ثقافياً كان أم علمياً أم تجارياً.
  3. علامات الطالب في مواد معينة في الامتحان العام تتعلق بالفرع الذي ينوي التخصص فيه. فطالب كلية الفقه والعلوم الشرعية، مثلاً، يجب أن يكون حاصلاً على علامات عالية في مواد الثقافة الإسلامية ومواد اللغة العربية؛ والطالب الذي ينوي دراسة الهندسة يجب أن يكون متفوقاً في مباحث الرياضيات والفيزياء، وطالب العلوم الطبية يجب أن يكون متفوقاً في مباحث علوم الكيمياء، وهكذا. ويحدد أهل الخبرة المواد المتعلقة بكل تخصص من تخصصات الجامعة، ومعدل العلامة في كل منها.

وتضم الجامعة عدة كليات، مثل:

-      كلية الثقافة الإسلامية وعلومها: كالتفسير والفقه والاجتهاد والقضاء والعلوم الشرعية.

-      كلية اللغة العربية وعلومها.

-      كلية العلوم الهندسية: كالهندسة المدنية، والميكانيكية، والكهربائية، والإلكترونية، وهندسة الاتصالات، وهندسة الطيران، وهندسة الكمبيوتر وغيرها.

-      كلية علوم الكمبيوتر: كالبرمجة ونظم المعلومات وهندسة البرمجيات.

-      كلية العلوم: الرياضيات والكيمياء والفيزياء والكمبيوتر والفلك والجغرافيا والجيولوجيا، وغيرها.

-      كلية العلوم الطبية: كالطب والتمريض والتحاليل الطبية وطب الأسنان والصيدلة.

-      كلية العلوم الزراعية: كالعلوم الزراعية النباتية، والعلوم الحيوانية، وتربية المواشي والدواجن، وحفظ الأغذية، والأمراض الزراعية والحيوانية.

-      كلية العلوم المالية والإدارية: كالمحاسبة، وعلوم الاقتصاد، والتجارة.

وقد تستحدث كليات أخرى أو تدمج حسب الحاجة.

 

  1. 4. مراكز الدراسات والبحوث

إن مهمة هذه المراكز هي عمل الأبحاث المتخصصة والدقيقة في مختلف المجالات الثقافية والعلمية. ففي المجالات الثقافية، تسهم في الوصول إلى أفكار عميقة سواء في وضع الخطط بعيدة المدى (الاستراتيجيات) والأساليب في حمل الدعوة، عن طريق السفارات والمفاوضات، أم في الفقه والاجتهاد وعلوم اللغة وغيرها. وفي المجالات العلمية، تعمل على اختراع وسائل وأساليب جديدة في المجالات التطبيقية، كالصناعات وعلوم الذرة والفضاء، وغيرها ما يتطلب عمقاً وتخصصاً في البحث.

 

ومن هذه المراكز ما هو تابع للجامعات، ومنها ما هو مستقل يتبع إدارة التعليم مباشرة. ويعمل في هذه المراكز العلماء وأساتذة الجامعات وبعض الطلبة المتميزين الذين يظهرون أثناء دراستهم الجامعية قدرة على البحث والاختراع والتطوير.

 

  1. 5. مراكز ومعاهد الأبحاث العسكرية

ومهمتها إعداد القادة العسكريين، وتطوير وسائل وأساليب عسكرية لتحقيق إرهاب أعداء الله وأعداء المسلمين. وتتبع هذه المعاهد والمراكز أمير الجهاد.

 

فمن خلال ذلك، أيتها الأخوات، فإن دولة الخلافة ستقوم، إن شاء الله، ببناء نظام تعليمي عالمي من الطراز الأول، وستقوم بإحياء العصر الذهبي الذي يمتاز بالعلم والإبداع، وكذلك ستصنع إنجازات ضخمة في مجالات التطوير والأبحاث. ولذلك، فقد آن الأوان لوضع حد لتدخل الحضارات الغربية في شؤون التعليم العالي في بلاد المسلمين. وقد آن الأوان لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة حتى نجعل العالم مكاناً أفضل. وهي الدولة الوحيدة التي ستجعل العلم والمعرفة تخدمان الأهداف الحقيقية لخدمة البشرية، مثل المطر الذي تستفيد منه الأرض وكل ما ينبت فيها. قال النبي r: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضاً، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْساً، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» [أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه]

 

 

نداء سعادة

عضو مجلس القيادة المركزية لنساء حزب التحرير في إندونيسيا

1 تعليق

  •  Mouna belhaj
    Mouna belhaj الخميس، 07 أيلول/سبتمبر 2017م 01:35 تعليق

    "#الخلافة_والتعليم: إحياء #العصر_الذهبي"

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع