بسم الله الرحمن الرحيم

الأزمات الاقتصادية واقعها و معالجاتها من وجهة نظر الإسلام

هذه الكتيب هو نص محاضرة ألقاها

العالم/ عطاء بن خليل أبو الرشته

في المركز الثقافي – عمان/الأردن
3 من ذي الحجة 1410 هـ
الموافق 26 حزيران 1990

 


نبذة عن الكتاب


كلمة «أزمة» في اللغة تعني الشدة، وهي هنا الشدة التي يستعصي حلها إلا ببذل جهد وإفراغ وسع. وكلمة «اقتصاد» في اللغة من القصد أي استقامة الطريق، وتعني كذلك التوفير وضد الإفراط. والكلمة في الأصل مشتقة من لفظ إغريقي قديم معناه تدبير أمور البيت بحيث يشترك أفراده القادرون في إنتاج الغذاء والقيام بالخدمات، ويشترك جميع أفراده بالتمتع بما يحوزون. ثم توسع الناس في مدلول البيت فصار يقصد به الجماعة التي تحكمها دولة واحدة.

وعليه فالمقصود هنا من كلمة الاقتصاد ليس المعنى اللغوي بل المعنى الاصطلاحي وهو تدبير شؤون المال إما بتكثيره وتأمين إيجاده ويبحث فيه علم الاقتصاد، وإما بكيفية توزيعه ويبحث فيه النظام الاقتصادي.

وبذلك فإن الأزمة الاقتصادية تعني الاضطراب الشديد في تدبير أمور الدولة المالية الذي يحتاج لبذل جهد وإفراغ وسع لإزالته وإعادة الوضع إلى الاستقامة والاعتدال، وليس المقصود بالأزمة الاقتصادية الخلل البسيط في الأمور المالية الذي يمكن معالجته بالوسائل العادية. فمثل هذا الخلل يتوقع حدوثه عادة في جميع شؤون الحياة ويمكن معالجته وقبوله في الحدود المسموح بها.

والدولة التي تسير على مبدأ صحيح ووجهة نظر سليمة لا يمكن أن يحدث عندها خلل بسيط ثم تسكت عن علاجه في الوقت المناسب حتى يتراكم ويصبح خللاً مركباً ينقلب إلى أزمة، ولكن تعالجه في بدايته. وفي هذه الحالة يكون العلاج سهلاً ميسوراً.

وحيث قد علمنا أن الأزمة الاقتصادية تعني الاضطراب الشديد في تدبير أمور الدولة المالية، يصبح لزاماً أن نتعرف في البداية على كيفية تدبير الدولة - أية دولة - أمورها المالية، ثم نبين احتمالات حدوث الأزمات في هذه الأمور ومن ثم بيان معالجتها. وحتى يمكن فهم ذلك لا بد من دراسة عاملين مهمين في تأثيرهما على الوضع الاقتصادي لأية دولة وهما:
1) وحدة التبادل المالي أي النقد.
2) ميزان المدفوعات.

وخلاصة الكتاب:
- الأزمة الاقتصادية تعني الاضطراب الشديد في تدبير أمور الدولة المالية الذي يحتاج لبذل جهد وإفراغ وسع لإزالته.

- الأزمة الناتجة عن النقد تحدث في التعامل بنظام الصرف بالذهب لهيمنة الدولة، صاحبة نقد الرصيد، السياسية والاقتصادية على الدول الأخرى. وتحدث كذلك في نظام الورق الإلزامي لأنه طريق لتقلبات الأسعار والمضاربات بين الدول والمؤامرات المالية التي تؤدي إلى القلق السياسي والاقتصادي والانهيار في أسواق المال.

- أما العلاج فهو الرجوع إلى نظام القاعدة الذهبية فهو الذي يحفظ استقرار أسعار الصرف والازدهار الاقتصادي.

- والأزمة الناتجة عن ميزان المدفوعات لخلل فيه تؤدي إلى المديونية إذا لم يحسن تنشيط الاقتصاد ذاتياً وأسيء استعمال القروض، خاصة وأن القروض طريق خطر لبسط النفوذ وطريق خطر كذلك بسبب الربا وهو حرام.

- اللجوء إلى صندوق النقد الدولي يفاقم المشكلة لأنه يحلها كمعادلة حسابية مجردة يطلب زيادة الضرائب وتخفيض العملة وتجميد الأجور والرواتب أو تقليلها ورفع الدعم وغلاء الأسعار وتصميم مساعداته إلى مشاريع لا تنمي ثروة الدولة بقدر ما تجعله لا ينفك عن المساعدات والقروض فيدخل البلد في مصيدة المديونية بلا فكاك وأقصى ما يفعله للدولة التي تسير على برنامجه هو إعادة جدولة ديونها وليس إلغاءها، كذلك يسهل لها أخذ قروض جديدة فتتراكم بذلك ديونها ولا تجد مخرجاً منها كما هو حادث مع جميع الدول المتعاملة معه.

- حل أزمة المديونية يتم بعدم دفع الفوائد لأنها ربا وأن يتحمل تسديدها من شاركوا في الحكم خلالها من فائض أموالهم، كذلك عدم أخذ قروض البتة. يضاف إلى ذلك رسم سياسة سليمة في الزراعة والصناعة والتجارة واستغلال ثروات البلد الطبيعية. وكذلك إنشاء المشاريع الواجبة على الأمة وبيت المال بالإنفاق عليها أولاً من بيت المال فإن لم يكف فرضت ضرائب على أغنياء المسلمين بقدرها من فائض أموالهم.

- حل أزمة البطالة والفقر نتيجة إساءة توزيع الثروة أو عدم كفايتها يتم بإيجاد فرص العمل للقادرين عن طريق المشاريع التي تنشئها الدولة وكذلك فرض النفقة للذكور غير القادرين وللإناث على رحمهم المحرم فإن لم يوجد فالدولة هي مسؤولة عنهم بإعطائهم ما يكفيهم لسد حاجاتهم الأساسية من بيت المال فإن لم يكف فمن الضرائب على أغنياء المسلمين من فائض أموالهم.

- تضمن الدولة الحاجات الأساسية للأمة بمجموعها كما ضمنتها لهم أفراداً، والحاجات الأساسية للأفراد هي: المأكل والملبس والمسكن بالمعروف والحاجات الأساسية للأمة بمجموعها هي: التعليم والتطبيب والأمن وتشبع هذه الحاجات في الحالتين سواء كان في بيت المال مال أو لم يوجد فمن الضرائب.

واردات بيت المال الدائمية وملحقاتها هي: الأنفال والغنائم والفيء والخمس والخراج والجزية والملكيات العامة بأنواعها وأملاك الدولة من أرض وبناء ومرافق ووارداتها والعشور ومال الغلول من الحكام وموظفي الدولة ومال الكسب غير المشروع ومال الغرامات وخمس الركاز والمعادن ومال من لا وارث له، ومال المرتدين وأموال الصدقات - الزكاة - ثم الضرائب. وهذه عادة تكفي لاحتياجات الدولة خاصة بإحسان الأعمال الاقتصادية.

- ودولة الخلافة القائمة قريباً -إن شاء الله- هي التي بيدها الحل الناجع لجميع المشاكل اقتصادية كانت أو غيرها لأنها دولة السيادة فيها للشرع والسلطان للأمة ولها خليفة واحد يتبنى الأحكام الشرعية ويبايع على كتاب الله وسنة رسوله فيراقب الله في جميع أعماله هو والأمة فتنتظم الحياة كما أرادها الله سبحانه وتزدهر في جميع شؤونها.


لتحميل الكتاب: اضغط بزر المؤشر الأيمن على صورة الكتاب، ثم اختر "حفظ الهدف بإسم..."