مراسلات English البث الاذاعي
بحث في الموقع

هنا إذاعة المكتب الإعلامي
إعـــلان
...والمزيد
مواقع أخرى
 

آخر الإضافات

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الضريبة العامة على المبيعات
جرعة إفقار وتجويع جديدة
أعلنت مصلحة الضرائب في صحيفة الثورة الحكومية، في يوم الثلاثاء 27 من ربيع الثاني 1425هـ الموافق 15/6/2004م لجميع المكلفين الخاضعين لأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم (19) لعام 2001م وتعديلاته، بأن عليهم سرعة التسجيل، وأن المصلحة ستبدأ العمل بهذا القانون اعتباراً من 1 يوليو 2004م.
فيما ذكرت صحيفة الثورة في نفس العدد وفي نفس اليوم الثلاثاء 15/6/2004م بأن مجلس النواب أحال مقترحاً بتأجيل مشروع قانون ضريبة المبيعات إلى اللجنة المالية لدراسته، فكيف ستبدأ مصلحة الضرائب العمل بهذا القانون قبل إقراره من مجلس النواب، ولماذا هذا التناقض الواضح والاختلاف الفاضح بين ما يسموه (السلطة التشريعية) و(السلطة التنفيذية) في النظام الديمقراطي؟!
وكانت الحكومة اليمنية قد تدارست كيفية إخراج ما يسمى (قانون ضريبة المبيعات) أو (قانون الضريبة العامة على المبيعات)في الأشهر الماضية، وتصر الحكومة على تنفيذه خلال الأسابيع القادمة، قبل أن يقره مجلس النواب فيما دعت الجمعية العمومية للغرفة التجارية والصناعية إلى تجميد العمل بهذا القانون، ودعا المجلس الأعلى لرجال الأعمال إلى إلغائه، ولكن إلغاء هذا القانون أو تجميده لعدة سنوات قادمة صار أمراً مستبعداً وأصبح تنفيذه أمراً حتمياً، إن عدم وقوف المجلس الأعلى لرجال الأعمال وكذلك الغرفة التجارية والصناعية الموقف القوي والجريء ضد هذا القانون هيأ للحكومة الجو لتنفيذه، وبمقتضى هذا القانون تأخذ الحكومة ضريبة مقدارها 10% من قيمة السلع والخدمات (المحلية والمستوردة) حال استيرادها أو بيعها كما جاء في المادة (4/أ) من القانون رقم (19) لسنة 2001م، إضافة إلى الضرائب السابقة (ضريبة الإنتاج وضريبة الاستهلاك وضريبة الأرباح... الخ).
وأوجب القانون على كافة المكلفين الخاضعين للضريبة أن يبادروا للتسجيل في الضريبة العامة بحيث لا يقل حد التسجيل عن خمسين مليون ريال بالنسبة للسلع الخاضعة للضريبة وأربعين مليون ريال بالنسبة للخدمات الخاضعة للضريبة. المادة (6/أ)
وقد زج القانون ببعض السلع والخدمات في جدول السلع والخدمات المعفاة من الضريبة العامة، مع أن هذه الأشياء قد خضعت أو ستخضع لقانون الخصخصة، وبذلك سيكون مالكوها القائمون عليها إما من الأجانب، وإما من كبار أصحاب رؤوس الأموال المحليين، ومعهم (الشريك الاستراتيجي)، وهذه السلع والخدمات (الإنتاج النفطي والسمكي وصناعة الأسمنت وقطع الغيار وخدمات المياه والمجاري والكهرباء وخدمات النظافة والصحة... الخ).
وكذلك إعفاء الأجانب وشركاتهم من ضريبة المبيعات، وإعفاء هذه المشاريع ليس آتياً من المصلحة العامة لليمن ولا لمصلحة الشعب اليمني وإنما هو لمصلحة المستثمرين الأجانب وأذنابهم من الحاكم والمستثمرين المحليين الذي ستؤول لهم هذه المؤسسات بعد خصخصتها!!
إن هذا القانون وغيره من القوانين الاقتصادية لم تشرع بناءً على العقيدة الإسلامية، ولا منبثقة من الأحكام الشرعية، ولا من أجل التصحيح الاقتصادي أو المصلحة العامة كما يدعي الحكام، وإنما سنت تنفيذاً لتوجيهات وإملاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وذلك لتحقيق عدة أمور:
1- إبقاء خضوع الدولة المدنية لسيطرة الدول الكبرى الدائنة.
2- ضمان سداد الديون على الدولة المدنية، ولو على حساب تجويع الشعوب وإذلالهم.
3- جزء من سياسة التحرير الاقتصادي.
4- تعويض عن الفاقد الضريبي جراء الالتزام باتفاقية المنظمة العالمية (الجات).
5- تلغى ضرائب الصادرات ما يقلل من أسعار المواد الخام المنسابة للدول الصناعية الاستعمارية.
وبعد التطبيق لهذا القانون الإجرامي في حق الشعب اليمني سوف ترتفع أسعار معظم السلع والخدمات، مما سيزيد من نسبة الفقر والتجويع والبطالة، وسيزيد التضخم ويسبب الركود الاقتصادي.
إن القوانين والأنظمة التي تفرضها علينا المؤسسات الدولية والدول الكافرة لا يمكن أن تكون لمصلحة المسلمين، بل هي لزيادة نفوذ الكفار وتمكينهم من بلادنا وثرواتنا، ومن ثم منعنا من النهضة الصحيحة على أساس الإسلام، كي يعيشوا هم حياتهم المادية المترفة على حساب فقرنا وتأخرنا، وقد صرحت بذلك الدكتورة (أنكة مارتيني) مديرة منظمة الشفافية الدولية في قولها "فالرخاء الذي تعيشه الولايات المتحدة والدول الأوروبية لا يمكن أن يتأتى إلا عن طريق تصدير رواسب الممارسات الرأسمالية إلى العالم الثالث، كالمنتجات الضارة بالبيئة، وتجارة الأسلحة، وعمالة القاصرين، وتجارب الأدوية على البشر، والتسعير الاستغلالي للمواد الأولية "مثل النفط"، وتجارة المخدرات، وغسل الأموال، وتجارة النساء....".
هذا هو واقع الدول الرأسمالية، وهذه قيمة المسلمين عندهم، ومع ذلك فحكام بلادنا مصرون على اتباعهم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه، وملتزمون –أي الحكام- بأوامر الدول الرأسمالية وقوانينها، واللهث وراءها لإرضائها.
إن ما أقدمت عليه الحكومة من محاولة إخراج قانون الضريبة هذا، في ظل الركود والسيولة التي يدور فيها الاقتصاد اليمني، مخالف لبديهيات الاقتصاد الرأسمالي التي تسلم بوجوب خفض الضرائب في حالة الركود، حيث يؤدي هذا الخفض إلى مزيد من استثمار الأموال في المشروعات، ما يساعد على حركة ودوران هذه الأموال في الأسواق محدثة نوعاً من الرواج، وكذلك استيعاب أعداد من العاطلين ما يقلل من نسبة البطالة في البلاد، وهذه بديهيات وأساسيات لا خلاف عليها عند الاقتصاديين الرأسماليين، بيد أن هذه الحكومة قد فاقت الحد والوصف في قلب الحقائق وتزييف الأمور وتحدي مشاعر الناس والاستهانة بهم وبآرائهم، فنراهم –أي الحكام- يقولون (إن تطبيق ضريبة المبيعات لن يؤثر على المستهلك ولن يؤدي إلى مزيد من الركود، معللاً ذلك بتفهم التاجر وأمانته ورقابة الدولة على الأسعار، ومثل ذلك من الكلمات الجوفاء التي لا تحوي مدلولاً اقتصادياً أو فكرياً)، ومن المعلوم أن تطبيق ضريبة المبيعات الآن إنما هو بسبب ما تعانيه الموازنة العامة للدولة من عجز شديد، وبسب الإفلاس الفكري الرهيب للنظام الحاكم في اليمن!!.
وقد جاءت هذه الفكرة الجهنمية لتزيد الأعباء على جميع الكادحين والفقراء، ووصفها المروجون لها بأنها عادلة ومتسعة القاعدة وتنهي فرص التهرب الضريبي، أي أنهم فعلوا ما فعلوه بضرائب السيارات بإضافة ضريبة دائمة على البنزين، وتدفع كلما أراد صاحب السيارة شراء البنزين فهو يدفعها مع كل دبة بنزين يعبئها، وبدلاً من أن كانت تدفع في السنة مرة واحدة، تدفع الآن مرات ومرات وبدون أن يشعر الناس بهذا الظلم وهذا المال الحرام والكسب غير المشروع الذي تجنيه الدولة من الناس.
وضريبة المبيعات تؤخذ من البائع عند نشوء البيع، ويقع عبئها حتماً على المتسول والأرملة التي تعول صغارها، والفقير المعدم، ومحدودي الدخل كالموظفين والعسكريين وغيرهم، لأنها تضاف لسعر السلع.
وكذلك تضيف أعباء إضافية على أصحاب الأعمال والمحال التجارية والصناعية، فهي تطلب من التاجر تسجيل كل مبيعاته ومشترياته كما ورد في قانون الضريبة مما يجعلها عبئاً ثقيلاً على صاحب العمل والمستهلك، وكذلك تؤدي إلى رواج السلع الأجنبية وركود السلع المحلية، وهذا يؤدي على القضاء على السلع المحلية!!.
وثالثة الأثافي أنه يتساوى مقدارها على الجميع باختلاف قدراتهم ما يجعل منها مدخلاً لاختلال التوازن الاقتصادي في المجتمع وزيادة الطبقية وإشعال المصائب والشرور والفتن في المجتمع.
وفوق هذا وبسبب انتشار الرشوة في اليمن وأصبحت كشربة الماء فإنها مدخل للتزوير والتلاعب والاختلاس والفساد وتضيف فساداً فوق الفساد الذي أزكم الأنوف برائحته النتنة.
أيها المسلمون:
إن الضرائب في الإسلام ليست أصلاً من موارد الاقتصاد، ولا تفرض إلا في حالات استثنائية (حالة الطوارىء) حيث لا يكون هناك مال كاف في بيت المال للإنفاق على ما يكون واجباً على المسلمين، ولا يحتمل التأجيل، مثل نفقات الجهاد أو الحوادث والنكبات الطارئة كالزلازل والفيضانات أو نفقات المرافق العامة الضرورية للأمة مثل المستشفيات والمدارس وما شاكلها، وتفرض الدولة هذه الضرائب على المسلمين القادرين فقط، وتحدد مقاديرها بحسب رأي خليفة المسلمين، وتكون مما يفضل عن إشباع حاجاتهم الأساسية من مأكل وملبس ومسكن، وعن حاجاتهم الكمالية حسب مستويات عيشهم، وهي مؤقتة، وليست دائمية، كما هو حاصل الآن، وينتهي أخذها بانتهاء السبب الذي فرضت من أجله. أما الضرائب في اليمن فإنها تؤخذ من الناس جميعهم، يأخذها التاجر من المستهلك الفقير ليعطيها للدولة، وتنفقها الدولة فيما تنفق على الرياضة ومهرجانات الغناء والفن، وعلى سفرات المسؤولين ورفاهيتهم ورحلاتهم السياحية وقصورهم الفارهة وخدمهم وحشمهم، ناهيك عن الفساد والاختلاس والرشاوى في الأموال العامة.
إن الحلول والمعالجات الصحيحة لا تكون من القوانين الوضعية المستوردة والمفروضة، إنما تكون من الإسلام، فالإسلام أوجب توفير الحاجات الأساسية وهي المسكن والمأكل والملبس لجميع أفراد الرعية، مسلمين وغير مسلمين، فرداً فرداً، وتمكين المجموع من إشباع حاجاتهم الكمالية على أرفع مستوى، أما الاقتصاد الرأسمالي الوضعي الذي أخذت حكومتنا (الرشيدة!!) منه قانون ضريبة المبيعات، فهو لم يفرق بين الأساسي والكمالي، ولم يعط أي اعتبار لأي قيمة أخلاقية أو إنسانية أو روحية سوى القيمة المادية ومقياس النفعية.
إن الاقتصاد في الإسلام لا يعرف مشكلة الفقر بين رعاياه فديوان الزكاة في بيت المال كافٍ لإنهاء الفقر وإغناء الفقراء قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ .
ولا يعرف الإسلام البطالة، فهو يعطي المال للمدين المعسر، ويعطي الأرض الموات بلا مقابل لمن حجرها وأحياها بالزرع أو التشجير أو التعمير، وليس في الإسلام ضرائب أو ما يسمى ضمانات أو تأمينات تثقل كاهل أصحاب العمل، وليس فيه جمارك تحد من حركة التجارة الخارجية إلا معاملة بالمثل بين دولة الخلافة وغيرها من الدول، وليس فيه إحالة إلى التقاعد أو المعاش بل يكفل الإسلام الرعاية لجميع أفراد الرعية الموظفين والعاجزين عن النفقة، يقول صلى الله عليه وسلم : «من ترك مالاً فلورثته ومن ترك كلاً فإلينا» ، ولا يبيح الإسلام السفه بالإنفاق على الحرام، أو الإنفاق الباذخ على سفرات المسؤولين ورفاهيتهم ومواكبهم أو بالإنفاق على مشرعات ومهرجانات ترفيهية وعلى الإعلام الساقط وعلى نشر العهر وفساد الأخلاق والفكر المنحط. ولا يعرف الاقتصاد في الإسلام أزمات سيولة وركود بسبب تراكم الأموال في يد الأغنياء لأن الدولة تقوم بإعطاء الناس من أموالها لدفع دورة المال في البلاد بقوله تعالى: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ﴾ .
أيها المسلمون يا أهل اليمن:
إن هذه القوانين الوضعية التي تحكمون بها، ومنها قانون ضريبة المبيعات وإضافة إلى أنها أنظمة كفر يحرم تطبيقها، فهي أيضاً لن تحل المشكلة الاقتصادية، بل ستزيدكم عنتاً وفقراً وسترهن بلادكم وسيادتكم بيد الكفار المستعمرين، فقد ضمن لكم الإسلام الطمأنينة والاستقرار وتوفير أجواء الرواج للسلع وحركة الأموال للمسلمين وغير المسلمين.
... فإنكم إن سكتم عن هؤلاء الحكام، ورضيتم بالقوانين الوضعية التي يفرضونها عليكم، أوردوكم الفقر والذل في الحياة الدنيا، وأدخلوكم معهم مدخلهم يوم القيامة، ويومئذ لن ينفعكم قولكم، كما قال تعالى: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا﴾ .
من أجل ذلك وغيره من صنوف سوء الرعاية والأساليب الخبيثة التي تفرضها علينا أميركا وبريطانيا ومؤسساتهما المالية والاقتصادية، ندعوكم –يا أهل اليمن- وخاصة أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى لرجال الأعمال والغرفة التجارية والصناعية والأحزاب والتجار وكبار الرأسماليين أن يرفضوا هذه القوانين الوضعية، ويرفضوا التسجيل في مصلحة الضرائب وأن لا يتقيدوا بها، وأن يتقيدوا بالإسلام وتطبيق أحكامه بإقامة دولته (دولة الخلافة) والعمل مع العاملين على إقامتها، ونبذ كل أنظمة الكفر، وندعوكم –يا أهل اليمن- إلى العيش في طمأنينة الإسلام وعدله وسعته والخروج من جور الرأسمالية، وظلمها الذي لا يرقب في البشرية إلاً ولا ذمة فكيف بكم؟!
﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾


4 جمادى الأولى 1425هـ   حـزب التحريـر
22/6/2004م   ولاية اليمن

تحميل و طباعة إرسال لصديق تعليق أو سؤال عودة إلى القسم

إقرأ أيضا:
  • جباية الضرائب الدائمة حرام في الإسلام والأصل إلغاء الضريبة العامة على المبيعات وليس تخفيضها
  • كتاب مفتوح... إلى أعضاء المجلس الوطني- مكتب السودان
  • سياسة الإفقار والتجويع
  • بيان صحفي لـحزب التحرير - إندونيسيا: مراسم التعزية على مستوى البلاد
  •