موقع المكتب الإعلامي تغطية شهر رجب الخاصة شارك برأيك خبر وتعليق البث الإذاعي

بسم الله الرحمن الرحيم
خبر وتعليق
فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية ودلالاته

جاء فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية أكبر مما كان يتوقعه المراقبون بل أكبر مما توقعه الحزب نفسه؛ حيث إنه كان يتوقع أن يحصل على ما يتراوح بين 35% إلى 45% من أصوات الناخبين، فكانت النتيجة أن فاز بـ 48% من أصوات الناخبين في نتائج أولية؛ الأمر الذي يمكّنه من تشكيل حكومة بمفرده. غير أن هذه النسبة لا تكفي ليتمكن من تغيير أي شيء في الدستور بمفرده، بل هو بحاجة إلى المعارضة ليتمكن من ذلك. ومع هذا التقدم لحزب العدالة حصل تراجع لحزب الشعب الجمهوري الكمالي المغالي في علمانيته وفي عدائه للإسلام؛ حيث إن ما حصل عليه حزب العدالة من أصوات هو ضعفَيْ ما حصل عليه حزب الشعب. ولقد جاءت هذه الانتخابات في غير موعدها نتيجة لاحتدام الصراع بين الجيش والقوى التي تدعمه من جهة، وحزب العدالة من جهة أخرى على خلفية الانتخابات الرئاسية التي جرت في أواخر شهر نيسان، والتي رشح حزب العدالة عبدالله غول لخوضها ولكنه لم يتمكن من الحصول على النسبة الكافية من الأصوات داخل البرلمان، والتي تؤهله للفوز بالرئاسة رغم أن التصويت حصل أكثر من مرة مما أدى إلى مشكلة في الحكم تمثلت بعدم انتخاب رئيسٍ للجمهورية، فتم تقديم موعد الانتخابات البرلمانية لتكون استفتاء على حكومة حزب العدالة وتوجهه في الحكم مقابل الجيش والأحزاب الكمالية التي اعتبرت أن سيطرت حزب العدالة على الرئاسة بعد الحكومة سيعزز نفوذه في الدولة؛ الأمر الذي رأت فيه تهديداً للعلمانية مما دفعهم للخروج بمظاهرات قالوا بأنها مليونية تنادي بحماية العلمانية والجمهورية وتحذر من أي تهديد لها.
إن هذا الفوز الكاسح لحزب العدالة، بعد كل هذا التجييش والتعبئة لأنصار العلمانية الكمالية خلال الشهرين الماضيين، يدل على أن الشعب صوت ضدهم وضد علمانيتهم وضد دور الجيش الذي يعتبر نفسه حاميا للعلمانية؛ هذه العلمانية التي يشعرون بالخطر عليها من أي توجه إسلامي، ولو كان شكلياً لا يمس الجوهر، نعم يحق لهم أن يخافوا عليها من كل حركة لأنها نظامٌ لا أساس له؛ فهي دخيلة وليست نابعة من عقيدة الأمة، طارئة وليست أصيلة. لقد عبر الشعب المسلم في تركيا عن رفضه للعلمانية وأنه يهفو للإسلام. لا يعني هذا أن حزب العدالة يحمل المشروع الإسلامي، بل هو حزب علماني في فكره ومشروعه، ولكنه يخادع قواعده الشعبية لكسب تأييدها بتطعيمه خطابه لها بالشعارات الإسلامية، وأنه سيعمل على التخفيف من وطأة العلمانية على المسلمين كموضوع حظر الحجاب في المدارس مثلا، بل إن لحزب العدالة دورا خطيرا جداً في حماية ما تبقى من الجمهورية التي كانت تترنح للسقوط أواخر التسعينيات بعد تعرضها لهزات قوية سياسية واقتصادية وحضارية كادت تقضي عليها فدخل السلطة، وعمل على بث الحياة فيها من جديد ليطيل في عمرها، وزعم بأن العلمانية لا تتعارض مع الإسلام بل يمكنهما العيش معاً بدل أن يعمل للإجهاز عليها ليخلص المسلمين من شرورها وجحيمها.
على كل حال إن علمانيتهم إلى زوال لا محالة، ولا يصح في النهاية إلا الصحيح. وأن الصراع معها سيستمر، وأن الإسلام سيقضي عليها سواء أكانت علمانية عارية أم متحجبة، وسواء كانت جارحة كما في تركيا أم مهادنة كما في أندونيسيا حتى يأتي أمر الله وتحسم المعركة معها، وينتصر الإسلام، ويظهر الله دينه ويعلي رايته فتقام الخلافة، ويطبق الإسلام وتتوحد الأمة وتحمل الدعوة إلى العالم أجمع ليعم نور الله الأرض جميعاً.
((هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون))

منذر عبدالله
لبنان

23/07/2007