Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

(سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")

 أجوبة أسئلة

 أحكام تفصيلية في سفر المرأة

 إلى Ghazi Jdira - Amine Dbibi - Mosab Al-Natsha - محمد أحمد - حمزة مفتاح - الدكتورة نسرين - الأخت غمزة - عبد المؤمن الزيلعي.

 

 

الأسئلة:

 

أولا:

 

(1)Ghazi Jdira

السلام عليكم شيخي،

شيخي، هنالك الكثير من النساء يسافرن إلى أماكن بعيدة من أجل العمل أو الدراسة دون محرم سواء من بلد إلى آخر أو من مدينة إلى أخرى ويقضين هنالك زمناً طويلا يصل أحيانا إلى سنة مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة دون محرم لها».

فهلا بينت لنا هذه المسألة رجاء بالتفصيل، وما أمر الله فيها؟

وبارك الله فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

(2) Amine Dbibi‎‏

أميرنا الكريم قائد المسير لبر الخلافة،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

هل يجوز سفر مجموعة من النساء دون محرم؟؟؟

 

(3) Mosab Al-Natsha

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: شيخي الفاضل أكرمك الله، عندي بعض الأسئلة فيما يخص سفر المرأة أرجو التكرم بالتوضيح وجزاكم الله كل خير، وأعانكم، ووفقكم.

 

السؤال: ورد في كتاب النظام الاجتماعي تحت عنوان تنظيم الصلات بين الرجل والمرأة: "منع المرأة من أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم، قال عليه الصلاة والسلام «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الأخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم لها». أخرجه مسلم وعن ابن عباس أنه سمع النبي الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: «لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا ومعها محرم ولا تسافر إلا مع ذي محرم» فقام رجل فقال: يا رسول الله: إن امرأتي خرجت حاجّة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: «انطلق فحج مع امرأتك». أخرجه مسلم. هل يُفهم من الحديث الأول المسافة فقط بأن لا تزيد عن يوم وليلة، كأن تسافر المرأة من عمان إلى إسطنبول ثلاث ساعات بالطائرة وتمكث في إسطنبول أسبوعاً للتسوق أو الترفيه، أم يُفهم أن مدة الرحلة والإقامة لا يجوز أن تتعدى يوماً وليلة دون محرم؟ وكيف إن سافرت المرأة للدراسة في بلد ما، فهل تصبح مقيمة في هذا البلد أم يجب أن يكون معها محرم؟

 

أما بالنسبة للحديث الثاني فأمْرُ رسول الله بالحج مع زوجته هل هو خاص بالحج أم بالسفر بشكل عام؟ وهل يفهم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم «انطلق فحج مع امرأتك» أن لا تذهب المرأة للحج إلا مع محرم؟...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

‏(4) محمد أحمد

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. تحية طيبة وبعد..

 

أريد أن أسألك عن موضوع السفر للنساء، هل يجوز لمجموعة من النساء السفر بدون محرم من الرجال؟ وإذا سافرت امراة مع رجل محرم، وبعد الانتهاء من مسافة السفر ذهبت المرأة وحدها إلى بلدة أخرى.. هل هذا جائز؟ بارك الله فيك

 

ثانياً: سؤال على الخاص من الأخ حمزة مفتاح: يمكنك معرفة جواب سؤالك من الأجوبة العامة على الفيس حول سفر المرأة.

 

ثالثاُ: الإخوة الذين أرسلوا أسئلتهم حول سفر المرأة عن طريق مناطقهم: (الدكتورة نسرين، الأخت غمزة، عبد المؤمن الزيلعي) يمكنكم معرفة جواب أسئلتكم من الأجوبة العامة على الفيس حول سفر المرأة.

 

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

إن أسئلتكم متشابهة وذات علاقة ببعضها، ويمكن إجمالها على النحو التالي:

 

1/ هل يجوز للمرأة السفر يوماً وليلة فأكثر دون محرم؟

 

2/ هل يمكن تقدير السفر باليوم والليلة بالمسافة فنقول مثلاً إن معدل السير يوماً وليلة بالإبل مثلاً وليس بالسير على الرجلين أو بالطائرة... فنقدرها بخمسين كيلو متراً مثلاً، ومن ثم نجعل القيد بالمسافة وليس بالزمن بوجوب المحرم؟ هل هذا يجوز؟

 

3/ هل يمكن للمحرم أن يعود إلى بلده الأصلي بعد الوصول إلى المكان المقصود وترك المرأة وحدها هناك تقضي أغراضها؟ أو لا بد أن يبقى معها إلى أن تقضي أغراضها؟

 

4/ هل ينطبق موضوع الزمن يوم وليلة على سفر المرأة للحج، بمعنى إذا كان سفرها أقل من يوم وليلة فإذن تذهب إلى الحج بدون محرم؟ أو أن للحج حكماً خاصاً فمهما كانت المسافة والزمن يجب أن يرافقها المحرم في الحج؟

 

وللجواب على هذه الأسئلة المجملة نقول، وبالله التوفيق:

 

أولاً: إن سفر المرأة إذا كان يستغرق يوماً وليلة فلا بد أن يكون معها محرم، والأدلة الشرعية مستفيضة في هذا المعنى، ونذكر منها:

 

- أخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ» أي محرم. وفي رواية عن أبي سعيد الخدري "يومين"، وفي رواية عن ابن عمر "ثلاثة أيام".

 

- وأخرج مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا» وفي رواية عن أبي سعيد الخدري "مسيرة يومين"، وفي رواية أخرى عنه "ثلاثة أيام فصاعدا".

 

- وأخرج الترمذي، وقال هذا حديث حسن صحيح، عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ».

 

- وأخرج ابن حبان في صحيحه عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا»، وفي رواية عن أبي سعيد عن الرسول "يومين".

 

- وأخرج أحمد حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُسَافِرْ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمٍ تَامٍّ، إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»... وفي رواية عن أبي سعيد الخدري "مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ".

 

- وأخرج أبو داود حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ، إِلَّا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا».

 

ومنه يتبين ما يلي:

 

1- التقييد للسفر هو بالزمن كما في النصوص الصحيحة يحرم على المرأة أن تسافر وحدها دون محرم المدة المذكورة أي يوماً كاملاً (24 ساعةً)، الليل والنهار، وهذا يعني أن النصوص تدل على الزمن "يوم وليلة" وليس على المسافة، فلو سافرت بطائرة دون محرم ألف كيلومتر فذهبت ورجعت دون أن تمكث تلك المدة فيجوز لها ذلك. أما لو سافرت مشياً عشرين كيلومتراً واحتاج منها ذلك أكثر من نهار وليلة فيحرم عليها دون محرم.

 

- فالعبرة في السفر دون محرم للمرأة هي بالزمن، نهار وليل، مهما كانت المسافة، فإن لم تمكث المرأة هذا الزمن، بل سافرت ورجعت قبلها فيجوز ذهابها دون محرم.

 

2- وأما ما ورد في رواية البخاري ومسلم والترمذي وأحمد وابن حبان بالزمن (ثلاثة أيام أو ثلاث ليالٍ، يومين، يوم وليلة، ليلة)، فبالجمع بين الأدلة يكون الحكم الشرعي أن لا تسافر المسيرة الأقل إلا مع ذي محرم، أي لا تسافر مسيرة ليلة، لأن عدم المسير "ليلة" يحقق عدم المسير يومين، ثلاثة... وفي اللغة يطلق العرب الليلة على اليوم كاملاً أي على نهار وليلة، قال تعالى في سورة مريم: ﴿قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً﴾، وفي آل عمران ﴿قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً﴾، وواضـح من الآيتين أن (ليالٍ) هي (أيام). وتقول العرب (كتبته لكذا ليلة خلت من شهر كذا) أي لكذا يوم خلا. وهذا يعني أن العرب تطلق ليلة على اليوم بكامله.

 

وبالتالي فيحرم على المرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع زوج أو ذي محرم، وهذا ما أخذنا به وتبنيناه في النظام الاجتماعي.

 

ثانياً: الأدلة الواردة في المسافة:

 

هناك رواية لأبي داود تقيد السفر بالمسافة بمقدار (بريد)، والبريد أربعة فراسخ، أي نحو (22 كم) ولم تقيدها بالزمن (يوم وليلة) فهذه الرواية مرجوحة للأسباب التالية:

 

1- إنها تقيِّد السفر بالمسافة وهذا يعني أن الزمن لا قيمة له، فهي تحتاج محرماً إذا سافرت (22) كم سواء أقطعتها في يوم أم يومين... وأما الأحاديث الأخرى فتقيد بالزمن أي يوم وليلة، سواء أقطعت فيهما مائة كم أم مئات... أي أن إعمال حديث المسافة يلغي الزمن، وإعمال حديث الزمن يلغي المسافة، فهنا تعارض، وعند التعارض يُعمَد إلى الترجيح، وواضح أن أحاديث البخاري ومسلم وباقي الصحاح، كل هذه أرجح من رواية أبي داود الوحيدة التي فيها (بريد)، هذا من ناحية.

 

2- ومن ناحية أخرى فإن رواية أبي داود بالبريد مضطربة فهي كما يلي:

 

(حدثنا يوسف بن موسى عن جرير عن سهيل عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر بريداً إلا معها ذو محرم».

 

وأبو داود نفسه ينقل عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أربعة أحاديث يقول فيها يوماً وليلة. وكذلك أبو داود نفسه ينقل عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة حديثين في الأول يقول (ليلة)، وفي الثاني يقول (يوماً وليلة):

 

- حديث أبي داود الذي ذكرناه سابقاً: أخرج أبو داود حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ، إِلَّا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا».

 

- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَالنُّفَيْلِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ الْحَسَنُ: فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ، تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ يَوْماً وَلَيْلَةً». فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَعْنَبِيُّ، وَالنُّفَيْلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مَالِكٍ، كَمَا قَالَ الْقَعْنَبِيُّ.

 

 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «بَرِيداً».

 

فكل روايات أبي داود من طريق سعيد بن أبي سعيد (تارة عن أبيه وأخرى مباشرة) عن أبي هريرة يذكر التقييد بالزمن (يوماً وليلة). علماً بأن أحمد روى الحديث بالطريق نفسه عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة وذكر (يوم تام)، ورواية واحدة لأبي داود من الطريق نفسه عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة تقول "بريداً".

 

وهذه الروايات ترجح أن أبا هريرة حدث سعيدَ بن أبي سعيد (أو أبيه) حدثه يوماً وليلة، ولم يحدثه بريداً.

 

وبالتالي فالراجح هو ما ذكرناه في النظام الاجتماعي (يوماً وليلة) أي «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم».

 

3- هذا ما نقول به مع ملاحظة الأمور التالية:

 

- نحن نقول الراجح ولا نقول رأينا مقطوع به، هذه واحدة...

 

- والثانية فإننا نقول بجواز أن تسافر أقل من يوم وليلة دون محرم ولا نقول بالوجوب، لذلك فإذا أرادت المرأة أن لا تسافر مسيرة نصف نهار إلا مع ذي محرم فلها ذلك، المهم أن لا تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها محرم...

 

- والثالثة أن اشتراط الحديث مرافقة المحرم للمرأة أثناء سفرها يدل على لزوم صون المرأة وحفظها وأن تكون آمنة، ولذلك فإنه لا يجوز للمرأة أن تسافر إن لم تأمن على نفسها إلا بمحرم، فلا تسافر بدون محرم حتى وإن كان الزمن ساعة من نهار، فالأمن على نفسها شرط آخر...

 

- والرابعة أنه لا يجوز لها السفر إلا إذا أذن لها الزوج أو وليها مهما كانت المدة حتى وإن رافقها محرم للأدلة الشرعية في ذلك.

 

ثالثاً: ما سبق هو الجواب عن المحرم للمرأة خلال السفر، أما عند وصول المرأة البلد المسافرة إليه ولم تتخذه إقامة دائمة لها بل لقضاء غرض كأن تكون مسافرة للتجارة أو لدورة تعليمية أو للزيارة أو العلاج فهل يستمر المحرم معها إلى أن تعود إلى موطنها الأصلي أو يجوز لها أن تقوم بهذه الأمور وحدها دون مصاحبة المحرم لها...؟

 

وللجواب على ذلك، نقول وبالله التوفيق:

 

إنه بعد إنعام النظر وإعمال الفكر في هذه المسألة تبين ما يلي:

 

1- إن نصوص الأحاديث التي استعرضناها أعلاه رتبت وجوب المحرم على كلمة "مسيرة" وكلمة "سفر". أما كلمة "مسيرة" فواضح أنها خلال السير قبل وصول المكان المقصود. وأما كلمة "سفر" فهي في اللغة كذلك أي خلال الطريق قبل وصول المكان المقصود:

 

- جاء في لسان العرب (4/ 367) لمؤلفه محمد بن مكرم، جمال الدين ابن منظور الأنصاري (المتوفى: 711هـ):

(والسَّفَرُ: خِلَافُ الحَضَرِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ كَمَا تَذْهَبُ الرِّيحُ بِالسَّفِيرِ مِنَ الْوَرَقِ وَتَجِيءُ، وَالْجَمْعُ أَسفار... والسَّفْر، وَالْمُسَافِرُونَ بِمَعْنًى. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَهل مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ: يَا أَهل الْبَلَدِ صَلُّوا أَربعاً فأَنا سَفْرٌ) انتهى وللعلم فقد أخرج الطبراني في الكبير هذا الحديث بروايتين:

 

الأولى: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: "مَا سَافَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْماً، كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ: «يَا أَهْلَ مَكَّةَ قُومُوا فَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ فَأَنَا سَفْرٌ».

 

والثانية: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَحَجَجْتُ مَعَهُ فَكَانَ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولُ: «أَتِمُّوا الصَّلَاةَ يَا أَهْلَ مَكَّةَ فَإِنَّا سَفْرٌ» (المعجم الكبير للطبراني)

 

- جاء في القاموس المحيط (ص: 408) لمؤلفه: مجد الدين أبو طاهر الفيروزآبادي (المتوفى: 817هـ):

• ورجلٌ سَفْرٌ وقومٌ سَفْرٌ وسافِرةٌ وأسْفارٌ وسُفَّارٌ: ذَوُو سَفَرٍ، لِضِدِ الحَضَرِ.

 

والسَّفَرَةُ: الكَتَبَةُ، جَمْعُ سافِرٍ، والملائِكَةُ يُحْصونَ الأَعْمَالَ، وبلا هاءٍ: قَطْعُ المَسافةِ

 

- جاء في الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (2/ 685) لمؤلفه أبو نصر إسماعيل الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ)

[سفر] السَفَرُ: قطعُ المسافة، والجمع الأَسْفارُ.

 

- جاء في مختار الصحاح (ص: 148) لمؤلفه: زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الرازي (المتوفى: 666هـ): (السَّفَرُ) قَطْعُ الْمَسَافَةِ وَالْجَمْعُ (أَسْفَارٌ).

 

2- ولذلك فالمحرم بموجب الأحاديث هو خلال السفر "قطع المسافة"، أي خلال الطريق كما بيناه أعلاه، ولا ينصرف السفر إلى المكان المقصود إلا إذا ورد نص خاص فيه، وقد ورد نص في قصر الصلاة وفي جواز الإفطار في رمضان خلال المكان الذي يصله بعد سفره بشرط أن لا يتخذه إقامة دائمة له، فهناك مدة اختلف في تحديدها الفقهاء يجوز خلالها قصر الصلاة والإفطار في رمضان بعد أن يصل المسافر إلى المكان المقصود... فمثلاً بعضهم قال يجوز له القصر والفطر مدة أربعة أيام، ومنهم من قال 15 يوماً ومنهم من قال إلى أن ينجز المرء الغرض الذي سافر من أجله، ولكن هذا كما قلنا هو خاص في قصر الصلاة والإفطار في رمضان لورود أدلة خاصة في هذين الأمرين وهي معروفة في كتب الفقه، وأما غير ذلك فينصرف السفر إلى قطع الطريق كما بيناه أعلاه.

 

رابعاً: الوصول للمكان المقصود:

 

1- إن هذه مسألة أخرى لها أحكام أخرى غير الأحكام المتعلقة في السير خلال الطريق، فتلك الأحكام مرتبطة بالطريق، فإذا انتهت الطريق وتم الوصول للمكان المقصود، فتصبح هنا مسألة جديدة لها أحكام غير أحكام الطريق، سواء أكان السفر طويلاً بحاجة للمحرم أم كان قصيراً لا يحتاج لمحرم كما سنبينه أدناه، فالوصول إلى المكان المقصود تختلف أحكامه عن السفر خلال الطريق، فالمرأة إذا وصلت للمكان المقصود ولزم أن تبيت يوماً أو يومين...إلخ فإنها تحتاج السكن الآمن الذي يحفظ لها حياتها الخاصة والعامة ولباسها الشرعي وحركتها إلى أن تنهي غرضها مهما كان طول سفرها أو قصره... ولذلك فموضوع الأحكام خلال الطريق تختلف عن الأحكام عند الوصول إلى المكان المقصود دون اتخاذه إقامة أصلية وإنما هو وجود مؤقت لقضاء أغراض لها كعلاج أو دورة تعليمية أو شراء مواد تجارية... إلخ.

 

2- وبناء عليه فإن الأحكام عند وصول المكان المقصود تختلف عن الأحكام خلال السفر في الطريق، فهذه المسألة أي وصول المكان المقصود دون اتخاذه إقامة أصلية، هذه المسألة تتوقف على توفر الأمن في ذلك المكان بالنسبة لإقامة المرأة، أي أمانها في سكنها وأمانها في حركتها خارج البيت، وهذا أمر يتطلبه واقع المرأة وسلامة عيشها. جاء في مقدمة الدستور في المادة 112: (الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت، وهي عرض يجب أن يصان.)، وكما هو واضح من شرح المادة فالمرأة تحتاج إذن وليها أو زوجها في الخروج... ولها حياة خاصة لها أحكام خاصة تمنع عيشها مع الرجال الأجانب بل مع زوجها أو مع محارمها... وفي الحياة العامة تمنع من الخلوة ومن الاختلاط إلا لحاجة يقرها الشرع... ولها لباس شرعي خاص "الجلباب، وستر العورة، ومنع التبرج".

 

 3- وكل هذا يقتضي الأمن والأمان للمرأة ليتحقق واقعها من كونها عرضاً يجب أن يصان بأن يتوفر الأمن والأمان وهذا يحتاج إلى تحقيق المناط... وبدراسة هذه المسألة فإن الرأي الراجح لدي هو كما يلي:

 

أ- إذا كان المكان المقصود هو بعد سفر يوم وليلة فأكثر أي مع المحرم، وأرادت المرأة أن تبقى في المكان المقصود يوماً أو يومين أو ثلاثة...إلخ لتكمل أعمالها فهل يبقى معها المحرم أو لا؟

 

والجواب:

 

- في البداية نقول إن المرأة إذا كانت غير قادرة على تدبير نفسها، كأن تكون مسافرة للعلاج، أو كانت صغيرة، فعلى المحرم أن يبقى معها خلال سفرها وخلال مدة بقائها في المكان المقصود إلى أن تنهي الغرض الذي سافرت من أجله.

 

أما إن كانت عاقلة بالغة تستطيع تدبير أمورها فإن الجواب على ذلك نفصله فيما يلي:

 

*- إذا كان المكان المقصود هو دار إسلام أي ضمن حدود دولة الخلافة، سواء أكان في ولايتها أم كان في غير ولايتها، فالأمن والأمان متحقق بإذن الله وعليه فإذا وصلت المكان المقصود بعد سفرها فيوفر لها المحرم سكناً آمناً عند محارمها إن كانوا، فإن لم يكونوا، وكان لها معارف من النساء الصالحات المأمونات يطمئن المحرم بصلاحهن فيوفر لها المحرم سكناً آمناً مع امرأة أو امرأتين من هؤلاء النساء، أي ليس في بيت وحدها، فإن لم يكن لها محارم أو معارف من النساء الصالحات المأمونات، فيمكن للمحرم الاستعانة بأجهزة دولة الخلافة المسئولة عن رعاية شئون المسافرين داخل ولايات الدولة لتوفير السكن الآمن، فإن وفر لها جهاز الدولة سكناً آمنا يطمئن المحرم به، فتقيم المرأة فيه المدة المطلوبة لإنهاء عملها، وسواء أبقي معها المحرم الذي صاحبها في السفر أم عاد، فلا شيء في ذلك ما دام عيشها الآمن متحققاً في دار الإسلام، والتواصل معها متوفراً في دار الإسلام كلما لزم... وعندما تريد العودة يرجع المحرم إليها ليعود معها ما دام السفر يوما وليلة فأكثر...

 

فإن لم يكن لها محارم ولا معارف من النساء المأمونات الصالحات، ولم يطمئن المحرم بتوفير أجهزة الدولة للسكن الآمن، فإما أن يبقى المحرم معها، وإما أن يرجعا.

 

*- إذا كان المكان المقصود في البلاد الإسلامية غير دار الإسلام، فهذه تقسم إلى قسمين:

 

الأول: إذا كان السفر في مناطق في دولتها ولكنها دولة واسعة تنطبق عليها أحاديث السفر للمرأة يوماً وليلة فأكثر، فإذا وصلت المكان المقصود فيوفر لها المحرم سكنا آمنا عند محارمها إن كانوا، فإن لم يكونوا، وكان لها معارف من النساء الصالحات المأمونات يطمئن المحرم بصلاحهن فيوفر لها المحرم سكناً آمناً مع امرأة أو امرأتين من هؤلاء النساء، أي ليس في بيت وحدها، فتقيم فيه إلى أن تنهي غرضها، على أن يتواصل معها تليفونيا أو بوسائل التواصل (الاجتماعي) أسبوعياً على الأقل... فإن كان لها به حاجة فعليه السفر إليها... وعندما تريد العودة فعلى المحرم أن يعود إليها ويسافر معها راجعاً إلى بلده ما دام سفرها يستمر يوماً وليلة فأكثر...

 

 فإن لم يكن لها محارم أو معارف من النساء الصالحات المأمونات، فإما أن يبقى المحرم معها إلى أن تنهي غرضها، وإما أن يرجعا معاً.

 

الثاني: إذا كان السفر من بلد إسلامي إلى بلد إسلامي آخر وكل منهما في دولة، وسفرها بين البلدين يوماً وليلة فأكثر... ففي هذه الحالة يجوز للمرأة إذا وصلت المنطقة المسافرة إليها أن يرجع المحرم إلى منطقته ولا يبقى مصاحباً لها بشرط أن:

 

- يوفر المحرم لها سكناً تقيم فيه بأمن وأمان كأن تكون عند محارمها أو عند معارفها من النساء الصالحات المأمونات، أي ليس في بيت وحدها... ويبقى المحرم أسبوعاً بعد تأمين سكنها ليطمئن المحرم بسلامة حركتها من البيت إلى غرضها في أيام الدوام ويوم العطلة الرسمية، وحيث إن هذه العطلة تتكرر في الأسبوع، فإذن لا أرى أن يقل بقاؤه معها عن أسبوع للاطمئنان... ويتواصل معها تليفونياً أو بوسائل التواصل (الاجتماعي) يومياً، فإذا اتضح له أنها بحاجة إليه فيجب أن يسافر لها فوراً للاطمئنان... وعندما تريد العودة فعلى المحرم أن يعود إليها ويسافر معها راجعاً إلى بلده ما دام سفرها يستمر يوماً وليلة فأكثر...

 

فإن لم يكن لها محارم ولا معارف من النساء الصالحات فإما أن يبقى المحرم معها إلى أن يصبح لها معارف من النساء الصالحات المأمونات ومن ثم يوفر لها سكناً آمنا مع تلك المعارف ثم يمكث أسبوعا بعد ذلك... وإما أن يرجعا...

 

- إذا كان المكان المقصود في بلاد غير إسلامية فإنه ينظر:

 

- فإن كان لها هناك محارم من الرجال تسكن عندهم أو بقربهم (مجاورة لهم) بحيث يطمئن المحرم المسافر معها بأنها ستكون آمنة هناك في حياتها الخاصة والعامة، أو كان لها هناك محارم نساء كأمها أو أختها أو عمتها وتسكن معها، ولا يكفي السكن قريباً منها... في هاتين الحالتين يجوز للمحرم المسافر معها أن يعود بعد الاطمئنان على أمنها وأمانها، بشرط موافقة ولي الأمر أو الزوج وبشرط أن يكون التواصل الشخصي أو بالمراسلة متوفراً معها كلما لزم... ثم عندما تريد العودة يرجع لها المحرم ليصحبها في سفر العودة ما دام يوماً وليلة فأكثر.

 

- أما إن لم يتوفر ما سبق فيجب أن يستمر المحرم معها إلى أن تعود إلى بلدها الأصلي لأن متطلبات الأمن والأمان التي تقتضيها حياة المرأة بكونها عرضاً يجب أن يصان، هذه المتطلبات غير متحققة في البلاد غير الإسلامية إلا أن تكون عند محارمها كما ذكرنا.

 

ب- إذا كان المكان المقصود بعد سفر قصير لا يحتاج إلى محرم في السفر وأرادت أن تبقى في المكان المقصود يوماً أو يومين أو ثلاثة...إلخ فما الواجب بالنسبة لها في هذه الحالة؟ فهل تحتاج إلى محرم؟

 

إن الجواب كما يلي:

 

*- إذا كان المكان المقصود دار إسلام، سواء أكان في ولايتها أم كان في غير ولايتها، فيجوز لها أن تسافر دون محرم لأن زمن السفر أقل من يوم وليلة، فإذا لم ترجع من يومها وأرادت أن تبقى يوماً أو يومين أو ثلاثة...إلخ فيجوز لها أن تبقى عند محارمها أو عند معارف لها من النساء المؤمنات المأمونات الصالحات لا غير أي ليس في بيت وحدها، على شرط أن تأخذ موافقة مسبقة على السكن مع تلك المعارف من الولي أو الزوج باطمئنان.

 

- أما إن لم يكن لها محارم ولا معارف من النساء الصالحات المأمونات اللاتي يوافق وليها أو زوجها على السكن معهن فيجب أن ترجع من يومها أو يسافر معها محرم يؤمن لها سكنها كما ذكرنا في حالة السفر مع المحرم.

 

*- إذا كان المكان المقصود واقعاً في البلد الإسلامي الذي تعيش فيه ولكنه ليس دار إسلام وكان زمن السفر أقل من يوم وليلة فيجوز لها أن تسافر دون محرم فإذا لم ترجع من يومها وأرادت أن تبقى يوماً أو يومين أو ثلاثة...إلخ فيجوز لها أن تبقى عند محارمها أو عند معارف لها من النساء المؤمنات المأمونات الصالحات لا غير أي ليس في بيت وحدها على شرط أن تأخذ موافقة مسبقة على السكن مع تلك المعارف من الولي أو الزوج باطمئنان.

 

أما إن لم يكن لها محارم ولا معارف من النساء الصالحات المأمونات اللاتي يوافق وليها أو زوجها على السكن معهن فيجب أن ترجع من يومها أو يسافر معها محرم يؤمن لها سكنها كما ذكرنا في حالة السفر مع المحرم.

 

*- إذا كان المكان المقصود واقعاً في بلد إسلامي غير الذي تعيش فيه وليس دار إسلام وكان زمن السفر أقل من يوم وليلة فيجوز لها أن تسافر دون محرم.. ولكن لأن السفر من بلدها إلى بلد آخر وفيه إجراءات عند الحدود، فيجب أن تصحبها رفقة من النساء مأمونات لا تقل عن واحدة، بحيث يكون غرضها من السفر هو الغرض نفسه الذي تسافر المرأة لأجله، وبعبارة أخرى أن يكون غرض الرفقة المصاحبة، وغرض المرأة المسافرة هو نفسه... فإذا أرادت أن تبقى هناك يوما أو يومين فيجوز لها بالشروط التالية:

أن يكون لهما محارم هناك تسكن كل واحدة عند محارمها فإن لم يكن لهما محارم فيجب أن يكون لهما معارف من النساء الموثوقات المؤمنات المأمونات، وأن يوافق الوليان أو الزوجان على سكنى المرأتين مع تلك المعارف وفق المبين في الشروط أعلاه.

 

فإذا لم تتحقق تلك الشروط أعلاه، أي إن لم يكن لكل منهما محارم، ولا معارف لكل منهما يوافق الوليان أو الزوجان على سكنى المرأتين مع تلك المعارف، فيجب أن ترجع من يومها.

 

*- إذا كان المكان المقصود واقعاً في بلد غير إسلامي أي في بلاد الكفار فيجب في هذه الحالة أن يسافر مع المرأة زوجها أو وليها أو محرمها ويكون الأمر كما جاء في حالة السفر الطويل الذي يحتاج محرماً...

 

خامساً: وأما الأدلة التي اعتمدنا عليها لتحقيق الأمن والأمان للمرأة بعد وصولها للمكان المقصود، سواء أكان ذلك بعد سفر طويل يحتاج محرماً أم كان بعد سفر قصير لا يحتاج محرماً، فهي الأدلة التي ذكرناها في أول الوصول إلى المكان المقصود، وأعيدها:

[وبناء عليه فإن الأحكام عند وصول المكان المقصود تختلف عن الأحكام خلال السفر في الطريق، فهذه المسألة أي وصول المكان المقصود دون اتخاذه إقامة أصلية، هذه المسألة تتوقف على توفر الأمن في ذلك

 

المكان بالنسبة لإقامة المرأة، أي أمانها في سكنها وأمانها في حركتها خارج البيت، وهذا أمر يتطلبه واقع المرأة وسلامة عيشها. جاء في مقدمة الدستور في المادة 112: (الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت، وهي عرض يجب أن يصان.)، وكما هو واضح من شرح المادة فالمرأة تحتاج إذن وليها أو زوجها في الخروج... ولها حياة خاصة لها أحكام خاصة تمنع عيشها مع الرجال الأجانب بل مع زوجها أو مع محارمها... وفي الحياة العامة تمنع من الخلوة ومن الاختلاط إلا لحاجة يقرها الشرع... ولها لباس شرعي خاص "الجلباب، وستر العورة، ومنع التبرج".]

 

 وكل هذا يقتضي الأمن والأمان للمرأة ليتحقق واقعها من كونها عرضاً يجب أن يصان بأن يتوفر الأمن والأمان وهذا يحتاج إلى تحقيق المناط... وما أرجحه، في هذا الأمر هو ما ذكرته أعلاه بتوفر كامل الشروط... والله أعلم وأحكم.

 

سادساً: بالنسبة للحج فالراجح هو وجوب المحرم في الحج، للأدلة التالية:

 

- أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقَالَ: «اخْرُجْ مَعَهَا».

 

- قال ابن حجر في شرحه للحديث السابق في كتاب فتح الباري: (وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيق بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِلَفْظِ «لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»)

 

فهذان الحديثان يذكران الحج خاصة، ولا يقيدانه بسفر ولا بمدة معينة للسفر، فكل من تسافر للحج يلزمها محرم يصحبها في سفرها وحجها بغض النظر عن طول السفر، ثم إن السفر إلى الحج وكذلك التنقل بين المناسك، يحتاج إلى قضاء أمور ليست سهلة... فلا بد من استعانة المرأة بغيرها في التنقل وقضاء الحوائج...

 

وهناك من الفقهاء من يجيز الحج الواجب بصحبة النساء المأمونات مثل الشافعي والإمام مالك. ومنهم من يجيز ذلك في كل "سفر واجب" كالإمام مالك. ولكن الراجح هو أن لا بد من المحرم في الحج، سواء أكانت المسافة طويلة أم قصيرة، والله أعلم وأحكم

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

27 صفر الخير 1440هـ

الموافق 2018/11/05م

 

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على  الفيسبوك

 رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على  غوغل بلس

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) ويب

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.