الثلاثاء، 07 شوال 1445هـ| 2024/04/16م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

(سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")


جواب سؤال حول
القضاء والقدر


إلى Ahmad Nadhif

 

 

السؤال:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جاء فى كتاب التيسير في أصول التفسير ص ٤٤: "...أم نقليا أي عن طريق النقل المقطوع به عن الله سبحانه في كتابه الكريم أو عن رسوله ﷺ في حديثه المتواتر عنه ﷺ كالإيمان بالمغيبات والملائكة والكتب المنزلة سابقا والأنبياء السابقين واليوم الآخر والقدر خيره وشره. يقول سبحانه في سورة النساء آية ١٣٦ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ ويقول صلوات الله وسلامه عليه جوابا لسؤال جبريل عليه السلام عن الإيمان في الحديث: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله تعالى»" انتهى. عندي سؤال أرجو منكم التوضيح. إن كان الحديث المذكور متواترا حتى بني عليه الإيمان بالقدر، فلماذا لم يرد في كتاب الشخصية الإسلامية ج١ حين بحث عن العقيدة الإسلامية؟ بل صاحب الكتاب رحمه الله تعالى يقول بأن الإيمان بالقضاء والقدر بني على الدليل العقلي.


جزاك الله خير جزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

الجواب:


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،


قبل البدء بالجواب، فإني ألفت نظرك إلى أمرين يبدو أن عندك التباساً فيهما، وهذان الأمران هما (القدر) الوارد في الآيات والأحاديث ومصطلح (القضاء والقدر)، فهما موضوعان وليسا موضوعاً واحداً، فموضوع (القضاء والقدر) الذي قرأته في كتاب النظام أو الشخصية هو يختلف عن (القدر) الوارد في الحديث الذي تسأل عنه.


والآن إليك الجواب عن سؤالك:


1- ما جاء في رواية مسلم من قول النبي ﷺ جواباً على سؤال جبريل عليه السلام عن الإيمان: قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»، ليس حديثاً متواتراً بل هو خبر آحاد صحيح ، ومع ذلك فإن الاستدلال به في الموضع الذي ذكرته في سؤالك من كتاب التيسير في أصول التفسير هو استدلال صحيح، لأنه أقيم دليلاً على ما طُلب الإيمان به ولم يُقَم دليلاً على الموضوع الذي طُلب الإيمان به، فطلب الإيمان بالإسلام يكون بالآية وبالحديث من رسول الله ﷺ، وحتى برسالة يرسلها ﷺ، فقد أرسل الرسول ﷺ رسائل مع رسل أرسلهم ﷺ للملوك يدعوهم للإسلام...


2- ولكن عند إقامة الحجة على أن القدر من العقيدة ومنكره كافر، وعند إثبات أنه علم الله، وكل شيء مكتوب منذ الأزل في اللوح المحفوظ، عندها يُعمد إلى الأدلة القطعية، فتُذكر الآيات القاطعة على القدر بمعنى التقدير في الأزل أي أن ما من شيء في الأرض، ولا في السماء إلا والله يعلمه منذ الأزل ومقدر منذ الأزل ومكتوب في اللوح المحفوظ منذ الأزل... ومن هذه الآيات القاطعة: قوله تعالى: ﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ﴾ فقدّر في هذه الآية معناها التقدير في الأزل. وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾، ومعنى لكل شيء قدراً، أي لكل شيء تقديراً وتوقيتاً والمراد تقديراً في الأزل، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾، فإن معناها أنه لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا في الأزل وما قدره علينا، ونحن متوكلون على الله، وقوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾، معناها إلا أمم أمثالكم مكتوب أرزاقها، وآجالها، وأعمالها، كما كتبت أرزاقكم وآجالكم وأعمالكم، ما تركنا وما أغفلنا في اللوح المحفوظ من شيء، فأطلق الكتاب على اللوح المحفوظ، أي كل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ، وهذا كناية عن علم الله، أي ما من شيء إلاّ والله يعلمه. وقوله تعالى: ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾، أي إلاّ مكتوبة في اللوح المحفوظ، وهو كناية عن علمه سبحانه بدليل الآية نفسها.


3- ومن الجدير ذكره أن القدر بهذا المعنى أي التقدير في الأزل أو الكتابة في اللوح المحفوظ أو علم الله سبحانه بأن الأمر الفلاني سيحصل لا يعني الاتكال على علم الله بحصول العمل، وعدم الأخذ بوسائل القيام به، أو عدم الأخذ بالأسباب والمسببات، وذلك لأن علم الله لم ينكشف لأحد فيعلم أنه سيقع أو لا يقع، ولهذا لا يمكن العلم بالشيء بأنه سيحصل، أو لا يحصل، إلا بعد الأخذ بوسائل القيام به، ومباشرته، وبعد ذلك ينكشف الواقع من حيث وجود العمل، أو عدم وجوده، ومن هنا لا يصح أن يتكل أحد على علم الله، ويترك العمل، وقد استشكل ذلك على الصحابة فنبههم الرسول ﷺ أن لا يتكلوا، وأمرهم أن يعملوا، فقد أخرج البخاري عن علي كرم الله وجهه «فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: أَلاَ نَتَّكِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لاَ، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، ثُمَّ قَرَأَ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى الآيَةَ» وهذا صريح بأن الإيمان بالقدر لا يعني الاتكال، لأن القدر والكتابة، أي علم الله لا ينكشف لأحد من الخلق، فعلى أي شيء يتكل؟


ولهذا قال الرسول ﷺ لمن سأله ألا نتكل؟ قال له: «لا»، أي نهاه عن الاتكال ولم يكتف بذلك بل قال له أيضاً: «اعْمَلُوا» أي أمره بالعمل، ولهذا فإن الإيمان بالقدر لا يعني عدم العمل.


آملاً أن يكون جواب سؤالك حول القدر قد أصبح واضحاً

 

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

 

رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك

رابط الجواب من موقع الأمير


رابط الجواب من صفحة الأمير على الغوغل بلس

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع