- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
هل قصف طهران لقاعدة العديد الأمريكية في قطر تكرار للسيناريو السابق؟
الخبر:
خلال حرب إيران وكيان يهود قصفت أمريكا المنشآت النووية الإيرانية بطائرات بي-2. وردت إيران بقصف قاعدة العديد الأمريكية في قطر بالصواريخ.
التعليق:
أولاً، إن هجوم إيران على كيان يهود وقصفها للقاعدة الأمريكية في قطر أمر يبعث على الارتياح؛ ولكن بالنظر إلى الأحداث التي تطورت مع هجوم إيران، يطرح السؤال التالي نفسه: هل هذه الهجمات الإيرانية دليل على دخولها في حرب حقيقية مع كيان يهود وأمريكا أم أنها مجرد تكرار للسيناريو السابق؟
ولكي نفهم حقيقة إيران، دعونا نلقي نظرة سريعة على ماضيها وعلاقتها بأمريكا:
ومن هنا بدأ دورها في المنطقة، بل عندما ساعدت أمريكا الخميني في إسقاط الشاه وجلبه من باريس ليتسلم مقاليد الحكم عندما تعهد لها بالسير في فلكها. وعندما اندلعت الثورة السورية الأولى في ثمانينات القرن الماضي دعمت إيران نظام الأسد التابع لأمريكا، وأجبرت الفصائل الإسلامية في لبنان مثل حركة التوحيد على الاستسلام له. وفي الثورة السورية الثانية التي اندلعت عام 2011 أرسلت عساكرها وأشياعها ليقاتلوا أهل سوريا المسلمين الثائرين على النظام والداعين لإقامة الخلافة وحكم الله.
ودعمت إيران أمريكا في احتلالها لأفغانستان والعراق وجعلت أشياعها يؤيدون الاحتلال، وجعلتهم منذ عام 2014 يقاتلون بجانبها المسلمين الثائرين على أمريكا وعملائها، ودعمت الحوثيين الذين دعمتهم أمريكا للاستيلاء على الحكم في اليمن.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم قيام إيران بأي هجوم مؤذ ضد كيان يهود منذ بدء الحرب على غزة، وعدم قيام الحوثيين الذين تدعمهم في اليمن بأي هجوم ضد كيان يهود على الرغم من إعلانهم وقوفهم إلى جانب غزة، وعدم وجود أي تأثير للصواريخ التي أطلقتها الجماعة يردع كيان يهود أو يلحق به الضرر، كل ذلك دليل آخر يؤكد حقيقة موقف إيران.
وفي واقع الأمر، أدلت أمريكا بتصريحات عديدة تفيد بأن كل تصرفات إيران في المنطقة تمت بعلمها. فعلى سبيل المثال خلال حملته الانتخابية، أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتصريح التالي لأنصاره في مقطع فيديو صدر في 11 حزيران/يونيو 2023: "إيران طلبت منا بعد مقتل سليماني أن تطلق صواريخ على قواعدنا وذلك لأنها بحاجة لحفظ ماء الوجه أمام الرأي العام"، وقال: "إن الإيرانيين اتصلوا بنا، وقالوا ليس لدينا خيار، علينا أن نضربكم لحفظ ماء الوجه. وأنا فهمت ذلك. لقد ضربناهم، عليهم أن يفعلوا شيئا، وقالوا سنقوم بإطلاق 18 صاروخا على قاعدة عسكرية معينة لديكم، لكن لا تقلقوا، لن تصل الصواريخ إلى القاعدة" وأضاف: "هل تتذكرون تلك الليلة، كنت الوحيد الذي لم يكن متوترا لأنني كنت أعرف ما سيحدث، 5 من الصواريخ التي أطلقتها إيران حلقت فوق القاعدة وباقي الصواريخ انفجرت خارج منطقة القاعدة، لم أتكلم عن هذه القصة من قبل، وتكلمت بها الآن لتعرفوا مدى الاحترام لأمتنا وبلدنا". وهذا هو الواقع الآخر الذي يظهر حجم علاقة إيران مع أمريكا.
الآن ننتقل إلى قيام طهران بقصف قاعدة العُديد الأمريكية في قطر بصواريخ؛ ومن أجل توضيح هذا الموضوع بشكل كامل، نورد خبراً نشرته صحيفة نيويورك تايمز يوم 24/06/2025 وتوقيعه من مراسلة الصحيفة في مكتب الأمم المتحدة والمسؤولة عن أخبار إيران والشرق الأوسط، فارناز فاسيحي: "إيران كانت تبحث عن مخرج قبل إطلاق الصواريخ التي استهدفت القاعدة الأمريكية في قطر. حتى إن مجلس الأمن القومي الأعلى الإيراني عقد صباح أمس اجتماعاً استثنائياً لمناقشة كيفية الرد على الهجوم الأمريكي. إيران لا تريد أن تكون في موقف ضعيف. وبالفعل، وفقاً للمعلومات التي قدمها أربعة مسؤولين إيرانيين مطلعين على خطط الحرب، لم يتم الكشف عن أسمائهم، فإن خامنئي أراد أن تظل الردود على الولايات المتحدة ضمن حدود معينة، وبالتالي تجنب الدخول في حرب شاملة مع الولايات المتحدة. السلطات أكدت أن إيران تريد ضرب هدف أمريكي في المنطقة، لكنها تريد أيضا منع أي هجمات جديدة من الولايات المتحدة. كما أفاد اثنان من أعضاء الحرس الثوري الإيراني في تصريحات للصحيفة أن قاعدة العُديد الجوية تم قصفها لسببين: السبب الأول هو أن هذه القاعدة هي أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، ويُعتقد أن هذه القاعدة تُستخدم لتنسيق هجمات طائرات B-2 التي شنت في عطلة نهاية الأسبوع. السبب الثاني هو أن قطر تعد حليفاً قريباً لإيران، لذا كان يُعتقد أن الأضرار يمكن أن تُحافظ على حدها الأدنى. مرة أخرى، أكد أحد المسؤولين أن الخطة قبل الهجوم على القاعدة الأمريكية في قطر كانت عدم قتل أي جندي أمريكي، لأنه كان هناك قلق من أن أي خسارة في الأرواح في الجانب الأمريكي قد تدفع الأمريكيين إلى الرد، ما قد يؤدي إلى بدء دورة جديدة من الهجمات. في البيان الذي أدلى به ترامب عقب الهجوم، تم التأكيد على أن 13 صاروخاً من أصل 14 صاروخاً أطلقتها إيران تم إسقاطها، ولم تقع أي خسائر في الأرواح أو إصابات، وأن الأضرار كانت طفيفة. بل إن ترامب أدلى بتصريح مثير للاهتمام، حيث شكر إيران على "إرسال إنذار مبكر"، وأكد أنه لم تقع إصابات نتيجة لذلك. أما إدارة طهران فقد قدمت الهجوم للرأي العام على أنه "ثمن هجوم الأمريكيين على إيران". وقال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أمام الكاميرات إن الحرس الثوري هو الذي نفذ الهجوم، مضيفاً: "نحذر أعداءنا: عصر الضرب والفرار قد انتهى". كما أشادت المشاهد التي بثها التلفزيون الإيراني الرسمي بالانتصار الذي حققته إيران على القوى الإمبريالية". (الاقتباس من الصحيفة انتهى).
إذا انتبهنا إلى النصوص الواردة في الصحف، نجد أن إيران تبني جميع تحركاتها على رد فعل أمريكا. وكما ورد في الخبر أعلاه، فإن إسقاط 13 صاروخاً من أصل 14 صاروخاً أطلقتها إيران وعدم وقوع أي خسائر في الأرواح أو إصابات هو أفضل دليل على ذلك. هذا يشير في الواقع إلى أن إيران لم تقم بهجوم خطير من شأنه إلحاق الضرر بأمريكا، بل قامت بهذه الهجمات فقط من أجل الحفاظ على سمعتها أمام شعبها. إن ترامب، الذي هو بالفعل عدو الإسلام والمسلمين، قد كشف عن هذه الحقيقة في تصريحه حول هجوم إيران على القاعدة العسكرية الأمريكية، حيث قال: "أشكر إيران على الإنذار المبكر، لذلك لم تكن هناك خسائر في الأرواح". أين يُرى أن عدواً يشكر بسبب الهجوم الذي تم عليه، بالله عليكم؟!
مع الأسف، تشير جميع هذه المؤشرات إلى أن إيران لم تدخل في حرب جادة ضد أمريكا وكيان يهود، وأنها خانت الله ورسوله والمؤمنين، بما في ذلك أهل غزة، وأنها تتصرف فقط من أجل مصالحها الشخصية، ولا تكترث أبداً بدماء المسلمين الأبرياء. لذلك يجب على جميع المسلمين أن يدركوا هذه الحقيقة، وأن يبايعوا فوراً خليفةً راشداً ينتقم من كيان يهود وأمريكا، ويحمي دماء وأرواح وأعراض المسلمين، ويستجيب بجيوش ضخمة لصرخة مسلم واحد في أي مكان في العالم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رمضان أبو فرقان