Logo
طباعة
أردوغان والهوية المخرومة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أردوغان والهوية المخرومة

 

 

الخبر:

 

قال الرئيس التركي أردوغان: "إنّ فجر تركيا العظيمة والقوية يبزغ اليوم مع دخول آفة الإرهاب مرحلة النهاية بدءا من يوم أمس إذ دخلت آفة الإرهاب التي استمرت 47 عاما مرحلة النهاية بإذن الله، فاليوم يوم جديد وصفحة جديدة فتحت في التاريخ، اليوم فُتحت أبواب تركيا العظيمة والقوية على مصراعيها"، وأضاف: "عندما تتحد القلوب تختفي الحدود، وكخطوة أولى سنُنشئ لجنة برلمانية لبدء مناقشة المتطلبات القانونية لعملية نزع سلاح التنظيم المذكور"، وأكّد على أنّ: "الحكومة ستصب تركيزها على مهامها الأساسية وتحشد الموارد ليس لمكافحة الإرهاب، بل من أجل التنمية ورخاء تركيا، تركيا انتصرت وانتصر الأتراك والأكراد والعرب وكل فرد من مواطنينا البالغ عددهم 86 مليون نسمة".

 

وكان سياسيون ومراقبون قد تجمعوا لحضور مراسم رمزية لحرق السلاح، والتي أُقيمت في كهف كازين الأثري بالقرب من بلدة السليمانية في العراق، حيث وضع حوالي 30 رجلا وامرأة من الجماعة المسلحة أسلحتهم في مرجل كبير تم إشعال النار فيه لاحقا، وأعلن مقاتلو حزب العمال الكردستاني في بيان عزمهم على مواصلة (النضال من أجل الحرية) من خلال (السياسات الديمقراطية والوسائل القانونية).

 

وكان الزعيم الكردي أوجلان قد حثّ البرلمان التركي على تشكيل لجنة لإدارة عملية السلام الأوسع وخاصة مع حزب العمال الكردستاني الذي أسسه أوجلان عام 1978، والذي خاض حرباً ضد الدولة التركية منذ عقود من أجل إقامة دولة كردية مستقلة في جنوب شرق تركيا.

 

التعليق:

 

إنّ قول أردوغان: "فاليوم يوم جديد وصفحة جديدة فتحت في التاريخ، اليوم فُتحت أبواب تركيا العظيمة والقوية على مصراعيها"، يدل على أنّ العنصرية المُمثلة بالرابطة القومية، ومدح العنصر التركي، والتركيز على الهوية التركية، وما فيه من إهمال لباقي المكونات الإثنية كالعرب والكرد سيجعل الرابطة بين المسلمين مبنية على أسس غريزية وليست عقلية، وأنّ الدولة التي يُعمل لتقويتها هي دولة للأتراك فقط، وأمّا الآخرون فهم درجة ثانية وعليهم أنْ يكونوا مُوالين للأتراك، وهذا - بلا شك - يُغذي الصرع فلا يتوقف بين الإثنيات والمكونات التي تعيش داخل الأناضول.

 

وبذلك لم تُحل المشكلة القومية للأكراد قطعاً، فهم ما زالوا يصرون على مواصلة النضال من أجل الحرية من خلال السياسات الديمقراطية والوسائل القانونية، كونهم لم يُعاملوا مُعاملة الأتراك، فلم تتساو القوميات في ظل هيمنة إحداها على الأخريات.

 

ومن هذا المُنطلق فالأكراد يرفضون الانصهار في المجتمع في تركيا لأنهم يتصفون بقومية ثانية، فهم ليسوا أتراكاً، والعرب الذين يقطنون تركيا هم أيضاً لا ينسجمون مع طرح أردوغان عن دولة تركية واحدة كوطن للجميع، لأنهم عرب وليسوا أتراكاً.

 

لقد كان من الصواب ومن الناحية الشرعية أن لا يتبنّى أردوغان فكرة الهوية التركية وأن يستبدل بها الهوية الإسلامية، وأن لا يدعو إلى هيمنة الدولة القومية ذات العرق التركي على سائر القوميات الأخرى، بل كان عليه أن يطرح فكرة الرابطة الإسلامية التي تستوعب الجميع على قدم المساواة بلا فرق بين التركي والكردي والعربي، فالعقيدة الإسلامية هي عقيدة كل مسلم سواء أكان كرديا أم تركيا أم عربيا، ولا فرق بين المسلمين إلا بالتقوى، فالتقوى هي المقياس وليس القومية، والعقيدة هي الأساس، وليس الرابطة القومية ذات النعرة الجاهلية.

 

فدعوة أردوغان إلى بناء دولة تركية عظيمة هي دعوة جاهلية ودعوى مثقوبة، وكان عليه أن يستبدل بها رابطة الإسلام كعقيدة ينبثق عنها نظام، وهي الرابطة الوحيدة الصحيحة المبنية على عقيدة الإسلام، الموافقة للفطرة، والمبنية على العقل، لا أنْ يتمسك بالرابطة القومية الجاهلية المنحطة التي تعتمد على الغرائز الحيوانية والجوعات البهيمية.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أحمد الخطواني

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.