- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
تقليص حصص التربية الإسلامية لصالح الموسيقى والفنون!
فرع من سياسة مرسومة لعلمنة الدولة والمجتمع في سوريا
الخبر:
أثار وزير التربية السوري جدلا واسعا في الأوساط التعليمية والدينية، بعد قراره المفاجئ بتقليص حصص التربية الدينية في المدارس من أربع إلى اثنتين أسبوعيا، وإلغاء مادّة القرآن الكريم وآدابه، واستبدال مادّتي الموسيقى والفنون بها، في خطوة عدّها كثيرون مغامرة تربوية غير محسوبة العواقب. ورأى متابعون أنّ الوزير وضع نفسه في مواجهة مباشرة مع التيار الديني المحافظ، بعد هذا القرار الذي عُدّ صادما في بلد لطالما أَولى التعليم الديني مساحة واسعة ضمن المناهج الدراسية. (عربي٢٤، ٥/١٠/٢٠٢٥)
التعليق:
إنّها صدمة جديدة يتلقّاها أهل سوريا بقرار وزارة التربية تقليص حصص التعليم الديني والثقافة الإسلامية من أربع حصص في الأسبوع إلى حصّتين. لصالح ماذا؟ لصالح الموسيقى والفنون! ليتّضح أنّ الجانب التربوي لم يسلم من سياسة العلمنة التي تنتهجها سلطة دمشق الجديدة. فالحصص الأربع التي كانت مخصّصة للثقافة الإسلامية هي في الأصل أقلّ كثيرا من الحجم المطلوب الذي ينبغي أن يخصَّص للتنشئة الإسلامية، فهي أقل من معدّل حصّة واحدة يوميا، ومع ذاك قُلّصت إلى النصف! فكان من الطبيعي أن يستفزّ هذا القرار أهل سوريا المتديّنين المحبّين لدينهم والذين توقّعوا أن يؤدّي سقوط نظام الإجرام والفسق والفجور إلى تظهير الهويّة الإسلامية لسوريا، وليس إلى تهميشها.
وأخطر ما في المشهد أنّ الاحتجاجات ركّزت على مطلب الحفاظ على الحصص الأربع دون تقليص، بحيث لو لبّت السلطة مطلبهم فإنّهم سوف ينصرفون راضين مسرورين بانتصارهم على الوزير المعتدي! مع أنّ الواجب على الدولة في مجال التعليم المنهجي هو أبعد كثيرا من مجرّد حصص أربع. فليست القضيّة أن تكون ثمّة حصص قليلة مخصّصة للتربية الدينية بينما سائر الموادّ ذات الطابع الثقافي لا علاقه لها بالدين.
إنّ الأصل في سياسة التعليم المنهجي هو أن تكون الغاية الأولى منها تكوين الشخصية الإسلامية، قبل الغاية التي تلي أهمّيةً، وهي اكتساب الطالب المهارات والكفايات التي تؤهّله لاختيار اختصاصه العلمي في المستوى الجامعي، أو مهنته أو حرفته في سوق العمل. وعليه فإنّ الواجب هو أن يخصّص للثقافة الإسلامية وعلوم الإسلام ما لا يقلّ عن نصف المنهاج. فليست القضية مجرّد تحفيظ لسور من القرآن وتعليم الصلاة والصيام. وإنّما الواجب أن يدرَّس الطلّاب ملخّصات ومقدّمات لعلوم الإسلام بعمومها، من أجل أن تخرّج لنا المدارس والجامعات شخصيات إسلامية تتعامل مع الحياة كلّها على أساس العقيدة الإسلامية ووفق مفاهيم الإسلام وتشريعاته، لا أن تخرّج لنا أناساً يحملون الثقافة الغربية في مجالات المجتمع والسياسة والاقتصاد والحضارات والفلسفة والتشريع مع هامش من التديّن في السلوك الفردي والعائلي فقط. فهذه المعركة التي يخوضها كثير من المخلصين الآن من أجل حصّتين، على ما فيها من تعبير عن الغيرة على الدين ومستقبل الأجيال، هي قاصرة جدّا. إذ يجب أن تذهب أبعد من ذلك بكثير، بحيث يكون مطلبها إقرار تعليم منهجي يقوم على أساس العقيدة الإسلامية، وتكون سياسته وغايته إنتاج الشخصيات الإسلامية المتزوّدة بعلوم الإسلام كافّة.
والأهمّ من هذا كلّه أن يتنبّه أهل سوريا إلى أنّ خطيئة وزير التعليم هذه ليست سوى فرع من الخطيئة الكبرى التي يرتكبها حكّام سوريا الجدد، وهي سياسة علمنة الدولة والبلاد وتكريس الحكم بالكفر، ليقتصر إنجاز ثورة أهل سوريا الأبرار على مجرّد إسقاط الطغمة المجرمة التي حكمت البلاد نصف قرن بالنار والحديد والإجرام، مع بقاء سوريا دولة علمانية وظيفية وعضواً في نظام إقليمي تابع للنظام الدولي بزعامة فرعون العصر أمريكا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد القصص
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير