- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
حرب غزة وباطنها الذي لا يقل إجراما عن ظاهرها
الخبر:
تحت عنوان "تحذيرات أممية من مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة"، ذكرت قناة الجزيرة أن بيانات للأمم المتحدة وتقديرات ميدانية من منظمات الإغاثة أشارت إلى أن كمية الذخائر غير المنفجرة في قطاع غزة تتجاوز 7 آلاف طن.
وتشير التقديرات، كما ورد في التقرير، إلى أن إزالة جميع هذه المخلفات قد تستغرق 20 إلى 30 سنة ما لم يكن هناك تدخّل هندسي دولي واسع وسريع.
التعليق:
لم تكن حرب كيان يهود الوحشية على غزة لمدة عامين، فترة وانقضت، وبالرغم من الإعلان عن توقف إطلاق النار وإنهاء الحرب رسميا، فقد زرع الكيان الملعون بحربه الملعونة القذرة أدوات استمرارها، وطوال عامين من مدة تلك الحرب لم يكن يسعى إلى قتل أهل غزة ومجاهديها فقط، بل كان يسعى أيضا إلى قتل كل إمكانية للحياة في غزة مستقبلا.
الألغام غير المنفجرة ليست هي الآثار الوحيدة التي ستبقى لتلك الحرب، ففي مقابلة مع قناة الجزيرة كشفت الباحثة في مجال الهندسة المعمارية، لوسيا ريبولينو، أن ما حدث في غزة لم يقتصر على إبادة البشر، بل امتد ليشمل إبادة بيئية تعرف بـ"الإيكو سايد"، ومما ذكرت في المقابلة أن ما حصل هو تدمير منهجي واسع النطاق من خلال التدمير الشامل للبيئة العمرانية؛ حيث الاستهداف "المنهجي" للمستشفيات والمدارس والمؤسسات الثقافية وغيرها، إضافة إلى الهجمات المتكررة على إنتاج الغذاء واستهلاكه، ما شكل استراتيجية واسعة لجعل الأرض والمساحة غير صالحتين للحياة، حيث رصدت الأدلة على التدمير الزراعي المتعمد في البساتين والأراضي الزراعية في المنطقة الشرقية من القطاع، وحيث طال التدمير أكثر من ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية، وحيث وصل فقدان الغطاء النباتي إلى 90%، إضافة إلى التربة المالحة والمياه الملوثة والنظام البيئي المسموم بفعل القصف والجرافات والحطام السام، وحيث توقفت البنية التحتية للمياه عن العمل من الأنابيب ومنشآت معالجة الصرف الصحي، وغير ذلك مما جاء في المقابلة.
وبالرغم من تلك الجرائم الفظيعة التي ستكشف الأيام القادمة مزيدا منها عندما ينقشع الغبار، وبالرغم من شدة عدوانية هذا الكيان وفساده، فقد اختارت الأنظمة وحكام المسلمين التغاضي، بل التعامي عن كل ذلك، إلى درجة الحميمية التي تكلم عنها ويتكوف في معانقة الوفود لوفد الكيان حين توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، وكذلك السعي نحو التطبيع والعيش معه وكأن شيئا لم يكن! وبدلا من استشعار خطورة هذا الكيان في المنطقة والتفكير الجدي في الخلاص منه ومن فساده، فقد تواطأ الجميع على أن الخطر الوحيد الذي ينبغي التخلص منه هو سلاح غزة وجهاد أهلها، ليتم التعامل معها كما تم التعامل مع ألمانيا عقب الحرب العالمية، بل وأسوأ، قاتلهم الله أنى يؤفكون!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرحمن اللداوي