- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ
الخبر:
أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريحات صادمة أعلن فيها أنه وجّه وزارة الحرب الأمريكية للاستعداد لأي عملية عسكرية محتملة في نيجيريا، بدعوى حماية النصارى من الجماعات الإسلامية المسلحة. وقد أكد وزير الحرب الأمريكي في تصريح مكمّل: أن أمريكا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما سماه إرهاباً إسلامياً يهدد النصارى، مطالباً نيجيريا بالتحرك إما أن تحميهم، أو سنتدخل نحن مباشرة للقضاء على الإرهابيين الإسلاميين.
في حين اعتبر مراقبون أن الخطاب الأمريكي يعكس انحيازاً دينياً واضحاً تحت غطاء مكافحة الإرهاب. تصريحاتٌ أثارت موجة انتقادات واسعة واعتبرها كثيرون تجسيداً لسياسة الغرب القائمة على حماية أتباعه باسم الإنسانية، فيما يصمت أمام دماء المسلمين المنتهكة في فلسطين ولبنان وسوريا والأويغور وبورما وكشمير وأفريقيا الوسطى وغيرها. (2025/11/3)
التعليق:
أما آن للمسلمين أن يعتبروا من مواقف الغرب وقادته؟! فها هو رئيس العلمانية يترك علمانيته التي يتشدق بها ليل نهار ويتوعد بالدفاع عن النصارى بجيشه، لا لشيء إلا لعداوتهم وبغضهم للإسلام والمسلمين. وبينما يُذبح المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، لا تسمع همساً لحكام وقيادات وجيوش قد أقسمت أن تحميهم!
يُظهر هذا المشهد التناقض الفاضح بين من يملك دولة تحمله على نصرة عقيدته وإن كانت باطلة ومحاربة ما سواها، وبين أمة الإسلام التي فرّقها الغرب الكافر وحكامها المنصّبون عليها الذين جرّعوها الذلّ والتبعية الظاهرة للغرب.
إن غياب الخليفة الذي يذود عن الإسلام والمسلمين هو أصل الداء، وإن الأمة لن تستعيد عزّها إلا حين يكون لديها من يقودها بالإسلام ويجمع شتاتها تحت رايته. أما أولئك الحكام التابعون للغرب الكافر، فهم سبب الضعف والضياع، ولن يُرجى منهم خيرٌ لأمتهم ما داموا يسيرون في ركاب أسيادهم.
وهكذا، فإنّ كلمات ترامب وموقف أمريكا الصليبية ليست إلا مرآة لواقعٍ مقلوب، فالدرس الذي يُفهم من تصريح ترامب ووزارة حربه ليس في تهديدها، بل في حميتهم على من يرونهم من أهل دينهم وإن كانوا لا يقرونه، مقابل خذلان من يُفترض أنهم أولياء أمر المسلمين لأمتهم. ذلك هو الفرق بين أمة لها إمامٌ يُقاتَل من ورائه، وأمةٍ فرّطت في إمامها فضاعت في مهبّ الأمم. الغرب يغار على دينه، والمسلمون لا معتصم لهم يغار عليهم. وبين الغيرة والغفلة يظلّ ميزان القوة يميل لمن يملك إرادةً ووحدةً وسلطاناً، فأين المعتصم الذي يعصم المسلمين؟! قال رسولنا ﷺ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ».
إنّ هذا المشهد يكشف فراغ الأمة من قيادة صادقة تحمل عقيدتها حملاً سياسياً يترجم قول النبي ﷺ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ». لكن المسلمين اليوم تُركوا فريسة لتجاذب القوى الكبرى، تحكمهم أنظمة وُضعت لتخدم مصالح الغرب لا مصالحهم ودينهم، وعطلوا قول الله عز وجل ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾. فأين النصر لأهلنا في غزة وكل فلسطين ولبنان وسوريا وعامة بلاد المسلمين؟! ومن ذا الذي يحمل راية الدفاع عن المظلومين كما رفعها علي وعمر اقتداء برسول الله ﷺ وعملا على منهاجه.
إنّ غياب الدولة الراعية التي تذود عن المسلمين وتوحّد صفوفهم هو الجرح الأعمق في جسد الأمة ولن يندمل الجرح إلا حين تستعيد الأمة وعيها وكرامتها، وتعمل مع حزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية في واقع الحياة بإقامة دولة الخلافة الراشدة فتنبذ التبعية وتنهض على أساس دينها وعدله، فيعود لها من يحمل سيفها بصدق وعدل ورحمة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سيف مرزوق – ولاية اليمن