- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
اليمن بين مطرقة التقسيم الدوليّ وسندان التطبيع مع كيان يهود
الخبر:
في سابقةٍ خطيرةٍ تكشفُ المستور، ذكرت صحيفة التايمز البريطانية بتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 2025م، أن المجلس الانتقالي الجنوبي أرسل وفداً رسمياً للقاء مسؤولين من كيان يهود. وقد تعهد وفد الانتقالي رسمياً بتقديم الاعتراف الكامل بالكيان الغاصب، مقابل دعم اللوبي الصهيوني والغربي لمشروعه الانفصالي وفصل جنوب اليمن عن شماله تحت مسمى إعلان دولة الجنوب العربي لحماية العروبة ومحاربة الإرهاب.
التعليق:
إن ما كشفته الصحافة الغربية اليوم ليس إلا خروجاً لما كان يُطبخ في الغرف المظلمة إلى العلن. إن تحركات عيدروس الزبيدي ومجلسه بدعمٍ إماراتي مكشوف وتمكينٍ سعودي مبطن، تمثل خيانةً عظمى لله ولرسوله وللمؤمنين وانحداراً كبيراً في مستنقع العمالة لخدمة المشاريع الاستعمارية. إن شعار محاربة الإرهاب الذي يتغنى به هؤلاء وغيرهم ليس إلا الاسم الحركي لمحاربة الإسلام والعاملين له ومنع عودته بوصفه نظام حياة، استجابةً لأوامر أمريكا الصليبية، كما أنه مسرحية تبادل الأدوار بين السعودية والإمارات، فلا ينخدعنَّ أحدٌ بالتصريحات الإعلامية الجوفاء التي تطلقها السعودية أو الإمارات لإدانة بعض تصرفات الانتقالي؛ فهي للاستهلاك المحلي وتخدير الشعوب.
إن الحقيقةُ المرةُ على الأرض تقول غير ذلك:
إن قوات درع الوطن التي أنشأتها السعودية وسوقتها كقوة شرعية تابعة للمجلس القيادي العليمي، هي التي قامت فعلياً بتسليم مناطق الجنوب للانتقالي، ثم غادرت أرتالها الضخمة بشكل مريب نحو مأرب خزان الغاز والنفط الاستراتيجي. هذا التحرك ليس عشوائياً بل هو إعادة تموضع لتقسيم كعكة الجنوب وموانئه للانتقالي (المشروع البريطاني الإماراتي) بشرط التطبيع الكامل مع يهود، والثروة الغازية والنفطية في مأرب تحت الوصاية السعودية المباشرة (المشروع الأمريكي).
إن الاتفاق المبرم في المهرة والذي قضى بتسليم مطار الغيضة وميناء نشطون لقوات درع الوطن السعودية مع وجود إداري بسيط للانتقالي، بينما يُترك البر للانتقالي، يكشف هندسة التوازن الدقيق؛ فالسعودية تمسك بخناق الانتقالي عبر المنافذ ليكون تحت السيطرة إذا فكر في الخروج عن بيت الطاعة الأمريكي.
وكذلك هو حال طارق صالح في تعز والمخا؛ فهو ليس إلا سوطاً مسلطاً وورقة ضغط لتهديد الحوثي دون السماح له بالحسم. ولنا في إيقاف الأمم المتحدة لمعركة الحديدة سابقاً عبرة؛ فقد تدخل المجتمع الدولي لإنقاذ الحوثي ومنع سقوط شريانه البحري الوحيد؛ لأن الغرب يريد بقاء الحوثي كبعبع وجزء من معادلة التوازن الرهيب التي تفضي في النهاية إلى الحل السياسي المسموم؛ النظام الفيدرالي، والفيدرالية هي بوابة التقسيم الأمريكي.
كما بادر الانتقالي؛ القوة الفاعلة في الجنوب الموازية للحوثي عن معركة المستقبل الواعد وصرح المتحدث الرسمي مبشراً بالنظام الفيدرالي، وهذا هو الترجمة الحرفية لمخطط تفتيت المفتَّت. إنهم يريدون يمناً مقسماً إلى كانتونات متناحرة وأقاليم، كل إقليم يمتلكه أمير حرب يُسبح بحمد المستعمر لضمان ألا تقوم لليمن قائمة ولتسهيل نهب الثروات منه وضبط إيقاع القرارات السياسية فيه.
كما أن التطبيع هو الثمن القذر، فقد ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست العبرية أن سيطرة الانتقالي هي فرصة استراتيجية لاتفاقيات أبراهام. وهذا تأكيد على أن تقسيم اليمن هو مطلب صهيوني أمريكي بريطاني لتأمين الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب بأيادٍ عميلة وضرب أي تهديد محتمل لكيان يهود.
وها نحن نقولها بأعلى صوت إلى أهلنا في اليمن أهل الحكمة والإيمان، يا أهل اليمن، يا أحفاد الأنصار، اتقوا الله في دماء أبنائكم، إن هذه الدماء الزكية التي تُسفك في الجبال والوديان والسهول، من شبوة إلى صعدة ومن المهرة إلى الحديدة هي دماءٌ معصومة، حرامٌ عليكم سفكها في غير حقها.
ألم تدركوا بعد أنكم وقودٌ لحربٍ ليست حربكم؟ إنكم تقتتلون لا لإعلاء كلمة الله، بل لتمكين أدوات الاستعمار ولرسم حدودٍ وضعها سايكس وبيكو أمريكي جديد. لماذا تضحون بأرواحكم ليحكمكم نظام فيدرالي علماني يقسم بلادكم؟! ولماذا تضحون ليعتلي عروشكم قادةٌ يهرولون للتطبيع مع قتلة إخوانكم في فلسطين؟!
انظروا إلى السودان المكلوم كيف مُزّق بأيدي أبنائه خدمةً للغرب الكافر، وها هو اليمن اليوم يسير على الخطا ذاتها نحو بيت الطاعة والاستضعاف!
والله إن الغرب الكافر يضحك ملء فيه وهو يرى المسلم يقتل أخاه المسلم لينهب هو ثرواتنا الهائلة؛ النفط والغاز والمعادن، ويرمي لعملائه الفتات، بينما تعيشون أنتم الضنك والجوع والقهر.
أيها الضباط المخلصون، يا أهل القوة والمنعة، يا مشايخ القبائل الأحرار: إن الدماء التي تُبذل لإقامة دول الطاغوت سواء أكانت ديمقراطية مدنية أم اتحادية هي دماء ضائعة توجب سخط الله. وإن التضحية الحقيقية التي ترفع الرأس شموخاً وتبيض الوجه نوراً عند الله هي التضحية لإقامة دولة الحق والعدل؛ دولة لا شرقية ولا غربية، لا سعودية ولا إيرانية ولا إماراتية، بل دولة تحكم بكتاب الله وسنة رسوله؛ دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ذات دستور واضح المعالم يتأسس على عقيدة الإسلام الثابتة النقية.
فكفوا عن حماية العروش المهترئة والأنظمة القمعية العميلة، واقلبوا الطاولة على رؤوس المتآمرين. والله وبالله إنكم لقادرون على جمع كلمتكم لرفض مشاريع التقسيم والتطبيع إن أردتم ووعيتم كلام الرائد الذي لا يكذب أهله، وعملتم لإقامة حكم الله في الأرض الذي يعزكم ويحفظ ثرواتكم المنهوبة ويصون دماءكم المستباحة.
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سيف مرزوق – ولاية اليمن