Logo
طباعة
عدم الكفاية المتخفية وراء الاستراتيجية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

عدم الكفاية المتخفية وراء الاستراتيجية

 

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

أكدت شركة عارف حبيب المحدودة أنّ تحالفاً بقيادة الشركة قد برز كأعلى مقدم عروض في عملية خصخصة شركة الخطوط الجوية الباكستانية الدولية المحدودة، بعد تقديم عرض بقيمة 135 مليار روبية للاستحواذ التدريجي على حصة 75% من الأسهم. (المصدر)

 

التعليق:

 

تنتشر الشركات المملوكة للدولة في جميع أنحاء العالم، وهي مسؤولة عن تقديم خدمات أساسية للناس، مثل الاتصالات والنقل والطاقة. ولا يهدف وجود هذه الشركات في المقام الأول إلى تحقيق الربح، بل إلى تيسير حياة الناس. وقد تكبدت العديد من الشركات المملوكة للدولة في باكستان خسائر فادحة على مدى سنوات نتيجةً لمزيج معقد من عوامل عديدة، منها التوظيف المفرط، وسوء الإدارة، والفساد، وتضارب المصالح. وفي عام 2025، قدم وزير الخصخصة الاتحادي، عبد العليم خان، خطة خمسية لخصخصة 24 شركة مملوكة للدولة، وكانت الخطوط الجوية الباكستانية الدولية على رأس القائمة. وكان بيع هذه الخطوط مطروحاً على خطط الحكومة منذ فترة طويلة، حيث ادعت أن شركات الاتحاد للطيران، وطيران الإمارات، والقطرية، كانت من بين المشترين المتحمسين، إلا أن الحقيقة التي ظهرت في النهاية هي أن الخطوط الجوية الباكستانية الدولية بيعت مقابل 10 مليارات روبية فقط لمجموعة من المستثمرين المحليين. وتحاول الحكومة الآن تصوير الصفقة على أنها صفقة بقيمة 135 مليار روبية! إن مبلغ الـ125 مليار روبية المتبقية ليس عائد بيع، بل هو مجرد وعد من المشتري بإعادة استثماره في الخطوط الجوية الباكستانية الدولية على مدى عام واحد لضمان استمرار تشغيلها، وهذا تضليل محض. فالبلاد تُدار كشركة في أيدي هؤلاء الحكام المخادعين، الذين لا يتورعون عن بيع الأصول أو حتى الأفراد لتحقيق مكاسبهم الشخصية.

 

عندما تقرر الحكومة بيع شركة مملوكة للدولة، فإنها تتخلى فعلياً عن مسؤوليتها وتُلقي بشعبها في أيدي شركات خاصة تستثمر في المشروع بهدف الربح من خلال تحويله إلى عمل تجاري. ونتيجة لذلك، يتحمل العمال والشعب التكلفة. هؤلاء أنفسهم هم من يمولون سوء إدارة الحكومة من خلال ضرائبهم. يجسد هذا البيع قصة دولة أضعفت مؤسساتها، وأهدرت المال العام بالفساد وسوء الإدارة، والآن تتخلص من البقايا تحت مسمى الإصلاح.

 

يُقدّم الاقتصاد الإسلامي مبدأً أساسياً للملكية في القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى في سورة المائدة أن كل شيء لله مالك كل شيء، بما في ذلك المال. ويجب أن يتم كل شيء، من كسب المال وتكوين الأصول إلى إنفاقه وتوزيعها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ﴿وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

 

يكمن العنصر المهم هنا في فهم أن تأخر الأمة الإسلامية وتراجعها يعود إلى عدم خضوعها لأنظمة الإسلام، والنظام الاقتصادي أحد هذه الأنظمة. فقد وضعت الدولة آليات محددة لجمع الإيرادات، ولدينا أمثلة تاريخية على مدى جدية خلفاء رسول الله ﷺ في تطبيقها. فعندما كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه خليفةً، أعلن الحرب على الجماعات التي امتنعت عن دفع الزكاة بعد وفاة النبي ﷺ. كان هذا فهمه السليم لتطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي، ومدى ضرورة الالتزام بأوامر الله تعالى. في ذلك المناخ الإسلامي، وقف الخليفة في وجه الضغوط وأنقذ الناس من شرور الدنيا وعذاب الآخرة. أما في ظل النظام الرأسمالي الحالي، فإن حكومة باكستان تبيع بلا خجل الأصول المخصصة لتيسير حياة شعبها، سعياً وراء راحة مؤقتة وتلبية مطالب صندوق النقد الدولي، ما يُلحق الضرر بالناس.

 

ستتبع دولة الخلافة الطرق التي حددها الإسلام في جمع الإيرادات. ينص حزب التحرير في مقدمة الدستور، المادة ١٤٩: "مصادر الدخل الدائمة لبيت المال هي الغنائم، والجزية، وضريبة الأرض، وخُمس الكنوز المدفونة، والزكاة. ويُجبى هذا الدخل باستمرار سواء وُجدت حاجة أم لا".

 

شعب باكستان واعٍ بما يكفي ليدرك ويعبّر عن استيائه من الإجراءات المالية التي اتخذتها الحكومة بناءً على طلب صندوق النقد الدولي، بينما حكام باكستان متغطرسون لدرجة تجاهل احتياجات الشعب وآرائه.

 

قال عمرو بن مرة لمعاوية: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مَا مِنْ إِمَامٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالْخَلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ إِلاَّ أَغْلَقَ اللَّهُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ».

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إخلاق جيهان

 

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.