Logo
طباعة
كيف لدولة أن تحقق قفزات كبيرة وهي باقية على مسارها وتستغل زخم الأزمات وهي غارقة فيها، أليس هذا تهورا في الكلام؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

كيف لدولة أن تحقق قفزات كبيرة وهي باقية على مسارها
وتستغل زخم الأزمات وهي غارقة فيها، أليس هذا تهورا في الكلام؟

 


الخبر:


ألقى الرئيس جوكو ويدودو كلمته في سياق تقديم تقرير أداء مؤسسات الدولة وخطابه بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لاستقلال إندونيسيا في الجلسة السنوية لمجلس النواب في مجمع البرلمان، سينايان، جاكرتا.


تناول خطاب رئيس الجمهورية في هذه المناسبة نقاطاً عديدة كان أكثرها منصبا على محاولة الدولة مواجهة آثار وباء كورونا لاقتصاد البلاد، حيث أعرب فيها الرئيس عن ثقته البالغة بقدرة إندونيسيا على النهوض بعد الأزمة الاقتصادية بسبب كورونا، قائلا: "حتى اقتصادات الدول المتقدمة قد تدهورت إلى أقل من عشرة في المائة حتى سبعة عشر في المائة تحت الصفر، فيمكن أن تكون النكسات التي يعاني منها العديد من هذه الدول الكبيرة فرصة وزخماً لنا للحاق بالركب، إنه مثل الكمبيوتر، فإن اقتصادات جميع الدول عالقة حالياً ومعلقة، فيجب أن تخضع جميع الدول لعملية إيقاف تشغيل قصيرة للكمبيوتر حتى تتم إعادة تشغيله. لأجل ذلك فإن جميع الدول لديها الفرصة لإعادة ضبط جميع أنظمتها، فهذا هو الوقت المناسب لإصلاح أنفسنا بشكل جذري، وإجراء تحولات كبيرة، وتنفيذ استراتيجيات كبيرة في مجالات الاقتصاد والقانون والحكومة والاجتماعية والثقافية بما في ذلك الصحة والتعليم، وهذا هو الوقت المناسب لاستغلال زخم الأزمة لتحقيق قفزات كبيرة"... ثم أضاف الرئيس عن توقعاته لاقتصاد البلاد قائلا: "من المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي إلى 4.5 في المائة إلى 5.5 في المائة. ومن المتوقع أن يكون معدل النمو الاقتصادي مدعوما بزيادة الاستهلاك المحلي والاستثمار باعتباره القوة الدافعة الرئيسية". (كومباس، 2020/08/16).

 

التعليق:


لا شك أن الثقة بالنفس عامل مهمّ من عوامل النجاح، ولكن الثقة بالنفس ليست أمرا قائما على الهواء، وليست نظريات فارغة تؤدي إلى تهور في الكلام وتنتهي باليأس. فإذا نظرنا إلى وضع اقتصاد البلاد وحتى قبل الوباء، فإن إندونيسيا قد دخلت بالفعل في أزمات مستمرة، وقد ذكر الخبير الاقتصادي السيد ريزال رملي عددا من المؤشرات على انهيار الاقتصاد الإندونيسي قبل حصول وباء كورونا، حيث عانى الاقتصاد الإندونيسي بالفعل من مشاكل بسبب تأثير فقاعات الاقتصاد الكلي، وحالات التخلف عن السداد، وانخفاض القوة الشرائية، ووجود الأعمال الرقمية، وتراجع دخل المزارعين، وغيرها. ولقد تراجعت جميع المؤشرات الكلية بشكل أسوأ مما كانت عليه قبل 10-15 سنة، كما يظهر عجز الميزان التجاري والحساب الجاري والضرائب وما إلى ذلك. وأضاف أن في عام 2020، من المتوقع أن ينهار الاقتصاد الإندونيسي بدون كورونا بنسبة تصل إلى 4 في المائة، ومع وجود كورونا تزداد التكهنات بتباطؤ في المعدل الاقتصادي، حتى وصلت نسبة تراجعه إلى 3 في المائة، وكل هذه الإشارات قد بدأت تحدث بالفعل.


وقد أعلنت وكالة الإحصاء المركزية في أوائل أيار/مايو أن اقتصاد إندونيسيا في الربع الأول من عام 2020 نما بشكل أبطأ بنسبة 2.97 في المائة (على أساس سنوي) حيث قال رئيس الدولة، سوهاريانتو، إنه على أساس ربع سنوي أو مقارنة بالربع الرابع من عام 2019، سجل النمو الاقتصادي في إندونيسيا ناقص 2.41 في المائة.


ومن جانب آخر، فقد بلغ الدين الخارجي في أيلول/سبتمبر 2019 نحو 5569 تريليون روبية إندونيسية، وهذا قبل الأزمة، وقد بلغ ذلك في نيسان/أبريل 2020م 5603 تريليون روبية إندونيسية. هذا ناهيك عن قضية الموارد الطبيعية التي سيطر عليها الأجانب، لا سيما الموارد الطبيعية الخمس الكبرى وهي تعدين فريبورت للذهب في بابوا، وتعدين شركة شيفرون للحرارة الأرضية في جاوى الغربية، وتعدين الفحم في كاليمانتان، وتعدين النيكل في سولاويزي، والبترول في العديد من المناطق. نعم، فإن كل هذه الموارد تحت سيطرة ونفوذ الأجانب، وأولاها الولايات المتحدة والصين وإنجلترا وفرنسا وكندا. وفي وقت لاحق يمكننا أن نرى ما هو أخطر مما سبق، وذلك بعد إصدار القانون الجديد عن الموارد المعدنية والفحم.


وبلغ عدد الفقراء في أيلول/سبتمبر 2019 نحو 24.79 مليون مع أن المعيار المستخدم للدخل الفردي هو حوالي 440 ألف روبية للفرد في الشهر، فهذا يعني أنه حقاً فقير جداً، وسيكون معدل الفقر أكبر إذا تم استخدام المعيار العالمي البالغ 2 دولار أمريكي في اليوم. وهذا قبل أزمة الوباء، وأما بعدها فقد صرح وزير المالية سري مولياني أن عدد الفقراء ارتفع بمقدار 4.48 مليون شخص من بيانات عام 2019.


بهذه البيانات نستطيع أن نقول إن استهداف النمو الاقتصادي في نطاق 4.5 إلى 5.5 في المائة كما أدلاه الرئيس في خطابه أمر غير واقعي. بل إن الولايات المتحدة بمدينتها الشهيرة للمقامرة، لاس فيجاس، كان نموها الاقتصادي في الربع الأول من عام 2020 سالباً 4.8 في المائة، وعند الاتحاد الأوروبي، سيكون النمو الاقتصادي في عام 2020 أقل من 8.3 في المئة سلبا.


لذا فإن الأزمة الاقتصادية العالمية تنتج من تطبيق الاقتصاد الليبرالي الذي اعتمد على القطاع الاقتصادي غير الحقيقي واقتصاد الربا. فكيف للجمهورية الإندونيسية أن تحقق قفزات كبيرة وتستغل زخم الأزمات وهي غارقة فيها؟!


لا شك أن الخطوة الوحيدة لاستعادة الاقتصاد العالمي عندما كان يتدهور قبل الجائحة وأثناءها هي إعادة تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يعتمد على القطاع الحقيقي، ويمنع الربا، ويعيد الثروات الطبيعية إلى مالكها لتلبية احتياجات الشعب والتصدي لأية كوارث حادثة. ولا يتأتى هذا إلا من خلال تطبيق الإسلام بالكامل في ظل دولة الخلافة الإسلامية ككيان تنفيذي لشرائعه.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أدي سوديانا

 

آخر تعديل علىالجمعة, 21 آب/أغسطس 2020

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.