Logo
طباعة
سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي"  للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك -ح 37-

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي"

للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك

الحلقة السابعة والخمسون: القرينة الثامنة: الربط بين السلطان والبيعة والطاعة وقيام الجماعة ووحدة المسلمين، وصفة الخروج عن شيء منها!

 

 

 

أمر المسلمين بتنفيذ أحكامه التي نزلت، وأمرهم ببيعة خليفة يقيم فيهم تلك الأحكام، وأمرهم بطاعته وقرنها بطاعة الله ورسوله، وجعل قيام جماعة المسلمين، ووحدتهم كلتيهما مقرونتين بوجود الخلافة واجتماعهم على الخليفة، وجعل الخروج عن السلطان، أو الخروج عن الجماعة أو الخروج عن الطاعة أو شق اجتماع المسلمين على خليفة واحد مؤذنا بخلع ربقة الإسلام من الأعناق[2].

 

جمع الله تعالى كل ما أنزل من أحكام وشرائع، من أوامر ونواه تحت تسمية واحدة جامعة مانعة، سماها: الأمر: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: 18]، ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [النساء: 59]، فالله جمع مجموع ما أنزل من أوامر ونواه تحت مسمى الأمر، أمراً لتساس حياة الناس وفقا له، وجعل ولاية هذا الأمر لولي الأمر، الأمر لولي الأمر، والولاية: النصرة والسيادة وتولي رعاية الشؤون، فهو من يتولى رعاية الشؤون وفق أوامر الله، فأمر بإقامة ولي للأمر، وجعل له الطاعة مقابل تطبيق الأحكام وإقامة الدين، وقرن طاعته بطاعة الله ورسوله، عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي[4]

فهذه كلها قرائن على أن الطلب في الأحاديث للبيعة والطاعة ولزوم الجماعة أي لزوم الاجتماع مع المسلمين تحت طاعة أمير واحد كما سيأتي،

 

 كل هذا إنما هو طلب جازم، فالرسول ﷺ لا يصف ميتةً لمسلم بالجاهلية ويصف فرقته بأنها عذاب ويأمر بعدم السؤال عنه ويأمر بقتله إن نازع الخليفة الأمر، ويصفه إن خرج عن الطاعة وفارق الجماعة، كمن خلع رِبْقَةَ الإسلام من عنقه، إلا إذا كان هذا المسلم قد ارتكب حراما أو ترك فرضا، أما تارك المندوب فلا يوصف بهكذا أوصاف.

 

أولم يقل الرسول ‏ﷺ: «فإن الله سائلهم عما استرعاهم»! فهو هو الذي جعل رعاية الشؤون لهم، وجعلها مسؤولية يُسألونَ عنها يوم الدين! ويُحاسَبونَ عليها في الدنيا، فكيف لا يقال بأن تطبيق الشريعة وإقامة الدولة التي تطبق هذه الأحكام أوجب الواجبات، إذ بلا هذه الطريقة فإن هذه الأحكام معطلة! عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال «إقامة حد من حدود الله خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله عز وجل»

 


[2] وعن رجل قال: كنا قد حملنا لأبي ذر شيئا نريد أن نعطيه إياه فأتينا الربذة فسألنا عنه فلم نجده قيل: استأذن في الحج فأذن له، فأتيناه بالبلد - وهي منى - فبينا نحن عنده إذ قيل له: إن عثمان صلى أربعا فاشتد ذلك عليه، وقال قولا شديدا وقال: صليت مع رسول الله - ﷺ - فصلى ركعتين، وصليت مع أبي بكر وعمر، ثم قام أبو ذر فصلى أربعا فقيل له: عبت على أمير المؤمنين شيئا ثم تصنعه؟ قال: الخلاف أشد، إن رسول الله - ﷺ - خطبنا وقال: « إنه كائن بعدي سلطان فلا تذلوه فمن أراد أن يذله فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وليس بمقبول منه توبة حتى يسد ثلمته وليس بفاعل، ثم يعود فيكون فيمن يعزره.»  رواه أحمد وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات.

 

[4]  سبل السلام للصنعاني

 

[5] ( حسن ) الألباني _ الصحيحة 231، المشكاة 3558، الروض النضير 1068

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.