Logo
طباعة
الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة السابعة عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة السابعة عشر

 

 

بعد أن استعرضنا ضمن عدة حلقات سابقة الرعاية الصحية العامة والعوامل التي تؤثر على صحة الجماعة ككل، سوف ننتقل إلى الحديث عن الصحة الفردية:


1ـ الوقاية


إن الوقاية الصحية هي مجموع الأعمال التي تهدف إلى تقليل الإصابة بالأمراض والتأثر بها والوفاة منها. وتكون الوقاية على ثلاث مستويات هي:


أ) الوقاية الأولية: وهي الأعمال التي تمنع الإصابة بالمرض إبتداء، ومعظم إجراءات الصحة العامة هي إجراءات وقاية أولية.


ب) الوقاية الثانوية: وهي الأعمال التي تهدف إلى تشخيص المرض مبكرا، لزيادة فرص العلاج في منع تفاقم المرض وظهور أعراضه.


ج) الوقاية الثالثية: وهي الأعمال التي تقلل الآثار السلبية للمرض الواقع عن طريق إعادة التأهيل والتكيف للحالة المرضية، وتقليل مضاعفات المرض.

 

والوقاية من الأمراض خير من علاجها، وحفظ الصحة ابتداء خير من محاولة استعادتها بعد زوالها، ولذلك تركز الدولة الإسلامية على الوقاية الصحية، وتقدم المشاريع التي من شأنها صون الصحة على غيرها من المشاريع العلاجية.


وقد أمر الإسلام بالوقاية، وأرشد إلى بعض جوانبها، بما يغني عن ذكر جميعها، وترك لولي الأمر أن يجتهد ويسعى لاستخدام كل الأساليب والوسائل لحفظ صحة الرعية ووقايتهم المرض والأسقام، لأنه مأمور برعاية شؤونهم وهذه منها، ومأمور بإزالة الضرر عنهم، والمرض من الضرر.

 

ومن جوانب الوقاية التي وردت في هدي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):


ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام عند مسلم في صحيحه أنه ‏قال: ‏"إِذَا عَرَّسْتُمْ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ، فَإِنَّهَا طُرُقُ الدَّوَابِّ وَمَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ"، (التعريس: نزول المسافر في أواخر الليل للنوم والراحة، فاجتنبوا الطريق لأن الحشرات ودواب الأرض من ذوات السموم والسباع تمشي في الليل على الطرق لسهولتها ولأنها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه، ولربما مر به منها ما يؤذيه).


وعند البخاري أن النبي‏ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ".


وقد احترق بيت ‏بالمدينة‏ على أهله، فحدث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ‏بشأنهم، فقال: "إِنَّمَا هَذِهِ النَّارُ عَدُوٌّ لَكُمْ فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ"، رواهُ ابنُ ماجةَ وصحَّحَهُ الألبانِيُّ.


وروى البخاري ومسلم عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "خَمِّرُوا الآنِيَةَ وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتْ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ".


وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ"، رواه أبو داود وصححه الألباني، وذلك اتقاء للسقوط عن ظهر البيت، وقد عبر الرسول عليه الصلاة والسلام ببراءة الذمة للدلالة على الإثم الواقع فيه كل من تساهل في وقاية نفسه من الأذى والضرر.


وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا، لاَ يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِماً" متفق عليه.


ومن الوقاية، نهيه عليه الصلاة والسلام عن العدوى، لأن العدوى مما يحصل به المرض عادة، فقد روى البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ"، وفي صحيح البخاري أيضاً عنه‏ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا"، وفيه أيضاً عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنْ الأَسَدِ".


وسنستعرض في الحلقات القادمة أنواعاً من الرعاية والوقاية التي أمر الإسلام بها إن شاء الله

 

جمع وإعداد: راضية عبد الله

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.