Logo
طباعة
الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة الثامنة والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية 

الحلقة الثامنة والعشرون

 

 

 

نكمل ما بدأناه في الحلقة السابقة في موضوع:تعليم الطب والتأهيل المهني والبحث العلمي

 

وكون علم الطب اليوم يتقدم بخطوات واسعة، فإن على الدولة أيضا أن تحث الأطباء على مواصلة التتبع ودراسة كل ما يجد من اكتشافات أو اختراعات، حتى يتمكنوا من تقديم خير الخدمات الصحية وأكثرها تقدما وتطورا. ويكون ذلك عن طريق دعم وتشجيع النشرات العلمية الدورية وتوزيعها على الأطباء، وعن طريق المؤتمرات والدورات المكثفة الدورية للأطباء، كل في مجال تخصصه. لأن الجهل ببعض المستجدات الطبية قد يترتب عليه إلحاق أذى وضرر بالمريض.وقد سمى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الجهل داء، وجعل شفاءه السؤال والتعلم، ففي رواية أبي داود عن عطاء عن جابر قال: "خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ. فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا، فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ -أَوْ يَعْصِبَ، شَكَّ مُوسَى- عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ»، وهنا نرى أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ألحق بمن أفتوا على جهل الوعيد بأن دعا عليهم وجعلهم في الإثم قتلة له.

 

وقد أمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الشفاء بنت عبد الله أن تعلم حفصة زوجه رقية النملة، فقد روى أبو داود بسند صححه الألباني عن الشفاء بنت عبد الله قالت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وَأَنَا عِنْدَ حَفْصَةَ فَقَالَ لِي: "أَلا تُعَلِّمِينَ هَذِهِ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ كَمَا عَلَّمْتِهَا الْكِتَابَةَ"، والنملة هي قروح تخرج من الجنب أو الجنبين. وفي هذا إشارة منه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى تدريس علوم الطب وأساليب العلاج.

 

ولا يكتفى بمجرد تتبع ما هو جديد، بل على الدولة الإسلامية أن تكون في طليعة الدول في البحث والابتكار العلمي ومنه الطبي.

 

وبالرغم من أنه لجميع أفراد الرعية الحق في إنشاء المختبرات العلمية المتعلقة بكافة شؤون الحياة ومنها الطب، إلا أنه على الدولة الإسلامية أن تقوم هي بإنشاء هذه المختبرات. وتهيئ الدولة المكتبات وسائر وسائل المعرفة في غير المدارس والجامعات لتمكين الذين يرغبون من مواصلة الأبحاث في الطب وسائر العلوم والمعارف، ومن مواصلة الاختراع والاكتشاف وغير ذلك، حتى يوجد في الأمة حشد من المجتهدين والمبدعين والمخترعين، وحتى تشجع العلماء والأطباء على بذل الوسع في الإبداع والابتكار لتحقيق السبق في المجال العلمي، بل إن الدولة الإسلامية تنشئ صندوق جوائز طبية من بيت المال يكافئ العلماء والأطباء الذين يكتشفون العلاجات واللقاحات، ويقدم هذا الصندوق أكبر الجوائز لمنتجي العلاجات أو سبل الوقاية من الأمراض الأخطر والأكثر انتشارا في العالم.

 

والدولة الإسلامية وهي تخص بعض الأمراض والمجالات الطبية بمزيد دعم للبحث العلمي فيها، كالأمراض الوبائية المنتشرة أو الأمراض المستعصية، فإنها لا تنظر إلى المردود المادي من الاكتشافات أو الابتكارات العلمية في هذه المجالات كما يفعل الغرب والمضبوعون بثقافته، إذ تخضع صناعة الأدوية كغيرها من الصناعات لمنطق الربح، والسيطرة المطلقة من شركات الأدوية العابرة للقارات، فتسعى هذه الشركات لتعظيم أرباحها بكل الوسائل الممكنة، مشروعةٌ كانت أم غير مشروعة، فيما اختفت الاعتبارات الإنسانية تماماً من هذه الصناعة والتي في الأساس تهدف إلى الحفاظ على بقاء الإنسانية.

 

كما أن العديد من الشركات الدوائية تعزف عن إنتاج مضادات حيوية جديدة؛ لأن هذه الأدوية عادة تُعطى لمدة محدودة يتحقق بعدها الشفاء؛ وتكون أرباحها من هذه الأدوية متواضعة مقارنة بالأدوية التي تؤخذ بشكل دائم!

 

فقد انتقدت وزيرة التنمية الدولية البريطانية "كلير شورت" فشل شركات الأدوية في الاستثمار في الأدوية واللقاحات التي تعالج أمراض الفقراء التي تقتل الملايين في دول العالم النامي – حسب زعمها -  كالملاريا والسل والإيدز، وأن معظم الجهود تستهدف الأمراض التي يعاني منها العالم الصناعي لأنها هي التي تحقق الأرباح الهائلة.

 

 

 

جمع وإعداد: راضية عبد الله

آخر تعديل علىالثلاثاء, 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.