Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه  (ح15) قصة عمر رضي الله عنه مع أبي ذر رضي الله عنه والقاتل الذي ضمنه

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه

  (ح15) قصة عمر رضي الله عنه مع أبي ذر رضي الله عنه والقاتل الذي ضمنه

 

 

 

الحَمْدُ للهِ مُنْزِلِ الكِتَابْ، وَمُجْرِي السَّحَابْ، وَهَازِمِ الأَحْزَابِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا محمد، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أُولِي الأَلْبَابْ، وَعَلَى وَزِيرَيهِ: أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقْ، مَنْ لِدَعْوَةِ الحَقِّ استَجَابْ، وَالفَارُوقِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابْ، الحَاكِمِ بِالعَدْلِ، وَالنَّاطِقِ بِالصَّوَابْ، ارزُقنَا الَّلهُمَّ خَلِيفَةً مِثْلَهُ، يَخَافُكَ وَيَتَّقِيكَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَتَرْضَى عَنْهُ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابْ، وَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمرَتِهِمْ، بِرَحْمَتِكَ يَا كَرِيمُ يَا وَهَابْ... آمِينَ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبتنا الكرام :

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"مَنَاقِبُ ثَانِي الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ t ". وَمَعَ الحَلْقَةِ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "قِصَّةُ عُمَرَ t مع أبي ذر t والقاتل الذي ضمنه" نَقُولُ وَبِاللهِ التَّوفِيقُ:

 

فِي عَهْدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ t جَاءَ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ مُمْسِكِينَ بِشَابٍّ، وَقَالُوا: يَا أَمِيرَ المؤْمِنِينَ نُرِيدُ مِنْكَ أَنْ تَقْتَصَّ لَنَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ؛ فَقَدْ قَتَلَ وَالِدَنَا. قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ t : لِمَاذَا قَتَلْتَهُ؟ قَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي رَاعِيَ إِبِلٍ، وَمَاعِزٍ.. وَاحِدٌ مِنْ جِمَالِي أَكَلَ شَجَرةً مِنْ أَرْضِ أَبِيهِمْ؛ فَضَرَبَهُ أَبُوهُمْ بِحَجَرٍ؛ فَمَاتَ؛ فَأَمْسَكْتُ الحَجَرَ نَفْسَهُ، وَضَرَبْتُ أَبَاهُمْ بِهِ فَمَاتَ.

 

قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ t : إِذًا سَأُقِيمُ عَلَيكَ الحَدَّ. قَالَ الرَّجُلُ: أَمْهِلْنِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَدْ مَاتَ أَبِي، وَتَرَكَ لِي كَنْزًا أَنَا وَلأَخِي الصَّغِيرِ، فَإِذَا قَتَلْتَنِي ضَاعَ الكَنْزُ، وَضَاعَ أَخِي مِنْ بَعْدِي، فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ t : وَمَنْ يَضْمَنُكَ؟ فَنَظَرَ الرَّجُلُ فِي وُجُوهِ النَّاسِ، فَقَالَ: هَذَا الرَّجُلُ يَضْمَنُنِي. فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ t : يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَضْمَنُ هَذَا الرَّجُلَ؟ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ t : نَعَمْ يَا أَمِيرَ المؤْمِنِينَ!

 

فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ t : إِنَّكَ لَا تَعْرِفُهُ، وَإِنْ هَرَبَ أَقَمْتُ عَلَيكَ الحَدَّ. فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ:"أَنَا أَضْمَنُهُ يَا أَمِيرَ المؤْمِنِينَ!". وَرَحَلَ الرَّجُلُ، وَمَرَّ اليَومُ الأَوَّلُ، وَالثَّانِي، وَالثَّالِثُ، وَكُلُّ النَّاسِ كَانَتْ قَلِقَةً عَلَى أَبِي ذَرٍّ t حَتَّى لَا يُقَامَ عَلَيهِ الحَدُّ، وَقَبْلَ صَلَاةِ المغْرِبِ بِقَلِيلٍ جَاءَ الرَّجُلُ، وَهُوَ يَلْهَثُ، وَقَدِ اشْتَدَّ عَلَيهِ التَّعَبُ، وَالإِرْهَاقُ، وَوَقَفَ بَينَ يَدَيْ أَمِيرِ المؤْمِنِينَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ t .

 

قَالَ الرَّجُلُ: "لَقَدْ سَلَّمْتُ الكَنْزَ، وَأَخِي لِأَخْوَالِهِ، وَأَنَا تَحْتَ يَدِكَ لِتُقِيمَ عَلَيَّ الحَدَّ"؛ فَاسْتَغْرَبَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ t مِنْ صَنِيعِ الرَّجُلِ، وَقَالَ:"مَا الَّذِي أَرْجَعَكَ؟ كَانَ مِنَ الممْكِنِ لَكَ أَنْ تَهْرُبَ". فَقَالَ الرَّجُلُ: خَشِيتُ أَنْ يُقَالَ: "لَقَدْ ذَهَبَ الوَفَاءُ بِالعَهْدِ مِنَ النَّاسِ!!". فَسَأَلَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ t أَبَا ذَرٍّ t : "لِمَاذَا ضَمِنْتَهُ؟". فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَشِيتُ أَنْ يُقَالَ: "لَقَدْ ذَهَبَ الخَيرُ مِنَ النَّاسِ"؛ فَتَأَثَّرَ أَولَادُ القَتِيلِ؛ فَقَالُوا: "لَقَدْ عَفَوْنَا عَنهُ"، فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ t : لِمَاذَا؟ فَقَالُوا: نَخْشَى أَنْ يُقَالَ: "لَقَدْ ذَهَبَ العَفْوُ مِنَ النَّاسِ". وَأَمَّا نَحنُ فَقَدْ نَشَرْنَا هَذه الحِكَايَةَ الحَقِيقِيَّةَ، وَسَنَسْتَخْلِصُ لَكُمْ مِنْهَا الدُّرُوسَ وَالعِبَرَ؛ لِكَي لَا يُقَالَ: "ذَهَبَتْ دَعْوَةُ الخَيرِ مِنَ النَّاسِ!".

 

أَمَّا الدُّرُوسُ وَالعِبَرُ المسْتَخْلَصَةُ مِنْ هَذِهِ الحِكَايَةِ، فَهِيَ الآتِيَةُ:

  • أَوَّلًا: حِرْصُ الرَّاعِي وَالرَّعِيَّةِ عَلَى إِقَامَةِ حُدُودِ اللهِ، وَتَطْبِيقِ شَرْعِهِ.
  • ثَانِيًا: إِقَامَةُ حُدُودِ اللهِ، وَتَطْبِيقُ شَرْعِهِ فِيهَا إِحْقَاقٌ لِحُقُوقِ العِبَادِ، وَإِقَامَةٌ لِلعَدْلِ بَينَهُمْ.
  • ثَالثًا: الحُدُودُ زَوَاجِرُ، وَجَوَابِرُ. زَوَاجِرُ: أَيْ تَزْجُرُ، وَتَمنَعُ النَّاسَ مِنَ ارتِكَابِ الجَرَائِمِ، وَفِعْلِ الـمُحَرَّمَاتِ، وَارتِكَابِ الفَوَاحِشِ، والـمُنْكَرَاتِ. وَهِيَ جَوَابِرُ أَيضًا: أَيْ تَجبُرُ العَذَابَ، وَتَمنَعُهُ يَومَ القِيَامَةِ عَمَّنْ أُقِيمَ عَلَيهِ الحَدُّ فِي الدُّنْيَا بِسَبَبِ ارتِكَابِهِ مَا حَرَّمَ اللهُ، فَاللهُ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ عَبْدَهُ عَلَى ذَنْبٍ أَذْنَبَهُ مَرَّتَينِ.
  • فِعْلُ الخَيرِ لِلنَّاسِ، وتقديم العون لهم، وَقَضَاءُ حَوَائِجِهِمْ أمور حَثَّ عَلِيهَا، وَرَغَّبَ فِيهَا الإِسْلَامُ.
  • رَابِعًا: الوَفَاءُ بِالعَهْدِ خُلُقٌ كَرِيمٌ مِنْ شِيَمِ الكِرَامِ، قَدْ حَثَّ عَلِيهِ الإِسْلَامُ.
  • خَامِسًا: العَفْوُ عِنْدَ المقْدِرَةِ خُلُقٌ كَرِيمٌ مِنْ شِيَمِ الكِرَامِ، قَدْ حَثَّ عَلِيهِ الإِسْلَامُ.

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

 

كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ: محمد أحمد النادي

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.