Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

انعكاسات كورونا: الأزمة تتطلب نظاما عالميا جديدا!

 

يوما بعد يوم تظهر أزمة كورونا حقيقة الأزمة التي يعاني منها النظام العلماني الرأسمالي القائم، سواء على صعيد أفكاره أو على صعيد منظومته التشريعية.

 

فبينما يقضي فيروس كورونا على حياة الكثير من البشر، نجد أن الفيروس ليس هو السبب الحقيقي للأزمة، بل الأزمة تتمثل في النقص الذي تعاني منه الأنظمة الصحية.

 

فالخوف الجماعي والذعر، أو الأزمة الاقتصادية التي لا مفر منها، سبب ذلك كله يرجع إلى الأسس الفكرية الخاطئة والنظم الظالمة والمتجردة من القيم الإنسانية التي يقوم عليها النظام الرأسمالي.

 

إن حاجة البشرية للبديل المبدئي تظهر بوضوح بالتوازي مع تطور الأزمة، وكذلك تبرز الحاجة إلى نظام سياسي يقوم برعاية شؤون البشر بالعدل. نظام يكون القطاع الصحي فيه والصناعات الدوائية والبحوث العلمية ذات الصلة قائمة على أساس إشباع حاجات الناس، ووضعها على رأس سلم الأولويات بغض النظر عن أعمارهم وظروفهم الصحية، بدلا من جعل الأولوية للمصالح الاقتصادية كما هو حاصل اليوم في ظل النظم الغربية.

 

بناء على ذلك فمن الأهمية بمكان بيان النقاط التالية:

 

1) مرة أخرى، يظهر الوجه الحقيقي للرأسمالية وذلك بتقديمها للمصالح الاقتصادية على حياة البشر في العديد من الدول الغربية وذلك من خلال معالجتها لأزمة فيروس كورونا.

 

فأمريكا التي تقود ما يسمى بالعالم الغربي الحر، تواجه الآن كارثة صحية بسبب نظامها الصحي القائم على شركات التأمين، والتي بدورها تعاني من أزمة، إضافة إلى أن الحكومة قد جعلت في رأس سلم أولوياتها المصالح الاقتصادية للنخبة بدلا من جعل الأولوية للصحة العامة.

 

أما هنا في الدنمارك فقد انتهجت الدولة في العقود الماضية سياسة التوفير في مجال الرعاية الصحية، وهذا ما ظهر جليا خلال هذه الأزمة.

 

فمنذ عام واحد انتقد الاقتصاديون الحكومة لتخصيصها مبلغ 6 مليار كرونة فقط للقطاع الصحي وهو ما يعادل نصف المبلغ الذي يحتاجه القطاع بحسب تقدير وزارة المالية.

 

2) لقد أثبتت النظم القائمة فشلها في علاج الأزمة الحالية. فلقد حذرت منظمة الصحة العالمية مبكرا، بأن هذا الفيروس سوف ينتشر إلى مناطق أخرى في العالم، ومن المرجح أن يصبح وباءً عالميا، وحينما أخذ الفيروس بالانتشار، نصحت منظمة الصحة العالمية بأن يتم فحص جميع الحالات التي يشتبه بها وعزلها لمحاصرة المرض، ولكن لم تأخذ الحكومات الأوروبية النصيحة على محمل الجد، ما استدعى أن يقوم كبير خبراء منظمة الصحة العالمية مرة أخرى بتوجيه الانتقاد للحكومات الغربية على طريقة علاجها لوباء كورونا العالمي.

 

3) لقد بين الإسلام بشكل واضح الإجراءات الواجب على المسلمين اتخاذها في حال وجود وباء، ومنها النظافة والحجر الصحي للمرضى، وهذا أمر واضح ومعروف في النصوص الشرعية، إضافة إلى ذلك فقد رسخ الإسلام مفهوم الأجل، والتوكل على الله والرضا بالقضاء، بشكل لا يدع مجالا للشك عند الإنسان المسلم بأن الحياة والموت بيد الله، وكذلك الصحة والمرض. قال تعالى: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: 51].

 

4) إن رحمة الإسلام وحده ونظام الخلافة هو القادر على معالجة قضايا البشر بشكل عادل وصحيح. فالشريعة الإسلامية تقدم دوما حياة البشر على الاهتمام بالأمور المادية، ففي حال انتشار مرض من الأمراض يتم تسخير القدرات المادية للدولة إضافة إلى فرض ضريبة على الأغنياء لمواجهة هكذا جائحة وحماية حياة البشر، ويتم إيلاء عناية خاصة للفئة الأضعف في المجتمع.

 

لقد أصاب فيروس كورونا العالم، في الوقت الذي يمتلك فيه 8 أفراد ما يعادل ما يملكه نصف سكان الكرة الأرضية. لقد آن الأوان لأن يفتح الناس أعينهم على البديل الحقيقي لشر الرأسمالية، فطالما استمرت هيمنة الرأسمالية، فإن غالبية البشر لن يجدوا الأمن والأمان والطمأنينة.

 

أما نحن المسلمين فإننا مستبشرون ومطمئنون. مستبشرون بأن الله يهيئ الدنيا لعودة الخلافة، ومطمئنون بأن ذلك يحصل في الوقت نفسه الذي تتهيأ فيه أمة محمد e لاستعادة دورها القيادي في رعاية شؤون الناس وفق أحكام دين الله عز وجل ولتكون مشعلا يهتدي الناس به.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الرحمن محمد – الدنمارك

 

#كورونا

#Covid19

#Korona

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.