Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ألا يرى الاتحاد الأوروبي الانتهاكات الظاهرة التي لا تحتاج برهان؟!

 

أشاد الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيف بوريل، ومفوضة الشراكات الدولية جوتا أوربيلينن، بحظر ختان الإناث في السودان، ووصفا القرار بأنه خطوة تاريخية أخرى إلى الأمام، وقال المسؤولان الأوروبيان في بيان مشترك يوم الأحد 3 نيسان/أبريل 2020م، وزعته بعثة الاتحاد الأوروبي في السودان "نشيد بحكومة السودان برمتها لاتخاذ هذه الخطوة الجريئة والتاريخية نحو الإعمال الكامل لحقوق النساء والفتيات"، وأضافا أن الطريق نحو سودان ديمقراطي ومزدهر يحتاج إلى الحقوق والفرص المتساوية للجميع وهو طريق طويل، ولكن لا يمكن السير فيه إلا باتباع خطوات كهذه، وشددا على أن الاتحاد الأوروبي على استعداد لدعم السودان في تنفيذ هذا القرار، وأكدا أنه بالطريقة ذاتها التي قادت بها النساء والفتيات الثورة العام الماضي، لعبت النساء السودانيات دورا مهما في مكافحة ختان الإناث لإنهائه في بلدهن والعمل كنموذج ناجح للعالم، وقالا: "إن حظر وتجريم ختان الإناث هو الخطوة الأولى في عملية طويلة لإنهاء هذه الممارسة في العديد من البلدان الغارقة في التقاليد والمعتقدات الخاطئة، مشددين على التزام الاتحاد الأوروبي بتعزيز الاتجاه العالمي نحو حظر ممارسة ختان الإناث وجميع الممارسات الضارة الأخرى التي تميز ضد النساء" (المشهد السوداني، 3 نيسان/أبريل 2020م).

 

نحن لسنا بصدد تحريم أو تحليل لختان الإناث لكننا نسأل الاتحاد الأوروبي والحكومة الانتقالية: أي انتهاك وأي تمييز وأي عنف ضد المرأة أعظم وأكبر مما تعانيه المرأة اليوم في السودان؟!

 

إن الختان ليس قضية تُبحث في واقع ما تعيشه النساء في السودان، ولا هي قضية تؤثر على حل المعاناة الحقيقية الملموسة للمرأة بشكل عام والتي تزيد تعقُّدا في كل يوم، ولا هي قضية معضلة في الفقه الإسلامي، بل هي قضية اختلف الفقهاء فيها ولم يُجمعوا على استحبابها، ولكنهم اختلفوا بين كونها واجبة أو مستحبة أو مكروهة، لكن ببساطة معرفة الراجح في المسألة أمر ممكن لأبسط الناس والعمل بالراجح واجب وأن يعمل المسلم بما هو أحوط أي بالأشد احتياطاً وإبراءً للذمة.

 

ولكننا نتساءل: أي حقوق للمرأة يشيد بها الاتحاد الأوروبي وأي خطوة إلى الأمام يدعيها والنساء يكابدن ظروفاً أشد قسوة من أي وقت مضى منذ أن قررت اللجنة العليا للطوارئ الصحية فرض حظر التجول الكامل اعتباراً من السبت 18 نيسان/أبريل 2020م والأحوال تزيد سوءاً في ظل أزمات متلاحقة؟! فبالإضافة لتزايد حالات الإصابة بكوفيد 19 تداعت أزمات انعدام مقومات الحياة الضرورية وتكاد صفوف النساء في المخابز تكون الأطول على الإطلاق!

 

إن إعمال حقوق النساء في السودان التي أشاد بها الاتحاد الأوروبي عميت عن نساء السودان وهن يقفن تحت الشمس الحارقة لساعات طلبا للخبز، رغم حظر التجوال ولكنه لم يبقهن في المنازل!! نظراً لضرورة وجود الخبز في وجبة واحدة على الأقل سعرها أقل تكلفة من غيرها مع غياب غاز الطبخ وغلاء الفحم النباتي وتضاعف أسعاره، وهو ما يضطرهن للمخاطرة في الزحام والانتظار من الساعة الثالثة صباحا أمام المخابز، رغم إدراكهن أن التقارب والاختلاط ربما يكون ناقلاً للفيروس، لم يلاحظ الاتحاد الأوروبي اكتظاظ الميادين بالنساء التي خصصتها وزارة الطاقة والتعدين لتوزيع الغاز وهن ينتظرن لساعات طويلة وقد اضطرت كثير منهن للمبيت ليلاً في الميادين، وبعضهن يعُدن دون الحصول على أسطوانة غاز!

 

وإن لسان حال النساء في السودان الآن أن النجاح في إدارة جهاز الدولة لا يتحقق بهتافات المُشجعين كما يحدث في عالم الكرة، بل يؤكد على حقيقة مفادها أن ما بذلته النساء في أداء قيادة الثورة التي ضحين فيها بفقد الأبناء والنضال في ظروف شديدة القسوة، وسوء في المعتقلات أو في منازلهن، وقوات الأمن التي كانت تنتهك حرمات بيوتهن وتهدد خصوصيتهن لم يُقابل بما يستحقينه من تقدير وتضيحة.

 

إن الدويلات الضعيفة التي ترضى بالتدخل الأجنبي في أخص خصوصياتها لا بد أنها ستزول ولا بد من دولة حقيقية تنبع من عقيدة الإسلام باعتباره الدين القويم الذي يعطي الحقوق والواجبات بنظرة رب العالمين ويحقق للمرأة عبوديتها لله ويحميها من ممارسات التدخل الأجنبي البغيض.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار (أم أواب)

 

 

#كورونا                    |                   #Covid19 #            |                   Korona

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.