Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هل حذف بيان الأزهر خير أم بقاؤه؟

 

أدان الأزهر تصريحات نتنياهو التي عبر فيها عن أحلامه بـ(إسرائيل الكبرى)، البيان الذي صدر عن الأزهر لا نعرف هل سيصمد أم سيحذف كما حصل في بيانه المتعلق بالتضامن مع غزة!

 

ولا أعلم إن كان حذف البيان خيراً أم بقاؤه، أما حذفه ففيه ما فيه: فيه أن الأزهر اليوم ليس أزهر الأمس، وأن علماء مصر أو على الأقل قسم منهم ليسوا في مكانة أسلافهم الذي كانوا يأطرون الحاكم على الحق أطراً ويخافهم الحاكم ويخشى سخطهم، بل أضحى الهرم مقلوباً، فالحاكم يتسلط على موقف الأزهر وبياناته تسلطاً يبدأ من الإملاء ويمر بالتعديل ويصل إلى الحذف حتى لو كان الموقف لا يحقق الحد الأدنى من مواقف الأزهر المرجوة منه، المواقف القائمة على قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾.

 

أما البيان الذي أصدره الأزهر أو صُدِّر باسم الأزهر رداً على تصريحات نتنياهو، فعلى الرغم أن البيان قال: "فلسطين أرض عربية إسلامية خالصة، ستظل عصية على الطمس وتزييف الحقائق، فالحقوق لا تسقط بالتقادم، وما بُني على باطل فهو باطل، ومصيره الزوال"...

 

لكن ما يخطر في بال أي مسلم عندما يسمع عن بيان صادر عن جهة علمية أنه سيتحدث عن واجب الأمة أو ما فرضه الله سبحانه تعالى بكلام واضح، ولا ينتظر أن يكون بيان الجهة العلمية المرموقة - كالأزهر - توصيفا لحال الكيان (مؤكداً أنها تعكس عقلية احتلالية متجذرة، وتفضح أطماعاً ونوايا متطرفة يسعى بها الاحتلال الغاصب للاستيلاء على ثروات دول المنطقة وابتلاع ما تبقى من الأراضي الفلسطينية)!

 

ولا ينتظر من بيان للعلماء أن يكون كبيانات الجهات الدولية والحقوقية يعطي توصيفا لحجم الجريمة، أو كبيانات جامعة الدول العربية تنديدا وإدانة وشجبا واستنكارا، والتي لا تؤذي الكيان حتى إلى حد الإزعاج!

 

ولا تنتظر الأمة من الأزهر الشريف كلاما فضفاضا: (داعياً الأمة العربية والإسلامية إلى أن تتوحَّد في مواجهة هذه الغطرسة التي تهدد وحدة الأوطان واستقرار المنطقة بأسرها).

 

وليت الأمر وقف عند حد الكلام الفضفاض الذي قد يفهم منه أن التوحد هو توحد على أساس الإسلام وتوحيد القوى وإيجاد قيادة سياسية وعسكرية واحدة للأمة بدل حالة التشرذم، لكن البيان يأبى أن تذهب إلى هذا الفهم ليبين أن المطلوب (كما يدعو الأزهر إلى تعزيز الموقف العربي والإسلامي المشترك، وتكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية والإعلامية لكشف زيف روايات المحتل الغاصب، والتصدي لمخططاته)، وهذا لا يحمل في طياته إلا العمل الإعلامي والدبلوماسي والسياسي ليس لحماية البلاد، بل لكشف زيف روايات الكيان الغاصب، وكأن الأزهر الشريف لا يزال يرى بعين النظام الدولي، ويؤمن أن من سيحل قضية فلسطين ويحمي بلاد المسلمين هو النظام الدولي والأمم المتحدة، التي مزقت بأفعالها وقراراتها بلادنا وسلمت فلسطين ليهود على طبق من ذهب ممهور بدماء ملايين الشهداء من هذا الأمة!

 

ما كانت ولا تزال تنتظره الأمة من علمائها هو بيان الواجب نحو فلسطين بعد الوصف: أنها أرض إسلامية خراجية وجب تحرك الجيوش لتحريرها، وأول هذه الجيوش هي جيوش دول الطوق ومنها مصر، وأن على الأمة واجب التحرك لنصرة المستضعفين الجائعين بالجهاد وليس بالبكاء على جوعهم!

 

وحتى بعد انحسار فتوى العلماء في حدود الوطن التي حدت على غير أساس دين الله وحكم الله، أقول حتى مع قبولهم بهذا الحد على خلاف ما يرضي الله فإنهم لم يفتوا بوجوب حماية (الأوطان) بالجهاد ولم يتحركوا على أساس مبادرة العدو الذي يريد أن يبادرنا، بل لم يتكلم البيان عن قطع العلاقات، وعن حرمة التعاقد مع الكيان الغاصب، وعن حرمة استيراد الغاز ومنه ولا توريد الإسمنت إليه، ولم يتكلم البيان عن حكم معاونة الغاصب بجعل البلاد ممرا للسلاح الذي يقتل فيها إخوة الدين!

 

وهنا ترجع لبداية الكلام لتسأل: هل حذف البيان أولى أم بقاؤه؟

 

إن في مصر علماء وإن الأزهر كان ولا يزال واحة رناء لتخريج أولي العلم، لكن الأزهر اليوم مع الأسف فقد إرادته في بيان الحق، وبغض النظر أكان المتغلب عليه الحاكم أو أن الحاكم متغلب عليه بأياد أزهرية، فإن على علماء مصر أن يعيدوا الأزهر وعلماءه كما كانوا، منارة العلم التي تبيع الأمراء وتحرك الجيوش للجهاد في سبيل الله، وأن تكون يد الأمة الطولى - كما كانت - التي تغير الحاكم وتغير عليه.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أحمد عبد الحي

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.