Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا مواثيق مع يهود... والمفاوضات خيانة والتقاعس استسلام

 

في زمن باتت فيه الخيانة تُسوّق باسم "السلام"، والركوع يُسمى "حلولاً سياسية"، والارتهان للعدو يُقدَّم على أنه "مصلحة وطنية"، تُطرح على أمتنا مواثيق واتفاقيات يدّعون أنها ستحقن الدماء وتنهي الصراعات. وفي حقيقة الأمر، هي ليست إلا حبالاً من خديعة، ومدخلاً للاستسلام الكامل ليهود الغاصبين.

 

ولأننا مسلمون وجب علينا أن نحتكم للوحي لا إلى مؤتمرات الغرب، ونزن المواقف بميزان الإسلام لا بمواثيق هيئة الأمم، وكوننا حملة دعوة نعمل لإقامة دولة الإسلام (الخلافة) فإننا نُحذر الأمة وأهل القوة والمنعة فيها من السقوط في فخاخ هذه المواثيق الزائفة، التي لا تعدو كونها أدوات لخيانة الأمة وتأمين وجود يهود في الأرض المباركة فلسطين، بل وتثبيت الهيمنة الغربية على سائر بلاد المسلمين.

 

نعم إن البلاد الإسلامية اليوم، وبخاصة اليمن وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق، تُستهدف استهدافاً شاملاً، سياسياً وعسكرياً وفكرياً واقتصادياً، من أعداء الأمة وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا وربيبهم كيان يهود، وأذنابهم الحكام الخونة.

 

وها هم اليوم يُعيدون طرح ما يُسمى بـ"مواثيق سلام" و"اتفاقيات تهدئة" أو "خطة ترامب" بين فصائل المقاومة وكيان يهود، أو بالأصح بين فصائل الأمة والأنظمة القائمة، بحجة وقف القتال وحقن الدماء وتخفيف المعاناة.

 

إن وعينا على الإسلام وأفكاره ووعينا السياسي وكوننا حملة دعوة في حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله نقولها بوضوح لا لبس فيه: إن كل ميثاق يُوقَّع مع يهود أو يُدار تحت رعاية الغرب الكافر، هو خيانة لله ورسوله ولدماء الشهداء وتضحيات الأمة، وهو حبل استسلام ناعم يُغلفونه بورق السياسة.

 

نعم إن التاريخ والواقع يشهدان ما من عهدٍ قُطع مع يهود إلا نقضوه، وما من وثيقة أممية إلا كانت أداةً لشرعنة الاحتلال، وما من حل سياسي طُرح إلا وكان تثبيتاً للهيمنة وتمييعاً للقضية.

 

لقد نقض يهود المواثيق مع النبي ﷺ ودبروا له المكائد، وأثاروا الفتن بين المسلمين، ولا يزالون على هذا النهج إلى اليوم، بل هم أشد خيانة وكذباً وغدراً مما مضى بسبب عدم وجود راعٍ للمسلمين، فالمسلمون اليوم متفرقون شذر مذر.

 

فمن يوقّع معهم اليوم، ومن يثق بمواثيقهم، أو يُعوِّل على وساطات أمريكا وقرارات مجلس الأمن، فهو كمن يُسلم نفسه إلى جلاده، ويُسلم الأرض والعرض لمغتصبه.

 

والمصيبة الأكبر أن هذه الوثائق تُقدَّم كبدائل عن الجهاد، وتُروَّج على أنها "مرحلة انتقالية"، بينما هي مقبرة للمجاهدين، وشرعنه للاحتلال، ووأد لكل تحرك نحو التحرير وما لم يستطع العدو أن يأخذه بالحرب سوف يأخذه بالحيلة والمكر مع تواطؤ الخونة والعملاء.

 

بل الأخطر من ذلك أن هذه المواثيق أصبحت وسيلة لإقناع الأمة بقبول الواقع المهين، وشغلها عن فريضة الإعداد لتحرير الأرض وإقامة الخلافة الراشدة التي توحد الأمة وتحكم بالإسلام وتقطع دابر يهود من فلسطين.

 

وكما نؤكد من قلب محروق بل من قلوب محروقة إلى إخوتنا الصامدين في غزة هاشم، إلى الرجال الذين وقفوا في وجه الطغيان، إلى النساء اللاتي أنجبن رجالاً كالصخر، إلى الأطفال الذين وُلدوا تحت القصف وما لانوا، إلى المجاهدين المرابطين على الثغور، نقولها لكم من قلوب مؤمنة بوعد الله عز وجل: اصمدوا واثبتوا، فإن الغلبة لكم، وإن الله معكم، وإنكم ترون وتشمّون عبق الشهداء، وتلمسون بأيديكم أن دماءهم لا تسيل عبثاً، بل يفوح منها المسك، وتبشّر بالنصر القادم. فاصبروا، ولا تركنوا، ولا تقبلوا خيانة من خانوكم. اعلموا أن حكام دول الجوار ليسوا إلا أدوات لتنفيذ مشاريع أمريكا وكيان يهود، يريدون أن ينتزعوا منكم ما لم تستطع آلة الحرب اقتلاعه، يريدون أن يُطفئوا نور جهادكم، ويجعلوكم تسيرون خلف مواثيق باطلة وعهود مزيفة. فلا تنخدعوا بما يُلقى إليكم من أوراق التفاوض، فإنها ليست إلا قيوداً لتكبيل عزيمتكم، وكسر شوكتكم. فكل مواثيقهم وعهودهم كذب وخداع، وقد علّمنا التاريخ والقرآن أن اليهود لا يحفظون عهداً، ولا يصونون ميثاقاً، ولا يثبتون على كلمة.

 

فمن يركن إليهم، فقد باع دينه، وضيّع دمه، وسلم رايته إلى العدو. فلا تميلوا إلى التراخي والتقاعس، فإن في ذلك استسلاماً بطيئاً وعدوكم لا ينام، بل يُعِدّ لكم أشد المكائد في الليل والنهار، يُخطط لاقتلاعكم، وإخماد نار جهادكم، وطمس إنجازاتكم. لا تنخدعوا بخطابات الكذب ولا بحضور الوسطاء، لا تصغوا لمن يدعوكم للتنازل ولا تمدوا أيديكم إلى قتلتكم، فلا خير في الخنزير نتنياهو، ولا في الخنزير ترامب، لا خير في من قاد جيوش الكفر إلى بلادكم، وموّل حرب إبادتكم، وسكت عن دمائكم، بل زادها حطباً.

 

نعم لقد تبيّن لنا جميعاً من خلال هذه الحرب أن العدو لم يكن يوماً يبحث عن سلام، بل عن استسلام، وأن الأنظمة من حولكم لم تكن يوماً حليفة لكم، بل هي حليفة للقاتل ضد الضحية.

 

كما نؤكد أن كل تقاعس وكل سكوت عن العمل لإقامة دولة الإسلام، هو استسلام ناعم، وهزيمة صامتة، وتفريط في أمر عظيم حمّله الله هذه الأمة.

 

أيها المسلمون: إنكم اليوم أمام طريقين لا ثالث لهما: إما أن تسلكوا طريق رسول الله ﷺ، فتنبذوا مواثيق الكفر، وتوحدوا صفكم، وتعملوا لإقامة الخلافة التي تقود الأمة للجهاد والتحرير، أو تسلكوا طريق الحكام العملاء، والأنظمة التابعة، وتنتظروا المزيد من الانبطاح، والمزيد من النزف والذل والهوان.

 

لا مواثيق مع يهود، لا حلول مع الاحتلال، لا شرعية إلا بشرع الله، ولا طريق للتحرير إلا بالخلافة والجهاد وحينها فقط، ستعود فلسطين، وستُقتلع الأنظمة، وسيُطهَّر المسجد الأقصى، وتعلو راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسام الإدريسي – ولاية اليمن

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.