Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ترامب يريد أن يُوقِع حماس في فخّ التقسيم!

 

 

منذ أن عادت الولايات المتحدة إلى المشهد الفلسطيني بقوّة، ولا سيّما في عهد ترامب، بدا واضحاً أنّها لا تسعى إلى حلّ النزاع، بل إلى إعادة تشكيله بما يخدم مشروع سيطرة كيان يهود، وتفكيك وحدة القرار الفلسطيني. وقد تمثّل أخطر ما أنتجه هذا المسار في محاولة جرّ حماس إلى فخّ التقسيم تحت عناوين برّاقة من مثل إعادة الإعمار، والتهدئة، والتنمية الاقتصادية... وغيرها.

 

لقد أدرك ترامب، ومن خلفه اللوبي الصهيوني، أنّ ضرب المقاومة بالسلاح لم ينجح، وأنّ تفكيك بنيتها لا يمكن أن يتمّ إلا من الداخل، عبر خلق واقعٍ انفصاليٍّ يُكرّس فكرة أنّ غزة كيانٌ مستقلّ عن الضفّة الغربية. ومن هنا بدأت الضغوط السياسية والاقتصادية: حصارٌ ماليٌّ على السلطة، ووعودٌ لغزة بفتح المعابر والموانئ وإعادة الإعمار، بشرط الهدوء الطويل.

 

يبدو هذا العرض في ظاهره إنسانيّاً، لكنه يحمل مشروعاً خطيراً، إذ يجعل التهدئة مدخلاً للانقسام، ويحوّل حماس من حركة مقاومة إلى سلطة محليّة تحكم وفق قواعد دولية مفروضة. تلك هي الخطة الأمريكية الصهيونية التي صاغها ترامب بوضوحٍ في صفقة القرن، محاصرة المقاومة بخيوط التمويل والضغوط الدولية.

 

إنّ فخّ التقسيم لا يُنصَب بالخرائط فقط؛ فحين يُدفَع الفلسطيني إلى التفكير في تحسين شروط العيش بدل تحرير الأرض، يصبح الاحتلال هو المنتصر الحقيقي. ومن هنا تأتي خطورة المساومات المرحلية التي تُحوِّل المبدأ إلى مصلحة، وتجعل من البندقية أداة تفاوض لا أداة تحرّر.

 

اليوم تقف المقاومة أمام امتحانٍ حاسم: هل ستتمكّن أن تبقى كذلك، أم ستغرق تحت مظلّة دوليةٍ مشبوهة؟

 

إنّ الحفاظ على وحدة المقاومة ليس خياراً عاطفيّاً، بل شرط بقاءٍ لأيّ مشروعٍ تحرّري. فالمؤامرة ليست في الفخاخ الأمريكية فحسب، بل في الصمت العربي والإسلامي المخزي، وفي الوعي المنهك الذي يتلقّى الهزيمة بوصفها قدَراً.

 

علينا أن ندرك أنّ أخطر ما تريده أمريكا هو أن تُغري غزة بالانفصال، لتبقى فلسطين حلماً مقسَّماً بين الجغرافيا والمصالح.

 

لن يسقط مشروع التقسيم بالمزايدات، بل بالوعي والموقف والمقاومة. وما لم تُدرك المقاومة، ومعها كلّ الفلسطينيين، أنّ وحدة الأرض أهمّ من سلطة الحكم، فإنّ الاحتلال سيكسب بالدهاء ما عجز عنه بالسلاح.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.