Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

قراءة في خطاب أحمد الشرع ووهم البطولة

 

 

لا يزال أحمد الشرع غارقاً في الوهم الذي صنعه لنفسه، والذي حاول أن يقنع به الشعب السوري المنكوب، مقدِّماً نفسه في صورة المُنقذ والمخلِّص الذي انتشل البلاد من براثن نظام الأسد، ليظهر في خطاباته كأنَّه بطل خرج منتصراً من معارك كبرى. يتحدَّث بنبرة الواثق الذي صنع الأمجاد، متجاهلاً حقائق يعرفها السوريون قبل غيرهم.

 

والحقيقة التي لا يمكن القفز فوقها أن أحمد الشرع ما كان ليقف أمام الشعب السوري ليعلن ما يسمّيه (النصر)، لولا شبكة التنسيق الخفي التي جمعت أطرافاً دولية وإقليمية، في مقدمتها واشنطن عبر بوابة أردوغان الرئيس التركي. فهذا التنسيق الذي ظل بعيداً عن الأنظار هو الذي مهّد له الطريق، وهو الذي أتاح له المساحة التي يوهم بها الشعوب المقهورة.

 

ورغم هذه الحقائق يواصل أحمد الشرع ترويج انتصارٍ مزيف، لا يقوم على إرادة الشعب ولا على استقلال القرار، بل على تفاهمات خارجية ومصالح متشابكة. فعندما يتحوّل السياسي إلى أسير رواية صنعتها القوى الكبرى، يصبح خطابه بعيداً عن الحقيقة، ويغدو (النصر) الذي يقدِّمه ويتحدث عنه مكتوباً بالحبر لا بالواقع.

 

إن الشعوب التي دفعت أثماناً باهظة في نضالها لا يمكن أن تنخدع طويلاً، وهي وحدها القادرة على فرز الحقيقة من الوهم، والتمييز بين الخائن والأمين. إن الشعوب التي تُركت طويلاً تتخبط بين روايات متضاربة ووعود مزيفة، قادرة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، على استعادة وعيها وانتزاع حقها من بين أنقاض التضليل.

 

فوعي الشعوب هو الحصن الأخير الذي لا تستطيع أي قوة أن تهدمه ما لم تتخلَّ هي عنه بنفسها. فحين يدرك الناس حجم الوهم الذي صُنع لهم بعناية، يبدأ طريق التحرّر الحقيقي: تحرير الإرادة من قبضة الدعاية، وتحرير الذاكرة من سرديّات المخلِّصين الزائفين.

 

لقد آن لهذه الشعوب أن تستعيد وعيَها، وأن تعيد قراءة المشهد بعيون مفتوحة، لا بعيون أثقلتها الأكاذيب التي تغيب عنها الحقيقة.

 

إن ذاكرة الشعوب الإسلامية مثقلة بتاريخ طويل من الطغاة الذين جثموا على صدورها، وتوارثوا سلطة قاهرة عطّلت وعي الناس، وأرهقت قدرتهم على التمييز، حتى أصبحت - بعد عقود من القمع والتضليل - عاجزة عن التفريق بين الخائن والأمين. لقد اختلطت الأصوات وتداخلت الوجوه، واستهلكت البصائر تحت وقع الدعاية والخوف والتزييف، فغاب الحق في زحمة الباطل، واستُبدل بالحقيقة ما يُضَخّ لها من سرديّات مصنوعة.

 

واليوم، إذا أرادت هذه الشعوب أن تستعيد مكانتها بين الأمم، فعليها أن ترفع صوتها بالمطالبة بعودة دولتها، مصدر عزتها وقوتها وسياج كرامتها والمدافع عن وجودها. فالأمم لا تُبنى بالصمت، ولا تُستعاد بالركوع، بل بإرادة حيّة تستفيق من غفوتها، وتعيد وصل ما انقطع من تاريخها وقوتها.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.