- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إلغاء قانون قيصر
قبول أوراق اعتماد النظام السوري عضوا في الحلف الصليبي الغربي
صوّت مجلس النواب الأمريكي يوم الخميس 11/12/2025 بالأغلبية لصالح إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر، وجاء الإلغاء شاملاً ودون أي شروط، ضمن مادة مدرجة في قانون موازنة وزارة الدفاع الأمريكية لعام 2026، بعد جهود دبلوماسية مكثفة بذلتها الحكومة السورية، مدعومة بالجالية السورية والمنظمات السورية الأمريكية الفاعلة في واشنطن، إضافة إلى مساندة دول شقيقة وصديقة عملت لرفع هذه العقوبات التي أثقلت كاهل السوريين. (سانا)
يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾. إن هذه الآية ملخّص لما حصل، وتأكيد على حقيقة لا مراء فيها ولا تأويل، من أبواق النظام في سوريا والمطبلين له، وهي بلا شك نتيجة لما قام به النظام فور استلامه الحكم في سوريا قبل عام، حيث طمأن النظام الدولي أنه ليس في نيته الحكم بما أنزل الله، بل هو امتداد لنظام أسد العلماني النصيري البائد. وقد تحققت هذه الطمأنينة لدى الحلف الصليبي من خلال استمرار النظام الحالي في الحكم بقوانين وأعراف الدولة المدنية الغربية دون أن يغيّر فيها قيد أنملة. حيث قام رأس النظام الجولاني ومعه حاشيته بالطواف على العواصم الغربية الصليبية واحدة تلو الأخرى، واختتم جولاته برأس الكفر وزعيمة الحلف الصليبي أمريكا.
إن الإجماع الدولي على حُسن سير وسلوك نظام الجولاني له دلالة واحدة فقط، وهي أن النظام قد دخل جحر الضب الذي كان يُعدّ له، وأصبح عضواً في الحلف الصليبي، بعد أن التزم بجميع ما طُلب منه وزيادة، وأهل بلاد الشام، ومنهم أهل سوريا الذين امتدحهم وأشاد بهم رسولنا الكريم ﷺ، لا تنطلي عليهم الأكاذيب ولا يخدعهم الكلام المعسول أو طول اللحى وقصرها، ولكن هذا لا يعني أن النظام لن يحاول، من خلال الإعلام المنحاز إلى الحلف الصليبي، قلب الحقائق وتقديم الهزائم على أنها انتصارات، والخيانة على أنها بطولة، والانبطاح على أنه حنكة سياسية وحسن تدبر.
فإن تصويت الكونغرس الأمريكي لصالح مشروع "قانون تفويض الدفاع الوطني" للسنة المالية 2026، والذي يتضمّن بنداً بإلغاء قانون قيصر الذي ادّعى أنه لحماية المدنيين السوريين، كان مقصودُه إثقالَ كاهل الناس أكثر مما كانوا يلاقونه على أيدي النظام منذ أن فُرض في كانون الأول/ديسمبر 2019. وليس صحيحاً أنه كان يهدف إلى الضغط على نظام أسد كي يتوقّف عن قتل المدنيين، فالنظام ورجالاته كانوا يسرحون ويمرحون ويتاجرون في المخدرات والببتاجون دون حسيب أو رقيب، بينما كان الناس يعانون من العقوبات الأمريكية والدولية.
ومما ورد في الإعلام أن إلغاء القانون "جاء نتيجة تضافر جهود كبيرة بذلتها السعودية وتركيا وقطر، إلى جانب الجهود الدبلوماسية السورية والجالية السورية في أمريكا، وتقاطعت هذه الجهود مع رغبة ترامب في منح سوريا فرصة للاستقرار والنهوض، لذلك وضع ثقله السياسي لبناء الإجماع المطلوب في الكونغرس، وسعيه إلى أن يكون الإلغاء كاملاً لا جزئياً أو مشروطاً، بغية إتاحة المجال أمام الشركات الأمريكية والدولية للاستثمار في سوريا دون الخوف من عودة فرض العقوبات من جديد".
وما دامت هذه الأنظمة الخائنة هي التي سعت لرفع القانون بقيادة سيدها ترامب، وهي عينها التي كانت تتآمر على الثورة السورية المباركة، فهذا يعني شيئاً واحداً، وهو أنه كما أُسند إليها دور التآمر على الثورة، أُسند إليها دور تقوية نظام الجولاني واستقراره وتسويقه والتمكين له محلياً وإقليمياً ودولياً، وهذا يتقاطع مع ملابسات إلغاء قانون قيصر، إذ لم يكن الإلغاء تشريعاً مستقلاً في الكونغرس، بل جرى تضمينه في حزمة تشريعية أوسع وأكثر أهمية، وهي "قانون تفويض الدفاع الوطني"، لتمرير ميزانية وزارة الحرب الأمريكية. وهذا ما يفسّر الدعم القوي الذي حظي به المشروع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ليُحال بعد ذلك إلى مجلس النواب للتصويت عليه، ثم يوقع عليه الرئيس ترامب.
وعلى الرغم من اطمئنان الحلف الصليبي لولاء نظام الجولاني، إلا أن الحلف يعلم يقيناً حقيقة أهل الثورة السورية الحقيقيين، لا المنافقين الذين اندسّوا فيها، لذلك أبقى الباب موارباً لإعادة العقوبات من خلال تضمين القرار شروطاً غير ملزمة، فقد طلب الكونغرس من الإدارة الأمريكية تقديم تقرير إليه خلال مدة لا تتجاوز 90 يوماً من تاريخ إقراره، ثم كل 180 يوماً بعد ذلك على مدى أربع سنوات، لتأكيد استقرار الوضع لصالح نظام الجولاني. وإذا ما تحرّك المخلصون في الثورة لتصحيح ما أفسده الجولاني، فسيُعاد مجددا فرض العقوبات على الناس والمخلصين من أهل الثورة المباركة.
أما أبرز المطالب كما وردت في القرار، وهي بيت القصيد، فهي: "اتخاذ الحكومة السورية إجراءات فعّالة وملموسة لمحاربة تنظيم الدولة والمجموعات الإرهابية الأخرى، والتعاون مع الولايات المتحدة، وألا تقوم الحكومة بأي عمل عسكري أحادي الجانب ضد جيرانها، بما في ذلك إسرائيل، وأن تواصل إحراز تقدم في إبرام اتفاقيات أمنية دولية، واتخاذ خطوات لإبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا في الحكومة ومؤسسات الدولة والأمن".
وأخيرا، كان طبيعياً أن يخرج أهل الثورة إلى ساحات مدنهم احتفالاً بمرور عام على إسقاط الطاغية بشار، وهتافاتهم التي تربطهم بغاية الثورة وهي تحكيم شرع الله في البلاد وتحرير الأرض المباركة فلسطين، هذا على الرغم من إبراز الإعلام التجمعات التي أخرجها نظام الجولاني بالأساليب القمعية نفسها التي كان ينتهجها النظام البائد في إخراج الناس إلى الشوارع، احتفالاً بمرور عام على غصبه للثورة المباركة، مستغلاً واقع حال الناس، إذ إن أكثر من 90% منهم يعيش تحت خط الفقر، ونحو 10 ملايين بحاجة ماسة إلى المساعدات. كما يوجد أكثر من 2.5 مليون نازح في الداخل، بينهم 1.5 مليون ما زالوا يعيشون في مخيمات أغلبها في الشمال السوري، وحوالي 13 مليوناً يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أي أكثر من نصف السكان، بمن فيهم 3 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد. وتجاوزت نسبة البطالة 50% في بعض المناطق، فيما يعتمد جزء كبير من الناس على الاقتصاد غير الرسمي والمعاملات اليومية للبقاء على قيد الحياة، ومع كل ذلك، يظل أهل الشام الذين خرجوا على الطاغية بشّار صامدين على ثوابت ثورتهم، ولن تطول بهم استراحة المحارب حتى يستأنفوا ثورتهم لتحقيق غاياتها الكبرى، وهي تحكيم شرع الله، ولن يطول الزمن بأهل القوة في الثورة حتى ينظّفوا صفوفهم ممن اندسّوا بينهم، ويعطوا نصرتهم لحزب التحرير، صاحب مشروع الأمة الحقيقي، مشروع الخلافة على منهاج النبوة، التي تحكم بما أنزل الله وتقود أكثر من مليون مقاتل من أهل الثورة لتحرير الأرض المباركة فلسطين، لينال أهل الشام شرف الحكم بما أنزل الله وتحرير المسجد الأقصى، ولهذا فليعمل العاملون.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر – ولاية باكستان