- الموافق
- 4 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 28] قَالَ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: "أَمَرَ تَعَالَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ الظَّاهِرِينَ دِينًا وَذَاتًا بِنَفْيِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ هُمْ نَجَس دِينًا عَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام، وَأَنْ لَا يَقْرَبُوهُ بَعْد نُزُول هَذِهِ الْآيَة". وَكَانَ نُزُولُ هَذِهِ الآيَةِ سَنَة تِسْعٍ، وَلِهَذَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ - بِصِفَتِهِ قائدًا وَرَئِيسًا لِلدَّولَةِ الإِسلَامِيَّةِ - بَعَثَ عَلِيًّا بِصُحْبَةِ أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، وَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِي فِي الْمُشْرِكِينَ بِالقَرَارَاتِ الأَربَعَةِ الآتِيَةِ: أَنْ لَا يَحُجّ بَعْد هَذَا الْعَامِ مُشْرِك، وَأن لَا يَطُوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان، وَأَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ عِندَ رَسُولِ اللهِ؛ فَهُوَ إِلَى مُدَّتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعَ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ دِينَانِ، فَأَتَمَّ اللَّه ذَلِكَ، وَحَكَمَ بِهِ شَرْعًا وَقَدَرًا.
وَقَالَ عَبْد الرَّازِق أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْر أَنَّهُ سَمِعَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه يَقُول فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بَعْد عَامهمْ هَذَا﴾ إِلَّا أَنْ يَكُون عَبْدًا أَوْ أَحَدًا مِنْ أَهْل الذِّمَّة. وَقَالَ الْإِمَام أَبُو عُمَر وَالْأَوْزَاعِيّ: كَتَبَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنْ اِمْنَعُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى مِنْ دُخُول مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ وَأَتْبَعَ نَهْيه قَوْل اللَّه تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس﴾ وَقَالَ عَطَاء: الْحَرَم كُلّه مَسْجِد لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بَعْد عَامِهِمْ هَذَا﴾. وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾. قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: وَذَلِكَ أَنَّ النَّاس قَالُوا: "لَتُقْطَعَنَّ عَنَّا الْأَسْوَاقُ، وَلَتَهْلِكَنَّ التِّجَارَةُ، وَلَيَذْهَبَنَّ عَنَّا مَا كُنَّا نُصِيبُ فِيهَا مِنْ الْمَرَافِق". فَأَنْزَلَ اللَّه: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾. أَيْ سَوفَ يَرزُقُكُمُ اللهُ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ ذَلِكَ ﴿إِنْ شَاءَ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ أَيْ هَذَا عِوَض مَا تَخَوَّفْتُمْ مِنْ قَطْع تِلْكَ الْأَسْوَاق، فَعَوَّضَهُمْ اللَّه مِمَّا قَطَعَ أَمْر الشِّرْك مَا أَعْطَاهُمْ مِنْ أَعْنَاق أَهْل الْكِتَاب مِنْ الْجِزْيَةِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَغَيْرهمْ. ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ﴾ أَيْ بِمَا يُصْلِحكُمْ. ﴿حَكِيمٌ﴾ أَيْ فِيمَا يَأْمُر بِهِ، وَيَنْهَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْكَامِل فِي أَفْعَاله وَأَقْوَالِهِ، الْعَادِل فِي خَلْقه وَأَمْره، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلِهَذَا عَوَّضَهُمْ عَنْ تِلْكَ الْمَكَاسِب بِأَمْوَالِ الْجِزْيَةِ الَّتِي يَأْخُذُونَهَا مِنْ أَهْل الذِّمَّة.
لَقَد وَجَّهَ أَحَدُ السَّائِلِينَ إِلَى العَلَّامَةِ ابنِ بَاز السُّؤَالَ الآتِي: يَقُولُ الرَّسُولُ ﷺ: «لَا يَجتَمِعُ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ دِينَانِ». لَكِنَّنَا نَجِدُ فِي مُعْظَمِ بُلْدَانِ الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ وُجُودًا كَثِيفًا لِلعَمَالَةِ غَيرِ الإِسلَامِيَّةِ، وَصَلَ بِهَا الأَمْرُ إِلَى حَدِّ بِنَاءِ دُورِ عِبَادَةٍ لَهَا سَوَاءٌ النَّصَارَى أَمِ الهِنْدُوس أَمِ السِّيخ. مَا الـمَوقِفُ الوَاجِبُ عَلَى حُكُومَاتِ هَذِهِ البُلْدَانِ اتـخَاذُهُ حِيَالَ هَذِهِ الظَّاهِرَة الـمُؤلـِمَةِ ذَاتِ الخَطَرِ الدَّاهِمِ؟ فَأَجَابَ ابنُ بَازِ - رَحِمَهُ اللهُ - عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِالتَّحْدِيدِ إِجَابَةً تُرضِي اللهَ تَعَالَى - إِنْ تَجَاوَزْنَا مَوضُوعَ إِقْرَارِهِ بِتَعَدُّدِ حُكَّامِ الـمُسلِمِينَ، عِلْمًا أَنَّ هَذَا الإِقْرَارَ خَطَأٌ كَبِيرٌ يَتَرَتَّبُ عليه إِثْمٌ عَظِيمٌ - أَجَابَ فَقَالَ: "لَقَدْ صَحَّ أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ قَالَ: «لَا يَجتَمِعُ فِي الجَزِيرَةِ دِينَانِ»، وَصَحَّ عَنهُ أيضًا أَنَّهُ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنَ الجَزِيرَةِ، وَأَمَرَ أَنْ لَا يَبقَى فِيهَا إِلَّا مُسْلِمٌ، وَأَوصَى عِندَ مَوتِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِإِخْرَاجِ الـمُشرِكِينَ مِنَ الجَزِيرَةِ، فَهَذَا أَمْرٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَلَيسَ فِيهِ شَكٌّ. وَالوَاجِبُ عَلَى الحُكَّامِ أَنْ يُنَفِّذُوا هَذِهِ الوَصِيَّةَ كَمَا نَفَّذَهَا خَلِيفَةُ الـمُسلِمِينَ عُمَرُ رضي الله عنه بِإِخْرَاجِ اليَهُودِ مِنْ خَيبَرَ وَإِجْلَائِهِمْ، فَعَلَى الحُكَّامِ فِي السَّعُودِيَّةِ، وَفِي الخَلِيجِ، وِفي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الجَزِيرَةِ، عَلَيهِمْ جَمِيعًا أَنْ يَجتَهِدُوا كَثِيرًا فِي إِخْرَاجِ النَّصَارَى وَالبُوذِيِّينَ وَالوَثَنِيَّينَ وَالهِندُوسَ وَغيرِهِمْ مِنَ الكَفَرَةِ وَأَلَّا يَستَقْدِمُوا إِلَّا الـمُسلِمِينَ. هَذَا هُوَ الوَاجِبُ وَهُوَ مُبَيَّنٌ بَيَانًا جَلِيًّا فِي قَوَاعِدِ الشَّرعِ الحَنِيفِ، فَالـمَقصُودُ وَالوَاجِبُ إِخرَاجُ الكُفَّارِ مِنَ الجَزِيرَةِ، وَأَنْ لَا يُستَعْمَلَ فِيهَا إِلَّا الـمُسلِمُونَ مِنْ بِلَادِ اللهِ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيهِمْ أَيضًا أَنْ يَخْتَارُوا مِنَ الـمُسلِمِينَ، فَالـمُسلِمُونَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مُسْلِمٌ بِالادِّعَاءِ لَا بِالحَقِيقَةِ، وَعِندَهُ مِنَ الشَّرِّ مَا عِندَهُ، فَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَحتَاجُ إِلَى مُسلِمِينَ لِيَسْتَأْجِرَهُمْ أَنْ يَسأَلَ أَهْلَ الـمَعرِفَةِ حَتَّى لَا يَستَقْدِمَ إِلَّا الـمُسلِمِينَ الطَّيِّبِينَ الـمَعرُوفِينَ بِالـمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالاستِقَامَةِ. أَمَّا الكُفَّارُ فَلَا يَستَخْدِمْهُمْ أَبدًا إِلَّا عِندَ الضَّرُورَةِ الشَّرعِيَّةِ، أَيْ: الَّتِي يُقَدِّرُهَا وُلَاةُ الأَمْرِ، وَفْقَ شَرْعِ الإِسلَامِ وَحْدَهُ". انتَهَى جَوَابُ ابنِ بَاز، هَذَا السُّؤَالُ، وَهَذِهِ الإِجَابَةُ مُثبَتَانِ فِي الموقِعِ الرسمِيِّ لِسَمَاحَةِ ابنِ بَاز - رَحِمَهُ اللهُ - لِمَنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَيهِ.
وَاليَومَ فِي غِيَابِ دَولَةِ الإِسلَامِ، وَغِيَابِ سُلْطَانِ الـمُسلِمِينَ، وَغِيَابِ خَلِيفَةِ الـمُسلِمِينَ الـمُوَالِي للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِجَمَاعَةِ الـمُؤمِنِينَ، الحَرِيصِ عَلَى تَطبِيقِ شَرْعِ اللهِ بِتَنفِيذِ أَوَامِرِهِ، وَاجتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَفِي ظِلِّ دُوَيلَاتِ الضِّرَارِ، وحُكَّامِ الضِّرَارِ، الـمُوَالِينَ لِلْغَرْبِ الكَافِرِ، الَّذِينَ يَحكُمُونَ شُعُوبَهُمْ بِدَسَاتِيرَ وَقَوَانِينَ وَضْعِيَّةٍ مِنَ الطَّاغُوتِ الَّذِي أُمِرُوا أَنْ يَكفُروا بِهِ، وَعَلَى رَأْسِهِمْ مَنْ يُسَمِّي نَفسَهُ زُورًا وَبُهتَانًا بـ"خَادِمِ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ"، وَكَانَ الأَولَى وَالأَجدَرَ أَنْ يُسَمَّى بِـ"خَادِمِ الأَمرِيكَانِ، وَخَائِنِ بِلَادِ الـمُسلِمِينَ وَالحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ"؛ ذلك لِأَنَّهُ لا يَستَحْيِي مِنَ اللهِ، وَلا مِنْ عِبَادِ اللهِ، فَعَصَى اللهَ جَهَارًا نَهَارًا عَلَى مَرأَى وَمَسمَعِ مَلَايِينِ الـمُسلِمِينَ، ضَارِبًا بِفَتْوَى رَئِيسِ كِبَارِ هَيئَةِ عُلَمَاءِ مَمْلَكَتِهِ عُرْضَ الحَائِطِ، وَذَلِكَ بِالسَّمَاحِ لِلرَّئِيسِ الأَمرِيكِيِّ "ترامب" ذَلِكَ الـمُشْرِكِ النَّجِسِ بِأَنْ يَدْخُلَ جَزِيرَةَ العَرَبِ، لَيسَ هَذَا فَحَسْب، بَلْ وَتَنَازَلَ لَهُ عَنْ الكَثِيرِ الكَثِيرِ مِنْ ثَرْوَاتِ الـمُسلِمِينَ، وَأَبنَاءُ الـمُسلِمِينَ يَتَضَوَّرُونَ جُوعًا وَأَحْوَالُهُمْ يُرثَى لَـهَا؛ يَتَعَرَّضُونَ لِلقَتْلِ وَالتَّعذِيبِ وَالحَرْقِ وَالدَّفْنِ وَهُمْ أَحيَاءَ، كَمَا يَحدُثُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ لِإِخْوَانِنَا فِي بُورمَا عَلَى أَيدِي البُوذِيَّينَ، وَلَا ذَنْبَ لَهُمْ سِوَى أَنَّهُمْ مُسلِمُونَ يَشهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ محمدٌ رَسُولُ اللهِ، وَكَانَ قَبلَ ذَلِكَ قَدْ قَامَ هُوَ وَحُكَّامُ الـمُسلِمِينَ بِمَا يُسَمَّى "عَاصِفَةَ الحَزْمِ" بِتَنفِيذِ مُخَطَّطَاتِ الكُفَّارِ فِي تَوجِيهِ أَسْلِحَتِهِ وَطَائِرَاتِهِ الحَربِيَّةِ لقَتْلِهِمْ فِي اليَمَنِ وَالشَّامِ وَغَيرِهِمَا، فِي الوَقْتِ ذَاتِهِ الَّذِي يَقُومُ فِيهِ أَعْدَاءُ اللهِ يَهُودُ بِقَتْلِ الـمُسلِمِينَ فِي فِلَسطِينَ، وَتَدنِيسِ الـمَسجِدِ الأقْصَى الـمُبَارَكِ أُولَى القِبلَتَينِ، وَثَانِي الـمَسجِدَينِ، وَثَالِثِ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا بِسَبَبِ خِيَانَةِ هؤلاء الحُكَّامِ وتآمُرِهِمْ مَعَ أَعدَائِهِمْ عَلَيهِمْ. قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤفَكُونَ!! اللَّهُمَّ أَهْلِكْهُمْ جَمِيعًا هُمْ وَأَعْوَانَهُمْ، وَأَرِنَا فِيهِمْ عَجَائِبَ قُدرَتِكَ، وَأَبْدِلْنَا بِهِمْ خَلِيفَةً رَاشِدًا، مِمَّنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ، وَاتَّبَعَ فِي الحَقِّ رِضَاكَ، اللَّهُمَّ آمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ!!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ محمد أحمد النادي