Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الشركات متعددة الجنسيات و"دعمها" المصطنع للبيئة

 

(مترجم)

 

لقد تمت مناقشة مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي بشكل مكثف، مع وجود محللين يتكهنون بالنجاحات المحتملة، وقيام بعضهم بتحضير العالم لفشل مؤتمر آخر للأمم المتحدة. فبينما تم القبول بحقيقة المشاكل المتعلقة بالبيئة والتغير المناخي بشكل واسع، إلا أنه لم يتم إيجاد حل حقيقي لها، في الوقت الذي تجعل فيه الدول والشركات المصالح الاقتصادية الأولوية لها عند اتخاذ قراراتهم.

 

ففي أمريكا، تقاتل شركات الفحم وعدد من الولايات بشكل مفتوح الجهود المبذولة من وكالة حماية البيئة لمراقبة وتنظيم انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون كملوث (the Conversation). كما أن شركات الطاقة متعددة الجنسيات مترددة في قبول أي تحديدات على استخدامهم للوقود الأحفوري. ففي أيار/مايو ٢٠٢١، تم إبلاغ شِلْ بتقليل انبعاثاتها من الكربون من خلال محكمة في هولندا على أثر تحد قانوني بين المجموعات البيئية؛ وفي ٢٠ تموز/يوليو قالت الشركة إنها ستستأنف ضد الحكم.

 

وبعيدا عن تحدي الأحكام القضائية، يمكننا أيضا أن نرى أنه في الماضي، اتحدت الشركات الضخمة كصناعات النفط والفحم ضد معاهدات تم تبنيها في مؤتمرات الأمم المتحدة، مثل بروتوكول طوكيو. وقد خلق هذا وضعا وصل فيه التغيير إلى طريق مسدود، حيث إن الشركات التي ترغب بالتغيير تخشى خسارة التنافسية في حالات تطبق فيها الحكومة مبادرات باهظة الثمن من أجل التغير المناخي، في الوقت الذي لا يقوم الآخرون بذلك.

 

إن الهدف من مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي هو اتخاذ قرارات حول تقليل انبعاثات غاز الدفيئة والتي تُعتبر السبب وراء ارتفاع حرارة العالم بعواقب كارثية على الكوكب. وتمت دعوة الحكومات للالتزام بهدف الوصول إلى صفر في انبعاثات غازات الدفيئة، كما أن رئاسة مؤتمر التغير المناخي بنفسها تدعو إلى الالتزام بشكل سريع بالتخلص من الفحم.

 

إن ما يثير السخرية أنه قبل المؤتمر، فإن صناعات الوقود الأحفوري والطاقة النووية قد سجلت للحضور. كما أن شل، وشيفرون، وشركات النفط الشرق آسيوية، وغيرها من شركات النفط، وتجار الكربون، والأعمال الزراعية والكيميائية متعددة الجنسيات، كلهم سجلوا للانضمام إلى مفاوضات الأمم المتحدة للمناخ في أيار/مايو وحزيران/يونيو، كما قامت بذلك صناعة الطاقة النووية.

 

والسبب وراء ذلك ليس أنهم قلقون بالبيئة، بل إنهم يحضرون المؤتمر للتأثير في السياسات.

 

حيث قال باسكو سابيدو، الباحث في مرصد أوروبا للشركات: "إن وجود أمثال شل في محادثات الأمم المتحدة هي فقط من أجل تأجيل أي تقدم حقيقي والدفع بحلول خاطئة كأسواق الكربون والتعويضات من خلال المجموعات الاتحادية مثل ليتا... بدلا من خفض الانبعاثات، فهذه الأساليب ستسمح للمؤسسات بالاستمرار بالحفر وبيع الوقود الأحفوري، والذي ينبئ بكارثة للمناخ".

 

لقد حضرت هذه الشركات المؤتمر في الماضي، لكن هذه السنة فإن المنظمين لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي لم يعطوا شركات الوقود الأحفوري دورا رسميا في المحادثات.

 

فهل عدم وجودهم يعني أن الأمور ستكون مختلفة؟ ليس بالضرورة...

 

إن عدم حضورهم لا يعني أن صناعة البترول قد خسرت التأثير على المؤتمر ونتائجه. ففي قيادة القمة الحاسمة، فإن سلسلة من التقارير أظهرت وبشكل واضح مدى عمق اتصالات صناعة الوقود الأحفوري، سواء مع منظمي المؤتمر، أو اللاعبين على طاولة المفاوضات. (تايم)

 

أحد السبل الممكنة للتأثير هو من خلال صناعة الاستشارات الإدارية. على سبيل المثال، ستكون مجموعة بوسطن الاستشارية الشريك الاستشاري الحصري لمؤتمر الأطراف الـ26. من غير المعتاد مشاركة القطاع الخاص من أي نوع على هذا المستوى في مؤتمر دبلوماسي دولي. والأغرب من ذلك حقيقة أن مجموعة بوسطن الاستشارية تدعي أنها تقدم المشورة لـ19 من أكبر 25 شركة نفط في العالم. (تايم) هذا يعني أنه سيكون لديهم تضارب في المصالح، مما سيؤثر على قدرتهم على البحث عن حلول للمشاكل البيئية الحالية من أي نوع على هذا المستوى.

 

تشتهر هذه الشركات أيضاً بممارسة الضغط على الحكومات لضمان أن تكون القرارات لصالح صناعة الوقود الأحفوري. هناك بالفعل تقارير يتم تسريبها، والتي تظهر أن السعودية واليابان وأستراليا من بين الدول التي تطلب من الأمم المتحدة التقليل من الحاجة إلى التحرك بسرعة بعيداً عن الوقود الأحفوري. هذه الوثائق المسربة عبارة عن تقارير تستخدمها الحكومات لتقرير الإجراءات اللازمة للتصدي لتغير المناخ، وستكون أحدثها مساهمة حاسمة في المفاوضات في مؤتمر غلاسكو. (بي بي سي)

 

لا يمكن الوثوق بالساسة الذين يتم استدعاؤهم لحل مشاكل تغير المناخ الحالية. في المملكة المتحدة، يمتلك 43 عضواً في مجلس اللوردات حصة مالية في صناعة النفط والغاز (أوبن ديموكراسي). في أمريكا، ساهمت شركات النفط والغاز بأكثر من 84 مليون دولار للمرشحين للكونغرس الأمريكي في عام 2018 (المصدر). وفي حزيران/يونيو، تم تصوير أحد كبار أعضاء جماعة الضغط من إكسون موبيل، وإحدى الشركات الأعضاء في غرفة التجارة الأمريكية، في فيلم يعترف بالعمل مع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي لدفع أجندة مناهضة للمناخ. (تغير المناخ)

 

في النهاية، علينا أن نتذكر أن التغيير فيما يتعلق بحماية البيئة ليس بهذه البساطة داخل النظام الرأسمالي الذي يسمح بهيمنة وتأثير هذه الشركات المتعددة الجنسيات. يلعبون دوراً كبيراً في النظام الرأسمالي الحالي الذي يسمح لهم بالتلاعب بالسياسة والقوانين الدولية والحكومية بناءً على مصالحهم. إنهم يشاركون في مجموعة متنوعة من الأنشطة التي تضر بالبيئة، ولكن نظراً لأن العديد من السياسيين والأحزاب السياسية مرتبطون بقوة بهذه الشركات ويدعمونها مالياً، فإن التغيير المبدئي الكامل فقط هو الذي سيشهد أي حل حقيقي.

 

 

#أزمة_البيئة

 

#EnvironmentalCrisis

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فاطمة مصعب

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.