Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

العلمانية بضاعة كاسدة لا مكان لها بين أمة لا ترضى سوى الإسلام

 

أوردت صحيفة الصيحة خبرا بعنوان: "تكتل جديد بقيادة جعفر الميرغني وجبريل إبراهيم يدعو لفصل الدين عن الدولة"، جاء فيه: "اتفق تكتل جديد بقيادة جعفر الميرغني وجبريل إبراهيم أطلق على نفسه مسمى الحرية والتغيير - الكتلة الديمقراطية - اتفق على مشروع تعديلات على الوثيقة الدستورية. وشملت أبرز التعديلات الفصل التام بين المؤسسات الدينية ومؤسسات الدولة لضمان عدم استغلال الدين في السياسة ووقوف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان وكريم المعتقدات.

 

كما شملت التعديلات التي تحصّلت عليها الصيحة أيضاً على حذف اسم الحرية والتغيير من الوثيقة والاستعاضة عنها بـ"القوى السياسية والمدنية وحركات الكفاح المسلح وأطراف العملية السلمية ولجان المقاومة". وأكد نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل جعفر الميرغني في مؤتمر صحفي أنهم يعملون لتأسيس كتلة ديمقراطية تسعى لقيام الانتخابات والتوقيع على ميثاق شرف للدفاع عن الديمقراطية، مشدداً على رفضهم لتعدد الجيوش في البلاد".

 

هذه ليست أول مرة تُطرح فيها العلمانية في هذه البلاد من هؤلاء العملاء أبواق الغرب الكافر المستعمر الذين تحملوا نشر أفكاره الخبيثة الهدامة نيابة عنه وساء ما يعملون، فقد أوردت الجزيرة نت في 2021/3/28 خبرا جاء فيه: "وقّعت الحكومة السودانية والحركة الشعبية شمال، في جوبا عاصمة جنوب السودان، على برتوكول إعلان مبادئ ينص على علمانية الدولة، ويمهد للتفاوض بين الطرفين في السودان، وقال رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إن توقيع الاتفاق يمثل بداية حقيقية للمرحلة الانتقالية في السودان.

 

من جانبه قال رئيس الحركة الشعبية شمال، عبد العزيز الحلو، إن الإعلان يتيح الحريات الدينية والعرقية ويحافظ على حقوق الإنسان في السودان. وينص الاتفاق على فصل الدين عن قضايا الدولة، وحيادية الدولة في القضايا الدينية، وكفالة حرية المعتقدات وألا تتبنّى الدولة أي ديانة لتكون رسمية في البلاد".

 

وللأسف فإن أغلب سياسيي هذا البلد - إلا من رحم ربي - أصبحوا يطالبون بالعلمانية التي هي صنيعة وبضاعة الغرب الكافر، تقول دائرة المعارف البريطانية في تعريف العلمانية: "هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا وحدها". وتقول دائرة المعارف الأمريكية: "الدنيوية هي: نظام أخلاقي أسس على مبادئ الأخلاق الطبيعية ومستقل عن الديانات السماوية أو القوى الخارقة للطبيعة".

 

هذه هي حقيقة العلمانية التي ينادي بها الغرب الكافر، فقد كان الغرب النصراني في ظروفه الدينية المتردية هو البيئة الصالحة والتربة الخصبة التي نبتت فيها شجرة العلمانية وترعرعت، وقد كانت فرنسا بعد ثورتها المشهورة هي أول دولة تقيم نظامها على أساس الفكر العلماني، ولم يكن هذا الذي حدث من ظهور الفكر العلماني والتقيد به بما يتضمنه من إلحاد وإبعاد للدين عن كافة مجالات الحياة بالإضافة إلى بغض الدين ومعاداته ومعاداة أهله، لم يكن هذا حدثاً غريباً في بابه ذلك لأن الدين عندهم حينئذٍ لم يكن يمثل وحي الله الخالص الذي أوحاه إلى عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه السلام وإنما تدخلت فيه أيدي التحريف والتزييف، ولم تكتف الكنيسة الممثلة للدين عندهم بما عملته أيدي قساوستها ورهبانها من التحريف والتبديل حتى جعلت ذلك دينا يجب الالتزام والتقيد به.

 

ومن جانب آخر فإن الكنيسة أقامت تحالفاً غير شريف مع الحكام الظالمين وأسبغت عليهم هالات من التقديس والعصمة وسوغت لهم كل ما يأتون به من جرائم وفظائع في حق شعوبهم زاعمةً أن هذا هو الدين الذي ينبغي على الجميع الخضوع له والرضا به. من هنا بدأ الناس يبحثون عن مهرب لهم من سجن الكنيسة وطغيانها، ومن ذلك أعلنوها حرباً على الدين عامة. فإن كل الأفكار والمناهج التي ظهرت في الغرب بعد التنكر للدين والنفور منه ما كان لها أن تجد آذاناً صاغية في بلاد المسلمين لولا عمليات الغزو الفكري المنظمة التي صادفت في الوقت نفسه قلوباً من حقائق الإيمان خاوية وعقولاً عن التفكير الصحيح عاطلة ودنيا في مجال التمدن ضائعة متخلفة. ولقد كان للنصارى العرب المقيمين في بلاد المسلمين دور كبير وأثر خطير في نقل الفكر العلماني إلى ديار المسلمين والترويج له والمساهمة في نشره عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، كما كان أيضا للبعثات التعليمية التي ذهب بموجبها طلاب مسلمون إلى بلاد الغرب لتلقي أنواع العلوم الحديثة أثر كبير في نقل الفكر العلماني ومظاهره إلى بلاد المسلمين حيث افتتن الطلاب هناك بما رأوا من عادات وتقاليد ونظم اجتماعية وسياسية واقتصادية عاملين على نشرها والدعوة إليها في الوقت نفسه الذي تلقاهم الناس فيه بالقبول الحسن توهماً منهم أن هؤلاء المبعوثين هم حملة العلم النافع وأصحاب المعرفة الصحيحة! ولم تكن تلك العادات والنظم والتقاليد التي تشبع بها هؤلاء المبعوثون وعظموا شأنها عند رجوعهم إلى بلادهم إلا عادات وتقاليد ونظم مجتمع رافض لكل ما له علاقة أو صلة بالدين.

 

ومنذ أن فرض الاستعمار سيطرته على البلاد الإسلامية جرت محاولاته لإقصاء المنهج الإسلامي في الشريعة والاقتصاد والعلم، وإحلال منهج علماني بديل عنه، وفرض قانون وضعي بديل عن الشريعة الإسلامية وكانت الدعوة تنطلق من خلال النظام السياسي الذي كان يقوم به رجال الليبرالية كأساس للمنهج السياسي للدول العربية بعد استقلالها، وهو على أساس إنشاء برلمان ودستور وأحزاب، ولقد حرصت هذه الدعوات على إزالة العقبات في وجه العلمانية، وركزت على الوطنية والفصل بين الوطنية ومفهوم الأمة العربية والوحدة الإسلامية. فكانت العلمانية استعماراً للفكر والإرادة والعقل وتغيير المفاهيم والمعتقدات وعلمنة المسلمين، استعماراً جديداً يغزو البلاد الإسلامية واستعبادهم بأيدي أبناء وطنهم لصالح الأعداء!

 

نعم هذه هي حقيقة العلمانية التي كانت ردة فعل على تسلط الملوك ورجال الدين النصراني. ولعداء الكافر البغيض أبت نفسه ونفوس الحكام العملاء إلا أن يطوعوه ضد أحكام الإسلام الصافية النقية التي نقلت البشرية الضالة إلى نور الإسلام بل أصبح المسلمون سادة للدنيا بأكملها جراء تمسكهم بأحكام الإسلام العظيم. وها هو الكافر يستعمل علينا من أبناء جلدتنا ويتكلمون بلساننا من ينادي بالعلمانية ويروج لها خدمة لأصحاب المبدأ.

 

فهؤلاء السياسيون هم عبيد للغرب الكافر، يسعون لإبعاد الإسلام عن معترك الحياة، وكأن سبب الشقاء الذي هم فيه هو الإسلام! والكل يدرك أننا ما وصلنا إلى هذا الدرك السحيق إلا نتيجة فصل الدين عن الحياة، والتي أحالت حياتنا إلى شقاء وتعاسة، وما زال العبيد يصرون على تجريب المجرب واللهاث خلف البضاعة الخاسرة الكاسدة!

 

فلا حياة حقيقية نسعد فيها ونعز بها إلا في ظل أحكام الإسلام، في ظل دولته الخلافة العائدة قريبا بإذن الله تعالى، فلنشمر السواعد ولنعمل مع العاملين لعز الدنيا والآخرة.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الخالق عبدون علي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.