Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

قمة فرنكفونية تبحث عن مستقبلٍ للمحتل الفرنسي في بلد الزيتونة!

 

تعيش تونس هذه الأيام على وقع تظاهرة عالمية في شكلها، خاوية الوِفاض في مضمونها؛ إذ تحتضن جزيرة جربة القمة العالمية للفرنكفونية في دورتها الـ18 لرؤساء الدول والحكومات التي تشترك في استخدام اللغة الفرنسية. فهل أصبحت اللغة الفرنسية ضرورة ملحة في خطاب العالم اليوم حتى تحظى بهذا الاهتمام؟ أم أنها كالغريق المتشبث بقشة المستعمرات حتى يُسعَف بالحياة؟

 

عند تسليط الضوء على ما تخفيه هذه القمة نجد أن فرنسا تسعى جاهدة لغرس ثقافتها في العالم وبالأخص في مستعمراتها القديمة بشمال أفريقيا، ولذا كان علينا أن نعرّف بالفرنكفونية؛ ما هي؟ وما هو أصلها؟ ولماذا تحظى بعقد قمة عالمية؟

 

الفرنكفونية هي رابطة لغوية تضم الدول والشعوب التي تتحدث الفرنسية كلغة رسمية أو حتى لغة إضافية. وقد ظهر هذا المصطلح لأول مرة في القرن التاسع عشر، أما نشأتها الفعلية فكانت سنة 1970 بعاصمة النيجر، عبر أحداث وكالة التعاون الثقافي والفني، وإثر اعتمادها لميثاق فرنكفونية جديد سنة 2005 أصبحت تسمى المنظمة الدولية للفرنكفونية ومقرها باريس وهدفها الترويج للغة والثقافة الفرنسية.

 

ومن هنا كان لا بد أن نوضح أهمية اللغة بالنسبة للشعوب؛ إذ إن تعلم أكثر من لغة يعتبر قيمة مضافة للإنسان، سواء أكان مسلما أم غير مسلم.

 

أما أن يُغلَب التغريب على التعريب في بلادنا الإسلامية قصد طمس ثقافتنا فهنا تكمن خطورة هذا المشروع الفرنكفوني، خصوصا وأن التماهي مع الثقافة الفرنسية قد بلغ ببعض الساسة حدّ التبعية والتملص من الدين والالتجاء أيام الثورة إلى فرنسا بنجدتها للتدخل في شؤون البلاد!

 

فالأصل فينا كعرب مسلمين أن نتباهى بلغتنا العربية الأم، لغة الوحي، وأن نحسن استعمالها قبل كل اللغات ثم نتفتح على تعلم لغات العالم. إذ إن العلم لا ينحصر في لغة واحدة وبخاصة الفرنسية التي تحتل مراتب متأخرة في الترتيب العالمي ناهيك عن فقرها المعنوي مقارنة باللغات الأخرى.

 

كما أن فرنسا في حد ذاتها التي تُعتبر منبع الفرنكفونية، لم تعد تعتمد في تقاريرها الدولية على لغتها الأم الفرنسية، بل أصبحت إصدارتها العلمية وتقاريرها السياسية باللغة الإنجليزية إذ تعتمد على الترجمة حتى تساير المستجدات في الحقول المعرفية والعلوم الدقيقة والتكنولوجيا والإعلامية.

 

وفي إحصائيات أخرى وحسب بيانات الاتحاد الأوروبي فإن 43% من الأوروبيين يتكلمون الإنجليزية مقابل نسب ضئيلة يتحدثون الفرنسية، فالقائمون على المنظمة الفرنكفونية وعلى رأسهم فرنسا يسعون لإنعاش أمجاد فرنسا التي لا ترغب في فك احتلالها عنا عبر التذكير الدؤوب للعالم أننا لا زلنا من ضمن مستعمراتها القديمة!

 

يا أهل تونس الكرام: إننا في حزب التحرير لا نمانع من تعلم اللغات والإقبال على العلوم والتقنيات والأشكال والوسائل المادّيّة الّتي يستعملها الإنسان في حياته اليوميّة ممّا لا يرتبط بوجهة نظره عن الحياة، كالصناعات والمبتكرات والعلوم الطبيعيّة والأشكال المستحدثة التي لا تؤثِّر على هويّتنا الحضاريّة الإسلامية، ففي سنن أبي داود: قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَتَعَلَّمْتُ لَهُ كِتَابَ يَهُودَ، وَقَالَ: «إِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي»، فَتَعَلَّمْتُهُ فَلَمْ يَمُرَّ بِي إِلَّا نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى حَذَقْتُهُ، فَكُنْتُ أَكْتُبُ لَهُ إِذَا كَتَبَ، وَأَقْرَأُ لَهُ إِذَا كُتِبَ إِلَيْهِ". وإنما كان رفضُنا للقمة الفرنكفونية كجهاز يبحث عن مستقبل للغة أجنبية في طريقها إلى الانقراض وككيان ثقافي يكرس نمط عيش يفصح عن النظام الرأسمالي الذي يعتمده الغرب ويطبقه كمنهاج حياة.

 

ومن هنا نكشف للناس عمالة حكامنا المشتركين في هذه القمة ونفضح سياستهم المتخاذلة التي تنفذ مشاريع فرنسا الاستعمارية التي تبحث عن مستقبل في تونس بلد الزيتونة التي كانت منارة العلوم والمعرفة.

 

وبهذه المناسبة نناشد علماء الزيتونة: يا علماءنا الكرام. فكما صفتكم "ورثة الأنبياء"، كذلك فإن العلم هو ميراث النبوة؛ وعلى هذا الأساس وجب عليكم مواجهة هذا المشروع الفرنكفوني والدعوة الصريحة للتمسك بهويتنا الإسلامية والاعتزاز بلغة القرآن والدعوة لتعلمها والتمكن منها.

 

قال الشاعر:

يا ورد البستان الأخضرْ يا عبق الإيمان الأذفرْ

جاءتْكِ خيولُ بني الأصفرْ يا أمّة اِقرأ جاؤوكِ

جاؤوكِ ليمحوا ما فيكِ ليذيبوا عطرَ نواديكِ

ليدسّوا حقدَ جوارحهمْ سُمّاً في ماءِ سواقيكِ

وليملأَ أرضَ ضواحيكِ آلامٌ ودمٌ وقبورْ

جاؤوكِ ففيكِ حكاياتٌ ورؤىً من نورْ

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آمال بوليلة – ولاية تونس

 

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.