Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرادار شعار

 

24-12-2025

 

الرادار: "الخلافة وحدها دولة المسلمين "

 

بقلم الأستاذ / إبراهيم عثمان أبو خليل)

 

انتقل النبي إلى الرفيق الأعلى بعد أن أكمل بناء أعظم دولة عرفها التاريخ، عدلاً، ورحمة، ثم بين للناس أن الأمر من بعده خلافة راشدة على نهجه وطريقه، فكانت الخلافة ملء السمع والبصر أكثر من ثلاثة عشر قرناً من الزمان نهضت بالأمم والشعوب، وارتقت بهم فكرياً وثقافياً، وعلمياً وعسكرياً، ثم تكالب عليها الأعداء من الكفار المستعمرين، يساعدهم العملاء من الداخل حتى أسقطوا دولة الخلافة قبل مائة واثنتين سنة هجرية مزقت فيها بلاد المسلمين، وبدلت بأحكام رب العالمين أحكام الكافرين، حتى أصبح كثير من الناس لا يرون بأساً بهذه الأنظمة الوضعية المخالفة للإسلام، المقعدة بهم عن النهضة الحقيقية والحياة الكريمة في ظل رضوان الله.

 

إن دولة الإسلام هي الخلافة، وهي رئاسة عامة للمسلمين في الدنيا، تطبق الإسلام في الداخل، وتحمله رسالة هدى ونور بالدعوة والجهاد إلى العالم الضال، وهي أي الخلافة فرض، بل هي تاج الفروض، فبضياعها ضاعت أحكام الإسلام في الحكم، والسياسة والاقتصاد وغيرها، وبوجودها توجد هذه الأحكام وغيرها في حياة الناس. وفرضية إقامة الخلافة اليوم لأنها غائبة أكد وجوباً لقوله تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعُ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضٍ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ)، بل إن الله جعل الحكم بما أنزل تعالى صنو الإيمان فقال سبحانه: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قضيتَ وَيُسَلِّمُوا تسليماً).

 

وتحكيم الإسلام لا يكون إلا في دولة الإسلام التي حددها الرسول بأنها خلافة حين قال : «كانت بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيُّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتكُونُ خُلفاء تكثر قالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ»، وأكد على الخلافة بقوله : «... فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشُ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِي اخْتِلافاً كَثِيراً فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِدِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضلالة».

 

فالتحول الديمقراطي بدعة وهي ضلالة، والحكم العسكري بدعة وهو ضلالة، والدولة المدنية بدعة وهي ضلالة، والجمهورية بدعة وهي ضلالة. وكل نظام غير الخلافة بدعة وضلالة لأن كل ذلك ليس من سنة النبي ، ولا من سنة الخلفاء الراشدين المهديين، فإن الواجب علينا جميعاً العمل الجاد لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وإلا كنا آثمين كما قال النبي ﷺ: «مَنْ خَلَعَ يَدَأَ مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةُ مَات ميتةً جَاهِلِيَّة»، والميتة الجاهلية هي الميتة الآثمة، ولن يرفع الإثم عنا إلا إذا عملنا جادين مخلصين مع العاملين لإعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. أيها الجمع الكريم، كيف لنا أن نرضى بأن يقودنا الكفار المستعمرون من الأمريكان والإنجليز وغيرهم؟ كيف نرضى بأن يضع لنا هؤلاء الضالون دستورنا الذي تحكم به؟ كيف لنا أن نرضى بأن يضعونا في إطارهم القائم على إبعاد الدين، وإقامة الحياة على فصل الدين عن الحياة ؟! لقد انقلب الحال رأساً على عقب، فبدلاً من أن نكون نحن من يحمل إليهم العقيدة الصحيحة، والأنظمة العادلة، نرضى بأن يحملوا هم إلينا عقيدتهم الباطلة، وأنظمتهم الفاسدة

 

إن الأمة الإسلامية، وأنتم جزء أصيل منها، كانت في الماضي لا ترضى الكفر وأحكامه، وأنتم كذلك لا أظنكم ترضونه، لقد كان تاريخ الأمة الإسلامية تاريخ عزة وكرامة، أمة الفتوحات العظيمة، أمة كان قادتها يخاطبون الأباطرة والأكاسرة قائلين: "إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة"، فعودوا لسيرتكم الأولى.

 

وإننا موعودون بقيادة العالم مرة أخرى إلى الخير والعدل كما قاده أسلافنا، وها نحن نرى سقوط الحضارة الغربية فكرياً وأخلاقياً، حتى صارت المناداة بأفعال قوم لوط، أعاذكم الله منها، حقوقاً تفرض على الدول والشعوب، فهي حضارة الشذوذ والتفكك الأسري، حضارة كنز المال وإفقار الشعوب.

 

أما الحضارة الإسلامية فهي التي تنهض بالعالمين، لأنها جاءت أصلاً رحمة لهم، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، وهي أحكام رب العالمين التي جاء بها الوحي الأمين على رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه.

 

وهذا هو أوان إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وعد الله القائل سبحانه: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنَا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).

 

وهي بشرى النبي ﷺ القائل: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجٍ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضَاً فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إذا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّة فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةَ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ سَكَت».

 

ولكنها تحتاج إلى الرجال الرجال، وأنتم لها إن شاء الله، فلتقم الخلافة على أيدينا فنكون من الفائزين عند الله، فلا عزة لنا إلا باستئناف الحياة الإسلامية، ولا عزة لنا إلا بالإسلام، ولا عزة لنا إلا بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهيا كونوا أنصارها وعاملين لها.

 

إن حزب التحرير يدعوكم للعمل معه لاستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فلا حياة إسلامية إلا بالخلافة، وقد أعد حزب التحرير لها دستوراً من 191 مادة، تنظم كافة جوانب الحياة؛ في الحكم والاقتصاد والنظام الاجتماعي، وسياسة التعليم والسياسة الخارجية وغيرها، حتى تعود الحياة حياة إسلامية ترضي ربنا، وتخرجنا من الحياة الضنكا. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

إبراهيم عثمان (أبو خليل)

الناطق الرسمي لحزب التحرير

 

في ولاية السودان

٢٣/١٢/٢٠٢٢

 

المصدر: الرادار

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.