الجمعة، 19 رمضان 1445هـ| 2024/03/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

خدعة "حصان طروادة" تبين أن حكومة المملكة المتحدة تحاول (وتفشل) في إبعاد الأطفال المسلمين عن دين الإسلام؛

لذلك يجب على المسلمين أن يكونوا سفراء للإسلام ويبينوا للمجتمع أنه أفضل طريقة للعيش

 

 

(مترجم)

 


لأسابيع عدة طغت على الأخبار تحقيقات في مدارس في مناطق برمنغهام ذات الكثافة السكانية المسلمة الكبيرة.


وكانت بعض هذه المدارس الحكومية قد منحت عام 2012 ترتيب "متميّز" من قبل لجنة مفتشي المدارس الحكومية في المملكة المتحدة "أفستد".


ومع هذا أدى نشر رسالة إلكترونية - يكاد يكون من المؤكد أنها ملفقة - إلى اتهامات بوجود "مؤامرة إسلامية" للسيطرة على المدارس الحكومية البريطانية في برمنغهام.


كانت هناك في الوقت نفسه قصص في وسائل الإعلام عن مدارس إسلامية، اتهمت بتدريس الأطفال أفكاراً "متطرفة"، على الرغم من تفنيد واسع النطاق لهذه القصص من قبل المعلمين المتضررين (من هذه الاتهامات) بما في ذلك كثير من المعلمين غير المسلمين.


لقد خلط السياسيون والصحفيون والمعلقون مفردات 'التطرف' و 'الإرهاب' و 'الإسلام' و 'المسلمين' إلى حدّ يعذَر فيه الشخص العادي من الناس إذا ظنّ أن هذه المدارس أصبحت مؤسسات عسكرية تلقّن الأطفال مهاجمة كل من حولهم!


لقد غذّت المؤسسة السياسية في بريطانيا - متمثلة في جميع الأحزاب السياسية - مرة أخرى، الكراهية للإسلام والمسلمين.


الحقائق:


ما تم الإبلاغ عنه حتى الآن هو مجرد إشاعات. ومع هذا، سارع العديد من أعضاء المؤسسة السياسية إلى إصدار أحكامهم.


يبدو أن ما حدث أفعال مشروعة واضحة من قبل آباء وأمناء مسلمين (في تلك المدارس)، يعتبرها عدد قليل من المسلمين (وبالفعل العديد من غير المسلمين أصحاب الأغراض) إشكالية. ففي المناطق التي توجد فيها إما أغلبية أو أقلية من السكان المسلمين، عكست بعض جوانب الحياة المدرسية هذه الحقيقة - سواء كانت تلك مواعظ صباحية جماعية من حين لآخر، وإعداد الطعام، وأماكن للصلاة، والتساهل في اللباس أو مرافق لتغيير الملابس في دروس الرياضة. لا يوجد دليل أنه كان هناك أي 'فرض' للدين على الناس أو خروج واسع على المنهج الدراسي للدولة. بل قيل إن بعض الموظفين السابقين قد استخدموا هذا الحدث للثأر من مظالم سابقة ضدهم.


ومع ذلك، فإن وزير التعليم، مايكل غوف - الذي يعتبر على نطاق واسع من قبل المسلمين المطلعين واحداً من أكثر الناس في المملكة المتحدة عداءً للإسلام - لم يرسل للتحقيق "أفستد" فحسب، بل أرسل أيضاً قائد شرطة مكافحة الإرهاب السابق، بيتر كلارك - وهو رجل ليس لديه خبرة معروفة في مجال التعليم.


لقد افتقدت "أفستد" مصداقيتها بشكل مخجل في الأسابيع القليلة الماضية - كما فقدت كل ثقة في نظر الجالية المسلمة. وتسأل الجالية الآن بحق: لماذا لا تعامل المدارس المماثلة ذات الأعداد الكبيرة من التلاميذ اليهود أو النصارى والتي تتلقى مخصصات دينية مماثلة بالطريقة نفسها؟


تتصرف "أفستد"، شأنها شأن مفوضية العمل الخيري، وكأنها نوع من 'الشرطة الفكرية' ضد المسلمين - وما يجري اقتراحه هو نوع من "إعادة التعليم" الإجباري.


كانت هناك شكاوى من أولياء الأمور أن مفتشي "أفستد" أوشكوا بأن يقوموا بعمل محاكم التفتيش لأطفال المدارس الابتدائية، في البحث عن قضايا اجتماعية مثل العلاقات بين الولد والبنت والنشاط الجنسي - في محادثات فردية مع الأطفال في بعض الأحيان. كانت هناك شكاوى من المدارس بأن المفتشين وصلوا إليها بعقول مملوءة (بالأحكام المسبقة).


من الواضح أن "أفستد" غيرت الأهداف وكيفية تقويم المدارس المعنية. فبينما كانت تعتبر بعض المدارس من قبل بأنها مقبولة - أو حتى متميزة - في مجال التعليم، والسعادة والرفاه والسلوك والاحترام، يقال لها الآن إن الطلاب فيها لم يتم إعدادهم بشكل صحيح للحياة في مجتمع متنوع ومتعدد الثقافات! أو أن الجنس وتعليم العلاقات غير فعال!


ما الذي ينبغي على المسلمين القيام به؟


أيها الإخوة والأخوات في الإسلام!


أي أطفال وآباء ومعلمين أو أمناء مدارس وقعوا ضحية خطأ في هذا الحدث يستحقون دعاءنا وتأييدنا - خاصة إذا كانوا يرغبون في التظلم من أي أحكام خاطئة وجهت لهم. إنه لأمر جيد أن نمنحهم الدعم القولي وأن نرفع أصواتنا كذلك بالانتقاد القانوني "لأفستد" والحكومة والمؤسسة السياسية.


ولكن هناك دروس أوسع بالنسبة لنا جميعا.


1- يجب علينا أن نفهم اللعبة التي تمارس لتغيير قيم المسلمين.


فحكومة المملكة المتحدة (مثل سابقتها) تصر على ربط سياساتها لمكافحة الإرهاب بالسياسات التي تستهدف القيم الإسلامية للجالية المسلمة. فهم يروجون الأكاذيب بأن هذه القيم 'متطرفة' - مثل العلاقات بين الفتيان والفتيات، أو السلوك الجنسي، أو حتى طراز اللباس. ويربطون عمداً هذه الأمور بجوانب مهمة من الشريعة الإسلامية - ذات الصلة بالسياسة أو القانون والنظام - التي يدعو لها المسلمون في العالم الإسلامي، ثم يصفون هذه بأنها "متطرفة". وينتظرون من المسلمين بعد ذلك التنديد بها جميعها كأفكار 'متطرفة'، وتبني القيم الليبرالية العلمانية.


2- يجب أن لا نقع في هذا الفخ بوصف المسلمين الآخرين 'كمتطرفين' اعتباطاً - حتى عندما نختلف معهم في وجهة النظر.


ذلك لأن وجهات النظر التي تتعرض للهجوم ليست الأمثلة الفردية المطروحة (والتي غالبا ما تكون محرّفة أو يساء تطبيقها) بل الإسلام والشريعة ككلّ. لذلك، تمّ في الحملة الإعلامية الحالية ربط المدارس المعنيّة، من قبل بعض المعلقين والسياسيين، بالجهاد، والحدود (العقوبات الشرعية) ...الخ. وهذه الأمور لا علاقة لها بقضية التعليم، ومع هذا يطلب من المسلمين التنديد من حيث المبدأ بهذه الأحكام أو المعتقدات الإسلامية.


3- يجب أن ندرك أن هذه السياسة أصبحت أكثر عدوانية بسبب قوة الإسلام وضعف القيم الليبرالية العلمانية.


لم يقتنع المسلمون في بريطانيا (ومعهم العديد من الآخرين من المجتمع البريطاني الذين اعتنقوا الإسلام) فكريا بجدوى تبني القيم الليبرالية العلمانية. فهم يرون المشاكل التي يعاني بسببها كثير من الناس التعساء في بريطانيا. يمكنهم أن يروا الظلم وعدم المساواة في النظام الرأسمالي. ويمكنهم أن يروا أن النظم الديمقراطية ليست مزورة فحسب بل وفاسدة في أماكن مثل باكستان وبنغلاديش!


ولإثبات أن هذه القيم لا تقوى بذاتها على إقناع الناس، على الرغم من رؤيتها مطبقة عن قرب، فإن الدولة قد قررت استخدام القوة لإكراه المسلمين على تبني هذه القيم.


بينما القرآن الكريم صريح في منع الإكراه والقوة لجعل الناس مؤمنين، يبدو أن أجهزة الدولة في المملكة المتحدة ترى أن دورها هو إجبار المسلمين على الإيمان بالقيم الليبرالية العلمانية التي لم تستطع إقناعهم بها فكريا.


وإذا شعر الأطفال المسلمون في برمنغهام بأنهم جزء سعيد من جاليتهم المحلية، فإنهم بعد ساعات من التعرض للترويع من قبل "أفستد" بناء على طلب السيد غوف و(بتحريض من نظيره في حزب العمل تريسترام هانت)، لم يكن من المستغرب أن يشعروا بأن تناغم جاليتهم قد انتهك.


4- القيم الليبرالية العلمانية تخذل الطلاب البريطانيين من جميع الأديان.


رغبة الآباء والمعلمين أو أمناء المدرسة في إدخال روح إسلامية أكبر في المدارس ناجمة ببساطة عن أوجه القصور في الليبرالية نفسها. فجرعة غير صحية من القيم العلمانية تركت الأطفال البريطانيين يركضون مسعورين بعد صدور تقارير غير متصورة أن أطفالاً يغتصبون أطفالاً آخرين داخل منشآت المدارس. تم إلقاء القبض على ألف من أطفال المدارس يحملون أسلحة فتاكة في السنوات الـ 3 الماضية وحدها؛ منهم 80 كانوا في المرحلة الابتدائية. ومما يفاقم المشكلة معدلات هائلة من الحمل في سن المراهقة، وأطفال 'وحشيون' من أسر مفككة ختم عليهم بعبارة ASBOs (مخالف للسلوك الاجتماعي والنظام)، وثقافة رجعية مبنية على الخمر والمخدرات. وهناك تقارير عن طلاب يطعنون معلميهم حتى الموت - فكان لا بد من هذا السؤال: كيف تقوّم الحكومة البريطانية السلامة والمصالح التعليمية؟ من الطبيعي إذن أن يبحث المسلمون عن طرق أخرى لحماية أطفالهم، فيجدون الراحة في قيم الإسلام السامية، المجربة والمختبرة والثابتة.


5- يجب أن يتبنى المسلمون بشكل إيجابي وبثقة دور سفراء الإسلام في بريطانيا.


لا يمكننا الاستسلام للبلطجة. كما لا ينبغي أن يكون رد فعل المسلمين بطريقة عاطفية. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفعل أفضل أسوة، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾. [سورة الأحزاب 33:21]


عندما كان يتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه للاضطهاد في مكة المكرمة، كانت تتجسد فيهم القيم الإسلامية إلى حد أن أكاذيب المشركين عنهم لم تقنع أولئك الذين التقوا بأولئك المسلمين الأوائل. فقد تمسكوا بتلك القيم؛ وتحدّوا فكريّاً قيم الذين من حولهم ودعوهم إلى الإسلام. حملوا أفضل الحجج - بل أكثر من ذلك، فإنهم جسدوا الإسلام في أنفسهم كنموذج كريم ونبيل يراه الجميع من حولهم.


ولكن هذا المجتمع للأسف مصاب بالخواء الروحيّ، حيث تنتشر التعاسة؛ وتسود الفردية وتنهار الأسرة؛ يحتفى بالوقاحة ويقلل من شأن الأخلاق الحسنة؛ يتم تشجيع الفجور وتجري السخرية بالأخلاق؛ ويستفيد الأغنى من النظام المصرفي القائم على الربا على حساب الشخص العادي.


لذلك يبحث كثير من الناس عن بديل. واجبنا هو أن نريهم هذا البديل في سلوكنا، ومعتقداتنا وقيم جاليتنا.


وهذا يعني بذل جهد إضافي لحمل القيم الإسلامية النبيلة إلى الأجيال القادمة. مما يعني جعل مساجدنا ومدارسنا وجالياتنا صالحة لتحقيق هذا الهدف. كما يعني تحديد هوية إسلامية إيجابية لأطفالنا، والبحث عن سبل لحماية قيمهم. ويعني أيضاً الحفاظ على هذه القيم الإسلامية في بناء عائلاتنا، لتعكس بعض النسيج الاجتماعي الفريد لمجتمعنا. ويعني حماية أبنائنا المراهقين من الأنانية والغطرسة والمادية التي تروجها ثقافة المراهقة.


وهذا يعني أن نكون سفراء للإسلام، من أجل الله (سبحانه وتعالى) وحده.


أيها الإخوة والأخوات!


يخبرنا الله (سبحانه وتعالى) أن هذه الجهود الهادفة لتقويض الإسلام ستفشل؛ لكنها كذلك اختبار لنا لتمييز الصادقين من الكاذبين. يقول تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ. لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾. [الأنفال 8: 36-37]


لذلك انصروا دين الله فينصركم ويثبت أقدامكم.


﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾. [محمد 47: 7]

 

 

 

التاريخ الهجري :12 من شـعبان 1435هـ
التاريخ الميلادي : الثلاثاء, 10 حزيران/يونيو 2014م

حزب التحرير
بريطانيا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع